ضيف العدد

لحميّة الأطفال الأكثر انتشارا وعلاجها المبكر يجنب المضاعفات

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

يتسابق بعض الأطباء في حفظ المصطلحات الطبية بجميع لغاتها الأجنبية بينما يتقاعسون عن معرفة لغتنا العربية والترجمة الصحيحة لهذه المصطلحات، مما يؤدي إلى اختلاط الأمر والتباسه على المرضى في معرفة التشخيص الصحيح والدقيق لمرضهم، ولعل أبرز المشكلات التي تثار في هذا النطاق هي مشكلة اللحمية كمصطلح علمي طبي متداول بين المرضى والأطباء ويتم إطلاقه على التهابات اللوزتين...

أسئلة كثيرة تدور في رؤوس المرضى حول هذا المرض اختلف الأطباء في تفسيرهم لها ربما بسبب عدم تأكدهم من فهم المريض لها... توجهنا بهذه الأسئلة إلى الدكتور أيمن فريحات استشاري الأنف والأذن والحنجرة وسألناه بداية عن التعريف العلمي الصحيح لمصطلح اللحمية؟

فقال اللحمية تطلق بشكل عام على أي بروز أو نتوء لنسيج حي فوق سطح الأغشية المبطنة للجهاز التنفسي أو الهضمي، هذه النتوءات قد توجد على الجلد إلا أنها ذات أسماء لأمراض يعرفها اغلب المرضى، وتطلق على هذه النتوءات أو البروز في داخل أجسامنا «لحميات» وهو ما يعتبر تقصير منا نحن الأطباء في إعطاء كل مرض اسمه العربي مع إعطاء المريض نبذه مبسطة هذا المرض بحجة انشغالنا بكثرة المرضى أو عدم حرص المريض على معرفة مرضه أو صعوبة الكلمات العربية، لكن جميع هذه الأعذار غير مبرره وغير مقبولة من قبل العديد من المرضى.

وحول أنواع اللحمية قال اللحميات تنقسم إلى أنواع كثيرة ومتعددة والتي قد اجهلها أكثر مما يجهلها بعض المرضى، لهذا سأتحدث عما أعرف وهي لحمية الأنف التي لها ثلاثة أنواع هي: الناميات (لحمية الأطفال)، السليلات (لحمية الجيوب، المحارات (لحمية الأنف.

الناميات تتلاشى أو تختفي تماما عند سن الخامسة عشرة..

ماذا تعني بالناميات أو لحمية الأطفال؟ لناميات هي نسيج لمفاوي يوجد في الجدار الخلفي للبلعوم الأنفي، وقد تملأ الناميات معظم هذا التجويف عند الأطفال الصغار لكنها تبدأ بالضمور عند سن 6-7 سنوات، وكقاعدة عامة لا يبقى من الناميات إلا جزء ضئيل أو تختفي تماماً عند سن 15 سنة، الا انه بسبب الالتهاب المتكرر للطريق التنفسي العلوي عند بعض الأطفال بين 1-4 سنوات فإن الناميات تتضخم وتسبب الأعراض التالية:

أولها انسداد الأنف الذي ينتج عنه اضطرار المريض للتنفس عن طريق الفم مما يفقده جميع وظائف الأنف والتي تشمل خلال الاستنشاق تبريد الهواء وترطيبه وتنقيته من الأجسام الغريبة والجراثيم وتمييز الروائح، أما عند الزفير فيفقد الأنف انتزاع البرودة وانتزاع الرطوبة وتحميل الهواء بجميع ما علق به من أتربة وأجسام ضارة لم يسمح لها بالدخول إلى مجرى الهواء.

