عطاء دبلوماسي

سفارتنا بالسعودية.. أجواء رمضانية ممتدة تكرس عمق التآخي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تحاور «البيان» سفراء وقناصل الإمارات في الدول المختلفة، ملقية الضوء على الأنشطة والفعاليات التي تنظمها بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج لإطلاع القارئ على الدور المحوري الذي تؤديه في هذه الدول.

وساهمت وزارة الخارجية والتعاون الدولي وبعثاتها الدبلوماسية بقيادة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي في بناء علاقات متينة قائمة على التعاون البناء والاحترام المتبادل مع مختلف دول العالم، وبلغ عدد البعثات التمثيلية للدولة في الخارج 102 بعثة منها 80 سفارة و18 قنصلية و4 بعثات دائمة، فيما بلغ عدد بعثات الدول الأجنبية المعتمدة في الدولة 110 سفارات و73 قنصلية و16 منظمة دولية.

 

تعبق أيام وليالي رمضان بجو روحاني خاص في المملكة العربية السعودية، لا يتوافر في غيرها من دول العالم، وإن بدت الصورة العامة متشابهة إلى حد كبير مع التقاليد الإماراتية، حيث اعتاد السعوديون عند الإفطار تناول التمر والرطب والماء، ثم ما يلبثون أن يولّوا وجوههم شطر المساجد لأداء صلاة المغرب.

وبعدها ينطلق الجميع لتناول وجبة الإفطار الأساسية، والتي تحفل بالعديد من الأطعمة الشائعة التي تضمها مائدة الإفطار كالسمبوسة والشوربة، والكبسة، بالإضافة إلى أنواع الأطعمة الشعبية مثل: والجريش، والقرصان، والكليجا، والسليق، والحنيز، ومكبوس السمك، وغير ذلك من الأطعمة التي تزخر بها المائدة السعودية، كما يحرص السعوديون على تناول الحلويات التي تلقى رواجاً وطلباً في رمضان مثل الكنافة والقطايف والبسبوسة وبلح الشام.

ويتولى رئاسة بعثة الدولة في السعودية السفير محمد سعيد محمد الظاهري، منذ عام 2011، وهو من مواليد مدينة العين وهو متزوج وأب لخمسة أبناء وقد عمل بالقوات المسلّحة نحو 32 عاماً.

أنشطة اجتماعية

وقال السفير محمد سعيد الظاهري في حوار خاص لـ«البيان»: لا نجد اختلافاً كثيراً في الكيفية التي يقضي بها أفراد البعثة وأبناء الجالية الإماراتية أيام رمضان عن عادات وتقاليد السعوديين في هذا الشهر الفضيل، الذي تصل ساعات الصوم فيه إلى 14 ساعة، والعمل إلى 5 ساعات.

وأضاف «غالباً ما تبدأ الأنشطة الاجتماعية عقب صلاة التراويح التي يحرص الجميع على أدائها في المساجد، ثم يتجه الناس إلى قضاء احتياجاتهم، والاهتمام بتوثيق الصلات الاجتماعية من خلال زيارات الأهل والأصدقاء، والبعض يجد متنفساً وملاذاً له في الاستراحات، التي يلجأ إليها لتمضية وتزجية الوقت والسمر، كما يحرص آخرون على قضاء الوقت في المنزل، في ممارسة هوايات وأنشطة مختلفة». ويتجه الكثيرون إلى صلاة التهجد في المساجد التي تكتظ بالمصلين، خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل، في حين يعتكف آخرون فيها، يبتغون فضلاً من الله ورضوانه، كل ذلك إلى جانب الحرص على أداء العمرة، خاصة في ليلة السابع والعشرين من هذا الشهر الفضيل.

وتنتشر بشكل عام في جميع أنحاء المملكة المناسبات الخيرية مثل البازارات لجمع التبرعات والصدقات، وتوجه الدعوات للمساهمة في إفطار المحتاجين والمساكين، وتقديم المساعدات والمعونات لهم، كما يحرص أهل الخير على إقامة الموائد الرمضانية الخيرية، وتقديم الأطعمة على نفقاتهم الخاصة، أما الماء فيوزع في برادات مثلجة، كما تنتشر في ربوع المملكة خلال رمضان الفضيل إقامة موائد إفطار خاصة بالجاليات الإسلامية والعمالة الأجنبية، وتقام تلك الموائد بالقرب من المساجد، أو في الأماكن التي يكثر فيها تواجد تلك العمالة، كالمناطق الصناعية ونحوها.

فعاليات رمضانية

وأوضح السفير الظاهري أنه على الرغم من أن التشابه والتمازج كبيران في العادات والتقاليد والأطعمة بين السعودية والإمارات، إلا أن أفراد البعثة والموظفين المحليين خاصة من المواطنين والمواطنات يحرصون على تناول الأطعمة الرمضانية الإماراتية الخاصة التي تشتهر بها المائدة الإماراتية في هذه المناسبة الدينية.

وحول الأنشطة والفعاليات الرمضانية التي تنفذها البعثة أشار الظاهري إلى أن الكثير من أعضائها يحرص على التواصل فيما بينهم وتنظيم البرامج الخاصة، تماشياً مع متطلبات الشهر الكريم، مع المشاركة وتلبية الدعوات الخاصة بالفعاليات التي تقام من قبل الجهات السعودية وبعض البعثات الدبلوماسية.

