"البيان" تنفرد بنشر وثائق نادرة من مسيرة تطور مستمرة

شهادات تاريخية.. دبي موطن مبكر لازدهار التجارة والملاحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لمشاهدة "الصفحات " بصيغة الــ pdf اضغط هنا

لطالما كتب الباحثون والدارسون والمتعمقون في تاريخ إمارة دبي الكثير عن تاريخها التجاري الذي امتد إلى مراحل ما قبل اكتشاف النفط، وهو ما يستغربه غير العارف بتفاصيل حياة الإمارة الفتية ونشأتها، وحظها من حكام استشرفوا المستقبل قبل عقود من الزمن، وخططوا وعملوا له بحكمة وفطنة.

فالعمل النظامي كان موجوداً بقوة في عشرينيات القرن الماضي، والوثائق التي يتضمنها هذا الحوار مع المواطن سعيد محمد نور رئيس قسم التنسيق والمتابعة في ديوان سمو الحاكم، الذي يمتلك هذه الوثائق النادرة والتي ورثها عن جده عبد الكريم محمود، حيث كان يعمل أول رئيس للفرضة (الجمارك)- كما كان يطلق عليها سابقاً، في عهد المغفور له بإذن الله الشيخ سعيد بن مكتوم منفرداً في إدارته، خلال تلك الفترة ويعتبر من المؤسسين للعمل النظامي بها.

مخطوطات

ويتضح من خلال المخطوطات أيضاً، حرية التجارة، وازدهار بعض الأسماء التي لا تزال معروفة حتى يومنا هذا، عوضاً عن وجود الطباعة، مما يثير الدهشة حين يتمعن الشخص في هذه الأوراق الثمينة التي ترسخ تاريخاً مشرفاً ومشرقاً من زمن الإمارة الفتية، التي استشعر حكامها مدى أهمية التجارة، والملاحة، وحرية التجارة، وفرض النظام، قبل ما يقارب الــ 100 عام تقريباً.

كما تثير الوثائق الدهشة في نفوس من ينظر إليها نظرة العارف والواعي، حيث كان المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد يمارس العمل إلى جانب والده المغفور له بإذن الله سعيد آل مكتوم، وهو لا يزال في الثالثة والثلاثين من عمره، كما يتبين من توقيعه في إحدى الوثائق، أي تحمل المسؤولية باكراً، وبدأ يصدر قراراته، مستمداً حكمته من والده، لتستمر هذه الحكمة، وهذا العطاء بين أبنائهم إلى يومنا هذا.

مواصلة

ويقول سعيد: «تحضرني كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن شعار إكسبو، حيث قال:»إن شعار إكسبو الجديد هو رسالة لشعبنا بالعمق التاريخي لبلادنا، ورسالة للعالم بأننا كنا وسنبقى أهل تواصل ومحطة لالتقاء الحضارات وعاصمة للإبداع«، إذ كنا ولا زلنا حلقة تواصل مع حضارات قديمة، وسنبقى نقطة التقاء وتواصل حضاري عبر «إكسبو» وبعد إكسبو، لأننا أبناء حضارة، ونحمل اليوم قيم الحضارة للعالم، وسنبقى أهل انفتاح وتجارة وتواصل مع بقية الحضارات».

حضارة

فقد كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولا زال صاحب حضارة راقية، والوثائق التاريخية المعروضة سوف تغير الكثير من مفاهيمنا عن الماضي، وتلهمنا الكثير لمعرفة المستقبل، فدبي هي ثمرة السياسة والتجارة الحرة منذ بداية القرن العشرين مستنيرة بجذور الازدهار من عهد المغفور له بإذن الله الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم، جد المغفور له بإذن الله الشيخ راشد آل مكتوم، إذ هو إلهام إلهي متوارث حقق لهذا البلد النجاح من خلال شيوخها، وما منّ الله به عليهم من حكمة توارثوها جيلاً بعد جيل.

