المشاركون بمنتدى «تعزيز السلم» في ختام أعماله:

زيارة بابا الفاتيكان تتويج لجهود الإمارات في نشر التسامح

ت + ت - الحجم الطبيعي

رحّب منتدى «تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» الخامس الذي اختتم أعماله مساء أمس في العاصمة أبوظبي، تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، بالزيارة المرتقبة للبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، التي تمثل تتويجاً لجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في نشر التسامح والاعتدال ونشر السلام في العالم، إضافة إلى تكامل الجهود التي يقوم بها البابا فرانسيس في مجال الضيافة والجوار مع توصيات وموضوع هذا المنتدى.

وأوصى المشاركون في الملتقي الخامس «حلف الفضول.. فرصة للسلم العالمي» بإنشاء لجنة لإعداد ميثاق لحلف الفضول، وأن تقترح النصوص التنظيمية المتعلقة بتكوينه طبقاً لقوانين دولة المقر، ودعوا إلى المزيد من التفكير المشترك لوضع خارطة طريق وتقديم مبادرات علمية وميدانية، لتحقيق أهداف حلف الفضول الجديد.

كما أوصى القيادات الدينية المشاركة بالعمل على إشراك كل العناصر الفعّالة في المجتمع، وخصوصاً فئتي النساء والشباب لما لهما من تأثير كبير على نجاح هذا النوع من المبادرات.

وشدد المنتدى على أهمية إدراج القيم المشتركة بين العائلة الإبراهيمية في مناهج التربية والتعليم على المستوى العالمي والتعاون مع المؤسسات الدولية ذات الاختصاص كمكتب الأمم المتحدة للتعليم ومنظمة اليونسكو، ووجهوا دعوة الإعلام ليكون شريكاً فعّالاً في هذا الحلف من خلال التعريف وتسليط الضوء على النماذج الإيجابية والقصص الملهمة التي تسهم في نشر قيم السلم والتعايش بين الناس.

شكر وتقدير

وعبّر المشاركون في الملتقى الخامس لـ «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» الذين تجاوز عددهم 800 شخصية من ممثلي الأديان والمفكرين والمعنيين بالشأن الإنساني على مستوى العالم، عن فائق الشكر وجزيل الثناء لدولة الإمارات على كريم ضيافتها وحسن وفادتها.

الأوضاع العالمية

وجاء في البيان الختامي لملتقى «حلف الفضول» في شأن اضطراب الأوضاع العالمية أن الإنسانية قد بلغت مستوى من التطور التكنولوجي خوّلها لأول مرة في تاريخها القدرة على تدمير ذاتها، وأن فشو الفكر المتطرّف بكل أصنافه يجعل احتمال استعماله أمراً وارداً، لا سيما في ظل إمكان انفلات أسلحة الدمار الشامل عن سلطة الدول المسؤولة ورقابتها، وأن التطورات التي يشهدها عصرنا في العلاقات الإنسانية الاجتماعية منها والدولية، وفي الاقتصاد والتنمية، وفي التعامل مع البيئة، وفي أهداف البحث العلمي والتكنولوجي وفي غيرها من المجالات الإيجابية، تحمل في نتائجها جانباً سلبيّاً يُخشى أن يرهن مستقبل البشرية لأوضاع قد تخرج عن السيطرة وتهدد الأجيال اللاحقة في حقها في السلم والرفاهية إن لم يكن في حقها بالوجود.

وأشار البيان الختامي إلى أن من المظاهر الصادمة للأوضاع الدولية تصاعد حركات الهجرات القسرية التي يقدر ضحاياها بعشرات الملايين، وتراجع كثير من الدول عن واجب الضيافة والإغاثة، برغم كونه التزاماً تنص عليه الاتفاقيات الدولية، وواجباً أخلاقياً تفرضه قيم الأخوة الإنسانية والكرامة البشرية.

وأوضح أنّ واقع العولمة في عصرنا أفرز من جهة اندفاعاً نحو إلغاء الخصوصيات الدينية والعرقية وتنميط العالم وفق النموذج الحضاري السائد، ومن جهة أخرى التشبُّث المستميت بالهويات الضيقة وما يصحبها من خطابات الكراهية التي تجذر التناقض في شخصية الفرد وعدم الانسجام مع النفس ومع المحيط بشراً وبيئة وقيماً وحضارة.

