جامعة محمد بن راشد للطب: 68 % يرغبون في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة

الإمارات جاهزة لنقل أعضاء المتوفّين دماغياً للمرضى

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يستعد القطاع الصحي في دولة الإمارات لدخول منعطف تاريخي يمنح الأمل لمئات المرضى مع بدء العمل بقرار نقل وزراعة الأعضاء من المتوفين دماغياً، فمقابل كل روح تزهق هناك حياة توهب من جديد لمرضى هم بحاجة لزراعة الأعضاء، وأظهر استبيان أجرته جامعة محمد بن راشد للطب، شمل أكثر من 500 شخص من الإمارات فوق سن 18 عاماً، لمعرفة درجة الوعي لدى الجمهور وآرائهم حول التبرع بالأعضاء، أن 68% منهم أبدوا رغبتهم في التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم، مما يظهر أن الإمارات جاهزة للبدء بمشروع زراعة الأعضاء من الأشخاص المتوفين دماغياً، وسد الفجوة بين العرض والطلب على الأعضاء البشرية، كما انه ينسجم مع النهج الواضح للدولة وحرصها الدائم على خدمة الإنسان والإنسانية وعملها المتصل لتوفير مختلف المقومات التي تمنح الإنسان حياة سعيدة وهانئة وفي مقدمتها الرعاية الصحية المتميزة

وأجمع أطباء متخصصون على أن وقف الأجهزة المساعدة عن المريض تتم في حالتين الأولى، حال تأكد فريق طبي متخصص أن جذع الدماغ قد توفي بمعنى أنفصل الجسم عن الدماغ، والحالة الثانية والأهم التأكد من أن مادة الدماغ بدأت بالتحلل بمعنى أن الخلايا الدماغية والعصبية الموجودة في الجهاز العصبي المركزي غير قابلة للعيش حتى بالدعم الخارجي من غذاء وأكسجين، عندها يستطيع الطبيب أن يوقف الدعم وليس هذا فحسب بل إن هناك شروطاً ومعايير صارمة طبعاً للتأكد من الموت الدماغي، منها أن يتم تشكيل لجنة مؤلفة من ثلاثة استشاريين من تخصصات مختلفة، يفحص الأول المريض وبعده بثماني ساعات الطبيب الثاني وبعدهما بثماني ساعات الطبيب الثالث، ويتاح لهم استخدام كل الوسائل المباحة والمتاحة لتشخيص الموت الدماغي.

أنواع الوفاة

وقال الدكتور سهيل الركن استشاري جراحة المخ والأعصاب في مستشفى راشد هناك ثلاث حالات للوفاة يجب التفريق بينها الأولى هي الغيبوبة والحالة النباتية و الوفاة الدماغية، لافتاً إلى أن الغيبوبة هي مصطلح عام وهي عدم استطاعة الشخص التجاوب مع أي عوامل خارجية مؤثرة أو مستثيرة، بحيث لا يكون له أي تفاعلات معها فالنوم يعتبر غيبوبة صغرى حيث إن الإنسان لا يتواصل مع الإنارة الخارجية أو الضوضاء، وقد تكون غيبوبة حقيقية تستمر لأيام معدودة بسبب إصابة في الدماغ ومنها الغيبوبة الشديدة ( الحالة النباتية ) والغيبوبة الأشد وهي غيبوبة الموت الدماغي وأقصى أنواع الغيبوبة هي الوفاة.

ويضيف الموت الدماغي هو فقد الإنسان الوظائف الرئيسية حيث لا يستطيع التواصل مع المحيط الخارجي أو الاستثارات الخارجية كما لا يستطيع التحكم في الأعضاء الحيوية من التنفس ووظائف الجهاز القلبي والدورة الدموية حيث يكون معتمداً اعتماداً كلياً على أجهزة التنفس الصناعي وأجهرة تقوية عضلة القلب ويضيف بدأ مفهوم الموت الدماغي في الستينيات من القرن الماضي حيث بدأ في استخدام اجهزة الإنعاش التنفسي وأجهزة التنفس الصناعي، لافتاً إلى أن الموت الدماغي هو فقد الإنسان للوظائف الأساسية للدماغ بشكل دائم ومستمر حيث لا يستطيع التواصل مع الاستثارات الخارجية أو التحكم بالوظائف الحيوية لاستمرار الحياة.

