الألعاب الإلكترونية..مخاطر في وجه البراءة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيراً ما نسمع عن العنف والتحرش بالأطفال من قبل أشخاص أكبر سناً، حيث تُصدر المحاكم باستمرار أحكاماً بالسجن بحق أناس اعتدوا على أعراض أطفال وناشئة وقصر، لكن ماذا عن المسؤول الحقيقي في تقديم هؤلاء الأطفال طعماً سهلاً لسلوكيات سلبية من قبيل التحرش والتعاطي والعنف والموت، جراء تقديمنا إياهم وبمحض إرادتنا «هدايا الموت».

تلك الهدايا التي تُبيح تعرّض الأطفال لمحتويات إلكترونية عنيفة وحتى جنسية، أو مشاهدات وتجارب واقعية، مثل: قيادة الدراجات النارية والمركبات، أو حتى مجرد كلام خادش للحياء يكون ضحيتَه طفلٌ لا ذنب له إلا أنه تلقى تلك القنبلة الموقوتة فتعاطى معها ببراءة ليجسدها واقعاً عملياً فتؤول إلى نتائج لا يُحمد عقباها.

إدمان

أم علي واحدة من الأمهات، كادت أن تجعل من ابنها إنساناً غير قادر على الكلام بعد أن قدّمت له جهاز «آيباد»، يقضي معه أوقاتاً طويلة والأم سعيدة كونها قادرة على إشغاله ومنعه من البكاء، لكن الحال لم يتسمر عندما تنبهت صديقة لها بأن الصغير رغم تجاوزه الثلاث سنوات ظل فاقداً لقدرته على الكلام وبالكاد يستطيع أن ينطق عبارة واحدة، فهرعت به الأم إلى الطبيب وتم على الفور منعه من استخدام الـ«آيباد»، ثم بدأ الطفل يعيش طفولته بالتحدث واللعب العفوي في المنزل ومع أشقائه.

مشيرة إلى أن ذلك الجهاز كان سبباً حقيقياً وراء بقاء ابنها مريضاً طوال تلك الفترة، بفعل تلك الهدية التي حسبتها قد تساعده على النمو والتطور، إلا أنها كادت تُميته بطيئاً بالانغلاق على نفسه. متسائلة عن كيفية قدرتها على الاستمرار في المنع الأمثل.

مسؤولية

بدورها أكّدت شيماء محمد أخصائية تربية الطفل أن رعاية الأطفال من المسؤوليات الكبيرة ولا تقتصر على تلبية احتياجاتهم الأساسية بل يتعداها إلى توفير الأمن والحماية وتجنيبهم التعرض لأي خطر، لافتة إلى أن بعض الأهالي يظنون أن تلبية طلبات الطفل أمر إيجابي لكنهم لا ينظرون إلى المخاطر التي قد يتسببون بها لأنفسهم ولغيرهم ومنها الأب الذي ترك ابنه يلعب بأعواد الثقاب حتى لا يبكي، فتسبب بحرق المنزل وتعرضهم لخطر الموت، مشيرة إلى أن الأطفال لا يميزون بين الأمور والسلوكيات الخطرة والآمنة.

مخاطر

ويرى أيمن أبو حلاوة ولي أمر أن الأهل قد يقومون بسلوكيات خطرة تعرض حياة أبنائهم للخطر عن وعي ودون وعي منها ما يكون ضرره فورياً ومنها ما يكون بمثابة قنابل موقوتة في المنازل، أبرزها الأجهزة الذكية «التي يشتريها الأهل لأبنائهم ويتركوهم في عالم مليء بالمخاطر، ويعد الأطفال الحلقة الأضعف فيما يتعلّق بالتّكنولوجيا، فهم علِقوا مع الكبار في دوّامة التّكنولوجيا، وأُرغموا على أن يُدمنوها من دون أخذ مخاطرها وآثارها الجانبيّة بعين الحُسبان.

غفلة

واعتبرت علياء محمد (ولية أمر) أن الأهل يرتكبون جريمة بحق أبنائهم عندما يقدمون لهم الدمار على شكل هدية ثمينة، مشيرة إلى أنها قامت بشراء «البلاي ستيشن» لابنها لتكتشف أنها أسهمت في تدمير المنظومة الأخلاقية لديه عندما بدأ يمارس ألعاب فيها فتيات عاريات وألفاظ خادشة للحياء وبعض الألعاب تطلب من اللاعب شتم أحد والديه وغيرها، معتبرة أن هذه الألعاب «تدمير للقيم والأخلاق» والأصعب أن الأهل في غفلة تامة عن هذه الجزئية.

رقابة

من ناحيتها أكدت منور داود على أن التّكنولوجيا اجتاحت حياتنا بشكلٍ يصعبُ الاستغناء عنها، وتعلّق بها صغيرُنا قبل كبيرُنا، وأصبحت جزءاً لا يتجزّأُ من أسلوب حياتنا، فهي تُسهّل الكثير من الوظائف والأعمال وتملأ أوقات فراغنا بوسائل الترفيه والتسلية، ولكن علينا كأهلٍ أن نُراجع أنفسنا مرّاتٍ عدّة قبل أن نسمح لأطفالنا بقضاء معظم أوقاتهم باستخدام التّكنولوجيا، وقبل أن نتركهم يلعبون بها من دون رقابةٍ منّا، فهي لها من السّيّئات والتّأثيرات السّلبيّة الكثير، وسنتعرّف عليها في هذا المقال.