وهل هناك مضاعفات لانسداد الأنف بهذه الناميات؟ بسبب انسداد الأنف يقوم المريض بالتنفس عن طريق فمه الذي لم يخلق لهذه الوظيفة مما يؤدي إلى جفاف الفم من اللعاب وينتج عنه مرض الأسنان والتهاب البلعوم والحنجرة المتكرر، بالإضافة إلى الالتهابات الرئوية المتكررة والنزلات الشعبية وصعوبة علاج حالات الربو، وقد يعاني الطفل من الشخير وفي الحالات الشديدة قد يصاحبها اضطرابات النوم مثل نوبات الاختناق أثناء النوم وصعوبة الاستيقاظ والتبول اللاإرادي والصداع المزمن وكثرة النعاس وقلة التحصيل العلمي بالإضافة إلى العديد من المشاكل الصحية، كما قد يؤدي تجاهل هذه المشكلة إلى تأثر نمو الجيوب الأنفية مما يسبب تغير في ملامح وجه الطفل وهو ما يعرف عند المتخصصين بوجه النامية.

استئصال الناميات عملية سهلة وتستغرق خمس دقائق..

وهل هناك أعراض أخرى للحمية الأطفال؟

يؤدي تضخم الناميات عن الأطفال إلى اضطرابات في قناة استيكيوس التي توجد بين الأذن الوسطى وسقف الحلق وتقوم بدور مهم تجاه الأذن، حيث تعادل ضغط الأذن الوسطى مع الضغط الخارجي مما يمكن طبلة الأذن من نقل الصوت بأفضل صورة، كما تقوم هذه القناة بتسريب السوائل من الأذن الوسطى إلى الحلق بالإضافة إلى دورها المهم في حماية الأذن الوسطى من صعود التلوث الموجود في البلعوم الأنفي، المهم أن فتحة قناة استيكيوس في الأنف توجد بالقرب من الناميات التي قد يعيق تضخمها قناة استيكيوس عن العمل بشكل جيد، مما يؤدي إلى التهابات الأذن الوسطى المتكررة وتجمع السوائل في الأذن الوسطى ومن ثم ضعف السمع.

كيف يتم التشخيص والعلاج للحمية الأطفال؟

يكون من الواضح وجود انسداد الأنف والتنفس عن طريق الفم ويتم التأكد من تشخيص الناميات المتضخمة عن طريق الفحص بالمنظار أو بواسطة الأشعة السينية الجانبية للأنسجة الرخوة، ويمكن علاج الناميات بالأدوية مثل المضادات الحيوية والكورتيزون الموضعي في الحالات البسيطة بينما يكون استئصال الناميات هو الحل الشافي والسريع للعديد من المرضى، ويعد الاستئصال المبكر للناميات في غاية الأهمية عند الأطفال ذوي الناميات الكبيرة واللذين تتكرر لديهم أمراض الأذن والأنف والحلق سابقة الذكر، ويتم استئصال الناميات تحت التخدير العام مع استخدام الأجهزة الحديثة التي تقوم بشفط النامية بعد كويها لتصبح هذه العملية في غاية السهولة والسرعة حيث لا تستغرق أكثر من خمس دقائق ويتم من خلالها الإزالة الكلية لهذه الناميات مما يندر معه تكرار نموها .

يفضل مراجعة أخصائيي التأهيل الصوتي بعد العملية...

ما هي مضاعفات عملية استئصال الناميات؟

يندر أن يصاحب هذه العملية أي مضاعفات ومنها النزيف الذي قد يحدث غالباً في الساعات الأولى بعد العملية فقط، وقد يحتاج المريض إلى المحلول الوريدي وأخذ عينة الدم إلا أنه يندر جداً الحاجة إلى إعادة الطفل لغرفة العمليات لإيقاف النزيف، بالإضافة إلى الصوت الأنفي الذي يحدث بعد إزالة النامية الكبيرة جداً أو الأطفال الذين لديهم قصر في الحنك الرخو وينتج عن هذا قصور في انسداد الحنك مع خروج الصوت عن طريق الأنف أثناء الكلام، وغالباً ما يشفى المريض مع مرور الوقت ولكن إذا لم يتم ذلك فمن المفضل مراجعة أخصائيي التأهيل الصوتي، وتندر الحاجة إلى عملية تصحيح البلعوم.

لماذا ترجع الناميات في بعض الأحيان؟

قد ترجع هذه الناميات في حالات نادرة وخاصة عند الأطفال صغار السن والذين يعانون من الحساسية أو الحموضة أو الالتهابات المتكررة لمجرى الهواء العلوي أو الذين لم يتم استئصال الناميات لهم بالكلية .

