Ⅶمسؤول وحديث

السياحة العلاجية في دبي نحو آفاق أرحب وأكثر تقدّماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشير التقرير السنوي الأخير الصادر عن هيئة الصحة بدبي إلى أن إجمالي عدد السائحين القادمين من داخل الإمارة وخارجها لأغراض العلاج والطبابة بلغ 630 ألف سائح خلال العام 2015، من بينهم 298 ألف سائح أجنبي قدموا من مختلف أنحاء العالم للاستفادة المثلى من خدمات الرعاية الصحية ذات المواصفات القياسية والعالمية التي تتفرّد بها دبي.

وإن تدلّ هذه الإحصائيات على شيءٍ إنّما تدل على المكانة الراسخة التي تتبوؤها الإمارة كوجهة مفضّلة للسياحة العلاجية على الخارطة الإقليمية والعالمية، وتؤكّد الزخم القوي في القطاع الصحي المحلي الذي طالما شكّل رافداً أساسياً من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في دبي ودولة الإمارات ككل.

وليس مستغرباً من مدينة تضع الرفاهية المجتمعية والصحية على رأس أولوياتها الاستراتيجية أن تعتلي الصدارة في مجال السياحة العلاجية، متسلّحةً بالعديد من المقوّمات وإمكانات النجاح والريادة التي تؤهّلها لمقارعة كبرى الأسواق العالمية في هذا المضمار.

ولعل أبرز هذه المقوّمات تتمثّل في البنية التحتية المتطوّرة لقطاع الرعاية الصحية المحلي الذي يضم ما يزيد على 3000 منشأة ومرفق مجهّز بأحدث المعدّات والتقنيات المواتية لعصر الرقمنة والتكنولوجيا الذكية في القرن الحادي والعشرين، فضلاً عن الكوادر البشرية المتمرّسة من ذوي الكفاءات والخبرات العالمية في شتى المجالات والاختصاصات الطبية والعلاجية من أكثر من 100 دولة حول العالم. هذا بالإضافة إلى توفير أفضل الخدمات والتسهيلات في إجراءات السفر والإقامة والمواصلات لضمان تجربة متكاملة للسائح العلاجي.

ويبقى الداعم الأوّل والأساس في ما وصلت إليه دبي من تقدّم وريادة على خارطة السياحة العلاجية العالمية، هو المنظومة التشريعية والقانونية المتينة التي تستمد معاييرها وضوابطها الشرعية من المبادئ التوجيهية والسياسة الاستشرافية التي تنتهجها القيادة الرشيدة، حيث كان للتشريعات والقوانين والأنظمة المدروسة عظيم الأثر في دفع عجلة تطوّر وازدهار القطاعات الاقتصادية الرئيسة من خلال توفير بيئة متكاملة على درجة عالية من الموثوقية والشفافية والتنافسية الشريفة للوصول بالإمارة إلى مصاف المدن الأكثر تقدّماً في العالم. وما ذلك إلا امتداد حقيقي لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتطلّعات سموه الاستراتيجية للحكومة والمجتمع المحلي من المواطنين والمقيمين والزوّار.

وجاءت «استراتيجية السياحة العلاجية» التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، في العام 2014 والتي تتولّى هيئة الصحة بدبي مهمة الإشراف عليها وتنفيذها، لتشكّل دفعةً قويةً إلى الجهود الوطنية الرامية إلى جعل دبي وجهة عالمية رائدة لخدمات الاستشفاء والسياحة العلاجية من خلال التطوير المستمر في المبادرات والنظم والتشريعات المشجّعة على الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية والارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المقدّمة في الإمارة لخلق بيئة صحية وطبية قادرة على استقطاب نصف مليون سائح علاجي إلى الإمارة بحلول العام 2020 بالتزامن مع استضافة المعرض الدولي «اكسبو دبي 2020».

وتكمن أهمية هذه الاستراتيجية الطموحة في كونها تعبّد الطريق لمواصلة المضي قدماً وفق نهج التميّز والريادة والتفرّد في صناعة الرعاية الصحية وتعزيز القدرة التنافسية للإمارة على الساحة الإقليمية والعالمية، في خطوة من المؤكّد ستعود بالمنفعة الكبيرة على المناخ الاقتصادي المنتعش في دبي.

وبالنظر إلى المعطيات الراهنة، كلّنا ثقة بأن قطاع الرعاية الصحية في دبي يسير بخطى واثقة نحو مرحلة جديدة أكثر حيويةً وازدهاراً وتطوّراً في ظل التوجّه الحكومي المكثّف نحو استخدام أحدث التكنولوجيا الذكية والحلول المتقدّمة، بما في ذلك الطباعة ثلاثية الأبعاد التي من شأنها أن تُحدِث ثورة في عالم الاستشفاء والرعاية الصحية، تماشياً مع التطلّعات الطموحة لأن تكون دبي عاصمة عالمية لتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول العام 2030. وممّا لا شك فيه أن مثل هذه الخطط الاستراتيجية والمبادرات النوعية تعد من مكامن القوّة التي تزهو بها دبي.

بقلم الدكتورة ليلى المرزوقي

مدير مجلس السياحة العلاجية في هيئة الصحة بدبي

إعداد: وائل نعيم

بالتعاون مع قسم المعرفة والمقارنات التشريعية في اللجنة العليا للتشريعات

Email