منافسات لحشد المتابعين على حساب الحياة الشخصية والعادات والتقاليد

«التواصل الاجتماعي».. نافذة شهرة تنشر الخصوصيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

للشهرة بريق يخطف أنظار الراغبين فيها، وجــــاذبية قد تفقد البعض عقولهم سعياً وراءها.. مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت للكثيرين تحقيق الشهرة، فعمد رواد إلى نشر تفاصيل حياتهم الشخصية بطريقة سخيفة ومبتذلة لا ترقى مطلقاً إلى المفهوم الصحيح للكوميديا وبثها عبر»تويتر«و»فيسبوك« «وسناب شات» وغيرها من المواقع لجذب أكبر عدد مــــن المتابعين.

ضاربين عرض الحائط بالعادات والتقاليد والهوية ورغم ذلك تحرص بعض وسائل الإعلام باختلافها على استضافتهم لمعرفة جديدهم ورغبة في جماهيريتهم، وهو ما يواجهه المستخدمون المعتدلون ويحاربونه لما يتضمنه من سلبيات وحتى لا نصنع من الحمقى مشاهير ينــالون من الـــعادات والتقاليد والهوية.

هاجس

وبداية تساءل عبدالله الشيباني، أعمال حرة:»لماذا أصبح هاجس الغالبية هو البحث عن الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ؟ وأجاب أن الأمر ليته توقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى قيام الحمقى المشهورين الذين يعرضون يومياتهم وخصوصياتهم عبر مواقع التواصل بإغراء شركات الإعلان للاستعانة بهم للترويج التجاري مقابل مبالغ مالية كبيرة، لم يكونوا يحلمون بالحصول عليها«.

وأشار بأن الأولى بالشهرة والمتابعة هو المبدع والمخترع والمبتكر، والمثابر والمخلص لتقديم كل ما من شأنه خدمة الوطن.

وأشار الإعلامي طلال الهنداسي إلى أنه يتحتم على هؤلاء المشاهير التيقن تماماً بدورهم الإيجابي في المجتمع، فلا يكون همهم فقط نشر يومياتهم وأخبارهم وصورهم والمواقف الكوميدية التي يؤدونها، وإنما السعي الجاد في بث رسائل وحتى مبادرات مجتمعية هادفة.

وأضاف إن شبكات التواصل الاجتماعي ساعدت بعـــض الأشخاص في الحصول على الشــــهرة حتى ولو لم يكونوا يستحقونها، وأصبحوا شخصيات مبدعة في مجالات مختلفة، الأمر الذي يجب فيه على المجتمع أن يشجعهم ويشد على أيديهم ويقدم لهم كافة سبل الدعم.

زيادة المشاهدات

فيما قال أحمد الشيراوي، إعلامي، وموظف في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة:»حينما تغيب القدوات المجتمعية الراقية تظهر شخصيات همها التأثير على الناس بما تبثه من مقاطع في ظنهم أنها مـــضحكة، ولا هدف لهم سوى زيادة أعداد متابعيهم بالآلاف.

إضافة إلى انجذاب الــناس بما فيهم المراهقون والشباب من الجنسين إليهم، فيقلدونهم ويحاكون أفكارهم وتوجـــهاتهم، وأحيانا في لباسهم وطريقة كلامهم !«، منوهاً بأن ساحة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي تشهد منافـــسات حامـــية تتمثل في حشد المتابعين، وزيادة عدد المشاهدات.

مبادرات استثنائية

وشدد الإعلامي نايف النعيمي، على ضرورة ألا يؤثر هؤلاء المشاهير على متابعيــــهم بطريقة تؤثر سلبا على الهوية الوطنية والشخصية، أو حتى تطمس لديهم العادات والتقاليد السامية والقيم النبيلة.

وأكد أنه لا يمكن أن يكون أعداد المتابعين على عبر شبكات التواصل الاجتماعي أداة فعالة لقياس الانتشار والنجومية أو تحديد مدى التأثير في رأي وعقل المتابعين، معتبرا أن التحدي الحقيقي بالنسبة إلى هؤلاء المشاهير يتمثل في طرح موضوعات هادفة وقضايا إيجابية ومبادرات استثنائية تخدم المجتمع.

