سكن بالمجان لمراجعي «مستشفى 57357»

بيت «العم ظاظا».. استراحة الأطفال في رحلة مكافحة المرض الخبيث

صيام عبده يحمل مراجعين للمستشفى وقد آواهما في بيته | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستيقظ قبل خيوط الفجر الأولى، يرتدي ثيابه، ويخرج مسرعاً، لا نحو محل بيع اللحوم الذي يعمل فيه، بل باتجاه بيت له خصصه للأطفال من مراجعي «مستشفى 57357» لعلاج المصابين بالسرطان بمنطقة السيدة زينب في العاصمة المصرية القاهرة، يدخل الشقة الكائنة في الطابق الأرضي وهو يردّد أدعية لا تفارقه بالشفاء للمرضى.

يوميات

يتفقد الأسرّة السبعة الموزعة في أنحائها، يرتّب أغطيتها ووسائدها، يمر على المطبخ ليتأكد من نظافة الأشياء وحسن ترتيبها. يُخرِج بعض ألعاب الأطفال والكراسي المتحركة إلى الباحة أمام المنزل، يرفع عينيه إلى اللافتة التي ثبّتها في الشارع، يتأكد أنها ثابتة في مكانها واضحة للمارة: «يوجد سكن واستراحة يومية مجاناً لأطفال «مستشفى 57357»، ثم يتطلع لحظات إلى وردة سماء الصبح التي بدأت تتفتح، وينطلق إلى محله في الشارع الذي بدأت الحياة تدب فيه.

فسحة أمل

سنوات مرت والعم صيام عبده الجزار يمارس هذا العمل المحبَّب إلى قلبه، يرى فيه فسحة أمل واستراحة مسافر ظليلة تخفف عن الأطفال المصابين بالسرطان الذين يأتون من مختلف مناطق القاهرة الكبرى والمحافظات المصرية إلى المستشفى في حي المدبح لمتابعة رحلة العلاج الطويلة التي يخوضونها مع المرض.

هؤلاء الأطفال صاروا أحبته وأصدقاءه، حتى صاروا ينادونه بـ(العم ظاظا)، يستضيفهم مع ذويهم في الشقة المتواضعة. يلتقيهم للحظات وجيزة يسرقها من يوم عمله الطويل، فتكون كافية لنسج صداقات جميلة معهم، والتخفيف من آلامهم بعد تناولهم لجرعات العلاج التي يحتاجونها أو يهدئ مخاوفهم قبل أخذ تلك الجرعات.

إقامة مجانية

المنزل القديم المرتب، يخصصه صيام عبده مجاناً لاستقبال الأطفال وذويهم قبل وبعد تلقيهم للجرعات، بدل أن ينتظروا في الساحات الخارجية المحيطة بالمستشفى المكتظ بالمراجعين، لحمايتهم من التقاط أمراض معدية نظراً لضعف مناعتهم، وإراحة أجسادهم الغضة بعد تلقي الجرعات استعداداً لرحلة العودة.

وما على ذوي الأطفال الراغبين بالاستفادة من الإقامة المجانية في الشقة سوى تقديم بطاقة متابعة العلاج في المستشفى مع البطاقة الشخصية، وبدل أن يتقاضى أجرة يومية مجزية لمثل هذه الإقامة في الشقة القريبة جداً من المستشفى، يعتبر العم صيام مبادرته، التي نالت اهتماماً كبيراً من الصحافة ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، أقل الواجب تجاه الأطفال المرضى.

ويتطلع «العم ظاظا» إلى تخصيص شقة ثانية من دخله الشخصي لاستقبال مزيد من الأطفال وذويهم وخدمتهم مجاناً في رحلتهم العلاجية في المستشفى، الذي أثنى على عمله الإنساني ودوره في رسم البسمة على وجوه الأطفال وريّ غراس الأمل بالشفاء والتعافي لدى ذويهم، الذين لا ينفكون يرددون أن الدنيا ما زالت بخير مع وجود أمثال العم صيام عبده ممن يكرسون جهدهم ووقتهم ومقدراتهم، مهما كانت محدودة، في خدمة من هم بحاجة إلى العون والمساندة والدعم في رحلة الحياة والتغلب على التحديات والصعاب.

Email