برعاية محمد بن زايد.. انطلاق أعمال مؤتمر «القادة لحروب المستقبل» في أبوظبي

الاستثمار بالمؤسسات الوطنية لمواجهة حروب الجيل الرابع

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بدأت أمس أعمال مؤتمر «القادة لحروب المستقبل»، الذي تنظمه وزارة الدفاع بالتعاون مع «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية»، والذي يستمر لمدة يومين بمقر المركز بأبوظبي.

وشهد انطلاق المؤتمر معالي الدكتور أنور محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومعالي محمد أحمد البواردي، وزير الدولة لشؤون الدفاع في الدولة، وحضور نخبة من الخبراء والمتخصِّصين بالقضايا الأمنية والاستراتيجية والعسكرية، ولفيف من الكتَّاب والصحافيين ورجال الإعلام.

المشهد الجيوستراتيجي

تناول معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية المشهد الجيوستراتيجي في المنطقة، قائلاً: إن ما يميز المشهد الراهن أننا أمام وضع دولي غير مستقر بدأ منذ انهيار القطبية الثنائية، وأن هناك زيادة في عدد اللاعبين في العلاقات الدولية، حيث لم تعد الفواعل تقتصر على الدول، بل ظهرت منظمات مسلحة وإرهابية، كما أن هناك انحساراً في النفوذ الأميركي على المستوى العالمي مقابل محاولة من روسيا لاستعادة دورها الدولي، وأوروبا منقسمة على نفسها؛ خاصة بعد انسحاب بريطانيا من «الاتحاد الأوروبي»؛ وكل هذه المعطيات لها انعكاسات علينا، وتسبب نوعاً من الخلل الإقليمي.

تحديات

وتطرق معاليه إلى أهم التحديات التي تواجه المنطقة وهي: أولاً، ضعف الدولة القومية، وما تبعه من ضعف المجتمعات العربية؛ وثانياً، سياسة إيران. وقد طالبها بالكفِّ عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة؛ وثالثاً، التطرف والإرهاب اللذان يتطلب القضاء عليهما جهوداً عربية ودولية مشتركة، مشيراً إلى أن تجاهل الأزمات لم يعد مجدياً، ولابدَّ من بناء كتلة عربية وسطية لمواجهة التحديات.

وأشار معاليه إلى كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، الأخيرة أمام الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، التي تحدث فيها عن أن الوقائع تفيد بضرورة التركيز على حلِّ الصراعات، وليس مجرد إدارتها.

حروب الجيل الرابع

وتقدم معالي محمد أحمد البواردي، وزير الدولة لشؤون الدفاع، بخالص الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لتفضُّله برعاية المؤتمر، وإلى مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على تعاونه مع وزارة الدفاع في الإعداد لهذا المؤتمر.

وقال معاليه في كلمته الافتتاحية لأعمال المؤتمر: إن «حروب الجيل الرابع» هي إحدى النظريات الكثيرة التي تطورت خلال العقود الماضية لوصف الطبيعة الجديدة للحروب وبيانها؛ فهناك الحروب الهجينة، والحروب غير النظامية، وصراعات المنطقة الرمادية، مشيراً إلى أنه على الرَّغم من أن كل نوع من هذه الحروب له سماته المميِّزة وأبعاده المتباينة التي يجب علينا أن ندركها جيداً، فإن هناك بعض الخصائص المشتركة بينها.

أعداء مبهمون

وأضاف أن الحرب التي قد نواجهها في المستقبل لن تشمل القوى التقليدية المعروفة للدول فحسب، ولكنها ستضم أعداءً جدداً مبهمين، وسيكون الصراع غامضاً وطويلاً، مشتملاً على أعمال عنف وتهديدات تختلف عن الحروب المعروفة، وسوف ينتهز أعداؤنا هذا الغموض، مستخدمين التزاماتنا القانونية والمبادئ التي نتبناها سلاحاً ضدنا، ومستغلين الحيِّز بين مؤسساتنا الوطنية.

