محمد علي سلطان العلماء شخصية العام الإسلامية لجائزة دبي الدولية للقرآن لـ«البيان»:

الإمارات نموذج في الخطاب الديني المعتدل

■ أحمد بن محمد يقبل رأس محمد علي سلطان العلماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد فضيلة العلامة الشيخ محمد علي سلطان العلماء الفائز بشخصية العام الإسلامية في جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، ويعد أول عالم إماراتي يمنح هذه الجائزة، أن القيادة الرشيدة للدولة دعمت الخطاب الديني المعتدل الذي يعكس سماحة الدين الإسلامي الحنيف، مشيراً إلى أن هذا البلد رُزق بقادة أفذاذ، جُبلوا على حب الخير للناس، مع كرم الأخلاق وسماحة النفس، وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.

وأشار إلى أن الإمارات احتضنت عشرات الملل والنحل، وكلهم يعيش فيها معززاً مكرماً، ويتم التعامل مع الجميع تعاملاً راقياً، وبذلك تضرب الدولة أروع الأمثلة في التعايش السلمي القائم على الاحترام بين أهل الديانات.

تكريم للعلم

وقال: أرى في نفسي أني مقصر في خدمة الدين الكريم، وفوجئت باختياري شخصية العام الإسلامية للدورة العشرين لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، وهذا التكريم هو تكريم للعلم الشرعي في هذا البلد الكريم، ورسالة لأهل العلم.

ونسب العلماء الفضل لوالده الذي كان سر بلوغه هذه المكانة، حيث أضاف: لا شك أن للوالد أثراً كبيراً جداً، وله الفضل الأكبر بعد الله تعالى في تربيتي وتنشئتي، فقد حُرمت حنان الأم وأنا لم أكمل السنتين من عمري، فتولّى الوالد تربيتي، واهتمّ بتعليمي، بل أوقف حياته في سبيل تنشئتي العلمية، حتى بلغت بفضل الله من العلم مبلغاً، فقد كان الوالد، رحمه الله، وهو المشهود له في العلم والإمامة في الشرع والتقوى، المعلم الأول الذي أخذت منه العلوم المختلفة، فهو الأساس في شخصيتي العلمية، ثم ما حصلته فيما بعد كان عبارة عن تكملة، وإني أعتبر والدي هو شيخي الأوحد، رحمه الله رحمة واسعة.

شرح وتبسيط

وتابع: بدأت حياتي بالتدريس وخاصة الفقه على مذهب الإمام الشافعي، ومن ضمن الكتب التي كنت أقوم بتدريسها كتاب متن الغاية والاختصار المعروف بــ «متن أبي شجاع» وهو كتاب مختصر، يحتاج إلى شرح وتبسيط، لذا أول كتاب قمت بتأليفه هو أن شرحت هذا الكتاب وعمري آنذاك عشرون سنة تقريباً، ثم بدأت بالتفسير وفسّرت الجزء الأول، ثم شرحت كتاب الأربعين النووية (في الحديث النبوي) شرحاً موسعاً.

وبالتطرق لجزء العمل الخيري الذي عرف به العلامة فقال: العطاء قيمة إنسانية جميلة، أمر بها القرآن الكريم في قوله تعالى: «وافعلوا الخير»، واليد العليا خير من اليد السفلى، وخير الناس أنفعهم للناس، وباني نهضة الإمارات – رفع الله مقامه - كان ينطلق من هدي الشرع الكريم، إضافة إلى ما حباه الله تعالى من سماحة النفس وكرم الأخلاق وسجية معطاءة، فكان أن امتدت يد الإمارات الخيرة إلى المحتاجين أينما كانوا، وتلألأت الإمارات في سماء العالم، يهتدي بها السائرون في درب الخير، فعطاء الإمارات يجل عن الوصف، فما درب من دروب الخير إلا ودولة الإمارات سباقة إليه، وهذا ما يعلمه القاصي والداني.

