«وزارة الثقافة وتنمية المعرفة» دلالة شمولية لمجتمع يتطور

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال القمة العالمية للحكومات، عن تغيير هيكلي في وزارة الثقافة، نحو التركيز على المحتوى وحماية اللغة العربية وتنمية المجتمع، وتغيير المسمى ليصبح «وزارة الثقافة وتنمية المعرفة».

وتمثل المعرفة معنى ذا دلالة شمولية أعمق وأبعد من مصطلح الثقافة، حيث تعرف الثقافة بأنها جزء من المعرفة، وقد جاء في قاموس أوكسفورد أنها «مجموع ما هو معروف في مجال معين؛ الحقائق والمعلومات، الوعي أو الخبرة التي اكتسبتها المرء من الواقع أو من القراءة أو المناقشة»، وعليه فإن تنمية المعرفة في المجتمع تعطي البعد الشمولي لتطوره وتقدمه. ويرى كثير من المثقفين أن وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، تأتي في سياق تعميق المعرفة في كل الاتجاهات لتصبح قيمة مضافة لتطوير الذات والمجتمع معاً.

تشكيل الوعي

وقد عبر عدد من الأدباء والمثقفين الإماراتيين عن مباركتهم لهذه الخطوة واعتزازهم بها، حيث أشادت الروائية فتحية النمر بالقرارات المتعلقة بوزارة الثقافة وإعادة هيكلتها، وقالت: من المؤكد بأن للثقافة دورا عظيما في تشكيل وصياغة الوعي والفكر، وكما قيل فإن «القوة الناعمة أعظم تأثيرا من القوة بمعناها المعروف»، مضيفة: ولأن هذا من المسلمات فإن قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بإيلاء الوزارة التي تحمل اسم الثقافة اهتماما من نوع خاص، هو قرار في محله وله من المعاني الكثير.

وقالت ان القرار بإعادة هيكلية الوزارة المعنية، بأن يتم اختيار الرموز والأسماء الخاصة البارعة ذات السجل الناصع والجاد، كي تكون هي المسيرة وهي العاملة على تفعيل الدور الحقيقي الذي يجب أن يضطلع به المعنيون، سواء كانوا على رأس عملهم أو من قبل آخرين جدد يشحنون حاضنة الثقافة بالعمل والجد والطموح والتطلع نحو البعيد وغير المألوف، الذي يحقق للمجتمع بكل أطيافه وشرائحه النمو والتطور والانفتاح، لهو واجب، مثلما يكون استبعاد الذين لا يعنيهم كثيرا هذا الهم المجتمعي الخطير، أو لا يعملون على تحقيق الأهداف المنشودة، ووجودهم ليس سوى عبء وإرهاق للميزانية التي يمكن تحريكها واستثمارها في ما يعود على الجميع بالنفع العام. وأضافت ان هناك أعدادا لا يستهان بها من ذوي الكفاءات الساعين دوما للتجديد والتجدد، الملمين بما ينبغي أن يكون، والسعداء بأدوارهم، وعلى مثل هؤلاء الذين هم أدرى بشعابهم تقع المسؤولية التامة.

منعطف تاريخ

وعبرت الأديبة نجيبة الرفاعي عن سعادتها بالقرارات الحكيمة المتعلقة بالثقافة، وقالت: لا شك أن هذه التغيرات الجذرية والقوية في هيكلية الوزارات، تؤكد أن حكومتنا تبقى دوما السباقة في استحداث مجالس ومؤسسات تساير المتغيرات العالمية، وتنهض بروح المجتمع المتسامح والمبدع والمفكر، كما أنها أيضا سباقة في إعطاء الشباب فرصتهم للمشاركة في صنع القرار ووضع الاستراتيجيات. وقالت ان التغييرات التي طالت الوزارات، تنحو بشكل إيجابي للتخصص وعدم تداخل الأدوار، وهذه التغييرات التي تطال وزارة الثقافة، تعطي بعداً أعمق وأوضح في توسيع دائرة الثقافة، بحيث تشمل كل جوانب المعرفة الفنية والأدبية والتكنولوجية.. الخ.

