مطالبات بتغليظ عقوبات جرائم تقنية المعلومات وتوسيع اختصاصات «الأمن الإلكتروني»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حرص المشرع الإماراتي على تشديد العقوبة في قضايا الابتزاز الإلكتروني وجاءت عقوبات المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات صارمة في هذا الجانب، حيث تصل العقوبة إلى الحبس مدة لا تزيد على عامين وغرامة تصل إلى نصف مليون درهم، فيما طالب قانونيون بتغليظ العقوبات على مرتكبي جرائم الابتزاز، وذلك بالتماشي مع جميع المتغيرات التي طرأت خلال السنوات الخمس الماضية على أساليب تعمل المجرمين مع تقنية المعلومات، وتطويرهم لأساليب اصطيادهم لضحاياهم.

ودعوا إلى توسيع اختصاصات الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني، ومنحها المرونة الكافية التي تسمح لها بإصدار القرارات الكفيلة بتوفير الحماية الإلكتروني، ومكافحة جرائم الحاسب الآلي والشبكة المعلوماتية وتقنية المعلومات على اختلاف أنواعها، بما فيها جرائم الابتزاز الإلكتروني، ورفع ثقافة المجتمع حول هذه الممارسات للوقاية والحد منها عبر تنظيم ورش وبرامج تعمل على زيادة وعي المستهدفين وكيفية إبلاغ السلطات المختصة بتلك الوقائع.

وكان 9 أشخاص على الأقل، من جنسيات وأعمار مختلقة، تعرضوا لحوادث ابتزاز إلكتروني على مستوى مدينة أبوظبي خلال النصف الأول من العام الجاري، وفقاً لجدول القضايا التي نظرتها محكمة أبوظبي خلال تلك الفترة.

وبينت وقائع حوادث الابتزاز الإلكتروني التي سجلتها محاكمة أبوظبي أن المتهمين انتهزوا ضعف الرقابة وقلة وعي الشباب وقلة حيلة الفتيات، في مساومتهم والحصول على مبالغ مالية.

وتتراوح أعمار الضحايا الـ 9 في تلك الاعتداءات ما بين 17 إلى 34 عاماً، وقد تعرضوا لها بطرق وأساليب مختلفة، حيث تعرضت طالبة خليجية لمحاولة ابتزاز من آسيوي يعمل لدى أسرتها في مهنة سائق، بعد أن قام بالتقاط صور خاصة بها أثناء جلوسها برفقة أحد زملائها بالجامعة في أحد المقاهي، وتهديدها بنشر صورها في حال لم تقم بدفع مبلغ ألفي درهم شهرياً، لتشرع بدفع المبلغ على مدى 7 أشهر إلى أن قامت الفتاة بإبلاغ والدها الذي تواصل مع الشرطة ليتم إلقاء القبض على السائق.

كما تعرضت 4 سيدات من جنسيات خليجية وعربية لوقائع ابتزاز إلكتروني من قبل فنيين في محال لإصلاح الهواتف المتحركة، حيث استغل المتهمون فرص استلامهم لهواتف المجني عليهن اللواتي حضرن لإصلاح أعطال فنية طرأت في هواتفهم الخاصة، ليشرعوا في سرقة بعض الصور الخاصة، ومن ثم التواصل معهن وابتزازهن بنشر صورهن في حال لم يقن بدفع مبالغ مالية.

وفي قضية أخرى تقدم شاب عربي ببلاغ يفيد بأنه تلقي عبر خدمات منصة الألعاب المنزلية «بلاي ستيشن» لرسائل من فتاة لا يعرفها، تدعي بأنها موجودة في الدولة للسياحة، محاولة رمي سهامها نحوه بغرض جني الأموال عن طريق امتهانها لدور الحب والهيام.

وقال الشاب: إنه وأثناء ممارسته لهوايته اليومية في لعب «البلاي ستيشن»، أرسلت له فتاة، رسالة عبر خدمة الرسائل الخاصة بجهاز الألعاب المنزلية، تقول فيها إنها طالبة تبلغ من العمر 23 عاما، وبأنها توصلت إلى اسم حسابه الإلكتروني عن طريق أحد برامج التعارف الخاصة بمنصة الألعاب المنزلية.