سعادة البشر

وأوضح أن أهم قيمة يجب التحلي بها هي الإخلاص لله، واتباع شرعه الحنيف، والبُعد عن الأهواء، ولزوم جماعة المسلمين، وفي ديننا الحنيف الدواء الناجع لكل داء، وما انحرف منحرف إلا لتغلب الهوى، وتقديمه هواه على شرع الله، وإلا فإن نصوص الشرع قائمة على سعادة البشر، والتكالب على متاع الدنيا الزائل سبب انتشار الفوضى، والإسلام هو الاستسلام لأمر الله تعالى، والنعرات الطائفية ليست من دين الله في شيء، لأن الإسلام يدعو إلى اجتماع الكلمة لا الفرقة، والناس في أعناقهم بيعة لحكامهم فلا يجوز نقضها، بل الطاعة لأولياء الأمور هو المطلوب، خاصة وأنّ الله تعالى حبا هذا البلد الكريم بولاة أمور يحبهم الشعب ويحبون شعبهم وهذه ميزة كبرى، قال عنها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلّون عليكم وتصلّون عليهم»، نسأل الله أن يتم نعمته على هذا البلد، وجميع بلدان المسلمين.

إمكانيات ووسائل

وقال إن الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها، والتقنية الحديثة قرّب المسافات، وجعل الناس يتخاطبون ويتواصلون مع بعض، وأصبح لدرس أو محاضرة واحدة ملايين المستمعين والمتابعين من البشر في دول متباعدة، وكان في القديم يستحيل تجمعهم هكذا، والكتاب أو المقال ما أن يصدر حتى يطير إلى جميع الأرض، وهذه وسيلة رائعة لنشر العلم، والقيام بالدعوة إلى الله على بصيرة يجب على علماء المسلمين الاستفادة منها، لنشر العلم الشرعي، وقيم التسامح، وإظهار الوجه المشرق للإسلام، فهذه الوسائل ينبغي استغلالها في الخير، وهذه نعمة من الله أن هيأ مثل هذه الإمكانيات.

وتحدث فضيلة العلماء عن الصوم في رمضان بين السابق والوقت الحالي، حيث قال: بطبيعة الحال لكل ظرف محاسنه ومساويه، في القديم كانت الإمكانيات ضعيفة، ومع حرارة الجو في هذا البلد كان الصوم صعباً نوعاً ما، ولكن كانت البساطة في المعيشة هي السمة الأساسية للحياة، وصلة الناس بالله كانت كبيرة، ولم تكن هناك مغريات الدنيا ولا الملهيات، فالواحد منهم كان ينصرف لعبادة الله بالقيام ليلاً وتلاوة القرآن في حلقات في المساجد، والناس كانوا يُشغلون جُلّ أوقاتهم في قراءة القرآن في هذا الشهر الفضيل.

والآن الدنيا تطورت، وتغلَّبَ البشرُ على حرارة الجو بالمكيفات، وحتى في التنقل لا تجد فيه مشقة، وهذه نعمة كبيرة، ولكن للأسف هناك ملهيات كبيرة، والحياة أصبحت معقدة نوعاً ما، والمشاغل كثيرة، ومع ذلك في بلدنا الخير الكثير، فالبلد يعج بالخيم الرمضانية، وخيم إفطار الصائم، وتحيا ليالي رمضان بمحاضرات، ومسابقات قرآنية، ولا شك أن هذه نعم عظيمة، نسأل الله أن يديمها على هذا البلد الكريم.

أشرف التنافس

وتطرق العلماء إلى جائزة دبي الدولية للقرآن، حيث وصف المؤسسة القائمة على تنظيمها بأنها رائعة ورائدة، والتنافس في حفظ كتاب الله أشرف أنواع التنافس، وتكريم حفظة كتاب الله عمل جليل، ومن وفقه الله لهذا العمل فهو الموفق إن شاء الله، وقد وفّق الله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتأسيس هذه الجائزة التي هي توفيق رباني ومن أفضل الأعمال الصالحة التي يتقرب بها إلى الله تعالى، مشيراً إلى أن هناك في العالم من وقف نفسه لخدمة هذا الدين القويم، كل في مجال معين، والجائزة حرصت على اختيار شخصية كل عام تكريماً لأهل العلم، وتشجيعاً للناس لخدمة هذا الدين.

رسالة

ووجه العلماء رسالة لأهل العلم في مختلف التخصصات بأن يخدموا دينهم وبلدهم بالعلم، فالأمم لا ترتقي إلا بالعلماء وأهل الفكر، وإن ولاة أمورنا جزاهم الله خيراً يُشجعون العلماء ويتبنّون إبداعاتهم، وهذه مهمة صعبة وجليلة ملقاة على عاتقهم، وعليهم أن يخلصوا لله ويخدموا وطنهم وأن يسخروا هذا العلم الذي يحملون لرفعة شأن بلدهم.

Email