سارة أميري في حوار مع مجلة «ساينتيفيك أميركان»:

برنامج الفضاء الإماراتي ملهم لشباب الشرق الأوسط

■ سارة أميري

ت + ت - الحجم الطبيعي

قالت سارة أميري رئيسة مجلس علماء الإمارات، نائب مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ وقائد الفريق العلمي لهذا المشروع، أن برنامج الفضاء الإماراتي يلهم الشباب في منطقة الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تستثمر العقول الصغيرة كي تواكب التغيرات المتلاحقة التي تطرأ على اقتصادها.

جاء ذلك في مقابلة أجرتها معها مجلة ساينتيفيك أميركان أول من أمس، وذكرت المجلة أن أميري قد شاركت في مؤتمر «الاجتماع السنوي للأبطال الجدد» الذي نظمه المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة تيان جين الصينية، خلال الفترة من 26 إلى 28 يونيو الجاري، حيث كانت أميري أصغر العالمات التي تحدثت في هذا المؤتمر سناً.

أهداف

ورداً على سؤال من المجلة عن الهدف من مشروع مسبار «الأمل» غير المأهول، الذي تنوي الإمارات إطلاقه إلى كوكب المريخ، قالت أميري أن المسبار سينطلق في صيف 2020 على أن يصل المريخ في 2021 ليتزامن مع الاحتفال بالعيد الوطني الخمسين لدولة الإمارات، موضحة أن المسبار يهدف أولاً إلى تجميع معلومات عن التغييرات في الغلاف الجوي خلال عام كامل على كوكب المريخ، والذي يعادل عامين على كوكب الأرض.

وأشارت أميري إلى رغبة الجهة المسؤولة عن مشروع المسبار في اكتشاف المزيد عن كوكب المريخ، مناخه وطقسه، وكيف يتغير، وهذه المعلومات بدورها ستزود العلماء ببيانات هامة عن التغييرات التي طرأت على ذلك الكوكب، مبينة أن شركاء الإمارات في هذه المهمة التي تنوي إرسالها إلى المريخ هم جامعات كولورادو، وكاليفورنيا في بركلي وأريزونا.

وأما الهدف الثاني، فقد وصفته أميري بأنه أوسع نطاقاً، كونه يرتبط بتحويل الاقتصاد الإماراتي من اقتصاد معتمد على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة.

ونوهت أميري بأن الإمارات زودت برنامجها الفضائي بشباب حديث التخرج تتراوح متوسطات أعماره حول 27 عاماً، بينما تبلغ هي نفسها من العمر 29 عاماً، وذكرت أنها تعتبر نفسها مسنة بين باقي أعضاء فريق العمل، مشيرةً إلى أن هذا يعد أمراً طبيعياً، ذلك أن عملهم يتطلب تحولاً هائلاً في العقليات وطرق التفكير، والشباب هم أقدر الفئات على استيعاب هذا التحول والتكيف معه.

وذكرت أميري أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً يمثلون أكثر من 30 بالمئة من سكان الشرق الأوسط لذا، فيتعين تكليفهم بالمشروعات الكبرى.

قدرات

ولفتت أميري الانتباه إلى أن البرنامج الفضائي الإماراتي نال بصفة عامة مردوداً بالغ الإيجابية من الشباب في الشرق الأوسط، فهم يشعرون أنه أخيراً قد جاء من يعترف بقدراتهم ويستغلها وعليه، فإن الهدف الرئيسي للبرنامج وفقاً لما ذكرته أميري هو بث رسالة إلى شبابنا، مفاده أن ثمة طريق أمامهم يعتمد على العلم والتقنية، لا الراديكالية والأصولية.

وفي سؤال عن الجوانب غير التقليدية في المشروع الفضائي الإماراتي، قالت أميري أن تطوير التقنية أمر لا يجري في الإمارات عادةً، ذلك أن الإماراتيين مستهلكون نهائيون جيدون للتقنية، إلا أنهم انتقلوا الآن إلى مرحلة تصميم وتطوير التقنية، مؤكدة أن البرنامج الفضائي الإماراتي يتيح فرصاً جديدة للمهندسين والعلماء في الدولة، فضلاً عن كونه يغير طريقة عمل المهندسين.

وأشارت إلى أن هذا البرنامج قد بدأ كمشروع حكومي لاختبار طريقة جديدة للعمل ولتطوير قطاع العلم والتقنية، واصفة البرنامج بأنه ناجح، وأن الدولة الآن بصدد تطبيق نفس منهج البرنامج في قطاعات أخرى كجزء من تحولها إلى اقتصاد ما بعد النفط.

ورداً عن سؤال حول وجود علاقة بين البرنامج وبين حقيقة أن العالم العربي تاريخيا هو مهد علم الفضاء، قالت أميري أن المسؤولين عن البرنامج يدركون هذا الأمر، ويودون الإشارة إليه من خلال البرنامج، كون المنطقة العربية قد أنشأت الأسس لكل مجال من مجالات العلوم، وكان العرب هم أول من استخدموا الرياضيات والفيزياء لشرح ما يحدث في السماء بعيداً عن الأساطير.

وشددت أميري على أن العرب يدركون قدراتهم في مجال العلم، لأنهم كانوا رواده يوماً ما. وعليه، فإن المهمة الإماراتية إلى المريخ تسعى إلى تحفيز هذه القدرات.

مهمة في المريخ

وأكدت أميري أن الجديد في مهمة المريخ هو محاولة فهم جو هذا الكوكب، والذي يفقد الأكسجين والهيدروجين في الفضاء، وهما العنصران المكونان للماء، وعند نقطة معينة، امتلك الكوكب الأحمر غلافاً جوياً قادراً على تحمل المياه المتدفقة، وهو ما قد يشير إلى وجود حياة عليه. ثم تغير مناخ المريخ ووصل إلى نقطة لم تعد تسمح له بتحمل أي مياه نقية متدفقة على سطحه.

 وقالت أميري إن فهم هذا التاريخ من التغير المناخي الذي طرأ على الكوكب الأحمر سيساعد العلماء على فهم كيفية تطور كوكب الأرض أيضاً، وكيف سيتطور في المستقبل. ولم تستبعد أميري أن يعيش البشر على المريخ يوماً، مؤكدةً أن المهمة الإماراتية تعمل من أجل اكتشاف هذا الأمر.

وجهت المجلة سؤالاً إلى سارة أميري عن كيفية نجاح دولة الإمارات في استقطاب المرأة إلى مجالات العلم، التقنية، الهندسة والرياضيات، فقالت إن المساواة بين النوعين في فرص التعليم كانت قائمة في دولة الإمارات منذ نشأتها. وعليه، لم ترث الدولة الفجوة التي تعاني منها دول أخرى بين النوعين، مؤكدة أن الفتيات في دولة الإمارات كن يحظين بتشجيع على دخول المدارس. وكذلك حينما فتحت الجامعات أبوابها في الدولة، كانت متاحة للفتيان والفتيات على السواء. ونوهت أميري إلى وجود تشريع يشجع المرأة الإماراتية على تولي المناصب القيادية.

Email