وثّق نهضة أبوظبي في كتابه «رحلة العمر مع العمران»

عبدالرحمن مخلوف.. شاهد على عبقرية زايد

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة مواد"#عام_زايد" بصيغة الــ pdf اضغط هنا

كان قريباً من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وشاهداً على أحلام المؤسس الباني، وحاضراً خلال «التصور المنشود» الذي تحول إلى «واقع مشهود»، إنه الدكتور عبدالرحمن مخلوف، الذي نشأ في أسرة تحب المعرفة، وتحتفي بالعلماء، فما إن تفتحت عيناه حتى وجد نفسه محاطاً بأب وجد من شيوخ الأزهر.

عبدالرحمن مخلوف، الذي شغل منصب مدير تخطيط المدن في أبوظبي في العام 1968، وحاز «جائزة أبوظبي» في نسختها الخامسة في عام 2009، والتي سلمها إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، شاهد حي على عبقرية التخطيط والبناء في فكر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه. وهو رائد من رواد التخطيط العمراني في العالم العربي، حيث أسهم في وضع المخططات العمرانية لمدن عربية كبيرة في مصر والمملكة العربية السعودية، وصولاً إلى أبوظبي، التي سجل شهادته عن العيش والعمل فيها في كتابه «رحلة العمر مع العمران.. نصف قرن مع تخطيط المدن».

وفاء وعرفان

ذكريات مخلوف غنية ولا تنضب، وقد التقته «البيان» في جلسة استغرقت ساعات، لتسجل شهادة حية لهذا الرجل على الإنجازات العمرانية التي تحققت في أبوظبي بفضل الرؤية الصائبة التي تمتع بها الشيخ زايد بن سلطان.

يقول مخلوف: إنني وكل من كان له شرف لقاء الشيخ زايد بن سلطان، والعمل في رحابه، لدينا ما نقوله وفاءً وعرفاناً وتعريفاً بقدره وفضله، ولعل في ذلك إضفاء أضواء على الجهود الكبيرة الشاملة التي بذلها قائد المسيرة، وعوناً على التأريخ العلمي لعصر زاهر تحقق فيه على يديه في نحو أربعة عقود من الزمان.

نهضة عمرانية

ويضيف: شاهدت نهضة عمرانية شاملة؛ اجتماعية، اقتصادية وفنية، أرسى دعائمها قائد المسيرة ورائدها الملهم الشيخ زايد بن سلطان، هذه النهضة العمرانية الباهرة، ذات قيمة مميزة، لأنها تعبر بوضوح عن إرادة التطور ومواكبة العصر على نحو شامل متكامل يتمثل ذلك في ما لها من أبعاد وجوانب وخلفيات اجتماعية واقتصادية وفنية.

وحول المبادئ التي وجهت أعمال التخطيط والتصميم والإنشاء والتعمير في مدن إمارة أبوظبي، والتي أرساها رائد النهضة الشيخ زايد بن سلطان، يقول: كان من الأساسيات المحافظة على مواقع المساجد القديمة وتجديدها في مكانها الأصلي، والمحافظة على النخيل والأشجار والزراعة وتطويع التخطيط لها، والمحافظة على المعالم ذات القيمة التاريخية.

أحلام واقعية

ويتذكر مخلوف الكثير من الإنجازات الدالة على الرؤية الصائبة والنظرة الثاقبة التي تميز بها الشيخ زايد، يقول: أراها ماثلة في الأهداف التي رسمها وفي العديد من المشروعات التي أمر بتنفيذها، في شتى مجالات العمل العمراني، وخاصة تلك التي كانت تبدو حتى لبعض المسؤولين آنذاك، أحلاماً، في حين أنها برؤيته الشاملة ونظرته الثاقبة، شكلت في منظومة آماله، أهدافاً واقعية، مضى إلى تحقيقها بإرادة واثقة وجهود فائقة.

ويضيف: سرعان ما شهدنا، في بضع سنين، ثمرات الرحلة الناجحة لأحلام زايد ورؤاه، من تصور في الخيال إلى واقع مشهود، موضحاً أن آماله قد تحققت في مجال توفير الحياة الكريمة للإنسان وفي مجال التشكيل الأمثل للمكان والأمثلة على ذلك كله كثيرة ومنها: تشجير طريق «العين –أبوظبي»، وإنشاء غابات ومزارع على مراحل منه، بهدف أن تكون واحات لتنشأ بجوارها استراحات وقرى سكنية منها: اليحر والخزنة والوثبة، إضافة إلى إنشاء العديد من الحدائق العامة في مدينة أبوظبي ترويحاً للسكان، وتجميلاً للمدينة، وفوق ذلك لتكون رصيداً من الملكية العامة، ينفع الأجيال القادمة.

منظومة حضارية

ويقول: النهضة الشاملة التي شهدها العالم في دولة الإمارات، هي منظومة حضارية متكاملة، تتلخص في كونها النموذج الرائد لدولة عربية تواكب التقدم العالمي، وتستند إلى مرتكزات حضارية إسلامية عربية، تاريخية وعصرية، وبتوفيق من الله جل وعلا، تحققت من خلال هذا التوجه إنجازات مشهودة في جميع المجالات ومنها المجال العمراني، الصورة المرئية لهذه الإنجازات هي المدن، التي ازدهرت وازدانت بها الإمارات وبوجودها ارتسمت علامات مضيئة على طريق النهضة الشاملة. ويضيف: إنها مدن عصرية متميزة بما تتيحه لسكانها من حياة منتظمة آمنة وما توفره لهم من خدمات بأرقى المستويات وبأعلى المعدلات العالمية.

ويضيف: هذه الإنجازات العمرانية بشقيها إنشاء المدن وعمارتها، تمت في فترة قياسية زمنياً بالمقارنة بعمر المدن عبر التاريخ، فهي لم تتجاوز أربعة عقود، كما أن الإمارات لم تدخر وسعاً في سبيل إنجازها، وبلغت قيمة الاستثمارات المالية في إنشائها نسبة عالية، قل نظيرها إقليمياً وعالمياً، وهو استثمار متعدد الأبعاد، فبالإضافة إلى حجمه المالي الضخم، فإن أهدافه الاجتماعية الاقتصادية، تشكل الركن الأساسي في سياسة الإمارات نحو توفير الدخل والقدرات الاقتصادية للمواطنين.

في قصر البحر

يذكر الدكتور عبدالرحمن مخلوف لقاءً جمعه والشيخ زايد في قصر البحر عام 1974، وكان موضوع اللقاء تسمية الطرق الرئيسية «الشوارع» في مدينة أبوظبي، يقول: اختار سموه الأسماء المعروفة الآن في مدينة أبوظبي، وهي في مجملها ذات دلالات حكيمة، وتهدف إلى الوفاء للأجداد من آل نهيان الذين كانت لهم بفضل من الله وتأييده جهود حماية الإمارة وتطويرها سياسياً واقتصادياً من الزراعة إلى المهن البحرية «صيد الأسماك والغوص واللؤلؤ». ومن المعاني الدالة على أهدافه، رحمه الله، نحو أبناء وطنه، اختياره اسماً فريداً لأحد أهم شوارع أبوظبي، شارع «السعادة» وهذا يذكرني بما قاله الفيلسوف الإغريقي «أرسطو» عن المدينة المثالية كما تصورها: أن تكون بجانب تأدية وظيفتها الأساسية: «توفير المأوى والحماية لسكانها» مصدراً لسعادة الإنسان.

Email