أما الحالة الثانية قيقول الدكتور سهيل الركن إنها تختلف عن الموت الدماغي في أمور بسيطة جدا وهي أن الإنسان ممكن أن يكون في حالة موت دماغية دائمة لكن يستطيع التنفس لوحده من خلال فتحة في القصبة الهوائية.

ويوضح الدكتور حسين آل رحمة رئيس الجمعيات العربية للعناية المركزة، انه يمكن اعتبار الشخص متوفياً دماغياً، في حال توفرت شروط ذلك ومنها أن يتم الكشف على الشخص من قبل لجنة من الأطباء الاستشاريين في جراحة الدماغ والأعصاب والتخدير والعناية المركزة، ويتم الكشف على المريض بفترات متباعدة بمعدل ساعتين ويتم إجراء كل الفحوصات والتحاليل المخبرية اللازمة وكل منهم يكتب تقريراً بالحالة، ويشترط أن يكون هناك إجماع من قبل جميع أعضاء اللجنة، ففي حال كان هناك تعارض مثلاً يصار إلى تشكيل لجنة أخرى.

معايير

وقال الدكتورأمين حسين الأميري وكيل وزارة الصحة المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص إن القرار الوزاري رقم 550 لسنة 2017 حدد معايير تشخيص الوفاة بحيث يضم ثلاث مواد أساسية لتشخيص الوفاة الناتجة عن التوقف التام والنهائي للقلب والتنفس، وتشخيص الوفاة الناتجة عن التوقف التام والنهائي لجميع وظائف المخ، وتشخيص الـوفـاة باستخدام المعايير الدماغية لدى الأطفال.وذكر الأميري أن القرار الوزاري فصّل طرق تشخيص الوفاة الناتجة عن التوقف التام والنهائي للقلب والتنفس، والوفاة الناتجة عن التوقف التام والنهائي لجميع وظائف المخ باستخدام القرائن الدماغية.

شروط

وأضاف: القرار يوضح ايضا الشروط والاستثناءات لتشخيص الوفاة باستخدام المعايير الدماغية، وكيفية تشخيص الوفاة باستخدام المعايير الدماغية، من خلال الفحص الأولي السريري، ثم اختبار منعكسات جذع الدماغ المتمثلة في فحص الاسـتجـابـة الحـدقـيـة للـضـوء، ومدة المراقبة (الفترة بين الفحصين السريريين) والمحددة بالبروتوكول، وتسجَل نتيجة الفحصين على وثيقة موت الدماغ وتوقَع من قبل الأطباء الفاحصين، والتي تختلف بين الفئات العمرية من الأطفال الرضع (48 ساعة) إلى البالغين (6 ساعات) مع وجوب إجراء تخطيط دماغ كهربائي مع فترة فاصلة بينهما بمقدار فترة المراقبة.

وفاة الأطفال

أما بالنسبة لتشخيص وفـاة الأطفال فيوضح الدكتور أمين بأنها تتم باستخدام المعايير الدماغية لـدى الأطـفـال حسب العمر من 7 أيام إلى شهرين فتكون مدة المراقبة إلى 48 ساعة، ثم الأطفال الرضع بعمر شهرين إلى 1 سنة تكون مدة المراقبة 24 ساعة مع إجراء تخطيطي دماغ كهربائيين يفصل بينهما مدة 24 ساعة ويُظهران كلاهما انعدام الفعالية الدماغية أي صمتاً دماغياً كهربائياً، أو تخطيط دماغ كهربائي واحد يظهر صمتاً كهربائياً مع دراسة تدفق الدم بالمسح الطبقي أو بالنظائر المشعة يظهران انعدام التدفق الدموي للدماغ، والأطفال بعمر أكثر من سنة واحدة و حتى البلوغ: يتم اتباع نفس بروتوكول البالغين عدا فترة المراقبة التي يجب أن لا تقل عن 12 ساعة .

مركز واحد

بدوره قال الدكتور فيصل شاهين المنسق العام للبرنامج السعودي لنقل وزراعة الأعضاء، إن الإمارات بحاجة إلى مركز وطني لزراعة الأعضاء يضم كافة الخبرات والكفاءات، يقوم بإجراء كافة العمليات من زراعة الكلى إلى الكبد والرئتين والقلب ومكتب تنسيقي يقوم بالتنسيق مع كافة أقسام العناية المركزة في المستشفيات للإبلاغ عن حالات الوفاة الدماغية متى أجمعت اللجنة المشكلة من الاستشاريين على ذلك مع ضرورة موافقة أهل الشخص أو أن يكون قد أوصى بالتبرع بأعضائه قبل الوفاة لافتاً إلى أن عدد المتوفين دماغياً سواء من الحوادث المرورية أو الجلطات القلبية والدماغية داخل غرف العناية المركزة يصل إلى 2 % من إجمالي الوفيات في أي دولة، وفي السعودية هناك سنوياً نحو ألف و200 وفاة بسبب الموت الدماغي، 30 % منها تكون لأشخاص مسجلين في البرنامج السعودي للتبرع بالأعضاء.

