«البيان» تحاور أول طبيبة إماراتية أرسلت ضمن فريق طبي إلى اليمن

عائشة المعمري: إغاثة جرحى بواسلنا مهمة وطنية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت الدكتورة عائشة المعمري، استشارية طب الطوارئ والعناية المركزة، رئيسة قسم الطوارئ، رئيسة برنامج تدريب طب الطوارئ في مستشفى المفرق، أن إغاثة الجرحى من جنودنا البواسل في اليمن مهمة إنسانية ووطنية كبيرة، مشيرةً إلى أنها، بصفتها طبيبةً مدنيةً، فخورةٌ بكونها أول من استجاب لحادث 4 سبتمبر 2015 في اليمن، عندما تعرض معسكر الإمارات لعدوان غادر، إذ تم إرسالها ضمن فريق طبي واستجابت لنداء الوطن دون تردد.

وقالت: «يوم الجمعة 4 سبتمبر من العام قبل الماضي، تلقيت اتصالاً من نائب المدير الطبي بأنه سيتم إرسال فريق طبي إلى اليمن، ومطلوب طبيب طوارئ، واستفسرت عن ماهية المهمة ومدتها، وكنا حينها نقرأ خبر تعرض معسكرنا في مأرب لعدوان غادر، إذ تم اختياري لهذه المهمة، نظراً إلى جمعي بين تخصصين حيويين أو ثلاثة، ولم أكن متيقنة من المدة التي سأقضيها هناك، فطلبت من نائب المدير الطبي أن يمهلني دقائق للتفكير واستيعاب الخطر؛ فأنا مسؤولة عن 30 طبيب طوارئ؛ كيف أستطيع أن أختار أحدهم، واتخذت قراري بالذهاب؛ لأن من تعرض للعدون هم أبناء بلدي؛ فكيف أتخاذل، وهي فرصة لرد الجميل للدولة والقيادة اللذين لم يبخلا علينا في يوم بدعم أو تشجيع».

وأضافت: «أبلغني المدير الطبي أنهم لا يحتاجون إلى طبيب طوارئ، وإنما طبيب عناية مركزة، فأجبت: أنا من سيذهب، أنا الطبيب الوحيد في الدولة من يجمع هذين التخصصين، وفي ظل نقص المعلومات عن ماهية المهمة، فأنا أفضّل من يستطيع أن يقوم بها، فإن كانت الحاجة إلى طبيب طوارئ أو عناية مركزة، سأتمكن من القيام بما يحتاج إليه جنودنا البواسل»، موضحةً أن مهمة إغاثة جرحى اليمن هي أولى مهماتها في الإغاثة الإنسانية، وقد جعلتها تشعر بالفخر والسعادة وهي تقدم خدماتها المتواضعة للجرحى.

بدايات

وعادت المعمري للحديث عن بدايات دراستها الطب، إذ قالت إنه بعد التحاقها بكلية الطب عام 1996 وعقب تخرجها أصيب والدها - رحمه الله - بوعكة صحية، إذ كان من الممكن أن يفقد حياته حينها نتيجة النقص في الأطباء المختصين في طب الطوارئ بالدولة، ومنذ ذلك الوقت قررت التخصص في هذا المجال، رغبةً منها في سد جزء من ذلك النقص، وبما يتماشى مع هدفها في أن تخدم الدولة والمجتمع.

والتحقت ببرنامج طب الطوارئ في جامعة ميجيل في كندا، وهو أول وأقدم برنامج طب طوارئ في كندا، أسس عام 1978، وهناك تدربت على أيدي أطباء مهرة ولهم تخصصات مختلفة في طب الطوارئ، ومنها قررت إضافة تخصص العناية المركزة، وأتممت الزمالة في تخصص العناية المركزة، وحصلت على شهادتين: البورد الكندي، الأولى في تخصص طب الطوارئ (2010)، والثانية في تخصص العناية المركزة (2011)، خاصة أن والدها تعرض لوعكة صحية ثانية قبل سفرها بأشهر عدة، وتوفي لأن المستشفى الذي عولج فيه حين ذاك افتقد وجود طبيب متخصص في العناية المركزة، مما دفعها إلى أن تكون من أول الإماراتيين المبادرين للالتحاق بهذا التخصص لسد النقص في هذا المجال.

أسباب

وفيما يتعلق بسبب التحاق الدكتورة عائشة بالعمل التطوعي الخارجي في بعض الدول التي تشهد حروباً وكوارث، قالت: «في آخر سنة أثناء تدريبي في كندا، رأيت إعلاناً عن برنامج زمالة مصغرة للإغاثات الإنسانية وجذبتني الفرصة، حيث إن هدفي دوماً هو أن أكون على استعداد لأي طارئ ما، وأسهم في كف الأذى عن الإمارات وأهلها، فبادرت في التسجيل، وتضمن التدريب معسكر محاكاة يمثل وجودنا بوصفنا موظفي إغاثة في منطقة حرب، وكان التمرين مخيفاً جداً، بالرغم من علمنا بأنه تمرين، ذاك اليوم أخذت قراراً بأن يكون مجال عملي في الإغاثة الإنسانية خارج مناطق الحروب، حيث لم أحس بأنني مؤهلة للتعامل مع خطرها، لكن ما حدث في اليمن لاحقاً من اعتداء على معسكرنا في 2015 جعلني أعيد التفكير والتحق فوراً بالميدان، لأجعل من خبرتي وعلمي شيئاً مفيداً لبلدي وأبناء بلدي».

