استشراف مستقبل الصحة في ظل ثورة التكنولوجيا

«السوبر جينوم» .. من الخيال إلى الواقع

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة في مجال الرعاية الصحية والتعزيز البشري، أصبح الحديث عن إمكانية الوصول إلى «إنسان خارق» في المستقبل أمراً واقعياً.

خصوصاً مع ظهور ما يعرف بـ«السوبر جينوم»، و«تقنية كريسبر» و«التعديل الجيني». وتأتي القمة العالمية للحكومات، لتسلط الضوء على أهم الاكتشافات العلمية التي ستغير أدوات وآليات الرعاية الصحية في المستقبل القريب. وتركز في دورتها الـ 6 على التكنولوجيا الحيوية التي يتوقع أن تحدث ثورة في عالم الطب.

تداعيات

ويلتقي أبرز الخبراء وألمع العقول للإجابة عن سؤال مفاده: هل يمكن أن يصبح السوبر جينوم واقعاً ملموساً؟ وليستشرفوا تداعيات الثورة التكنولوجية على مستقبل وتطور الجينوم، فيما يلتقي المسؤولون الحكوميون لبحث السياسات التي يمكن للحكومات اعتمادها من أجل استيعاب التحول العالمي في تعزيز صحة الإنسان وتحسين معدلات أعمار الأفراد حول العالم، والاستراتيجيات التي يجب اعتمادها للحد من آثار الابتكارات التكنولوجية في الطب والرعاية الصحية على حياة البشر.

وأكد معالي عبد الرحمن بن محمد العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع ووزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، أن الرؤية السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جعلت القمة العالمية للحكومات منصة عالمية تجمع كبار القادة والعلماء والمفكرين لبحث الفرص التي تتيحها الابتكارات التكنولوجية والاكتشافات العلمية لتحسين جودة حياة البشر.

وقال العويس: «إن أجندة الدورة السادسة للقمة تشمل أبرز القضايا التي تشغل الحكومات والدول والشعوب، لأنها ترتبط بأمن وسلامة البشرية وبمستقبل الأجيال القادمة وترسم مسارات مبتكرة لتحقيق التنمية واستدامة الازدهار.

ونحن معنيون في المشاركة بفعاليات القمة لنترجم التزامنا بمواصلة السعي لتطوير قطاع الصحة، والاستفادة إلى أقصى حد مما تنتجه العقول المبدعة وما تكشفه البحوث والدراسات لتوفير أفضل معايير الرعاية الصحية ليستفيد منها جميع البشر دون استثناء».

وأضاف معاليه: «نحرص على مشاركة أفكارنا وخبراتنا في تطوير القطاع الصحي في الإمارات، والذي أصبح نموذجاً يحتذى به ويعكس جهود الدولة في مسيرتها الرائدة لتكون من أفضل دول العالم في المجالات كافة».

اكتشافات

وجاءت أولى الثورات الصحية العالمية عندما اكتشف البشر دور الطب الوقائي والنظافة الشخصية والأدوية في صحة الإنسان على يد أبي قراط الذي عُرف بأبي الطب، وكانت الثورة الثانية عندما تمكن الأطباء من إجراء عملية جراحية من دون ألم عن طريق المخدر العام في بريطانيا عام 1846.

وانطلقت شرارة الثورة الطبية الثالثة مع اكتشاف ألكساندر فليمنج في عام 1929 للمضاد الحيوي «البنسلين» الذي أنقذ حياة الآلاف وعرف بـ«إكسير الحياة»، والآن، يتأهب العالم لثورة رابعة في قطاع الصحة تقودها تقنيات الاستنساخ الجيني. وتقوية الجهاز المناعي عن طريق المايكروبيوم.

وقد اتضحت قدرة التكنولوجيا الحيوية بالفعل في معالجة الأمراض الوراثية عن طريق نقل وتعديل الجينات غير السليمة، وإمكانية زرع أعضاء باستخدام المحتوى الوراثي لخلية المريض بدلاً من أن ينقل له عضو من متبرع.

وأفادت مجلة «ساينس ديلي» بأن تقنية جديدة تعرف بالسوبر جينوم ستتمكن من تعديل الجينات وتقضي على عدد من الإعاقات الناتجة عن المشكلات الجينية، مثل متلازمة داون، حيث ستتمكن التقنية من إزالة الكروموسوم الزائد الذي يتسبب في الإعاقة، كي ينمو الطفل ويتطور بشكل طبيعي.

وتمثل القمة العالمية للحكومات منصة لاستشراف مستقبل الاختراعات العلمية والاكتشافات الطبية، وفي بحث الأبعاد والجوانب الأخلاقية وأهمية تطوير القوانين والتشريعات خدمة لخير البشرية.

متغيرات

وشكلت «أخلاقيات الاختراع» فكرة وعنواناً للمؤلفة شيلا غاسانوف، المهتمة بدراسة العلاقة بين العلم، والقانون، والسياسة، وتلخص الكاتبة وجهة نظرها إزاء حوار العلم والأخلاق ومستقبل الإنسان بالقول:«اختراعاتنا تغيِّر العالم، وهذا العالم الذي تغير يغيِّرنا، التكنولوجيا تحدد إحساسنا بما هو ممكن، ويمكن أن تعزِّز قدراتنا الطبيعية، أو تضعفها، إنّ خياراتنا التكنولوجية تمثل انعكاساً لما نحن عليه، ونقطة انطلاق لما سنكون عليه، بل ويمكن أن تعيد التكنولوجيا الناشئة تعريفَ ما يعنيه أن تكون إنساناً».

وعلى الرغم من أن العديد من الباحثين والخبراء في القانون والحوكمة ما زالوا يعتبرون بأن الأخلاقيات في العلوم لا تحظى بالاهتمام الكافي، تأتي الدورة السادسة للقمة العالمية للحكومات لتسلط الضوء على الالتزام الأخلاقي الواجب تبنيه في تطوير أطر ناظمة للعلاجات المستحدثة من أجل الاستفادة القصوى من مخرجات الثورة الطبية المقبلة.

Email