وأضافت ان هذه القرارات تؤكد حرص الحكومة على الاهتمام باللغة العربية وحمايتها، وربط ذلك بجوانب المعرفة المختلفة، وفي كل ذلك نظرة مستقبلية ومرحلة جديدة من الإبداع والعطاء، بمشاركة كل فئات المجتمع، بشكل إبداعي، مشيرة الى أن إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لهذه التغييرات بحيث يراها كل فرد من الشعب، يعطينا إحساساً كبيراً بأننا جزء من عملية التغيير، وأننا أمام مسؤولية كبيرة يجب على أساسها أن نساهم جميعا في إنجاح هذه السياسات الفعالة.

وأشار محمد بن دخين المطروشي عضو جمعية الناشرين الإماراتيين، الى أن ما تشهده دولة الإمارات من قرارات وتغييرات ومبادرات، يعد بمثابة منعطف تاريخي لفكر التحضر، وقال: لأول مرة تختلط المشاعر الإنسانية بمعطيات التفكير، حيث يقف العقل باندهاش أمام مستقبل واعد.. وأضاف ان تفرغ وزارة للارتقاء بشؤون المعرفة لتكون وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، يعني أن البوصلة متجهة نحو مؤسسة الفعل الثقافي، ليكون هناك حراك وطني شامل يرتقي بالمواطن، ليهيئ له الدخول لمرحلة الإنتاج المعرفي الغزير.

الاهتمام بالإنسان

أما الروائي علي أبو الريش فأكد أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عودنا على القفزات المعرفية في كل مجال. وأضاف: عندما يلمس التغيير منطقة حساسة في ثقافة الإنسان، فالأمل كبير في أن ننتقل من مرحلة الاستهلاك إلى الإنتاج الثقافي، خاصة وأن الإمارات مؤهلة لتقديم هذا الوعاء الثقافي المعرفي الجميل، ليس للإمارات فقط بل لكل البلدان.

ورأى أبو الريش في هذا القرار نقلة ثقافية ومعرفية في حياة الإنسان العادي والمثقف، والمهتم بالثقافة، وأضاف: المطلوب الآن من كل مثقف ومهتم بالثقافة، أن يكون مسؤولاً ويفي بالتزاماته تجاه التغيير، وينقل الإمارات من منطقة إلى منطقة أوسع في بلد السعادة، وأن يسعدنا بنقلات نوعية في المجال الثقافي والمعرفي.

وبدوره قال الشاعر عيضة بن مسعود: إننا محظوظون بهذه القيادة المتجددة، وبقراراتها التي تخدم المجتمع في كافة المجالات. وأضاف: إن الالتفات إلى تغيير مسمى وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع إلى وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، هو بحد ذاته تأكيد على أن القيادة لا تلتفت إلى الجوانب الاقتصادية فقط، بل تهتم بالجوانب الأخرى التي تهم الإنسان، وهو ما يعطي لهذه الوزارة بعداً آخر.

وعبر سلطان مليح مدير مركز وزارة الثقافة في إمارة الفجيرة، عن تفاؤله بالتغييرات الهيكلية في الحكومة الاتحادية، وقال: إننا نشهد اليوم في عام القراءة والمعرفة، قرارات عملية استراتيجية، تدعم التوجه الرائد لقيادتنا الرشيدة في مجال تطوير المعرفة، ومنها التغيير الهيكلي في وزارة الثقافة وتوجيهه نحو المحتوى وحماية اللغة العربية وتنمية المعرفة.

وقال سلطان مليح إن هذا القرار يأتي نتاج إيمان عميق من سموه بالدور الريادي الذي تلعبه وزارة الثقافة، وأهميته في المحافظة على اللغة العربية والمحتوى المعرفي، وإن ذلك من شأنه أن يرتقي بالمجتمع الإماراتي ويعزز ثقافة القراءة لدى الأجيال، حيث سيصب التوجه نحو نشر المعارف في قطاع الشباب والمجتمع، لتتكامل الجهود نحو مجتمع أساسه العلم والمعرفة، مبني على بنى راسخة في الحفاظ على اللغة وتنمية العقول البشرية.

Email