وأضافت: «منذ عودتي إلى الإمارات عام 2011، ركزت جهودي ووقتي في النهوض بطب الطوارئ واكتساب مهارات وخبرات إدارية لتمكنني من أداء عملي بإتقان، وأسست مع زملائي أطباء الطوارئ شعبة الإمارات لطب الطوارئ، وكذلك ترأست فرع جمعية الإمارات الطبية في أبوظبي مدة 5 سنوات، وقمت مع فريق جمعية الإمارات الطبية بتأسيس وقيادة برنامج كلية الطب المصغرة، وهو برنامج تثقيف صحي متقدم للمجتمع مجاني تماماً، وكذلك أتممت شهادة الماجستير في الجودة والسلامة في الإدارة الطبية وماجستير في التبرع وزراعة الأعضاء، وكذلك أسست برنامج المفرق لتدريب أطباء الطوارئ، وأديره منذ 2014، ومنذ عام كُلفت بإدارة قسم الطوارئ بمستشفى المفرق، وأعمل مع إدارة مستشفى المفرق على الارتقاء بالخدمات المقدمة لمرضانا، وكل ذلك لم يتح لي الوقت للانخراط في أعمال الإغاثة الإنسانية الدولية».

تجربة

وتابعت: «هذا العام قررت أن أخصص جزءاً من إجازتي السنوية لمثل هذا العمل، فكانت أول تجربة في ديسمبر 2016، إذ تطوعت لتدريس اللغة الإنجليزية في كمبوديا مدة أسبوع، وكانت تجربة ناجحة، وخلال الرحلة قمت بزيارة لمركز القرية الصحي وبتقييم مبدئي، لأبحث إمكانية مساعدتهم، وأنا حالياً في مهمة لإثيوبيا مدتها 4 أسابيع خلال إجازتي السنوية، وهذه المهمة بالتعاون مع منظمة كندية غير حكومية هي (CPAR)، وفي هذه المهمة أعمل في مستشفى سعته 100 سرير، ويخدم نحو 500 ألف نسمة في منطقة جبلية تبعد عن أديس أبابا 120 كم، ودورنا يتمثل في تطوير مهارات الطاقم الطبي في طب الطوارئ، وتقديم الاستشارات للمرضى».

وعن نسبة التحاق الإماراتيين بتخصص طب الطوارئ، وبشكل خاص الإناث، أشارت الدكتورة عائشة المعمري إلى أن «الإقبال على التخصص من الإماراتيين والإماراتيات شيء مفرح، فسنوياً في إمارة أبوظبي هناك 25-30 متقدماً لطب الطوارئ، وأغلبهم من الإناث، مما يدخل السرور إلى نفسي، فقد ربانا والدنا المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، على أن المرأة أخت الرجل، ولا يقتصر أي مجال على جنس معيّن، وطالما هناك حاجة فعلى أي منا العمل لسد ذاك النقص والحاجة».

مهارات

وأوضحت أنه «لتقديم الخدمات الإغاثية بالطريقة الصحيحة هناك معايير دولية على الطبيب تعلمها، وهناك معايير للأمن والسلامة كذلك، ومهارات أخرى تقدم من خلال ورش عمل من مؤسسات دولية عدة، وعند انخراطنا في هذه الأعمال، سواء خارج الدولة أو داخلها، يجب أن نحرص على تقديم الأفضل دائماً، فنحن لا نمثل أنفسنا أو المجتمع الطبي فقط، وإنما نمثل الإمارات، وهي اسم عالمي يجب أن نقدم دائماً ما يليق به وبقيادته الرشيدة، وأكبر تحدٍّ هو إدارة الوقت للجمع بين كل هذه الاهتمامات والأدوار، وتقديم عمل متقن يليق باسم الإمارات، فأنا أحرص كثيراً على ترتيب أولوياتي وتنظيم وقتي كي أعطي كل عمل حقه، ومنذ عامين أخللت بذلك التوازن بين العمل وإعطاء نفسي حقها، مما أدى إلى إصابتي بإعياء وإجهاد شديد (احتراق وظيفي)، أدى إلى توقفي عن العمل لمدة أسبوعين، عدت بعدها وأنا أكثر وعياً بأهمية التوازن بين العمل والراحة، ومنذ ذلك الحين أحرص على تعلم وممارسة مهارات أخرى غير طبية، كالمسير الجبلي الذي أدخل الرياضة جزءاً من حياتي، والتصوير الفوتوغرافي، وركوب الخيل والقراءة».