حلف الفضول

وفي شأن حلف الفضول والحاجة إليه من جديد، أشار البيان الختامي إلى أن حلف الفضول الأول لم يكن مبنياً على أساس ديني ولا عرقي، بل التأم جمع رواده على مكارم الأخلاق والقيم النبيلة المشتركة بين بني الإنسان، ولذلك زكاه الإسلام وأشاد به، وهو موقف شرعي متجدد متى تجددت الحاجة إليه، كما أن اختلاف الدين عند علماء الإسلام لا يمنع من التحالف على الخير، فالعبرة في الأحلاف والمواثيق عندهم بالغايات والقيم التي تمثلها، لأن الإسلام يزكي الفضيلة أياً كان مصدرها أو مُصدِّرها ومهما يكن مَنشؤها أو مُنشِئها.

وبيّن أن المعاهدات والمواثيق الدولية ترنو إلى تحقيق السلم والأمن والتعايش والتضامن بين مكونات المجتمع الدولي وإلى مقاصد سامية يقرها الإسلام، ومن ثم فإنها تمثل في الواقع المعاصر شكلاً من أشكال حلف الفضول مع حاجتها إلى التحسين والتطوير لاستيعاب المتغيرات وتطابق الممارسة مع الأهداف المعلنة.

وأفاد بأن الدعوة إلى حلف فضول جديد تنبني على مقدمتين، الأولى: الوعي المشترك لدى العقلاء بالمأزق الذي غدت البشرية تعيش فيه، بسبب قصور النموذج الحضاري المعاصر، عن تلبية آمالها في الازدهار والاستقرار، والثانية: القناعة بوجود قيم إنسانية مشتركة، وبأنها القيم الكونية التي لا تختلف فيها العقول، ولا تتأثر بتغير الزمان، أو محددات المكان، أو نوازع الإنسان، لأن لها منابت وأصولاً تحفظها من عوادي الدهر وتعسفات البشر.

وأبان أن حلف الفضول الجديد هو حلف فضيلة وتحالف قيم مشتركة، يسعى أصحابها إلى تمثُّل هذه القيم في علاقاتهم وإلى الدعوة إلى نشرها وامتثالها في حياة الناس ليعيشوا ويتعارفوا في ظل سلام حقيقي لا يحميه سباق التسلح ولا توازن الرعب، وأن هذه المشتركات على مستويات مختلفة، منها المشتركات على مستوى الدين الواحد، ومنها أخرى على مستوى ديانات العائلة الإبراهيمية، إضافة إلى مشتركات عليا يجتمع فيها جميع البشر، تتمثل في القيم الإنسانية.

أهداف

وعن أهداف حلف الفضول الجديد أشار البيان الختامي للمنتدى إلى صناعة تحالف من العلماء ورجال الدين للدعوة إلى السلام ورفض استغلال الدين في النزاعات والحروب، إذ إن الديانات جميعها غدت اليوم في قفص الاتهام، حيث يعتبرها البعض المسؤولة عن العنف والحروب، فصار لزاماً على العلماء ورجال الدين أن يتصدوا لهذه الدعوى بالتفنيد قولاً وعملاً، لبيان أن الإنسان الذي يفسر الدين تفسيراً خاطئاً أو يستنجد به، أو يسخره لأغراضه هو المسؤول وليس الدين في حدّ ذاته.

وكذلك من أهدافه تزكية العقود المجتمعية وتأصيل المواطنة الإيجابية واحترام جميع المقدسات الدينية والتصدّي لاضطهاد المختلف ديناً باسم الدين: تزكية المعاهدات الدولية الرامية إلى إحلال السّلام وتعزيزه وإحياء القيم وإرساء الفضيلة.

تواصل حضاري

أكد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية أن زيارة البابا فرانسيس إلى الامارات خطوة مهمة للمنطقة والعالم.

وقال معاليه في تدوينة عبر حسابه في «تويتر»: «زيارة البابا فرانسيس إلى الإمارات خطوة في غاية الأهمية للمنطقة والعالم، منطق التسامح والتواصل والحوار لا بد وأن يسود، والإمارات من خلال خطابها وتوجهها أحد الجسور المهمة للتواصل الحضاري والديني». دبي- البيان

Email