«التسويق الهاتفي».. ترويج بالإكراه

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد التسويق عبر الهاتف من وسائل الترويج للسلع والمنتجات المنتشرة بكثرة، ولكنها في كثير من الأحيان تسبب إزعاجاً متكرراً يطال خصوصية أصحاب الهواتف المتحركة والمدرجة أرقامهم تقنياً على أجهزة حواسيب الشركات التسويقية، التي تتداول تلك القوائم الهاتفية في ما بينها من دون موافقة أصحابها على ذلك ومن دون الإفصاح عن المصدر الأساسي للحصول عليها، ومن هنا تنطلق عملية البحث عن مستهدفين لشراء العروض والبضائع الجديدة، وبالتالي يصبح البعض مرغماً على تلقي تلك المكالمات أو ربما خوض تجربة التفاعل مع المندوب والإنصات الكامل لهذه المكالمة بهدف التخلص من الإلحاح المستمر لقبول العرض المطروح والذي قد ينتهي بالشراء من دون رغبة في ذلك في سبيل إنهاء هذا الكابوس المتكرر على مدار أيام متتابعة في اختراق صريح لخصوصية العميل في أي وقت.

مصلحة العميل

وفى السياق، يؤكد محمد العامري أن بعض مكالمات التسويق الهاتفي مزعجة بعض الشيء وخاصة في حالة رفضه للعرض المطروح من قبل موظف الخدمة الهاتفية، ولكنه يتفاجأ، بتلقيه مكالمة جديدة في غضون يومين أو أكثر حول نفس المنتج، ويحاول أن يرفض بتهذيب الاستمرار في المكالمة ولكن هذا الرفض يقابله إلحاح مستميت من قبل المندوب على الخط، ويضعه في حرج وضيق كبيرين للخروج من قبول هذه الصفقة التي لا تصب في أي حال من الأحوال في مصلحته الشخصية، على الرغم من أنها تتضمن تسويق منتجات منزلية وأدوات صحية وعروضاً للفنادق والمنتجعات، ولكنها لا تحظى باهتمامه، فهو يفضل شراء المنتجات المتعارف عليها من المتاجر ومراكز التسوق الشهيرة، والتي تخضع لقوانين حماية المستهلك بشكل مباشر ويمكن اتخاذ إجراءات واضحة في حالة عدم رضاه عن عملية البيع والشراء.

اختراق للخصوصية

بدوره، يبدي عابد فهيم اعتراضه على مبدأ التسويق عبر المكالمات الهاتفية، والذي يقوم به مندوبو الشركات الإعلانية والدعائية وبعض الشركات الخاصة لبيع منتجاتهم، فالقيام بطلب العميل على الهاتف من دون موافقته الشخصية يعد اختراقاً للخصوصية والتي تنطلق من فكرة حصولهم في الأساس على رقمه الخاص، هذا بالإضافة إلى توقيت المكالمة الذي لا يحترم أيضاً صاحب الرقم الهاتفي ويفرض عليه تلقي مكالمة غير مرغوب فيها والتي أضحت تشكل أرقاً شبه يومي لمتلقيها، للإلحاح الذي يقوم به المندوب ليحقق ضرورة اطلاعهم على منتجه، وإعادته مراراً وتكراراً، سارداً إيجابيات وفوائده، مع طلبه زيارة متلقي الاتصال منزلياً لعرض المنتج مباشرة عليه، وما إلى ذلك.

احترام الآخر

من جانبها، تعتقد جويس وات أن آليات عمل شركات التسويق الهاتفي التي تستخدم قوائم الهاتف المتحركة لعديد من أفراد المجتمع تنافي أخلاقيات الأمانة واحترام الآخر، ويبقى السؤال المحير من أين يحصلون عليها، وكيف يتم جمعها والمخاوف المترتبة على احتفاظ الغرباء بتلك الأرقام الشخصية وإمكانية أن يكونوا ستاراً لارتكاب جرائم سرقة، أو غيرها، إثر اطلاعهم على جوانب المنازل التي يسمح لهم أصحابها بزيارتهم فيها لعرض المنتج التسويقي؟ وكيف يمكن أن يتصلوا على سيدات دونما احترام لوضعية صاحبة الرقم وخصوصيتها، ووضعها العائلي وهل من آلية واضحة ومحددة من الجهات المعنية لممارسة هؤلاء المندوبين لعملهم وهل يملكون تصاريح بممارسة مثل هذا النشاط الذي يقومون به الذي يبدأ بفرض أنفسهم، والتسبب في إزعاج الآخرين بطوفان من المكالمات شبه اليومية في أوقات متفرقة من اليوم، مع إصرار المندوب على عرض منتجه هذا أو ذاك؟

بيع الأرقام

من جهته، يرى محمد حجازي أن عملية الحصول على أرقام هواتف المتعاملين أو العملاء تبدأ من المشاركة في بعض الاستبيانات أو ترك الكروت الشخصية عند موظفي الاستقبال في حالة حضور بعض الفعاليات كالمطاعم والكليات والمستشفيات والجامعات وبعض الشركات والمؤسسات التي تنظم المسابقات وغيرها من البرامج التي تتطلب ترك عناوين وأرقام هواتف العملاء والتي للأسف لا يستخدمها البعض للأغراض المعلنة عنها فقط، بل يتم بيعها أو تسريبها كقوائم تشمل هواتف عملاء مستهدفين من قبل تلك الشركات، التي تدفع مبالغ مالية طائلة مقابل حصولها على تلك الأرقام الهاتفية، التي لن تسمح لها شركة تنظيم الاتصالات الإماراتية بحصولهم عليها بأي حال من الأحوال، تطبيقاً لمبدأ الخصوصية وهو عنصر أساسي ومتفق عليها ضمناً في التعاملات الإنسانية على اختلافها وتنوعها يعد شبه عقد ملزم على الجميع التقيد به في تعاطيهم مع بعضهم بعضاً، ألا وهو احترام الحريات الشخصية، والخصوصيات، وعدم انتهاكها بأية صورة من صور التعدي والتجاوز.