بناء المؤسسات الوطنية

وأكد معاليه ضرورة الاستثمار في بناء مؤسساتنا الوطنية بحيث تتسم بالجاهزية والمرونة، وتستجيب لمثل هذه الحروب بصورة عاجلة وفاعلة؛ ما يحتّم علينا، أولاً، الارتقاء بمفهوم الحرب الشاملة لبناء حائط الردع الذاتي على المستويات كافة؛ وثانياً، تعزيز القدرات الوطنية الاستباقية على التنبؤ بوقوع هذه الحروب؛ وثالثاً، إطلاق الطاقات الإبداعية الخلاقة بتوفير التدريب والتأهيل اللازمَين للكفاءات المواطنة؛ ورابعاً، ربط معطيات السياسة والثقافة والإعلام والاقتصاد من ناحية، والمعطيات الأمنية والعسكرية من ناحية أخرى، بما يتيح أفضل توظيف لموارد القوة الشاملة للدولة، وتحقيق رؤية القيادة الرشيدة وتوجيهاتها.

الصراعات المعاصرة

وألقى الجنرال المتقاعد جون ألين، المبعوث الخاص السابق للرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش»، الكلمة الرئيسية للمؤتمر تحت عنوان «خصائص الصراعات المعاصرة والمستقبلية خلال العقد المقبل».

وتناول ألين التغيُّرات التي طرأت على الحروب، موضحاً أن الحروب التي يشهدها العالم خلال العصر الراهن أصابتها تغيراتٌ عميقةٌ على مستوى خصائصها؛ ما ينذر بتحولات أعمق وأشمل قد تلحق الحروب المستقبلية على مدى العقود المقبلة؛ وهذا يفرض فهم البيئة السائدة، مع الإقرار بوجود منطقة عدم اليقين للتكيُّف مع طبيعة العدو الجديد وأدواته، ومن ثم وضع التقديرات المناسبة للدفاع عن أنفسنا في الوقت الحالي وفي المستقبل، من خلال ما نمتلك من موهبة وتنظيم معاً. وتحدث الجنرال ألين عن النظريات السائدة حول الحروب والصراعات.

تجرية «داعش»

وأضاف أننا نقصد بالمنطقة الرمادية تلك المنطقة التي تُوظَّف فيها التكنولوجيا، وتعتمد نظاماً قائماً لتحقيق أنشطتها، وهي ذات طبيعة متكاملة ومتماسكة، وتتميز أعمالها بالتدرُّج واستخدام الخداع والتضليل، كما تستغلُّ ضعف الحكومات وتفككها.

وبحكم تجربتي، التي راكمتها طوال عقدين من الزمن، في التعامل مع عدد من أنشطتها يمكنني القول إن تجربة تنظيم «داعش» كانت الأكثر إثارة للقلق بالنسبة إليَّ لاتسامها بالقدرة على تكييف التكنولوجيا الناشئة، وامتلاك المهارة اللازمة في استخدامها، ما ساعده على توسيع نطاق التجنيد أكثر من تنظيم «القاعدة»؛ وذلك اعتماداً على عمله في المجالات الثلاثة: المادي والمالي والمعلوماتي مع احتمال تفرغها لشغل المجال السيبراني؛ حتى صار «داعش» اليوم يمثل تهديداً نوعياً غير مسبوق.

الصراعات الخارجية

وتطرق العميد جون بالارد، عميد كلية الدفاع الوطني بالإمارات عن «التوجُّهات في الصراعات الخارجية»، مشيراً إلى أن طبيعة الحروب معقدة، ولا يمكن تفسيرها بسهولة؛ ولذلك فإن فهم طبيعة الحرب أمر ضروري ومهم، فهو إحدى أدوات التنبؤ بخصائص الصراعات الحالية والمستقبلية؛ نظراً إلى تغير جميع المؤثرات الداخلية والخارجية، وعدم وضوح الحد الفاصل بين الحرب والسلام.

وأضاف أن وضوح المهمة والهدف من الحملة الخارجية هو السبيل إلى تحقيق النصر والنجاح، مشيراً إلى إن التدخلات الدولية في الصراعات المعاصرة فرضت تحديات كبيرة أمام الدول المشاركة، بما في ذلك الحاجة إلى سرعة التكتل والعمل بفاعلية من خلال تحالفات متخصِّصة.

الحلقة النقاشية الأولى

وبعد ذلك بدأت فعاليات الحلقة النقاشية الأولى بالمؤتمر تحت عنوان «الآثار المترتبة على التوجهات في الصراعات الخارجية»، ورأسها الدكتور فيصل العيان، نائب الرئيس التنفيذي في أكاديمية ربدان، وشارك فيها الجنرال جون ألين والعميد جون بالارد وجيمس مورس رئيس أكاديمية ربدان.

