تشمل الشبكات الاجتماعية والتنقلية والتحليلات والسحابة وإنترنت الأشياء

«القوى الرقمية الخمس» سلاح العالم لمواجهة نقص الغذاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد التقرير الصادر عن القمة العالمية للحكومات بالتعاون مع (TATA CONSULTANCY SERVICES) أن التزايد المتسارع لتعداد سكان العالم أدى لتراجع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة.

وأدى شح الموارد المائية وتأثير تغير المناخ إلى زيادة ضعف مستقبل الزراعة والأمن الغذائي في العالم، ما يهدد وجود الحياة ذاتها، وتشير التقديرات إلى أن كل زيادة في درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة تقلل وسطياً غلة القمح بنسبة 6%، والأرز بنسبة 3%، والذرة بنسبة 7%، وفول الصويا بنسبة 3%.

تفاقم الوضع

وأشار التقرير الذي حمل عنوان «تحقيق الأمن الغذائي من خلال القوى الرقمية الخمس» إلى أن الوضع سيستمر بالتفاقم بالوقت الراهن في عالم يعاني فيه نحو 800 مليون شخص من نقص مزمن في الغذاء وسوء التغذية، ولمعالجة هذه المشكلة.

لا بد من إعادة النظر في مختلف الممارسات التقليدية المتبعة في مجال الزراعة وإصلاحها، من خلال تسخير القوى الرقمية الخمس وهي الشبكات الاجتماعية والتنقلية والتحليلات والسحابة وإنترنت الأشياء، وذلك بهدف إنشاء كيانات متوافقة مع السوق والمناخ والتي أطلق عليها «برايد» أي بمعنى المشاريع الرقمية المتكاملة التقدمية في المناطق الريفية، وتتمثل مهامها في دعم الحكومات لتحقيق الأمن الغذائي.

تقنيات مرنة

وسلط التقرير الضوء على الحاجة إلى مجموعة من التقنيات المرنة متعددة الاتجاهات، بهدف دعم هذه الكيانات التقدمية وتحويلها إلى قوى اقتصادية محلية قادرة على الصمود أمام مختلف القوى العالمية المعاكسة، والتي تشمل وضع بروتوكولات خاصة بالزراعة ترمي إلى الاستخدام الأمثل للأراضي والموارد التي يملكها المزارعون، من خلال اعتماد نهج خوارزمي يستند إلى آلية إحصائية وتقنيات التعلم العميق.

حيث تتم الاستفادة من البيانات التي تتراوح بين المعلومات الكلية المتعلقة بالاستشعار عن بعد وصولاً إلى المعلومات الدقيقة على مستوى المزرعة والمستمدة من إنترنت الأشياء.

دور محوري

وأكد التقرير أن تطبيق تحليل البيانات في حياة صغار المزارعين الهامشيين كان له أثر تحولي في زيادة انتاجهم، وكان دافعاً لهم نحو مستقبل من الازدهار الاقتصادي والأمن الغذائي، وجاء التركيز على صغار المزارعين لأنهم يلعبون دوراً محورياً بالنسبة لتحقيق الأمن الغذائي، حيث أظهرت الإحصائيات أن 80% من الأراضي الزراعية في أفريقيا جنوب الصحراء وآسيا يديرها صغار المزارعين.

ويوفر أصحاب الحيازات الصغيرة ما يصل إلى 80% من إمدادات الغذاء في آسيا وأفريقيا وجنوب الصحراء، وإن قدرتهم الاقتصادية على البقاء ومساهماتهم في تنوع المشهد الاقتصادي والثقافي مهددة نتيجة للضغط التنافسي الناجم عن العولمة والاندماج في المجالات الاقتصادية المشتركة.

وأصبح هؤلاء المزارعون أمام خيارين لا ثالث لهما وهما إما الخروج من دائرة المنافسة ويصبحون منتجين مكتفين ذاتياً، أو أن يتطوروا إلى وحدات أكبر قادرة على التنافس مع المزارع الصناعية الكبيرة.

صدمات الأسعار

وأوضح التقرير أن الصعوبات التي يواجهها المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة أصبحت تؤثر بشكل جذري على الأمن الغذائي في مختلف المناطق، ومن المحتمل أن تؤثر صدمات أسعار الأغذية بشكل كبير في إمدادات الغذاء لدول مجلس التعاون الخليجي في المستقبل القريب، كما هو الحال عندما ارتفعت الأسعار في عامي 2007 و 2008 في أسواق الغذاء العالمية بنسبة 40%.

والتي رافقها ارتفاع تكاليف الواردات الغذائية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي من 8 مليارات دولار أميركي إلى 20 ملياراً خلال الربع الأخير من عام 2008.

