طقوس خاصة لتجهيز العروس لم يمحها الزمن

«الزهبة» ترسم أهازيج الفرح والترابط الاجتماعي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تفاصيل جميلة كانت تتكرر في حفلات الزواج، ساهم وجودها في ترابط أفراد المجتمع وتكاتفه في كثير من الأمور، وأصبحت هذه التفاصيل علامة فارقة تميز أبناء الإمارات عن سواهم، وعلى الرغم من أهمية هذه المظاهر والطقوس في الزفاف، إلا أن البعض تخلى عنها، وحصر فرحة الزواج في تقديم الضيافة للمدعوين في أحد الفنادق أو القاعات التي لا تتعدى فيها مظاهر البهجة والفرحة سوى ساعات قليلة، بخلاف حفلات الزواج التقليدية التي تستمر فيها أجواء الفرح لبضعة أيام، والتي تنفرد بتفاصيل خاصة يأتي في مقدمتها «زهبة العروس» التي تقام لها مراسم خاصة وتردد لها الأهازيج والأغاني وسط مشاركة النساء والأطفال.

نكهة خاصة

موزة الشحي، إحدى النساء التي رفضت التنازل عن طقوس الزفاف القديمة في كافة حفلات أبنائها، قالت: إن حفلات الزواج لها نكهة خاصة وفرحة مختلفة عن باقي المناسبات، حيث ينتظرها أفراد الأسرة صغاراً وكباراً، لذلك لا يمكن اقتصار أجوائها على ساعات قليلة من خلال إقامة الحفل بعيداً عن المنزل.

وأشارت إلى أن أفراد المجتمع كلما تخلوا عن المراسم القديمة تقلصت فرحتهم بحفلات الزواج، كما تقلصت ذكرياتهم واختزلت في مشهد واحد.

مستلزمات

ولفتت الشحي إلى أن الزهبة عند النساء لها مدلول خاص، فبعد أن يدفع الزوج «مهر الزواج» تبدأ العروس ووالدتها رحالاتهما المكوكية إلى الأسواق، فتارة سوق الذهب، وتارة أخرى في سوق الملابس، فيما تتعدد الرحالات إلى محلات الإكسسوارات وأدوات الزينة.

وذكرت أنه بعد نهاية هذه المرحلة واقتراب حفل الزفاف، لا بد أن توجه الدعوة إلى الجيران والأقارب لمشاهدة استعداد العروس والمستلزمات التي أقدمت على شرائها، وتستمر هذه الزيارات طيلة أيام الأسبوع الذي يسبق موعد الزواج، وتحرص بعض النساء في هذه المرحلة على دعوة صديقاتها في موعد واحد، فيما تفضل بعضهن تقسيم الأوقات، حيث يكون هناك يوم لجارتها، ويوم آخر لأقاربها، وكذلك تحدد يوماً لأقارب زوجها، وفي هذه الفترة تتوافد أيضاً صديقات العروس التي توجه لهن الدعوة ليشاهدن ما تحتويه مستلزماتها من أنواع وأصناف.

فوائد

وأوضحت الشحي أن البعض قد يرى أن المحافظة على العادات تزيد التنافس في شراء المستلزمات بين الأسر، وبالتالي ارتفاع تكاليف الزواج، غير أنها ترى إقامة هذه العادات لا تتطلب مبالغ مالية تذكر، مقارنة بفوائدها التي تنصب في زيادة الترابط بين الأسر والأقارب، ومشاركتهم في هذه المناسبة الذي يتمنى كل شخص أن يشاركه أقاربه وجيرانه.

وبينت أن الزهبة في بعض الأحيان تقدمها والدة العريس وذلك بحسب الاتفاق عند تحديد المهر، فإذا كانت والدة العريس هي من تقوم بذلك فإنها تجلب الأشياء المتعارف عليها كالذهب والملابس وبعض الكماليات الأساسية التي تحتاجها كل امرأة مقبلة على الزواج، وفي بعض الأحيان تحرص بعض النساء على شراء الهدايا لوالدة العروس وبناتها وزوجات أبنائها والأطفال.

تطور

من جانبها قالت شيخة الريسي: إن الزهبة ليست شراء الملابس والحلي والمستلزمات، بل لها طقوس جميلة ترتبط بنقل هذه المستلزمات إلى بيت العريس أو العروس؛ فإذا كان الاتفاق أن تشتري والدة العريس احتياجات الزفاف فإنها تقوم بنقل هذه التجهيزات إلى بيت العروس قبل موعد الزفاف ببضعة أيام، حتى يتسنى لها ترتيب احتياجاتها وإطلاع جارتها وأقاربها.

وأشارت إلى أن نقل هذه المستلزمات يتم وفق مراسم خاصة يغلب عليها البهجة والفرحة، حيث كانت والدة العريس تحدد يوم نقل الزهبة، فتجتمع معها نساء الجيران والأقارب وتأخذ كل منهن جزءاً من هذه المستلزمات التي توضع في أوان مصنوعة من الخزف، ثم ينقلنها بصورة جماعية ويرددن بعض الأهازيج، ويشاركهن في ذلك الصغار والكبار، وبعد أن تصل هذه المستلزمات إلى بيت العروس تقوم والداتها بواجب الضيافة من خلال تقديم «الفوالة» والقهوة.

وأوضحت الريسي أن الأمر تطور في الوقت الجاري وأصبحت السيارات هي التي تقل هذه المستلزمات، التي تكون بصورة جماعية ويتم خلالها استخدام أبواق السيارات، وهي بمثابة تعريف لمن يشاهدهم وتنبيه لأهالي العروس بأن ضيوفهم وصلوا.

ونوهت الريسي بأنه في الوقت الجاري تتكفل أسرة العروس بشراء المستلزمات، وهو ما ساهم في اندثار عادة نقل الزهبة، فيما بقيت طقوس «يوم الزهبة» أو مشاهدة الزهبة للجيران والأقارب أمراً أساسياً عند الكثير من الأسر.

Email