أصحاب الهمم

غمدان يحيى.. صوت الشعر

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل 19 عاماً، ولد صاحب الهمة غمدان يحيى، وقد أطل على هذه الدنيا مصاباً بإعاقة عقلية، ساهمت بإضعاف ذاكرته وأصابت جسده بنقص الكالسيوم، ما يتسبب أحياناً بفقدانه الوعي.. لم يقبل غمدان على مر سني عمره، أن تعمل الإعاقة على تعطيل قدراته وإيقاف عقله، وأصرّ على مواجهتها بصلابة، متسلحاً بعشقه للشعر العربي، الذي اتخذ منه دروباً تثري مخزونه اللغوي، ثمّ درّب حنجرته الذهبية على إيقاعات الموسيقى، ليظفر بصوت عذب، يكشف عما يمتلكه غمدان من قدرات. ورغم إعاقته، إلا أن غمدان ظل يؤمن بقاعدة أن المعاق «ليس معاق العقل والجسد.. إنما المعاق من أصيب في فكره وخلقه».

اتخاذ غمدان الذي لا يزال يوجد في أحضان مركز راشد للمعاقين، من الشعر درباً له، مكنه من تجنب الوقوع في شرك الإعاقة الذهنية، التي جابهها بالتدريب وتنمية هواياته، والتعلم، ومحاولة ممارسة حياته اليومية بشكل أقرب إلى الطبيعي، فما إن تراه، حتى تظن للوهلة الأولى أنه غير مصاب بأي «تخلف عقلي»، والتي يشير القائمون على تدريبه بأنها من النوع المتوسط، فهو قادر على الحديث بطلاقة، ويتمتع بشخصية لافتة، مكنته من التعلق ببحور الشعر العربي.

في مناسبات عدة، اعتاد غمدان الوقوف على خشبة المسرح، ليلقي أبياتاً من قصائد طالما أحبها، بعضها عربي أصيل، وأخرى تنتمي إلى القصيدة النبطية، ما مكنه من تجاوز حدود ضعف الذاكرة، التي تحاول دائماً خيانته، ولكنها لا تنجح، بفضل إصراره على الحفظ، وتدريب الذاكرة على العيش ضمن وضعها الطبيعي.

غمدان، لا يتقن فن حفظ الشعر وإلقائه وحسب، وإنما يمتلك حنجرة ذهبية، طالما مكنته من ترديد أغنيات لفنانين أحبهم، ولا يزال، وتمكن من الوقوف إلى جانب الفنان الإماراتي ميحد حمد، والمصري تامر حسني، ليغني معهم خلال زياراتهم إلى المركز، فيما يبدو أنه متأثر بالمنشد العالمي سامي يوسف، الذي يحلم بأن يصل إلى قدر شهرته. مهارات غمدان لم تكن واقفة عند الشعر والغناء، وإنما تطورت كثيراً في القراءة والكتابة والرياضيات، وكذلك حفظ قصار السور من القران الكريم.

Email