وأشار التقرير الصادر عن القمة العالمية للحكومات أن صغار المزارعين والمزارعين الهامشيين في جميع أنحاء العالم يعانون باستمرار من مشاكل عديدة قبيل الحصول في الوقت المناسب وبشكل موثوق على المدخلات الزراعية المناسبة، وإمكانية الوصول إلى الأسواق، والحصول على المعلومات الموثوقة في الوقت المناسب إلى جانب الحصول على الائتمان.

كما يفتقرون إلى التكنولوجيا وطرق استخدامها، وضعف اتصالهم بالسوق حيث توجد فجوة بين ما ينتجونه وما يطلبه المستهلك.

مجموعات زراعية

وأكد التقرير أن هناك حاجة ماسة لتنظيم صغار المزارعين في مجموعات زراعية تتيح لهم القدرة على تحمل تكاليف استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة، كالذي بادرت به الجمهورية الهندية والتي قامت بإدراج إصلاحات سياسية جديدة بغرض إعادة تنظيم نظام الإنتاج في زراعة مؤسسية تعاقدية، واعتماد أنظمة إنتاج على نحو جيد في منظمات تعاونيات المزارعين المنتجين، مما ساعد على تخطي بعض التحديات التي كان يعاني منها المزارعون الهامشيون.

ولكن على الرغم من النتائج التي تم تحقيقها إلا أنها مازالت تفتقر للتكنولوجيا اللازمة لتسهيل الإنتاج المستند إلى حاجات السوق والوصول إلى بيانات التي تمكن هذه المشاريع من التحول إلى مشاريع رقمية متكاملة في المناطق الريفية.

تراجع الإنتاج

من المتوقع أن يؤثر تغير المناخ سلباً على توافر الغذاء، إذ سيشهد إنتاج الأغذية تراجعاً ويصبح أكثر تقلباً نتيجة الظواهر المناخية المتطرفة، والتغيرات في مدى ملاءمة أو توفر الأراضي الصالحة للزراعة، وتوافر المياه، وعدم توافر أو الافتقار للمحاصيل وتنوعها والسلالات الحيوانية المنتجة، ومن شأن ذلك أيضا أن يحدث تغيرات في الآفات والأمراض.

خلاصة

خلص التقرير إلى أهمية أن تدمج الأساليب الزراعية المذكورة التي تقوم على الابتكار في إطار واحد، ووضع نتائجها في قاعدة بيانات واحدة للنهوض بالإنتاج وتحسين جودته ومقاومة التغيرات المتعلقة بالمناخ، كما سيسهم دمج الأساليب في تحديد نظام لدعم القرار للمزرعة بأكملها، بهدف تحسين الإدارة والموارد على مستوى المزارعين.

وأوضح أنه ينبغي أن تدعم المنصة تجميع البيانات سواء كانت منظمة أم غير منظمة ويجب أن تحتوي على وحدة إدارة بيانات كاملة تستكمل وحدة تحليلات البيانات الكبيرة المتوقعة، إلى جانب الإشعارات المنبثقة الذكية ودعم بوابات المعلومات الذكية، ويتعين على التطبيق تقديم الخدمات الرئيسية والتي منها الاستحواذ والتحليل والاستشارات والتشغيل.

ربط المزارعين بتكنولوجيا المعلومات يحقق وفورات اقتصادية

شدد التقرير الصادر عن القمة العالمية للحكومات على أهمية تحفيز وتنظيم المشاريع والابتكار في المناطق الريفية والذي يتم بالاعتماد على عدة ركائز وهي: إنشاء مشروع رقمي متكامل في المناطق الريفية يعتمد على الابتكار التكنولوجي للاستشعار عن بعد والتكّيف مع تغير المناخ وإنترنت الأشياء.

حيث أكد التقرير على أهمية وجود مشروع رقمي متكامل في المناطق الريفية للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بهدف تمكين المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة عن طريق ربطهم بشركاء وخبراء من مختلف النظم البيئية الزراعية وتعزيز الزراعة القائمة على أسس علمية.

باقة مخصصة

كما أوضح التقرير أن تحسين ممارسة الزراعة يتطلب معلومات دقيقة في الوقت المناسب ومتاحة مكانياً من خلال حل مقبول يقوم على الابتكار التكنولوجي بالاستشعار عن بعد، حيث يمكن تصنيف المعلومات المطلوبة لتحسين الممارسات الزراعية ضمن فئات.

وتساهم الصور التي يتم التقاطها عن طريق الأقمار الصناعية والمعلومات التي تحملها في اتخاذ قرارات استباقية سديدة وبالتالي زيادة الإنتاجية والربحية الإجمالية، كونها تعطي تنبؤات حول حالة الطقس والأمراض والآفات والعديد من التحديات التي يواجهها المزارع.

والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق وفورات كبيرة من خلال تجميع حيازات الأراضي والمنتجات الزراعية والطلب على المدخلات الزراعية، إضافة إلى ضرورة تأمين باقة مخصصة ومحددة من الخدمات للمزارعين مثل «الاستشارة الزراعية» و«أفضل الممارسات» وتناوب وتخطيط المحاصيل وخدمات الإنذار والمشتريات، وذلك على الهواتف الجوالة وباللغة المحلية.

ممارسات زراعية

وأشار التقرير إلى أن اعتماد المزارعين على التكنولوجيا والابتكار سوف يسهم في الحد من التأثير السلبي للتغير المناخي، حيث سيبقيهم على اطلاع حول أثار تغير المناخ، وسيعزز معرفتهم من خلال الإختبارات التي تتم على مزارعهم لتجربة قدراتها، وتشجيعهم على تبني تغيرات في الممارسات الزراعية مما ينعكس على زيادة الإنتاج.

كما أنه يساعد المؤسسات الحكومية على وضع استراتيجيات مناسبة للحد من مخاطر التغير المناخي خصوصاً بالنسبة للشرائح السكانية الأكثر ضعفاً.

ومنح التقرير أهمية للابتكار التكنولوجي فيما يتعلق بأنترنت الأشياء، حيث وجد أن زراعة أي محصول تقتضي بتوافر ظروف محددة والتي تتم بعد رصد المناخ المحلي بواسطة أجهزة الاستشعار التي أصبحت أكثر تطوراً ودقة، خصوصاً في الزراعة المفتوحة والمغلقة وفي قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والمسامك.

إرشاد زراعي قائم على المعرفة

يعد المزارعون أكثر عرضة للمخاطر المناخية، نظراً لعدم إمكانية حصولهم على التكنولوجيا المتقدمة والأنواع العصرية، والأهم من ذلك المعلومات عالية الجودة في الوقت المناسب.

وعلى الرغم من أن الزراعة أصبحت أكثر استخداماً للمعرفة، إلا أنه نظراً لعدم توفر إمكانية الوصول السريع إلى المعلومات المستندة إلى الحاجات وذات الجودة، فإن الضرر لم يشمل الحصول على المدخلات الزراعية وتطبيق التكنولوجيا المناسبة وتحقيق إنتاج أعلى فحسب، بل تضرر أيضا التسوق المريح للمنتجات إلى حد كبير، ما يجعل الضائقة الزراعية الناتجة تطال المزارعين إلى حد أكبر.

«الإنذار المبكر» يحقق التكيّف مع المخاطر

تشكل أنظمة الإنذار المبكر والتواصل السريع فيما يخص الخيارات التكنولوجية الطارئة من العوامل الرئيسية لنجاح التكيف مع المخاطر ونقاط الضعف، وجرى القيام بمبادرات لتطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بهدف ردم الهوة ما بين المعلومات والمعرفة في إطار هذا المشروع، حيث أظهرت الخدمات الاستشارية القائمة على الجوال إمكانات هائلة في سرعة تعميم المعلومات.

ويعد الجفاف أحد الآثار الرئيسية المباشرة على الزراعة الناتجة عن تغير المناخ، وأفادت التقارير بأن أغلبية صافي المساحة المزروعة في مختلف البلدان معرضة لظروف الجفاف، وأن نحو 50% منها مصنفة بدرجة حادة للمخاطر، إذ يكون معدل تكرار حالات الجفاف غير هيكلي ما يجعل من الصعب قياس الشدة الفعلية للأخطار من منظور اجتماعي.

مؤشر هطول الأمطار لرصد الجفاف

يتمتع الجفاف بأثر متعدد الأوجه ويتراوح من البيئة السائدة في منطقة ما وصولاً إلى اقتصادها، وقد تختلف حدته باختلاف النظم البيئية، ويؤثر تكرار حدوث الجفاف على البشر وعلى أعداد رؤوس الماشية لمنطقة ما، الأمر الذي يؤدي إلى الحد من نمو اقتصادها، ويصبح هذا التأثير أكثر حدة في المناطق المحرومة من البلاد والتي يكون الجفاف فيها عاملاً سلبياً بالنسبة للسكان الذين يعتمدون على الزراعة وتربية الماشية.

وتم وضع مؤشرات مختلفة بالاستناد إلى صور الأقمار الاصطناعية وبيانات الاستشعار عن بعد، واستمد مؤشر هطول الأمطار الموحد لرصد الجفاف من بيانات هطول الأمطار على المدى الطويل مما يساعد على اتخاذ إجراءات احترازية بالنسبة للمزارعين ومربي الماشية.

Email