«لا أحد ينام في الإسكندرية» وثيقة أدبية تروي حكاية مدينة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لأسباب لا يعرفها من لم يزرها، ولأسباب لم يدركها من زارها وعجز عن تذوق جمالها، تُمثّل الإسكندرية حالة خاصة بين جميع المدن المصرية؛ وهي دائماً ملهمة للشعراء والكُتّاب والأدباء والفنانين.

كتب عنها أبناؤها، كما كتب عنها ضيوفها ومحبوها. وللروائي المصري إبراهيم عبدالمجيد ثلاثية روائية كتبها عن هذه المدينة العريقة؛ واختيرت «لا أحد ينام في الإسكندرية» أفضل رواية في مصر، ثم وقع الاختيار عليها لتكون من ضمن قائمة أفضل مئة رواية عربية.

وترجمت بعد ذلك إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، واعتبرها العديد من النقاد عملاً روائياً يوازي الروايات العالمية؛ بفضل حرص مؤلفها على كامل التفاصيل والأسلوب الابداعي.. وإجادته الدخول في عوالم وحيثيات تحمل مضامين إنسانية شديدة الحساسية.

الحبكة

ترتكز الرواية على عدة محاور؛ أولها: وصف الحياة الاجتماعية والسياسية والفنية في الإسكندرية إبان الحرب العالمية الثانية. وثانيها: وصف للأحداث العسكرية بين قوات المحور والتحالف في أفريقيا، وثالثها: طبيعة العلاقة وحكمها بين المسلمين والمسيحيين في بعض الجوانب كالحب والزواج؛ حيث استطاع عبدالمجيد الحفاظ على واقعية العلاقات الاجتماعية بين الطرفين. إلا أنه أوجد في روايته بعض المنغصات الواقعية أيضاً، خصوصاً حين تميل العلاقات إلى جوانب حساسة، وهو ما منح أحداث الرواية سمة الصدق وملامستها الواقع المصري المعيش.

المناخ والزمن

استغرق عبدالمجيد في كتابة هذه الرواية ست سنوات، قضاها في القراءة والكتابة والسفر والمشي في الصحراء الغربية، للوقوف على أماكن الحرب العالمية الثانية، حيث مشى حافياً في الرمل وتلمس الشمس وزار المكان في الصيف والشتاء ليشعر بتغير المناخ، وذهب إلى دار الوثائق المصرية، وطالع الجرائد وعناوينها وما كتبته عن الحياة «السكندرية» زمن الحرب.

وكل ذلك انصب في خدمة أبطال الرواية. وتبدأ الرواية يوم بدء الحرب وتنتهي بنهايتها، وبالنسبة إلى الإسكندرية بانتهاء معركة العلمين، وهي في أجزاء كبيرة منها أشبه بيوميات الحرب في الإسكندرية خاصة والعالم عامة. الحرب التي جعلت من الإسكندرية كغيرها من المدن: مدينة لا تنام.

المكان

ساحة أحداث الرواية في مدينة الإسكندرية، وحسبما قال عنها الناقد الدكتور حامد أبو أحمد، أستاذ اللغة الإسبانية في كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر: «إنها رواية المكان بامتياز، فهي تسبح في أركان مدينة من أعرق المدن العربية، بل والعالمية، وهي الإسكندرية، ذات التاريخ الطويل الذي جعل لها علاقة وطيدة ببشر ينتمون إلى قوميات وجنسيات متعددة، منهم: الرومان والإنجليز واليونانيون والفرنسيون والإيطاليون».

أحداث الرواية

بشكل عام، اتخذ عبدالمجيد من الحرب خلفية لروايته، حيث تعكس الرواية المظاهر والحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المدينة حينذاك.

ويُرجع الروائي المصري الفضل في كتابته الرواية هذه، إلى والده الذي كان يسرد عليه قصص الحرب؛ حتى انه عندما كبر كرر الأمر نفسه مع أولاده.

Email