الكشف الطبي الدوري.. درع وقاية لأمراضٍ محتملة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تغيب ثقافة الكشف الطبي الدوري عن مجتمعاتنا العربية، ولا يهتم العديد من الناس بزيارة المراكز الصحية والمتابعة مع الأطباء المختصين إلا في حالة ظهور أعراض الإصابة بأمراض ما تتفاوت في خطورتها، متجاهلين أن الوقاية هي الدرع الأول معرفة كفاءة وظائف وأعضاء الجسم الحيوية ضد الأمراض المحتملة والمبكرة خصوصاً ان بعض الأمراض تظهر فجأة من دون أي أعراض، كما تعد التحاليل الطبية ذات أهمية كبيرة جداً في تشخيص الأمراض المختلفة متابعة جدول العلاج وقياس مدى استفادة المريض من العلاج.

 

تأخر المواعيد

تقول أمل درويش إن للندوات والمحاضرات التي تقيمها المؤسسات الصحية في الدولة أثراً واضحاً في نشر التوعية الصحية بأهمية الفحص الدوري المبكر كثقافة مجتمعية صحية، وساهمت في نشر الوعي بين الأجيال الصاعدة، ونبهت إلى أن الفائدة من التحاليل هي الكشف عن الأمراض بشكل مبكر، حيث يكون العلاج أسهل وأسرع وأكثر جدوى، وترى أن تجاهل العديد من الأشخاص لمنظومة الفحص الدوري ربما يعود الى صعوبة الحصول على مواعيد لمقابلة الطبيب في حالة المرض في الأساس، بسبب الضغط والازدحام في المستشفيات ويجعلهم يعدلون عن فكرة إجراء التحاليل لأن الموعد قد يكون بعد 5 أشهر مثلاً؛ مما يشكل فكرة التأجيل ونسيان الموعد، والبعض الآخر ينتظر فترة الإجازة للسفر وإجراء الفحوصات الطبية في الخارج.

 

ثقافة المجتمع

من جهته يقول سعيد النعيمي: أنا لا أشكو من شيء، ورغم ذلك أواظب على إجراء التحاليل بشكل دوري، فالأمر بسيط وأصبح عادة، ومن جانب آخر فإن ثقافة الفحص الدوري هي بالفعل غائبة في تفاصيل المجتمع المحلي، ولا تتم زيارة الطبيب إلا في حالة المرض وظهور الأعراض متجاهلين أهميتها في الكشف عن الأمراض، مثلاً عندما يكون هناك خلل في نسبة معينة من خلال التحليل تتم معاينة الأمر بشكل أعمق لمعرفة سبب الخلل وعلاجه مباشرة، وبالتالي يستطيع المريض أن يتعافى بشكل أسرع في حال اكتشف مرضه باكرا مهما كان نوع المرض، وأكد ضرورة تنمية ثقافة الفحص الطبي عند الجميع، وعلى الجهات المختصة سواء بالمستشفيات أو المدارس والجامعات والإعلام تكثيف الجهود من الناحية التوعوية ليدرك الإنسان أهمية الصحة والكشف الصحي للاطمئنان وتدارك الأمراض الخطيرة، حتى يبادر الجميع بإجراء الفحص الدوري، وخاصة أنه مع تطور الحياة السريع وتطور المرض أصبحت اهتمامات الإنسان وانشغالاته كثيرة وأغفلته عن أهمية الفحص الطبي، ولا بد أن يعلم الجميع أنه من دون أن يتمتع الإنسان بصحة جيدة لن يستطيع إنجاز أعماله بالشكل الذي يرضيه.

 

اكتشاف مبكر

من ناحيته يقول يوسف العيسى إنه بات شائعاً أن يتفاجأ الإنسان بأعراض مرض ما، أو مضاعفات الكوليسترول وضغط الدم، ولو حرص كل منا على إجراء الفحص الدوري لاكتشف المرض وتم علاجه قبل تفاقم الحالة وانهيار الجسم، مؤكداً على أهمية الفحص الدوري للإنسان العادي قبل المريض، ناصحاً الجميع بزيارة الطبيب بشكل دوري للاطمئنان على صحته وعدم الانتظار حتى يشعر بالألم أو ظهور الأعراض، ودعا إلى أن يشمل الفحص الطبي من هم أقل من 18 عامًا، قائلاً: هناك أطفال لا تتجاوز أعمارهم السنة ومصابون بالسكري، وهناك الكثير من الأفراد الذين يكتشفون إصابتهم بالمرض بعد مرور وقت كبير على الإصابة، ويكون المرض قد نال من الجسم ومن ثم تصعب السيطرة على مضاعفاته، فهناك الكثير من الأمراض التي لا يشعر بها الفرد إلا بعد الإصابة بها بوقت كبير، كالإصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي والسكر والضغط.

 

ضغوط العمل

وتعتقد هبة فتحي أن التعرض المستمر لضغوط العمل له تأثيرات سلبية شديدة على الصحة، ومن ثم فإن الكشف الطبي الدوري يعتبر نقطة بداية لمعرفة الآثار والأساليب المحتملة لضغوط العمل، وإن من العوامل المساعدة على زيادة الضغط هي عادات الشخص نفسه في التدخين، أو الإسراف في تناول المشروبات المنبهة، مثل القهوة والشاي، أو زيادة في الوزن، أو أمراض معينة، تسبب سرعة الانفعال وما شابه ذلك من عوامل، وبالتالي فإن معرفة تلك العوامل واتخاذ الإجراءات الطبية المناسبة حيالها يعمل كحاجز صد قوي ضد تأثيرات ضغوط العمل.