حمقى ومهرجون

ولم تتردد الإعلامية ندى الرئيسي، في كتابة تغريدتها حول طرح »البيان« لهذا الموضوع، فدونت عبر حسابها في تويتر: صنعنا من الحمقى والمهرجين مشاهير، ومن ثم أطلقنا عليهم مصطلح »رواد« التواصل الاجتماعي.. إن الرائد هو من يتقدم قومه وينير الطريق، فأين هي الريادة في ما يقدمونه؟ إلا من رحم ربي.. قريبا ستسقط الأقنعة، فالمتابعون أذكى من أن يخدعوا مطولاً.

وأكدت أننا نحن من يصنع شهرة الَبعض والسبب منحهم اهتمامنا، كما نعطي قيمة لمن لا قيمة له.

وأوضح حسن النقبي، إعلامي، أن الكارثة تكمن في أن الجيل الجديد يرى في هؤلاء المشاهير قدوة فيما يقدمونه ويقومون به من رسائل أقل ما يقال عنها إنها غير لائقة، ولا ترقى إلى الذوق العام.

وأضاف إن ما يقوم به هؤلاء لا يتعدى كونه تصرفاً طائشاً، وتقليداً لشيء لا يستحق، لذا يتحتم علينا أن نوقف الاطلاع على حساباتهم، والتوقف الفعلي أيضاً عن إعادة تغريداتهم على تويتر، وعلينا أن نعلم يقينا بأن ذلك سيجعلنا نتوقف في الترويج لمثل هؤلاء على حساب أمور أخرى أكثر أهمية وأرقى شأنا.

البديل الإيجابي

ولفتت عائشة الطنيجي، محامية ومستشارة قانونية، إلى أن هناك فعلاً حمقى استغلوا ما لديهم من قدرات في سبيل دخول بوابة الشهرة، ومنهم من أثر وللأسف الشديد سلباً على الناشئة والشباب، لذا من الضروري مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي، والتركيز على مضامينها، ومعاقبة المتجاوزين في إطار القانون.

وأضافت: »لماذا ينجرف شبابنا خلف هؤلاء ؟ في حين تحفل شبكات التواصل الاجتماعي بنخبة من المشاهير الذين لهم وزنهم مجتمعياً وذلك على الساحة الثقافية، والإعلامية، والاجتماعية، وحتى الفنية الهادفة، إضافة إلى كونهم ذات تأثير إيجابي في نفوس متابعيهم، الذين يتفاعلون كثيراً مع كل ما يقدمونه من محتوى عبر حساباتهم المختلفة«.

وقالت د. شيخة العري، أستاذ جامعي، وعضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي، إن شبكات التواصل الاجتماعي باختلافها تعتبر مجالاً خصباً لعمليات التأثير، كما إن عدد المتابعين ليس بالضرورة دليلاً على جودة المحتوى، وبما أن فئة من المشاهير يدركون تماماً أنه يقع على عاتقهم مسؤولية تجاه ما يقومون بنشره..

لاسيما وأن المتابعين يعتبرونهم قدوة، يجب على هؤلاء المشاهير أن ينشروا الخير عبر مواقع وقنوات التواصل الاجتماعي، سواء بكلمة طيبة أو مقاطع فيديو إيجابية أو حتى صورة مؤثرة، وما أجمل أن يتنافسوا في ذلك.

حملة

قام ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أميركا بإطلاق حملة فعالة حوت شعار »توقفوا، أو لا تجعلوا من الحمقى مشاهير«، وذلك بهدف الدعوة الحازمة إلى عدم الانجراف الأعمى خلف هؤلاء الذي يستغفلون الناس بما لديهم من مواهب مبتذلة، أو وصولهم لمستوى جريء في طرح مواضيع حساسة، ومن ثم التهويل في النقاش لزيادة عدد متابعيهم، ويصلون من خلالها إلى شهرة تجعل من الشركات التجارية تلهث وراءهم لنشر إعلاناتها من باب كثرة المتابعين مقابل أموال طائلة تدفع لهم !

Email