 

المهمات الإنسانية توفر الرضا والسعادة

قالت الدكتورة عائشة المعمري، استشارية طب الطوارئ والعناية المركزة، رئيسة قسم الطوارئ، رئيسة برنامج تدريب طب الطوارئ في مستشفى المفرق: «إن جزءاً كبيراً من الراحة هو الراحة الروحية والذهنية، إضافة إلى الراحة البدنية والعمل في مهمات الإغاثة الإنسانية الدولية، وهذا ما يوفر الكثير من الإحساس بالرضا الداخلي والسعادة، لقدرتك على تقديم العون ولو البسيط لإنسان آخر، مما يشحنك بطاقة إيجابية وخبرة جديدة، تساعدك على العودة إلى عملك الأصلي بنشاط وأفكار جديدة، ولا تخلو أي مهمة إنسانية دولية من متعة التعرف إلى مجتمع جديد بثقافته وتاريخه وطبيعته، سواء أكانت جميلة أم قاسية».

وأضافت: «أنه لا يستطيع أي إنسان تحقيق عمل دون دعم من هم حوله، فقد مَنّ الله علي بأسرة من أم وإخوة وأخوات، وكذلك والدي قبل رحيله، دعموني في الماضي، وما زالوا، إيماناً منهم بنبل ما أسعى إليه، وهو خدمة الإمارات وأهلها، وحين قررت الذهاب في مهمة اليمن، تطوع أخي الأكبر، وقال: «أذهب معك إن أردتي»، فحبهم ودعمهم وتفهمهم لطبيعة عملي نعمة من نعم الله الكثيرة التي منّ بها عليّ، وأحمده وأشكره عليها».

وأكدت أن الإمارات ومؤسساتها الإغاثية وأبناءها لهم بصمة في العديد من الدول، ولا يخفى أثرنا على أحد، وإن كنت أخذت على عاتقي التطوع بوقتي ومهاراتي مع منظمات دولية، فهو لإيماني بأن الانخراط مع الآخر والاستفادة من خبراته يزيدان خبراتنا، ويدعمان جهودنا، ويفتحان باب التبادل والتعاون العملي والثقافي.

وقالت: «أتشرف دائماً بأنني من الأشخاص الذين كُرموا من قبِل جائزة أبوظبي، وأشعر بمزيد من المسؤولية، لأركز أكثر على الأعمال التي ستمثلني وتمثل وطني، فقبل تسلُّم الجائزة كنت أمثل نفسي، ولكن الآن أشعر بأني أمثل الإمارات، وأشعر بحذر أكثر تجاه أي شيء أقوم به».

رعاية

السفير اليمني يشيد بحملة «وصية زايد بأهل اليمن»

أشاد فهد سعيد المنهالي سفير الجمهورية اليمنية لدى الدولة بإطلاق هيئة الهلال الأحمر الإماراتي «حملة وصية زايد بأهل اليمن» التي تستهدف دعم أسر الشهداء والجرحى في بلاده وإدخال السعادة في قلوبهم بالتزامن مع حلول عيد الأضحى .

ووصف الحملة التي تأتي في إطار حرص صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل حاكم أبوظبي في منطقة الظفرة رئيس هيئة الهلال الأحمر، بأنها لفتة كريمة تجسد دور الإمارات وقيادتها الرشيدة وجهودها في تعزيز استجابتها الإنسانية وتقديم مختلف أشكال الدعم والمساندة، ما جعلها من أكثر دول العالم عطاء وسخاء على الساحة اليمنية.

وقال إن الحملة تعكس متانة العلاقات الأخوية والروابط الأزلية التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين وتترجم وفاء القيادة الإماراتية من خلال العمل على تنفيذ وصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

ونوه بأن هذه الحملة تأتي لتتسق مع المبادرات الإنسانية التي تقدمها الإمارات والمتمثلة في حملات الإغاثة وإجلاء الجرحى للعلاج في الخارج وآخرها التكفل بعلاج 90 جريحاً في المستشفيات الهندية. أبوظبي - وام

جهود

«أخبار الساعة»: الإمارات واليمن.. علاقات أخوية متينة

أكدت نشرة «أخبار الساعة» أن دولة الإمارات قيادة وشعباً ستبقى ملتزمة بتقديم جميع أشكال الدعم والمساعدة للشعب اليمني الشقيق من شماله إلى جنوبه حتى يستعيد عافيته ويعود الاستقرار والأمن إلى ربوع اليمن كما كان من قبل وأفضل بإذن الله.

وقالت النشرة - الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في افتتاحيتها اليوم تحت عنوان «اليمن والإمارات.. علاقات أخوية متينة» - شكلت المبادرة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بتوجيه هيئة الهلال الأحمر الإماراتية لإطلاق حملة مساعدة أهل اليمن، إضافة جديدة إلى الجهود الكثيرة التي ما فتئ سموه يقودها لصالح الشعب اليمني الشقيق.

وأكدت أنه طالما كان حب الخير والوقوف مع الأشقاء ومؤازرتهم في وجه الأزمات والمحن من بين الأركان الرئيسية التي قامت عليها دولة الإمارات وبما أن القيادة الرشيدة تكرس جهودها لترسيخ تلك الأركان وتقويتها باستمرار، فقد حرصت على تمثل قيم الشيخ زايد، رحمه الله، والإبقاء على سنته الحميدة في مساعدة الإخوة في الدم والتاريخ. أبوظبي - وام

Email