توازن

وقالت الاختصاصية الأسرية والاجتماعية بثينة حسن: نعيش في هذه السنوات الأخيرة مرحلة أشبه ما تكون بمرحلة التسابق في صناعة المواد الترفيهية الخيالية رغم التحذيرات الصحية والاجتماعية ومنها ألعاب التسلية مثل ألعاب الفيديو وأيضاً الألعاب النارية أو الألعاب اليدوية الحديثة مثل: لعبة Yo-Yo كرة الماء، ألعاب الأساور المعدنية، لعبة السلالم، ألعاب الليزر.

ولكن قد تُحدث لهم آثاراً سلبية، وذلك لحداثة سنهم ما يتطلب التمييز في اختيار الأصلح لهم. مشيرة إلى أن مسألة حرمان الطفل من هذه الألعاب أمر غير مستحب لأنه ممكن التحكم ببيئة الطفل ولا يمكن التحكم بالبيئة المحيطة من الأقارب والأصدقاء.

توعية

من جانبها، أوضحت الملازم أول موزة الخابوري مدير فرع البرامج المجتمعية بإدارة الشرطة المجتمعية بشرطة رأس الخيمة أن هدايا الموت بلا شك خطر على الأطفال قد لا يدركه الوالدان، حينما يقومون بشرائها أو تقديمها ظناً منهم أنهم يقدمون لهم السعادة، وهم يقومون بعكس ذلك.

وأردفت قائلة: نحن كجهة أمنية نحذر دائماً أولياء الأمور المواطنين والمقيمين على حد السواء من الانجراف خلف رغبات الأطفال، لافتة إلى نجاح البرامج التوعوية والمجتمعية من المحاضرات وورش العمل التي تقوم بها إدارة الشرطة المجتمعية في خفض معدل الحوادث المجتمعية الناتجة من سلوكيات أطفال ومراهقين، والتي تقع تحت أنظار أولياء أمورهم.

سلوك

من جهة أخرى، أشارت الأخصائية الاجتماعية والباحثة في الإرشاد الأسري رقية الريسي: إلى أن هدايا الموت لا تتعلق فقط بالألعاب والهدايا العينية للأطفال وإنما كذلك بتقبل شخصين لإتمام زواجهما رغم معرفتها بمخاطر الزواج سواء من الزوج أو الزوجة إذا ما كان أحدهما يحمل مرضاً وراثياً أو حتى جنسياً ما يتسبب في وجود ضحية أخرى للمجتمع يهدينها وثيقة الموت لمجرد خروجه للنور.

وقالت: أوجه همسة لكل آذان صاغية بأن يجعل في كل ما يختص بمحور الطفل خطاً أحمر، ما يتطلب أهمية إيجاد كافة الوسائل والطرق التي تحميه وتحفظه من كل سلوك غير سوي من أجل مستقبل أفضل له وللمجتمع عموماً.

الإساءة من دون دراية تشتت شخصية الطفل

حذّر أحمد إبراهيم الطرطور مدير إدارة حماية حقوق الطفل التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، الأسر من انتهاج أسلوب «الإساءة من دون دراية»، الذي يتبعه بعض الوالدين في تربية أبنائهم، موضحاً أن هذا الأسلوب يسهم بنسبة 85% في جعل شخصية الطفل مشتتة ومعرضة للعنف وللتحرش الجنسي، دون إبداء أي مقاومة.

وأوضح أن الأطفال الذين يتعرضون لهذا النوع من الإساءة يصبحون غير قادرين على الثقة بأنفسهم، ومنحها التقدير الحقيقي الذي يليق بها، ما يجعلهم «انعزاليين» و«جبناء» غير قادرين على مواجهة العنف الذي يتعرضون له، والإفصاح عنه لأي أحد في محيطهم الأسري أو المدرسي، ما يؤدي إلى تكرار العنف الواقع عليهم.

 ثقافة الغرفة

مصطلحات جديدة ظهرت في تحليل الوضع العام في اقتناء الأطفال للألعاب وأمور أخرى والتعلق بها من كافة النواحي وبالأخص السلوكية، ومنها «ثقافة الغرفة»، ويقصد به أن غرف النوم لدى الأبناء من الجنسين أصبحت تحمل معاني ثقافية غير ما اعتاد عليها آباؤهم وأمهاتهم. حيث توجد في الغرف أشكال وصور لرموز خيالية أو حقيقية من بلاد شتى من اليابان وأوروبا وأميركا وغيرها.

49 %

أكدت دراسة نفسية أميركية أنه كلما جلس الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الستة أشهر والسنتين لمدة أطول أمام الشاشات المحمولة لا سيما الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والألعاب الإلكترونية، حيث 20 % من الأطفال يمضون معدل 28 دقيقة في اليوم في استخدام الشاشات. وأن كل 30 دقيقة إضافية يمضونها يومياً على الشاشات تزيد لديهم احتمال التأخر في الكلام بنسبة 49%.

 جرائم إلكترونية

دعا عبد الله محمد المليح رئيس قسم البحث العلمي بإدارة مركز بحوث الشرطة بشرطة الشارقة إلى ضرورة نشر الوعي والثقافة المطلوبـة لدى الأطفال مستخدمي شبـكة الإنترنت كي لا يكونوا صيداً لجرائم الاستغلال، أو ضحايا لجرائم تستخدم فيها هذه الشبـكة العنكبوتية، وتوعيتهم بعدم نشر بياناتهم الخاصة وصورهم، كما يجب التأكيد على استخدام البريد الإلكتروني بصورة سليمة، وعدم فتح الرسائل مجهولة المصدر أو الغريبة.

 

Email