حركات المعارضة

وقال الدكتور توماس إكس هامز، العضو الباحث المتميز في معهد الدراسات الاستراتيجية القومية، التابع لجامعة الدفاع الوطني بالولايات المتحدة الأميركية، في الموضوع الثاني الذي تناوله المؤتمر حول «التوجهات في الصراعات الداخلية»، إن الاتجاهات العالمية، بما في ذلك الديناميكيات الاقتصادية المتغيرة، والضغوط المناهضة للعولمة، تلقي بتأثيراتها على الرخاء والسعادة الداخليَّين للدول، وتحضُّ على التطرف، وتشجع أيديولوجيات العنف داخل الدول.

الحلقة النقاشية الثانية

ثم بدأت الحلقة النقاشية الثانية بعنوان "الآثار المرتبة على التوجهات في الصراعات الداخلية" ورأسها مقصود كروز، المدير التنفيذي لمركز هداية، وشارك فيها الدكتور توماس إكس هامز، والبروفيسور جون جيرسون، أستاذ الدراسات الأمنية الوطنية في كلية كينجز بالمملكة المتحدة، والدكتور محمد الكويتي، المدير التنفيذي في الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني بالدولة.

وقد تناولت تأثيرات الحروب على دولة الإمارات، بما في ذلك تأثير التهديدات الإلكترونية، وحماية المنشآت الحيوية، والتحديات التي تواجه أجهزة الدولة. وتم تناول مفهوم الأمن الوطني، والإجابة عن تساؤلات حول الاستراتيجيات التي يجب تبنيها للتعامل مع التهديدات المستقبلية، خاصة التطرف والإرهاب.

التهديدات الإلكترونية

وتحدث الدكتور محمد الكويتي، المدير التنفيذي في الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني بالإمارات عن تأثيرات الحروب على دولة الإمارات، بما في ذلك تأثير التهديدات الإلكترونية، وحماية المنشآت الحيوية، والتحديات التي تواجه أجهزة الدولة. وتم تناول مفهوم الأمن الوطني، والإجابة عن تساؤلات حول الاستراتيجيات التي يجب تبنِّيها للتعامل مع التهديدات المستقبلية، خاصة التطرف والإرهاب.

الحرب السيبرانية

وتناول الدكتور محمد الكويتي توجهات الحرب السيبرانية، وقال إن الدولة تتحرك نحو حكومة ذكية بناءً على النظرة الاستراتيجية للقيادة، وهذا يحتم علينا زيادة الاعتماد على تقنية المعلومات، وأكد أنه لابد من زيادة الوعي بالتهديدات السيبرانية، وتطوير الجوانب الفنية للحماية والاستجابة.

الإمارات تؤدي دوراً محورياً في محاربة الإرهاب

قال اللواء فلاح القحطاني، المتحدث الرسمي لمؤتمر«القادة لحروب المستقبل» إن دولة الإمارات العربية المتحدة تلعب دوراً محورياً في محاربة ومواجهة الإرهاب وهى سباقة في مجال التعاون الدولي لمواجهته، انطلاقاً من إدراكها العميق أن مخاطره لا تقتصر على بلد أو شعب معين بل يشمل جميع الدول والشعوب دون استثناء.

وأشار إلى أن دولــــة الإمارات كانت من أوائل الدول التي وضــــعت قانوناً متكاملاً لمـــكافحة الإرهاب، وأسست مركز «هداية» لمكافحة التـــطرف، وأنشأت الدولة بالتــــعاون مــــع الولايات المتحدة الأميركية مركز «صواب» الذي يعمل على منع الجهات الإرهابية من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في تجنيد وتغرير الشباب وغيـــرهم من الفــــئات العمرية المختلفة.

وأوضح أن المنطقة والعالم تواجه اليوم تحديات متنوعة، ومنها تهديدات المنظمات الإرهابية التي تسخر في عملها وسائل التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يوفر لها إمكانية الانتشار على نطاق جغرافي واسع، ولذا فإننا لا نواجه عدواً تقليدياً بل عدو يتسلح بالتقنيات الحديثة، لذلك لابد من وضع الحلول والسيناريوهات المستقبلية حول ما يمكن أن تقدم عليه هذه المنظمات والمخاطر التي تشكلها ليس على دولة معينة بل على العالم أجمع.