 

وساوس المرض

ويعتقد فريد أبو صالح أن الكثير من الناس يتجاهلون القيام بالفحوصات الدورية خوفاً من الدخول في متاهات الوساوس والظنون المتعلقة بفكرة المرض بوجه عام، ولا يحبذون زيارة الطبيب حتى في حالات المرض من منطلق ان الجهل بوجود مرض ما أحياناً مفضل لدينا، وأحسن من معرفته، فكثيراً عندما يعلم أحد أن لديه مرضاً ما، يبدأ في الدخول في دوامة الشك والضغط النفسي وربما قتل الهم بذلك المرض، وليس المرض نفسه، من هنا لا يجدون مبرراً في القيام بذلك وقت مبكر فهم لا يحتملون التفكير فيه ومن هذا الباب نترك الأمور للخالق. وهناك بعض الناس من اكتشف أن لديه مرضاً بصورة مباغتة، عندما ذهب من أجل العلاج من مرض كالزكام، ليتضح أن لديه الضغط أو السكر، وهذا نتيجة تجاهل موضوع الفحص الدوري عن الصحة.

 

تكنولوجية متطورة

وتؤكد لينا قاسم أن هناك أمراضاً عديدة وخطيرة قد تصيب الشخص دون إنذار مسبق؛ ما يستوجب عمل تلك الفحوص، مؤكدة أن أعراضاً وأمراضاً مثل ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون وأورام الثدي والرئة ومكن تلافيها من خلال إجراء الفحص الطبي الشامل بشكل دوري وعند اكتشافها مبكراً فهذا يساعد على تسهيل علاجها، كما أن التطور التكنولوجي الكبير الذي طرأ على الأجهزة الطبية والإجراءات التشخيصية ساعد على تسهيل عملية اكتشاف الأمراض مبكراً جداً، بل قبل وقوعها بسنوات، وذلك يتمثل في أجهزة الأشعة الحديثة شديدة الدقة التحاليل المخبرية المتطورة سريعة النتائج، كما أنه بالإمكان عمل جدول زمني خاص لهذه الفحوص المخبرية والإشعاعية ومعاينتها من قبل استشاريين عدة، لكن قبلها يجب على الطبيب أن يبحث عن بعض الفحوص التي تم إجراؤها في السابق ونتائجها.

20

تشير الإحصاءات الطبية إلى أن إصابة واحدة من أصل كل 20 بمرض سرطان القولون ناجمة عن أسباب وراثية، الأمر الذي يدلل على إمكانية تفادي المرض بالكشف المبكر، إذ باتت آليات تطور المرض معروفة للأطباء ومتمثلة في اختلالات جينية متتابعة تطرأ على خلايا الغشاء المخاطي للقولون ينجم عنها نتوءات حميدة ما تلبث أن تتحول إلى خبيثة إذا ما تم التأخر في التعاطي معها.

فقر الدم

الإكثار من الفحوصات المخبرية أو الإشعاعية ليس بمصلحة الطفل ولا يساهم في إثبات خلو الطفل من الأمراض، وقد يكون الاختبار الوقائي الوحيد المفيد إجراؤه هو اختيار الكشف عن فقر الدم ونقص الحديد، ومن المقترح إجراؤه ما بين سنة إلى ثلاث سنوات، وبالنسبة للاختبارات الوقائية الأخرى، فهي تختلف من دولة لأخرى حسب الدراسات البيئية فقد تجرى اختبارات للكشف عن مستوى الرصاص في الدم.

69

ينبغي أن يكون الفحص دورياً كجزء من الحياة الصحية لكل امرأة، حتى عند بلوغ سن اليأس. إن خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم لا يتناقص بتقدم العمر، فمن الأهمية القيام بالفحص الدوري و بعد بلوغ سن 69 سنة يمكن للأنثى التوقف عن الفحص إذا كانت آخر3 فحوصات طبيعية ولم يكن هناك أية تغيرات خطيرة. ينصح باستشارة الطبيب المعالج حول الحاجة إلى الفحوصات.

داء السكري

كشفت الإحصائيات الصادرة عن الاتحاد الدولي للسكري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنّ عدد حالات الإصابة بمرض السكري في دولة الإمارات تجاوز المليون حالة في عام 2015، عدد المصابين بداء السّكري في العالم يتجاوز 415 مليون شخص، وأن عدد المصابين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 35.4 مليون مصاب، مع توقّع ارتفاع العدد إلى 72.1 مليون مصاب بحلول 2040.

 

 

فحص كفاءة أجهزة الجسم

الفحوص الدورية لا يجب أن يقوم بإجرائها الشخص المريض فحسب، بل إن السليم بحاجتها أيضًا، فهي تكشف مبكرًا عن كفاءة أجهزة الجسم، الأمر الذي يساعد على التنبؤ بحدوث بعض الأمراض والوقاية منها مبكرًا قبل الحاجة لعلاجها بالأدوية المختلفة، والمعاناة من أعراض المرض الشديدة.

ويفضل أن يتم إجراء التحاليل الدورية مرة واحدة سنويًا قبل الأربعين، أما بعد تجاوز سن الأربعين، فيفضل أن يتم إجراء التحاليل مرتين كل عام، وذلك لتجنب أي أمراض خطيرة، وللحد من مضاعفات أي أمراض موجودة بالفعل في الجسم، ولكن يشترط أخذ بعض الاحتياطات قبل إجراء التحاليل. ويختلف كل تحليل عن الآخر، فهناك بعض التحاليل تتطلب أن يكون الشخص صائمًا لمدة 10 ساعات على الأقل، كما أن بعض الفحوص تتطلب احتياطات خاصة كفحص سكر الدم الذي يستلزم الصوم 6-8 ساعات.

 

صفحة تناقش اهتمامات القراء وتتفاعل معهم

Email