استعدادات

وقال الدكتور عامر أحمد شريف، مدير جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، الرئيس التنفيذي لقطاع التعليم في سلطة مدينة دبي الطبية:إن الجامعة قامت باتخاذ العديد من الاجراءات الهامة للبدء في تطبيق القانون ومن ضمنها استقطاب اكبر طبيب عالمي في زراعة الأعضاء للعمل في جامعة محمد بن راشد إضافة إلى تدريب أكثر من 110 أطباء من العاملين في أقسام العناية المركزة من مختلف المؤسسات الصحية في الدولة على أفضل الممارسات في مجال التبرع بعد الوفاة بالتعاون مع المركز الإسباني للتبرع وزراعة الأعضاء، والبرنامج السعودي لنقل وزراعة الأعضاء منذ 3 سنوات تقريباً.وقال إن نجاح جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية في زراعة أول كلية لمريضة مواطنة تم التبرع بها من المركز السعودي هو بداية الطريق لمشروع كبير سيجعل من الإمارات محط أنظار الدول الأخرى.

تقارير

حال أكدت تقارير الأطباء الثلاثة؛ أن دماغ المريض بدأ بالتحلل فهذا يعني أنه غير قابل للحياة، وهنا يجوز للفريق الطبي وقف الدعم، ما عدا ذلك يعتبر جريمة قتل.

اجتماع إماراتي سعودي لمناقشة الخطوات المقبلة

عقد وفد من المركز السعودي لزراعة الأعضاء برئاسة الدكتور فيصل شاهين المنسق العام للبرنامج السعودي لنقل الأعضاء اجتماعات موسعة مع القائمين على برنامج نقل زراعة الأعضاء في الدولة لمناقشة الخطوات المقبلة لدخول القانون حيز التنفيذ.

وشملت اجتماعات الوفد اجتماعاً مع الدكتور أمين الأميري وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص واجتماعات مطولة مع الدكتور علي عبد الكريم العبيدلي رئيس اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء والدكتور عامر أحمد شريف، مدير جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، الرئيس التنفيذي لقطاع التعليم في سلطة مدينة دبي الطبية والدكتور علوي الشيخ مدير جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية .

وقال الدكتور فيصل شاهين لـ «البيان» إان دولة الإمارات ستبدأ من حيث انتهى الاخرون، وهذه ميزة كبيرة لأن خبرات المركز السعودي طوال العقود الثلاثة الماضية هي الآن تحت تصرف دولة الإمارات للاستفادة من تجارب المركز وتلافي بعض الأخطاء التي حدثت مؤكدا أن برنامج زراعة الأعضاء في الإمارات سيتفوق على البرامج المماثلة في دول العالم.

واكد الدكتور علوي الشيخ، عميد كلية الطب في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، حرص الجامعة على تعزيز وتحسين جودة الخدمات الطبية، من خلال إيجاد برامج توفر الحلول الصحية الأفضل على مستوى العالم، لينعم الناس بحياة سعيدة وصحية.

وأضاف إن البرنامج يأتي ضمن استراتيجية فعالة ومتوازنة للجامعة، تهدف إلى الريادة الإقليمية والاعتراف العالمي في مجالات التعليم والبحث العلمي والخدمات الطبية والتواصل المجتمعي.

وأضاف إن نجاح أول عملية لزراعة للأعضاء في «ميديكلينيك» يترجم رؤية الجامعة، التي تسعى من خلال استقطاب الكفاءات العلمية وتأسيس الشراكات مع القطاعات الصحية المختلفة إلى إطلاق برامج نوعية مبتكرة، تواكب تطور قطاع الخدمات الصحية في الدولة، وتعود بالنفع على صحة الأفراد والمجتمع، كما سيسهم البرنامج في توحيد جهود البرامج الطبية والعلمية المماثلة في المنطقة، بما يعظم النتائج المرجوة من ورائها، ويوسع دائرة الاستفادة منها.

Email