وتابع قائلاً: إن دولة الإمارات تحاول قراءة الواقع واستشراف المستقبل في المنطقة والعالم، ومن هنا جاءت استضافتها هذا المؤتمر الذي يناقش حروب المستقبل، وأبرز التحديات التي يواجهها العالم، موضحاً أن المؤتمر فرصة لتبادل وجهات النظر بين عدد كبير من أبرز المسؤولين والخبراء في مجال مواجهة التهديدات المستقبلية للمنظمات الإرهابية.

الدولة قادرة على حماية مصالحها

قال اللواء رشاد محمد السعدي، قائد كلية الدفاع الوطني، إن مجال الحروب الحديثة يحتل أولوية بالنسبة للقوات المسلحة الإماراتية لأن دولة الإمارات تسعى إلى أن تكون في طليعة الدول القادرة على حماية مصالحها ضد مختلف أنواع التهديدات، والمشاركة بفعالية في خدمة الإنسانية جمعاء. وأكد أهمية المؤتمر للدولة ودول المنطقة والعالم، لتناوله موضوع الحروب المعاصرة والــتي شهدت تطورات متسارعة. أبوظبي – البيان

ضاحي خلفان: «الإخوان» أساس الفوضى في المنطقة

أكد الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، أن الإرهاب ظهر حين فشلت الدول في إدارة مقوماتها وأهدافها وتوقفت إنجازاتها، وسادت الفوضى فيها، مشيراً إلى أن المنطقة تعرضت لهجمتين، أساسهما (الإخوان) الذين عملوا على هدم الوطنية وقضوا على القومية العربية؛ فشكلوا فراغاً من الفوضى خلقه بعض الجهلة، فأصبحت دولاً فاشلة تنفذ عمليات تخريبية، موضحاً أن الهجمة الأخرى التي تعرضت لها المنطقة نتجت عن عدم إدراك الشباب للتوجه الصحيح في ظل الفوضى.

وأكد أهمية عدم المساس بالأمن الوطني، ومن لديه رؤى فيمكنه أن يطرحها على العلن ويناقشها دون الخوض في نزاعات لا يعرف أولها من آخرها، مشدداً أنه يمكن القضاء على الإرهاب عبر التماسك والقضاء على الفوضى، فالدولة القوية المتماسكة الآمنة برجال أمنها الذين يسهمون في تثبيت أركانها قادرة على مواجهة الإرهاب.

وحول رؤيته لوضع (الإخوان المسلمين) حالياً، أشار إلى وجود عدة أجيال، فالجيل القديم يحتاج إلى فترة ليزول، بينما الجيل المعاصر فينبغي أن يتعظ مما حدث، مشيراً إلى أن الاستغلال والمتاجرة بالدين يجب أن لا يكون وسيلة تستخدم من قبل أي إنسان يمارس السياسة، فالسياسة والدين لا يلتقيان ومن يريد أن يتقي الله عليه، الفصل بينهما، وأن لا يتصارع بالسلاح على السلطة.أبوظبي – البيان

مشاركة فعّالة لـ«درع الوطن»

شهد المؤتمر مشاركة فعّالة من مجلة درع الوطن بجناح تضمن جميع الإصدارات التي أصدرتها المجلة في السنوات الأخيرة وأعداد من المجلة وما تضمنته من موضوعات وملفات تعنى بشؤون الوطن ومختلف القضايا والمناسبات التي مر بها والتي لاقت تجاوباً وإقبالاً كبيراً من مختلف المشاركين في أعمال المؤتمر.

«هداية» والوقاية من الإرهاب

تحدث مقصود كروز المدير التنفيذي لمركز «هداية» عن دور المركز في الوقاية من الإرهاب، حيث أقام علاقات مع مؤسسات الدولة، وله شراكات استراتيجية خارجها، لخدمة المصلحة الوطنية. وتطرق إلى تقدير المركز لكل من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي وبروس جانسون وزير خارجية المملكة المتحدة، والدكتور علي راشد النعيمي، رئيس مجلس إدارة المركز بمناسبة الإعلان عن افتتاح أول مركز لهداية في واشنطن.

Email