ضوابط قانونية

من جانبه، يؤكد أحمد إبراهيم أنه لا بد من توافر آليات قانونية للحد من تلك الظاهرة أو على أقل تقدير تقنين دورها وإلزامها بضوابط محددة، ومنها في حالة رفض المتلقي التعاطي مع المندوب، وبناء على طلبه يتم إلغاء رقمه الشخصي من قوائم الشركة وعدم الاتصال به مرة أخرى، وخاصة أنه كما علمت أن الجهات المعنية في الدولة لا تمنح تصاريح على الإطلاق لأي كان من الشركات أو الأشخاص بالترويج للمنتجات والعروض لتجنب الانسياق خلف هذه الإعلانات الترويجية التي كثير منها غير صحيح، وسلبياتها ومشكلاتها تفوق إيجابياتها، فضلاً عن افتقاد المشتري لمثل هذه المنتجات والسلع حقه في الضمانة التي يوفرها قانون حماية المستهلك من رد السلعة المعيبة، أو إصلاحها، لعدم وجود مرجعية للبائع.

بطاقات الائتمان

بدورها، توضح فايزة فلاح أن المشكلة ليست فقط مرتبطة بمندوبي التسويق في الشركات الخاصة فقط ولكنها تمتد أيضاً لتشمل مندوبي التسويق لبطاقات الائتمان والقروض في البنوك الذين يضغطون بطريقة أو بأخرى على الأفراد ويستخدمون العديد من الوسائل لإقناع العميل بقبول تلك البطاقات والقروض وتمريرها عبر تفخيم الفائدة العائدة على العميل، وعدم تعرضه إلى أي مخاطر مادية، والعكس هو الصحيح، وبالتالي فإن هؤلاء المندوبين هم أكثر خطراً من غيرهم لأنهم معتمدون ويعملون بشكل قانوني، مستغلين ثقة العميل وحاجته المادية في كثير من الأحيان.

87 %

يعتقد 87% من مستخدمي الإنترنت حسب دراسة أجراها موقع «Relemail» أن بريدهم الإلكتروني يستقبل رسائل غير مرغوب بها نتيجة اشتراكهم في مواقع إنترنت مختلفة، ويرون أن هواتفهم المتنقلة تستقبل رسائل غير مرغوب بها؛ نتيجة التسجيل في مواقع إنترنت مختلفة، وتعبئة نماذج اشتراك في محلات متنوعة.

ثقافة معلوماتية

سهلت التقنيات من عمليات نشر المعلومات بشكل كبير وغير مكلف.

من هنا تظهر أهمية الثقافة المعلوماتية فيما يتعلق بالخصوصية، وأهميتها في المنشآت، لأن أي منشأة بطبيعتها لديها كمية من البيانات تتفاوت من حيث الكم والكيف بحسب نوع المنشأة، فالمعلومات الخاصة بالعملاء لدى المؤسسات المالية تشمل المعلومات الشخصية.

منع الترويج

أكّد المصرف المركزي، أن البنوك مسؤولة عن تطبيق التعميم الصادر بمنع موظفيها من التسويق والترويج للقروض والمنتجات المصرفية المختلفة عن طريق الهاتف لغير متعاملي البنك، مشيراً إلى أن كثرة الاتصالات التي يتلقاها المتعاملون من قبل مندوبي التسويق من البنوك المختلفة، حتى لو لم يكن لديهم حساب لديها أو تعامل معها، يعدّ تشجيعاً على الاقتراض الذي ربما يكون من دون حاجة.

8

يشهد تسويق المنتجات عبر الهواتف النقالة تزايداً هائلاً، حيث يصل عدد مستخدمي الهواتف النقالة إلى حوالي 8 مليار مستخدم حول العالم، وأصبح الهاتف النقال نقطة تواصل رئيسية بين المستهلكين والشركات على نحو متزايد. لكن، عندما يتعلق الأمر بالتسويق من خلاله، فإنه لا تزال هناك حالة سائدة من عدم الاستقرار، نتيجة لعدم تقبل الأفراد لهذا النوع من التسويق.

رقم الهاتف المحمول خصوصية اجتماعية

أكد مواطنون ومقيمون أنه لا يحق لشركات التسويق التليفوني الحصول على قاعدة بيانات الأفراد والاتصال المتكرر بهم، ورأوا أنه يجب إصدار تشريع قانون يجرم استغلال البيانات الشخصية من دون مصدرها الشرعي، مثل الاستعانة بقاعدة بيانات البنوك والجامعات والشركات والجهات المختلفة، بهدف حماية الخصوصية الاجتماعية من هذا الاختراق (غير الحضاري، وغير الأخلاقي) بحكم أن رقم الهاتف المحمول يقع ضمن هذه الخصوصية الاجتماعية، وأن هناك (طرقاً قانونية) لإرسال هذه الرسائل التسويقية، والترويجية، والعبثية، فغير معقول أن تصحو على مكالمة هاتفية تبشرك بأنك قد فزت بسيارة، أو تذكرة سفر، أو جهاز كمبيوتر، وتبدأ تلقي اتصالات هاتفية على الرغم من رفضك للمكالمات السابقة.

صفحة تناقش اهتمامات القراء وتتفاعل معهم

Email