«سميّ العود» سجية الشعر تحتفي بالبطولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قصيدة «سميّ العود» التي نشرها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، يوم أمس، وأهداها إلى أخيه الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان، حملت الكثير من القيم والمثل العليا ومعاني التضحية والشجاعة والبطولة  فداء للوطن.

واغتنت هذه القصيدة في أبياتها العشرة، بثقل في المعنى والمقصد عززته المناسبة، ما أعطاها بعداً وطنياً خاصاً، كما حمل سبكها الشعري، سجية حمدان بن محمد الشعرية الفطرية، وحسه العالي في النظم ونحت الكلمة. 

«سميّ العود» في قافيتها المزدوجة بين حرفين إيقاعيين، نغمت الروي ليدعم موسيقى هذه القطعة الباذخة، وحملت في عنوانها الشجي، استعادة لذكر الأخيار من مؤسسي الوطن الغالي، ومآثر الأقدمين وسيرة الآباء والأجداد في شجاعتهم وإقدامهم وإصرارهم وعزيمتهم، مُقدمة أنموذجاً يحتذى ومثلاً أعلى في الاقتداء للأجيال الشابة من أبناء الوطن.  قصيدة لحمدان بن محمد تزخر بمعاني حب الوطن والتمسك بالمُثل والقيم العليا.

في البداية أشكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على توجيهه الكريم بإطلاق اسم البطل الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان على شارع الأكاديمية في دبي.

وقد تشرف بهذا الاسم هذا الشارع الذي يشقّ منطقتي الخوانيج والمزهر ومشرف وملتقى زايد بن محمد بن راشد وحديقة القرآن ممتداً إلى المدينة الجامعية في دبي وحديقة سفاري وورسان مدينة المشاتل والزهور وحديقة مشرف.

إصرار وعزيمة

نعم... تشرّف هذا الشارع بهذا الاسم، وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إنه سيمثّل إصرار وعزيمة وقوة وتضحية شباب الإمارات، ويشرفني - أنا كاتب هذه السطور - أن أكون ممن تطلُّ بيوتهم على هذا الشارع.

ثم أشكر سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، على تخصيص بطلنا بقصيدة بمناسبة عودته من رحلة العلاج، وكان قد سافر لتلقي العلاج إثر إصابته وهو يؤدي واجب الشرف والكرامة ضمن قوات دولة الإمارات المشاركة في قوة التحالف مع السعودية في تحرير اليمن من المعتدين الخارجين على الحق والشرعية.

فشاعرنا الشيخ حمدان بن محمد معروف عنه أنه رجل المواقف وصاحب الحسّ الوطني الرفيع، فهو في إحساساته يشبه والده، وفي إبداعاته يخطو خطا والده، وصدق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عندما قال:

والخيل بالخيال محكـــــومة

ما يحكم القايد سوى القايد

تدفق طبيعي

وأنا أقول ما يشبه القايد سوى القايد.

في هذه القصيدة نرى أن الشعر سجية في نفس حمدان بن محمد، فهو لا يتكلف في التعبير ولا يتشدّق في انتقاء الكلمات، بل تجود قريحته سليقياً، وما أجمل الشعر عندما يتدفق طبيعياً وقد قال الشاعر قديماً:

إذا لم يكن صَفو الوداد طبيعة

فلا خيــــــر في ودّ يجيئ تكلّفا

وسموّه عندما يقدّر رجلاً كالشيخ زايد بن حمدان بن زايد، يقدر سلالة تنحدر أرومتها من علياء النسب في أرض دولة الإمارات العربية المتحدة

البيت متوحد

ويقدّر في الوقت نفسه البطولة في شباب دولة الإمارات العربية المتحدة الذين لم يتوانوا عن تقديم أرواحهم فداء للوطن، وأكبر شاهد على ما أقول هو هذه المشاركة السامية من أبناء شيوخنا وحكامنا في أبوظبي ورأس الخيمة.

وصدق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عندما قال: «البيت متوحد».

