«أحمد الياسمين».. «حامل المسك» للمسنين

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما الياسمين بهدوئه ونقائه، أبيض القلب، مزهر الوجه، بالرغم من سني عمره التي تجاوزت الخامسة والستين، «أبو الياسمين» المواطن الستيني أحمد البستكي والذي يشتهر بين أعضاء نادي ذخر الاجتماعي التابع لهيئة تنمية المجتمع بلقب «أحمد الياسمين» كما يحلو للعاملين وأعضاء النادي بمناداته.

الزمن الذي مر على البستكي تاركا آثاره بقسوة على تفاصيل الوجه والعينين واليدين المباركتين العاملتين في رحاب الوطن، هذه السنين المتوالية على جسده المنهك، لم تصنع منه سوى صورة باسمة عطرة مشرقة للبركة التي ترافق آباءنا وأجدادنا، الأمان الذي نلتمسه في القرب منهم، للسكينة التي نجدها في جوارهم، للسعادة التي يمنحونها لنا بوجودهم، البستكي لم يكن أباً وجداً فقط لأبنائه وأحفاده، بل أنه كان أباً لكل من يصادفه ويمنحه الحظ فرصة التعامل معه، لكل من يراه ويصادفه في الطرقات الطويلة والمزدحمة بالمركبات والأولويات.

روح دبي

كان البستكي يقف ضاحكاً مبتسماً يضع يده في جيب كندورته ويخرج منها ياسمينة صغيرة يمنحها لأي شخص يقابله بالصدفة في الطريق، تلك الياسمينة هدية منه للمتعبين من ضغوطات الحياة، أولئك الذين يجدهم في أروقة المؤسسات الحكومية يقضون حوائجهم، ياسمينته يمنحها فقط للمحتاجين الذين أنهكتهم الالتزامات ولزملائه من كبار السن أعضاء نادي ذخر، للموظفين في مكاتبهم، للمراجعين في مقاعدهم، للعمال في أماكن عملهم لكل من يحالفه الحظ وتمنحه الحياة فرصة بامتلاك ياسمينة البستكي الحنونة الباسمة التي تعكس روح دبي وهويتها وهواءها.

بدأت قصة البستكي عندما اشترك كغيره من أقرانه في عضوية نادي ذخر الاجتماعي للمسنين بدبي، وكان أعضاء النادي يجتمعون وكالعادة ضمن الأنشطة التي ينظمها النادي باستمرار، وبالفعل بدأت الحياة تدب في أوردة البستكي، بعد أن بدأ يتسلل إلى نفسه يأس وكآبة آخر العمر، ليشاركهم بالأنشطة والفعاليات المتنوعة.

وبعد ذلك بدأ البستكي بتعزيز نشاطه في النادي ولم يكتف بالمشاركة التقليدية وإنما بدأ باستثمار هوايته في الزراعة لاحياء حديقة النادي، يواظب على الحضور صباحا إلى الحديقة ليتولى وحده زراعتها بمختلف المحاصيل الزراعية من الخضروات التي توائمها البيئة بالدولة من نباتات الجرجير والطماطم وغيرها.

الأيدي الخضراء المباركة التي غرست بطيبتها وعطائها أرض الحديقة لتثمر، ويتولى البستكي وحده زراعة الحديقة وفلاحتها والإشراف عليها بشكل يومي وفردي، وكان الأمر في صالح موظفي النادي وأعضائه الذين اعتادوا على تناول الخضروات التي يقطفها البستكي بشكل يومي لترافقهم كتقليد ثابت على موائد الإفطار والغداء.

وأما رائحة الياسمين التي ترافق أحمد الياسمين فتعود للياسمينة التي زرعها في بيته منذ سنوات، وما أن بدأت بطرح الياسمين حتى اعتاد البستكي أن يقطف كل يوم مجموعة منها ويضعها في كيس صغير ويحملها في جيبه يوزعها على كل من يصادفه في يومه، مرحبا به ومودعا له بالياسمين.

Email