حققت فوائد مهنية واجتماعية كثيرة وأفرزت مجتمعات جافة

«واتس آب» وأخواتها.. تواصل وتفكك

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الجميع غائب مع هاتفه والصمت هو الحاضر الوحيد؛ ذلك المشهد عكسته صورة تداولها الجمهور بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي؛ في تلك الصورة عجوز «جدّة» تحدق في أبنائها وأحفادها علّ أحدهم يبادلها الاهتمام أو يتحدث معها، فيما كل منهم يختلي بنفسه ويغوص مع هاتفه في عالم آخر بعيد.. تعليق تلك الصورة كان: «زيارة عائلية.. لو تركوها ترتاح في سريرها كان أفضل».

حتى تستمتع بكل دقيقة تقضيها مع أحفادها، ذكرت جدة ثمانينية أنها تطلب من أحفادها إغلاق هواتفهم أثناء زيارتهم لها لحين خروجهم من منزلها.

وفي المقابل تخطت مواقع التواصل الاجتماعي حيز الحديث مع الأهل وأصبحت تستخدم كثيراً لدواعي العمل؛ وكثيرة هي التجارب الناجحة والحقائق الملموسة في هذا الصدد.ولأن «واتس آب» فتح أبواباً جديدة علينا، وأثار جدلاً تجاه أثره على العلاقات الأسرية والمجتمع، كانت لـ«البيان» لقاءات مع آباء وأمهات وأبناء لمعرفة آرائهم عن هذا الموضوع.

انشغال

«بعّد القريب وقرّب البعيد» هكذا وصفت فاطمة يوسف، ربة منزل وأم لخمسة أبناء، العلاقة الثلاثية بين الأهل والأبناء و«واتس آب»، لافتة إلى انشغال أبنائها الدائم به في المنزل وخارجه.

وقالت: مسؤوليات كبيرة تقع على عاتق الأم تجاه بيتها وأبنائها، وانشغالها بإرسال الرسائل ربما يجعلها مقصرة في أداء واجباتها ويزرع بذرة لمشاكل تهدد سلامة العلاقات الأسرية. وأشارت إلى أنها تستخدم التطبيق للتواصل مع أهلها الذين تفصلهم عنها آلاف الأميال والكيلومترات في ثلاث قارات؛ وهذه هي الميزة الإيجابية الكبرى التي يقدمها التطبيق لمستخدميه.

حدود

دخول والدة محمد أحمد، طالب في الجامعة الأميركية في الشارقة، إلى عالم «واتس آب» أحدث تغيراً في النشاطات التي كانت تقوم بها في وقت فراغها، وأضاف محمد: سابقاً كانت والدتي تستثمر وقت الفراغ في قراءة الكتب أو البحث عن موضوع يشغل اهتمامها على الإنترنت، لكنها بعد «واتس آب»، أصبحت تمنح جزءاً من وقتها للتواصل مع أهلها وصديقاتها في مختلف بلاد العالم.

من جهتها، قالت روان أحمد محمد، مهندسة، إن «واتس آب» كان خيطاً للتواصل بينها وبين زوجها، حيث كان يقيم كل منهما في بلد مختلف لفترة معينة. وأردفت: ألغى الحدود التي تفرضها المسافات بين الأهل والأصدقاء. ونظراً لقلة استخدام زوجي لمواقع التواصل الأخرى بسبب ضغوطات عمله، فإن معظم تواصلنا كان يعتمد على هذا التطبيق.

التواصل المجاني من أكثر الخصائص التي جذبت المستخدمين لهذا التطبيق، فبحسب خضر علي؛ يمثل «واتس آب» وسيلة تواصل اقتصادية وعملية كما أن خدمة الرسائل الصوتية أغنته عن استخدام الهاتف بشكل كبير، مشيراً إلى دوره الفعّال في تقوية الروابط الأسرية في كل زمان ومكان.

خراب

أحدث «واتس آب» فجوة في العلاقات الأسرية.. بهذه الكلمات بدأت عائشة علي عبيد السويدي، اختصاصية اجتماعية في مدرسة مريم بنت سلطان الثانوية في العين، حديثها؛ حيث قالت إن «واتس آب» أضعف علاقات أفراد الأسرة الواحدة إذ أصبحوا يفضلون الصمت وتبادل الرسائل الإلكترونية على الحديث المباشر.

وإذا رغبت الأسرة في الخروج للغداء أو في رحلة، تراهم منكبين على هواتفهم وكأن هذا اللقاء العائلي لا يزيد الهوة إلا اتساعاً.

وترى السويدي أن سلبيات هذه المواقع الاجتماعية الافتراضية، على العلاقات الأسرية فاقت إيجابيّاتها، لدرجة أنها تسببت في «خراب بيوت» ودمار أسر بعد اكتشاف الزوجات لخيانة أزواجهن من خلال مراقبة محادثاتهم وتتبع الصور التي تصلهم.

رقابة

وسط خصب لتناقل الأخبار غير المؤكدة والشائعات، هكذا أصبح «واتس آب» أخيراً بحسب ما يرى عبدالله خليل الذي قال إن مستخدمي التطبيق يتشاركون الأخبار دون التحقق منها، ما يؤدي إلى انتشار معلومات مغلوطة وشائعات، وهنا يتوجب تحري دقة الرسائل قبل إرسالها للآخرين أو تجنب إرسالها من الأساس.

ولأن التطبيق يستخدم من قبل الصغير والكبير، يجب أن يكون مستوى الرقابة عليه أكبر كما ذكر خليل؛ فـ«واتس أب» لا يخضع للرقابة ويستغله البعض لتبادل صور ومقاطع فيديو قد تكون خادشة للحياء وغير مناسبة لبعض الفئات العمرية.

خلافات

أما الخلافات على «واتس آب» فتبدأ من تعليق صغير أو مزحة؛ وتتطور لتصبح نقاشاً حاداً ثم فقاعة؛ وخلافات هذا العالم ترتدي قناع التتبع والمراقبة. وفي هذا السياق قال موسى محمد، إن الـ «آخر ظهور» «وعلامة القراءة الزرقاء» من أكثر مشاكل «واتس آب» رواجاً بعد أن أمسى وسيلة لمراقبة الآخرين ورصد تحركاتهم.

 فمثلاً إن لم يقرأ أحدهم رسالة «واتس آب» على الرغم من كونه متصلاً، فهذا يعني التهرب أو عدم رغبته في الإجابة.

أزواج

وقال أحدهم إن «واتس آب» يحتل حيزاً كبيراً من حياته الزوجية فعندما يعود إلى المنزل بعد يوم طويل في العمل، يجد زوجته منشغلة عنه به، في حين قالت الزوجة إن ذلك هو ردة فعل حيال تجاهل زوجها لها والذي يمضي معظم ما تبقى من يومه على «واتس آب» لدرجة أنه غير مستعد لسماع مشاكل أبنائه.

وحتى يكون في مأمن وأبنائه من أي شرارة يوقدها هذا العالم، اختار السيد حسن أن يتواجد مع أبنائه على المنصات الاجتماعية لمتابعتهم والإلمام باهتماماتهم. واختتم: يترتب على الأهل مراقبة أنشطة أبنائهم الإلكترونية بغرض التوجيه والإرشاد.

Email