الاحتفال بالعيد

وقال الظاهري «مثل غيرهم من شعوب الأمتين العربية والإسلامية، يستعد السعوديون لعيد الفطر بالملابس الجديدة الراقية الصنع، وتجهيز حلوى العيد للضيافة حتى يقدمونها لزوارهم الذين يتوافدون عليهم، مثل لقمة القاضي والمعمول والجلاش والشوكولاته وغيرها من الحلوى والأطعمة الشعبية والتي من أشهرها على الإطلاق الكبسة».

ولفت إلى أن الجميع يحرص على الخروج لأداء صلاة العيد في الأماكن المعدّة والمخصصة لذلك من ساحات عامة ومساجد، وبعدها يشيع جو من البهجة والسرور، وتمتد جسور التواصل الاجتماعي واللحمة بين الناس، بتهنئة الأهل والأصدقاء والجيران ومعايدة كبار العائلة، وفي المساء تبدأ البرامج والفعاليات بهدف التسلية والترفيه، وفي هذا الإطار العام، والجو الاجتماعي الجميل والمفعم بالحيوية الذي يميز الاحتفال بعيد الفطر، يتشكل احتفال أعضاء البعثة وأبناء الجالية الإماراتية المتواجدين في المملكة.

مصير مشترك

وأكد الظاهري أن دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والمملكة العربية السعودية بقيادة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية ترتبطان بعلاقات تاريخية، قدم منطقة الخليج نفسها، ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا، تعززها روابط الدم والإرث والمصير المشترك، أسس دعائمها المغفور له بإذن الله الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع أخيه عاهل المملكة العربية السعودية آنذاك الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود.

وأضاف «نظراً لعلاقات التداخل والتمازج بين مواطني البلدين، فإن الصورة الذهنية التي يرسمها المواطن السعودي في مخيلته عن الإمارات تبدو مكتملة، لأن التداخل متواصل تاريخياً ويتخذ أشكالاً متعددة، فالسعوديون كثيرو السفر لدولة الإمارات، وكذا الإماراتيين، ومع ذلك فإن البعثة تبذل جهوداً كبيرة في إطار التعريف بالدولة، والحفاظ على الصورة المشرقة الموجودة لدى الرأي العام السعودي من خلال الفعاليات والمناسبات المختلفة». وأشار الظاهري إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والسعودية انطلقت منذ قيام الدولة، حيث أسس دعائمها المغفور له بإذن الله المؤسس الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع أخيه عاهل المملكة العربية السعودية آنذاك الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، وحينها بدأت البعثة الإماراتية عملها من جدة، ثم انتقلت للرياض في 1985م، لتواصل عملها حتى الآن.

 

مدينة الملك عبدالله الاقتصادية نقلة مهمة في علاقات البلدين

قال السفير محمد سعيد محمد الظاهري إن إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بتكلفة تتجاوز الـ100 مليار ريال يعد نقلة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إذ تشكل تجمعاً إماراتياً سعودياً بقيادة شركة «إعمار» الإماراتية بالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر.

التبادل التجاري

وأكد الظاهري أن حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية يعد الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي، فقد بلغ إجمالي واردات المملكة من دولة الإمارات العام الماضي نحو 33 مليار درهم، بينما وصل إجمالي الصادرات السعودية إلى الإمارات إلى 16.5 مليار درهم.

وأوضح الظاهري أن إجمالي الواردات السعودية من الإمارات منذ بداية العام الجاري حتى 22 مايو الماضي بلغ نحو 11 مليار درهم، في الوقت الذي وصل فيه إجمالي الصادرات السعودية للإمارات إلى نحو 6 مليارات درهم في الفترة نفسها.

وأضاف «يصل حجم الاستثمارات السعودية في دولة الإمارات إلى نحو 10 مليارات دولار وذلك من خلال ما يزيد على 2360 شركة سعودية تمارس أنشطتها الاستثمارية في الدولة، وتأتي الإمارات في طليعة الدول المستثمرة في المملكة العربية السعودية باستثمارات تخطّت 9 مليارات دولار في قطاعات كثيرة أبرزها الصناعة والخدمات».

ولفت إلى أن عدد الشركات السعودية المسجلة في الدولة وحدها ارتفع من 765 شركة عام 2008 إلى 1692 عام 2014، أي بزيادة 121 في المئة، ويقدر عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية بنحو 114 مشروعاً صناعياً وخدمياً، برأسمال 15 مليار درهم.

وبين أن جهود البعثة تتمثل في التعريف بدولة الإمارات، من خلال المناسبات والدعوات التي تقيمها البعثة، سواء في مناسبات محددة أو لبعض الشخصيات، أو عبر اللقاءات المستمرة، بجانب المعارض المصاحبة والأنشطة الاجتماعية والثقافية التي تدعو لها، وتبقى على الدوام مشاركة الدولة السنوية في مهرجان الجنادرية، مناسبة مهمة لعكس النشاطات الإماراتية المتعددة والتراث والثقافة والفنون.

تعدد وتنوع

تتمتع المملكة العربية السعودية بمساحة جغرافية واسعة وتحظى بتعدد إقليمي ومناطقي، وتنوع في مكوناتها الاجتماعية، ما أدى إلى بروز مناخات ثقافية وجغرافية ومذهبية مختلفة، نشأ تبعاً لها هاجس تجانسها وانصهارها في بوتقة واحدة، تحمل مكوّنات الهوية الوطنية، مع الاحتفاظ بالوحدة وتمتين جذور هذا التنوع في المجتمع السعودي بكل أشكاله، القبلي والمناطقي والثقافي، حتى يصبح مصدراً للإثراء والإلهام للمنتج المحلي ليصل به للعالمية، سواء أكان ثقافياً أم فنياً أم علمياً.

Email