وتابع: تواصلت مع الفتاة، لفترة من الوقت وتطورت العلاقة بيننا إلى محادثات مصورة عبر خدمة المحادثات الحية المباشرة عبر جهاز «البلاي ستيشن» المنزلي، إلى أن تفاجأت في أحد الايام وهي تقول لي بانه يستوجب علي أن أرسل لها مبلغ 5 آلاف دولار إلى حسابها البنكي أو أنها ستقوم بنشر صوري.

قضايا متنوعة

من جانب آخر قالت المحامية عبير الدهماني: أن القضايا التي نظرتها المحاكم خلال الاعوام السابقة في هذا الشأن، بينت بأن الابتزاز الإلكتروني لا ينحصر في الأمور المالية، أو في الحصول على صور عارية للمجني عليهم، لكن الأمر يتجاوز ذلك إلى فتح حوار غير أخلاقي معه، أو التواصل المباشر معهم وارتكاب أفعال غير أخلاقية وممارسة الرذيلة في بعض الأحيان.

وأكد المحامي عمار آل خاجة، على أهمية إبلاغ الجهات الشرطية في حال وقوع محاولات ابتزاز إلكتروني، وتوعية الشباب وأولياء أمورهم بتلك الأفعال المجرمة قانوناً، مضيفاً: تمثل إجراءات ضبط ومعاقبة المتهمين في الابتزاز الإلكتروني، جزءا مهما من العلاج النفسي للضحية وذويه، إذ يشعرون بعد معاقبة المبتزين أنهم استردوا حقهم الذي سلب منهم.

وأشار المحامي محمد محمود المرزوقي إلى أن عدد ضحايا جرائم الابتزاز الإلكتروني بين الذكور والإناث يزيد على ذلك بكثير، وذلك في ظل عزوف العديد منهم عن إبلاغ الشرطة عن الجرائم التي يتعرضون اليها خوفاً من الفضيحة وحساسية الأفعال المرتبطة بالجريمة.

من جانبه، أكد المحامي والمستشار القانوني يوسف البحر: بأنه لا يوجد في دولة الإمارات عدد كبير من جرائم الابتزاز الإلكتروني لتصنف كجريمة مقلقة، لكن ذلك لا يعني اختفاءها، حيث إننا نشهد بين الفينة والأخرى قضية ابتزاز هنا وهناك، وأكثر الفئات المستهدفة هم الفتيات والأحداث والأطفال، حيث قد تخشى هذه الفئات على سمعتها في حال تورطها في أمور أخلاقية لذلك يستهدفها المبتزون.

وأوضح إلى أن أحد أهم أسباب تعرض الناس إلى جرائم الابتزاز الإلكتروني هو جهلهم في التعامل مع الغرباء على الشبكة العنكبوتية وتقديم حسن النية في التعامل معهم وعرض حياته الخاصة لهم ليستغل هؤلاء الغرباء ما لديهم من معلومات أو مواد فلمية أو صور أو غيرها في ابتزاز الضحايا من أجل الحصول على المال.

بدورها، قالت المحامية موزة مسعود: «ابتزاز الفتيات يصنف تحت نوع الابتزاز العاطفي، ومحركات الابتزاز في القضايا التي تقع فيها، تتمثل: في المال، الوظيفة، الزوج والصورة». مشيرة إلى أن المحاكم تتلقى باستمرار العديد من دعاوى التهديد والابتزاز الإلكتروني، فيما تشير الوقائع القضائية إلى أن أغلب الضحايا فتيات.

عدم الرضوخ

ولا ينصح المحامي والمستشار القانوني محمد الحمادي الشخص الذي يتعرض للابتزاز بأن يرضخ لمطالب من يبتزه! فالعلاج الفوري يكمن هنا في اللجوء إلى الجهات المختصة لاسيما الشرطة. مؤكداً أن الدولة وفرت خدمات أخرى لمساعدة الأفراد الذين يتعرضون للابتزاز وبسرية تامة وذلك من خلال خدمة أمان وأمين.

من جهته، أكد المحامي ناصر العصيبة أنه لا يختلف اثنان على التزايد المستمر والموسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي العديدة التي لا يكاد شخص لا يستخدم أحداها أو بعضها، مبيناً أن تلك الوسائل نقلت طريقة التواصل بين الأشخاص إلى العالم الافتراضي الذي من مميزاته أنه يقرب المستخدمين من بعض افتراضياً، الأمر الذي سهل من سرعة انتشار استخدام هذه الوسائل وسرعة انتشار مضمونها وما يحويه بغض النظر عن مدى مطابقته أو مخالفته للواقع الصحيح.

Email