الأشعة المقطعية تؤهل لجراحة ناجحة لاستئصال السليلات الأنفية..

ننتقل إلى سليلات الأنف أو لحمية الجيوب، فما هي؟

السليلات هي عبارة عن انسلال أي (خروج) الأنسجة المخاطية من الجيوب الأنفية والتي غالباً ما تتكون من الجيوب الأنفية الغربالية، وتنتج لحمية الجيوب المتواجدة في سقف الأنف عن التهابات الأنف المزمنة وهي تصيب كبار السن وتسبب انسداد للأنف مشابه للناميات، وأحياناً تعمل مثل الصمام الذي يسمح بدخول الهواء عن طريق الأنف بينما يمنعه من الخروج فيتم خروج الهواء عن طريق الفم، وربما تسبب هذه السليلات انسداد الجيوب الأنفية مما يؤدي إلى التهابات الجيوب الأنفية المزمنة بها مع الإفرازات الكثيفة، وقد عجز الطب عن معرفة أسباب هذه السليلات ولكن وجد أن بعض المرضى لديهم حساسية مفرطة تجاه بعض الفطريات.

كيف يتم تشخيص وعلاج لحمية الجيوب الأنفية؟

يتم التشخيص بفحص الأنف المباشر أو عن طريق المنظار ويكون لون السيلان رمادي مصفر أو قرنفلي وتكون ناعمة ورطبة، وقد يكون العلاج باستخدام الكورتيزون الموضعي الذي يجعل سليلات الأنف تنكمش ولكنها لن تختفي، كما يمكن أن تخف الأعراض باستخدام حقن أو حبوب الكورتزون الا أنه بسبب كون هذا المرض مزمن فان استخدام المريض للكورتيزون لفترة طويلة لا يخلو من العديد من المضاعفات الخطيرة، في المقابل فان العملية الجراحية أصبحت سهلة ودقيقة بفضل توفر الأشعة المقطعية التي توضح جميع الجيوب الأنفية بالإضافة إلى المناظير في العيادات والعمليات، وعندما يحتاج المريض إلى إجراء عملية يتم استئصال السليلات الأنفية تحت التخدير الموضعي أو العام بعد إجراء أشعة مقطعية ليتم التعرف على الجيوب الأنفية المصابة وطريق الوصول إليها. يتسائل بعض المرضى عن الليزر في عمليات الجيوب الأنفية، فهل هي متوفرة؟

أود أن أوضح أن الليزر لم يتضح أن له أي فائدة إضافية في عمليات الجيوب الأنفية وما يوجد في المراكز الخاصة من دعاية لليزر في عمليات الجيوب الأنفية غير دقيق، وتزال السليلات باستخدام الأجهزة الحديثة وأهمها الشفط بالمنظف الكهربائي الدقيق (المايكروديبرايدر) وبالاستعانة بالمناظير كما يتم استئصال الخلايا الغربالية وفتح بقية الجيوب الأنفية المصابة، ومن الممكن أن يكون من المفيد استخدام الكورتيزون لفترة قصيرة بعد العملية في الحالات الشديدة.

المحارات من الأمراض واسعة الانتشار لكن أعراضه بسيطة..

ما هو النوع الثالث من اللحميات؟

في البداية تعرف القرينات أو المحار بأنها قرون عظمية صغيرة بارزة في تجويف الأنف وتكون مبطنة بالأنسجة المخاطية وهذه البطانة تشبه المحار، توجد ثلاث محارات للأنف في كل جهة تقوم بزيادة مسطح النسيج المخاطي مما يعطي قدرة أكبر للأنف للقيام بعمله بشكل أفضل، وتحوي هذه المحارات العديد من الأوعية الدموية التي تساعد الأنف بالقيام بعمله المهم من تبريد للهواء وترطيبه وتنظيفه.

