نحو نظرية سينمائية مبسطة.. الفن السابع ومبناه وسماته

ت + ت - الحجم الطبيعي

يؤكد كتاب «الفكر السينمائي.. نحو نظرية سينمائية»، لمؤلفه مصطفى محرم، أن السينما من أبرز أنواع الفنون الراقية التي تحاكي وتعبر عن مشاعر الإنسان وواقع وجوده، وتدل على حضارة الأمم، وتسعى لنشر الوعى بالخبرة الجمالية لدى المتلقي. وكذا فإنها لم تعد غذاء روحياً فقط، وإنما تعد حاجتنا إليها كحاجتنا إلى الطعام والماء والهواء أيضاً.

ويلفت محرم في كتابه إلى أنه كانت السينما طوال القرن العشرين نوعا من الفنون الذي يحتاج إلى رأس مال كبير لإنتاجه، تقدر الآن بالملايين.. إلا أن صناعتها، خلال العقدين الماضيين، استطاعت أن تنتقل إلى أفاق أرحب مع التطور التكنولوجي، بحيث يمكن إنتاج الفيلم بكاميرا صغيرة، وهو ما ربما يستتبع بعرض الأفكار في فيلم من تلك الكاميرا الصغيرة، بدلا عن الورقة التي يقدمها الكاتب كفكرة لسيناريو يمكن تصويره.

ويوضح المؤلف، أيضا، أن السينما في جوهرها عبارة عن فن وصناعة، وهو ما يجعل المتابع ينظر إلى التطور التكنولوجي باهتمام.. وهناك فرصة أكبر لدخول أعداد كبيرة من المتلقين إلى فئة المرسلين.

ويحكي محرم أن ما دفعه لتأليف هذا الكتاب للقارئ العربي، هو تقديم المفهوم الذي يستوعبه القارئ، بعيدا عن تلك الكتب المترجمة عن نظريات فن السينما. لذلك فإنه ركز على تناول ورصد جملة الأفكار والآراء التي يفهمها الكاتب عن الفن السينمائي ووظيفته، وعن علاقته بالفنون الأخرى.

ويشدد المؤلف على ان السينما بالأساس فن الصورة، وإن اختلفت عن الفن التشكيلي والنحت، فذاك في هدف كل واحد منها وفي المادة الخام.. ولكن كليهما من فنون الصورة. وهناك من يقول إن السينما لغة والكاميرا هي القلم.. فلم يكن الصوت من هموم السينما، إلا عندما فكروا في تطوير الفيلم الصامت الذي راج في العشرينيات من القرن الماضي.

ويطلعنا محرم على رأي الناقد براند ماتيور، عن أهمية اقتران الصوت بالصورة في الفن السينمائي: إن السينما في اضطرارها إلى أن تعمل بعيدا عن الكلمة المنطوقة.. وما لها من جاذبية، لن تصبح أبدا منافسة حقيقية للمسرح.

وأما في محور«مفهوم الحركة في السينما»، فيدرج مؤلف الكتاب قول الناقد الفرنسي مارسيل مارتان:«إن الصورة السينمائية في جوهرها حقيقة متحركة». ويعقب مبينا أن الحركة هي التعبير الأساسي عن عبقرية هذا الفن. وللحركة وتصويرها تاريخا يسبق تاريخ اكتشاف الفيلم السينمائي المعروف.

ويرى المؤلف أن سرعة تطور فن السينما يرجع إلى عدة أسباب، في مقدمها: مساهمة أصحاب الفنون الأخرى في تطوير وخلق جماليات فن السينما.

وعلى صعيد «الفكر السينمائي»، يلفت محرم إلى أن الفكر هو ما يثير التفكير بكل أشكاله حتى الخيال، لذلك فإن الفكر الأدبي مختلف أو متنوع عند المبدع والمتلقي، بينما التفكير العلمي لا يتعدى الحقيقة العلمية ولا يدع فرصة للخيال.

ففي السينما تولى المخرج دور التخييل ورفع كاهله عن المشاهد، بل ويحدد للمشاهد ما يجب أن يتأثر به في الفيلم.. ذلك على العكس من الفنون الأخرى وخصوصا الموسيقى المجردة التي يذهب بها ومعها المستمع إلى أفق بعيد.

كما يستعرض المؤلف مجموعة من المحاور الأخرى، بينها: علاقة السينما بالأدب وعلاقة السينما بالموسيقى.. وسوى ذلك الكثير.

Email