دعم التجار

وتبين هذه الوثائق التعهد والتزام حكومة دبي في دعم التجار والتجارة في الإمارة، ومدى الصلاحيات الممنوحة للفرضة متمثلة برئيسها عبد الكريم محمود، فمثلا وثيقة لمطر بن مصبح، وكان من كبار تجار اللؤلؤ وممولي سفن الغوص في الإمارة خلال تلك الفترة، وهو جد جمال الحاي نائب الرئيس عن مطارات دبي حالياً، معه أحمد سلطان بن سليم وكان ايضا من الشخصيات المثقفة والبارزة في ذلك الوقت، وكان مستشاراً للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد، حيث كان مستشاراً للحاكم في عهد المغفور له الشيخ سعيد، والمشاركين في الاجتماعات التأسيسية لقيام الاتحاد وتم تعيينه وزيراً في أول حكومة اتحادية، وهو أيضا والد سلطان بن سليم رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية، رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة حاليا، حيث تنص الوثيقة على تعهد رجل الأعمال المعروف مطر بن مصبح بشهادة أحمد بن سلطان بإعادة أموال اقترضها من الفرضة آنذاك.

«حمالباشي»

ويؤكد سعيد نور أن جده عبد الكريم بن محمود بن الحاج قاسم كان رئيس الفرضة في الفترة من سنة 1339 للهجرة لغاية 1357، أي من سنة 1920 إلى 1938، كان لقبه حمالباشي، والباشي كلمة تركية تعني مسؤول أو رئيس لقب بهذا الاسم كونه كان رئيساً للحمالين في فترة كانت أعمال الفرضة مقتصرة على تفريغ وتحميل البضائع في بداية توليه للفرضة.

ويعتبر أول رئيس للفرضة في عهد المغفور له بإذن الله الشيخ سعيد بن مكتوم منفرداً في إدارته خلال تلك الفترة ويعتبر من المؤسسين للعمل النظامي بها، تمكن من تطوير عمله وتحويله إلى عمل نظامي موثق بدفاتر وسجلات وتحصيل رسوم ومخاطبات رسمية داخل وخارج البلدة وغيره من الأمور التنظيمية والإدارية (وفق الوثائق والمستندات المعروضة)، حمل السلاح لحماية البلدة ومخازن الفرضة من اللصوص وقطاع الطرق في فترة كانت الحياة فيها صعبة وشحيحة الموارد، وكان مخولاً لمعاقبة المذنبين وسجنهم في القلعة.

وعرف عنه أنه كان معالجاً ومداوياً للجروح والأورام وبعض الأمراض الأخرى، وكان يعالج بالأدوية والأعشاب التي يجلبها من الهند وإيران ولم يكن يتلقى مقابلاً لعلاجه وكان يبتغي منه وجه الله وكان يزور غير القادرين على الحضور في بيوتهم وحتى خارج الإمارة، كما كان مجلسه عامراً بطلاب العلم الذين كانوا يتعلمون القرآن، تربى في منزله العديد من أبناء عمومته وأنسابه وكان بيته مفتوحاً للجميع وكان يعرف بـ(البيت العود).

ملاحة

تشير الوثائق إلى وجود الشركة البريطانية الهندية للملاحة في دبي في الثلاثينيات التي تعد اكبر شركة ملاحة عالمية، وهذه الشركة كانت تضم تحت مظلتها شركات اخرى مثل ماكنزي و(P&O)، وفي عام 2006 تمكنت موانئ دبي العالمية من الاستحواذ على الأخيرة، مما يشير إلى إمكانات دبي العظيمة في إدارة الاقتصاد والتجارة والملاحة وإدارة الموانئ العالمية منذ ذلك الوقت.

طوابع

يوضح سعيد نور أن الوثائق التي يمتلكها وتصل لأكثر من 500 وثيقة نادرة، يحمل بعضها طوابع نادرة من بينها طابعان للملك جورج الخامس ملك بريطانيا من 1910 إلى 1936، مما يدل على أن التبادل التجاري بدأ في الإمارة منذ وقت مبكر جداً.

Email