ويقوم الجهاز العصبي اللاإرادي بالتحكم بمقدار الدم في كل جهة حيث أن جهتا الأنف تتبادل الامتلاء بالدم كل ساعتين تقريبا، ويعتقد أن هذه الدورة الدموية المتبادلة بين تجويفي الأنف هو الذي يودي إلى تقلبنا من جهة إلى أخرى كل ساعتين عند النوم لتمنع وجود التقرحات السريرية فسبحان الخالق، وقد تصاب هذه المحارات بالعديد من الأمراض مما يؤدي إلى انسداد الأنف واحتقانه عند تضخمها وفرط إفرازاتها، وتعد المحارات من الأمراض الواسعة الانتشار.

ما الأسباب التي تؤدي إلى تضخم القرينات؟

يرجع تضخم القرينات إلى العديد من الأمراض المتداخلة مع بعضها البعض ويعد التهاب الأنف التحسسي أكثرها انتشاراً، بالإضافة إلى التهاب الأنف الوعائي الحركي الراجع إلى الاضطراب في النظام العصبي اللاإرادي والذي يتحكم بمقدار الدم الواصل إلى هذه المحارات بالإضافة إلى تحكمه بإفرازات الأنف، ومما قد يؤدي إلى هذا الاختلال العصبي استخدام بعض الأدوية الخافضة لضغط الدم وبعض الهرمونات مثل موانع الحمل (خاصة التي تحوي كميات عالية من هرمون البروجسترون)، وقد تعاني بعض النساء قبل الدورة بهذا المرض، كما أن التعرض إلى التغير السريع لدرجة الحرارة قد يودي إلى اضطراب وظيفة هذه المحارات.

ما هي الأعراض والعلامات التي تدل على الإصابة بالمحارات؟

إفرازات الأنف المائية وانسداد الأنف الذي يتفاوت من جهة إلى أخرى للأنف ويسوء عند الاستلقاء بالإضافة إلى موجات العطاس، وغالباً ما تشتد الأعراض عند تغير درجة الحرارة والتعرض لأشعة الشمس الساطعة والمثيرات (مثل الروائح النفاذة للمنظفات والعطورات ودخان السجائر)، وفي الغالب الأنسجة المخاطية في الأنف قاتمة ومحتقنة مع امتلاء المحارات السفلى مما يؤدي إلى انسداد الأنف.

مرضى المحارات لا يحتاجون للجراحة إلا في حالات نادرة..

كيف يكون العلاج الصحيح للإصابة بالمحارات؟

غالباً لا يحتاج إلى علاج لأن الأعراض تكون بسيطة ولا يكون هناك شيء غريب عند الفحص، إلا أن الرياضة بشكل عام غالباً ما تساعد على الشفاء، أما إذا كان هنالك التهاب حاد في الجيوب فان أدوية الاحتقان غالباً ما تكون مفيدة، وإذا حدث تضخم شديد للأنسجة المخاطية للمحارات الأنفية ولا يستجيب للعلاجات فقد يكون من المفيد إجراء جراحة تصغير هذه المحارات باستخدام الكي الحراري أو الكي بالتبريد أو استئصالها.

ومن المهم لفت النظر إلى ضرورة منع استخدام قطرات الأنف القابضة للأوعية في علاج تضخم المحارات المزمن، فعلى الرغم من أن هذه الأدوية تعطي بعض التحسن إلا أن الإدمان عليها يؤدي إلى الحاجة إلى المزيد من الجرعات.

فيما بعد ليصعب علاج مثل هذه الحالات والتي تتطلب إقناع المريض بضرورة الإقلاع عن هذه الأدوية، ومن المؤسف أن سوء استخدام القطرات القابضة للأوعية واسع الانتشار حيث أنه غالباً ما يبدأ بنصيحة أحد الأصدقاء أو الصيادلة أو حتى الأطباء غير المدركين لخطورة الاستمرار عليها، إلا أن هذا الدواء يجب أن يقتصر على الحالات الحادة لانسداد الأنف ومن الضروري الإقلاع عن هذا الدواء بعد مدة أقصاها أسبوع.

دبي ـ عماد عبد الحميد

 

Email