«عالم أنّا» أدب مهموم بحماية البيئة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كتب الروائي النرويجي جوستاين غاردر المولود سنة 1952 روايتي «عالم صوفي» و«عالم أنـّـا». في الأولى أبحر في الفلسفة، وفي الثانية أبحر برؤية جديدة عن مستقبل كوكب الأرض. وتمكن غاردر في روايته الأولى من تجاوز كل التوقعات إلى الدرجة التي قال فيها: لو كنت أعلم بأن «عالم صوفي» سيكون لها هذا الشأن لأبحرت جيداً في أعماقها. وتحولت هذه الرواية إلى فيلم يوازي الرواية شهرة.. وكذا إلى لعبة فيديو.

وكان من أهم نتائج رواية «عالم صوفي» أن جوستاين غاردر وبمساعدة زوجته، أسسا جائزة تـُعنى بالبيئة عُرفت بجائزة صوفي. كذلك فإن اهتمام غاردر بالبيئة ظهر جلياً في روايته «عالم أنـّـا»- موضوع بحثنا، إذ صدرت سنة 2013، وترجمتها دار المنى إلى اللغة العربية سنة 2015، إذ تولى مهمة ترجمتها مدني قصري.

بين الصعود والنزول

أنـّـا فتاة تعشق عيد رأس السنة، لكنها لا تعرف ما الذي تفضله فيه: أهو الصعود إلى مرعى الجبل للاحتفال بآخر بقايا العام القديم، أم هو النزول نحو العام الجديد، متدثرة بغطاء من الصوف. وقد غلف كتفيها دفء ذراع بابا أو ماما أو واحد من سكان البلدة. كان هذا قبل أن تبلغ ال16، في سنة 2012.

تعرفت أنـّـا على جوناس خلال مرحلة الدراسة الثانوية. وهي، منذ طفولتها، والناس يقولون عنها إنها تتمتع بخيال يقظ، فكلما سألها سائل فيم تفكر تبتدع قصصاً لا نهاية لها، وتطورت هذه القصص إلا أنها كانت تعتقد كأنها قصص حقيقة وواقعية، ما دفع أهلها إلى عرضها على طبيبة نفسانية في بلدتها، والتي نصحت بعدها بأن تعرض أنـّـا على طبيب نفساني في العاصمة أوسلو.

تخيلت أنـّـا أن الدكتور النفساني بنيامين سينظر في داخل رأسها، وتوقعت أن يستخدم أداة بصرية خاصة لفحص عينيها، لاعتقادها أن العيون انعكاس للروح، أو أن ينظر إلى رأسها من خلال الأذنين والأنف والفم، لكنها شعرت بالخوف من أن يقوم بتنويمها مغناطيسياً حتى يفرغ روحها من كل أسرارها.

توازن مهدد

الدكتور بنيامين أخبر أنـّـا أنها ليست مريضة، وأنها تتمتع بحياة خيالية قوية للغاية. ولكنها صارحت الدكتور بنيامين قائلة: أريد أن أقول إني أخاف التغيرات المناخية، التي يتسبب بها الإنسان، وأخشى ما أخشاه أن نكون نحن الأحياء مَن يعرّض مناخ الكرة الأرضية للخطر من دون أن نفكر في مصير مَن سيأتون بعدنا. وعرض الدكتور بنيامين على أنـّـا أن تـُـنشئ مع صديقها جوناس، جمعية بيئية، ولهذا طلبت أنـّـا من جوناس إنقاذ ألف نوع ونوع من النباتات والحيوانات.

2084

تسلمت أنـّـا في عيد ميلادها السادس عشر أهم هدية في حياتها خاتم عمتها، الذي توارثته الأسرة، مع هاتف محمول، وهو ما توقعت أن يحسدها عليه نصف طلاب المدرسة، ولكن أنـّـا ظلت في أحلامها التي تراها حقيقة تفكر في انقراض الأنواع، انقراض أحد أنواع القردة وبعض أنواع الظباء والزرافات ومعها أنواع المفترسات الكبرى، وسوى ذلك الكثير. كانت تحزن وتصل إلى حد الغضب والسخط لواقع التدمير الجاري في الموئل الإحيائي الجغرافي على الأرض بأرجائها.

خيال أنـّـا دفعها إلى كتابة رسائل إلى أحفادها. وصلت إحداها إلى نوفا ابنة حفيدتها سنة 2084، إذ تمنت فيها أن يعاد إلى الحياة مليون نوع حيواني ونباتي.

وأيضاً، كون خيال أنـّـا لديها شعوراً غريباً بأنها بصحبة عدد من الأصدقاء المتوارين عن بصرها، غدت تسمع أحياناً أزيز أصواتهم. وهي حين تنظر إلى الكون تؤمن بقيمة الاعتراف بمحدودية معرفتنا. ويوصف الإنسان نتيجة لتماديه، في الرواية، وعلى لسان أبطالها، بأنه لاعب كبير، أناني وفرداني، وأن الزمان الذي نعيش فيه ليس أكثر مركزية من جميع الأزمنة المقبلة.

12 مرة

كان للعرب حضور واضح في الرواية، عرضت معه الرواية للمخاطر، التي تحيق بالدول العربية جراء تلوث البيئة والأخطار البيئية الناجمة عن مصادر الطاقة. وكان أحدهم يسكن في النرويج، في بيت ابنة حفيدة أنـّـا حين مرض، وذلك إلى أن تعافى، وفي النهاية أهداها ياقوتة كبيرة وهو يصفها بخاتم علاء الدين الحقيقي. إبادة جماعية

ومأساة انقراض بعض الأنواع عبر عنها جوستاين غاردر بصورة مؤثرة على لسان أبطاله في الرواية، حيث وصف وجودها بعيداً عن حياتها في الطبيعة، وهي بمجسمات، فهي باتت لا من لحم ودم، وإنما من أشعة الليزر، أي بشكل افتراضي، وبذلك لا تشكل خطراً على الإنسان، ولا على بعضها البعض. ويوصف ذلك في الرواية بأنه تذكير مؤلم، ولكنه ضروري، بالإبادة الجماعية للأنواع، التي لا يحق للبشر أن ينسوها أبداً.

1952

جوستاين غاردر، مؤلف العمل، ولد في 1952، وهو متأثر بكتاب «ألف ليلة وليلة»، ككثير من الروائيين العالمين، لهذا اختار جملة إنقاذ ألف نوع ونوع من النباتات والكائنات، كما كان غاردر متأثراً بالفلسفة الإسلامية.

Email