في قصيدة إلى حماة الوطن وصف فيها يومهم بيوم الفـخر والريادة

حمدان بن محمد: أنا الشاعر تهزّه محبة بلاده

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما دائماً تعانق قصائده الوطن على ضفة المجد والتضحيات، نشر سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، أمس، قصيدة بمناسبة الذكرى الأربعين لتوحيد القوات المسلحة، ضمّنها خفوق الشاعر ووجدانه الحي، المليء بعزة الأرض، وجاءت كلماتها مشربة بالفخر والعزة والانتصار والريادة، والمتابع للمعجم الشعري لسموه، يجد في هذه القصيدة النبطية نفساً من أشعاره الوطنية، وإن حملت الأخيرة سياقات اقتضتها المناسبة والظرف، جمعت الوجدان الشخصي بالعام، فكانت متميزة في ذلك.

المطلع المُختلف

اختار سمو الشيخ حمدان بن محمد لمطلع القصيدة استهلالاً تاريخياً قدم فيه رؤى تعاقب الأيام، وقفة اختارها مع الزمن، والشاعر لا يستغني عن الزمن، فهو الكائن المتحرك في الوجدان والقافية والمعنى، تنساق من بين سدفه غلالات الوقت، يختار أجملها، ويقتنص أكثرها اكتنازاً في مخيلته، وتتعدد هذه الصور في ذاكرة الشاعر، فتنعكس في الرؤى الشعرية، وقد كانت صور الوطن حاضرة في قوافي سمو الشيخ حمدان بن محمد، متوالية شعرية جانحة ومحلقة، فهو الشاعر الذي تهزه محبة بلاده، كما تمايل غصن، ذات أصيل، مع نسمة خفيفة داعبته فحركت الشجن واللواعج:

 

تــتــشــابـه الأيـــام والــيـــوم ذَا غــيـــر

                                    فــخـــرٍ وعِـــــزّه وانــتـصـــــار وريــاده

وان هزّت الغصن الخضر نسمة عصير

                                   الــشــــاعـــــر تهـــــزّه محـبــــة بـــلاده

القافية البكر

يحث الخطى نحو المعنى الأصيل، يحدوه هاجس الشعر المؤرق، يسير مع المعنى ويساير سياقاته، ينشد القافية البكر، وذلك لعمري مراد الشاعر، على درب القصيدة يكتب ويقدم أفضل ما لديه دفقة من القلب، هدية من روح الكلمات إلى متذوقيها من جماهير الحرف والقافية، وعشاق الحرف وقت سماع صداه المختلف يبث توله الروح، يفتح ذراعيه بأريحية لنقاد الشعر ولمتلقيه، وذاك استدعاء طيب لمعنى دارج متعارف عليه في ذاكرة الشعر، فالشاعر يمتلك قصيدته فقط قبل نشرها، أما بعد تداولها فإنها أصبحت ملكاً للمتلقي ولمتذوق الشعر وناقده:

عـســى قــوافـي هاجـس الشاعر تسير

                                      الـيـن يــبــلــغ بـالــقــــوافــــي مــــراده

ويــصـبـح لـهـا بـيـن الجـمـاهـيـر تقديـر

                                       فـــي الـبـــث والاّ عـنـــد وقــت الإعــاده

والـى حـصـل مـنّـي يـاجـمـهـور تقصير

                                       الــمنــتــقــد يــا مـرحــبـــا بانـتــقــــاده

عيال زايد

يظفر بالمعنى، وهو يروم مراده الشعري، مدخلاً قوياً مُنبتاً من مفاخر أصيلة، «عيال زايد» حمولة تكفي، من الإمارات أهل الحسم والعزم والخير، وأصحاب السبق، ومن لهم تأثير واسع في مختلف أنحاء العالم، شعب السعادة والريادة والكرم، يتدثر بالمفاخر وهي رداء الرجال، يطرز قصيدته بتلك القيم والشيم، ويغمس يراعه في الأثير من الخصال:

حـنّـا عـيـال الـشـيـخ زايـــد هـل الخـيـر

                                  وأهــل الحٓــســم للــي مـطـــوّل عـنــاده

لـنـا علـى كـوكـب هـل الأرض تأثــيــــر

                              والشـعـــب يـبــلـغ غـايـتــه باجـتــهـاده

تناص شعري

دأبهم الجد والإرادة، والصمود، فهم أبناء الوطن، الذي ترخص في سبيله النفوس، يختار حمدان بن محمد من قاموسه الشعري أعذب الألفاظ وأقواها، وينوع بين المفردات وفقاً للمقام، يبرز الصور وتنوعها، يظهر الاستعداد الكبير من أبناء الوطن لفدائه، ينهل من المآثر ومن ذاكرة الشعر العربية، كما في قوله الذي شابه قول عمرو بن كلثوم في معلقته التي يقول فيها:

إذَا بلَـغ الفِطـامَ لَنا صبـي

                     تخر له الجبابر ساجدينا

فها هو حمدان بن محمد يصف مدى الاستعداد والتضحية، وأنه لو بذل من رضيع في المهد المشاركة في نصرة الوطن، لكان أول المشاركين، ومثل تلك الصور تقدم ملمحاً قوياً للقراءات العميقة للشعر وللتناص الشعري، ووقوع الشاعر على الشاعر كما يقع حافر الخيل على الحافر:

فــي خـــدمــه لــدولة طـوال الأشـابـيـر

                                مـن شـعـبـنـا فـيـهــم صــمــود و إراده

لـو نـطـلـب اللـي فـي المـهـد توّه صغير

                               يـشـارك، يـشـارك وهـو فــي مــهــاده

كسب التحدي

يقابل المعاني، ويختار أقربها للروح مقدماً انطباعات القلب القريبة، فهذا شقيقه أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، كسب التحدي، وحمل فخر الخدمة الوطنية، ضمن الدورة الخامسة من شباب الوطن المنتسبين إليها، فكانت الفرحة مضاعفة، فهم شباب الوطن وجنوده، وهنا يقرن حمدان بن محمد الوجدان الشخصي بالجماعي، في تدفق حميم منبته واحد، وعنوانه متفرد، يخط محبة الوطن بشعره، وكما جاء في المطلع، تهزه بلاده، كما هز النسيم غصناً عصيراً:

مـحــدٍ يــقــــدّم دون داره مــعـــاذيــــر

                             حـتـى يـجـيـب الـنـصـر والاّ الـشـهـاده

وأحـمـد بـن مـحـمـد حـبـيـب الجماهير

                              كـسـب الـتـحــدّي يـعـتــبـر فـيــه عـاده

ويصفه حمدان بن محمد في القصيدة بصاحب الرهان والتحدي، فهو من قاد الطوابير في فوج تخرجه، مع رفاقه من أبناء الوطن المخلصين، وليست بغريبة، فالقيادة نهج متأصل في بيته الكريم، وفي شعبه الوفي الذي يسور الدار الوطن، وقادته الذين أخلصوا لرفعته وإعلاء شأنه.

مـاهـي غــريــبـه يـوم قــاد الـطــوابـيـر

                                شــيــوخ داره هـم شــيــوخ الـقــيـــاده

والـشـعـب دون الدار مـافـيـه تـأخــيـــر

                                كـذلك اصـحـاب الـسـمـو والــسـعــاده

Email