وصدق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عندما قال في قصيدته «شو بقول في خلوتي للشيخ زايد»:

بيت متوحـــــد ولا يوم ضعـــــف

وقلب واحد ما تغيره الظـــروف

أسّسك زايد وخلّف لك خلف

الرجــال اللي مثل حزّ السيـوف

مآثر الأقدمين

أما قصيدة سمو الشيخ حمدان بن محمد في الشيخ زايد بن حمدان بن زايد، فإنها أبلغ من البليغ وأجمل من الجمال، فشاعرنا في البيت الأول يعبّر عن شاعريته التي لا تتوقف عند حد، وعن ثبات ما تجود به قريحته، فهو إذا قال شعراً بقى منحوتاً في جدار الزمان، وقريحته إذا جادت فإنه فيض لا يتوقف طالما هو حيّ، لذلك قال:

الشعر بَابَه مقفــــــــل وان فِتَحنا بَابَه

الجبل نِنحته والغُصن الرطيب نهِزّه

وسموّه معجب بمآثر الأقدمين وسيرة الآباء والأجداد التي يضرب بها المثل، وما أجمل تلك المُثل والقيم العليا التي نبعت من نفوس صافية وقلوب مطمئنة محبة للأرض والوطن، فقال شاعرنا:

والمثَل يا ضاربينه زان لي مِضرَابَه

ما كِذب رجلٍ يقول لكل شي حَزّه

فداء بالروح

ويفتخر سموه في البيت الثالث ببلاده دولة الإمارات وتراب بلاده الذي يُفدى بالروح والدم، ويعتز بشيوخه من آل نهيان وآل مكتوم الأكارم، وما هم إلا آباؤه وأخوال والده الذين عاشوا حياة التوأمة وما زالوا كذلك.

ويعتزّ شاعرنا بشباب دولة الإمارات أيضاً، فهذا الشعب فيه من كرم الأصل ما ليس في غيره، وقد عبّر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن شعب دولة الإمارات أجمل تعبير عندما قال:

وشعب بلادنا وافي لدولتنا ومسيره صعود

إلى العلــــــيا وعلى النايف بشبّانه وشيبانه

لذلك فإن الشيخ حمدان حذا حذو والده فقال عن شعب الإمارات:

المكارم في بَلـَـدنا والعــــزيز ترابَه

وبشيوخه كل شَعبَه تِفخر ومعتزه

وانطلق بعد ذلك يقول:

قـَـــدّم الفنجـان يا صَبّابه لشَـرّابه

واقهَر العدوان والرّاس الخبيث نْجِزّه

للكريم اللّي يحسبون الرجال حسَابه

وللعزيز اللّي على علوم الرِدى مِتنزّه

وللشجاع اللي فتل للكايدات اشْنَابه

شَل بيرَق (زايد) بيمناه حتى رَزّه

مواقف

في هذه الأبيات يمتدح حمدان بن محمد بطولة الشيخ زايد بن حمدان الذي خاطر بنفسه، وشارك في قوات التحالف جنباً إلى جنب مع الشقيقة السعودية، استجابة لوصية الجد المؤسس، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أسسّ القوات المسلحة الإماراتية لمثل هذه المواقف.

وقال شاعرنا بعد ذلك:

فارسٍ جدّه صوَاديف الزمان تْهابه

يَسْبق حْصَانه خيول القوم لا مِن لَزّه

صوب إبن حمدان زايد تَاْشّر السبّابه

والعزيز الله بوقْفات الشموخ يْعِزه

مِسكنَه في قْلوبنا مَهْما يطول غْيابَه

غاب بالعِزّة وَلا جَانا سِوى بِالعِزّة

فَزّ فَزّة سبْع في وَجْه العدو وَاحْزابَه

يا سِمِيّ العود يا طِيْبِك وحَيّ الفَزّه

نخوة وشجاعة

وفي هذه الأبيات يشيد سمو الشاعر ببطلنا زايد بن حمدان الذي أشبه جدّه في الفروسية والنخوة والشجاعة، وبالمناسبة اسم حمدان يتكرر في سلالة نسبه، كما أن اسم زايد يتكرر.

وهذان الاسمان يذكِّران بتلك المواقف البطولية التي سجل الشيوخ الأقدمون في الزمن الصعب، وجميل من شاعرنا عندما نادى البطل زايد بن حمدان بسَميّ العود، والعود هنا يكون زايد بن خليفة الأول، ويكون زايد بن سلطان، ومن لا يريد أن يتشرف باسم الشيخ زايد بن سلطان الذي قال عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد:

أكبر فخر للناس أنك من الناس

وأكبر فخر للأرض ممشاك فيها

وإنني في الحقيقة أُثمّن هذه الشاعرية في سمو الشيخ حمدان بن محمد الذي يقدّر بطولة إخوته الشباب من الشيوخ وعامة الشعب، وأسأل الله أن يديم الأمن والأمان على دولة الإمارات، وأن يتقبل من شبابنا هذه التضحيات، وشكراً للآباء والأمهات جميعاً فهم مصانع الرجال.

 

Email