مقال

زيارة مخيّم الأزرق الإماراتي الأردني

ت + ت - الحجم الطبيعي

سعادةُ الحياة بعد طاعة الله تعالى أن تجد أخاً يضعُ يدَهُ في يدك، يُعينُك إن طلبت المعونة، ويسرُّك إن طلبت السرور، ويُغيثُك إن حلّ بك البلاء... هذا هو سمتُ الإمارات حكومةً وشعباً... زُرتُ البارحة المخيّم الإماراتي الأردني مع وفد مجلس حكماء المسلمين، في المملكة الأردنية الهاشمية، هذا المخيّم الذي يأوي ستة آلاف وأربعمئة وخمسة عشر من اللاجئين السوريّين. ولم تكن عندي فكرة سابقة عن الإجراءات التي تُقدّمُها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لأولئك اللاجئين، ففوجِئتُ بجهودٍ إنسانيّة ضخمة تبذُلها هذه الهيئةُ بأيادي شباب إماراتيين سخّروا أنفسهم لخدمة الإنسانيّة، ووجدوا ترحيباً وتسهيلاً وتعاوُناً من الحكومة الأردنية، ورجالِ أمنِها.

 هذا المخيّم في حقيقته الواقعيّة التي شاهدناها هو مدينة حافلة بجميع متطلّبات المدن؛ فهو مُزوّد بكافّة الخدمات المدنيّة والمجتمعيّة (السكن – المسجد - المدرسة – المركز الصحي – المركز الأمني – ملاعب كرة القدم – الأماكن الترفيهية للصغار - والحدائق). يُضاف لذلك جوانب الدّعم التي تقدّمُها هيئة الهلال الأحمر لجميع اللاجئين؛ كبرنامج بناء القدرات، وبرنامج الدعم النفسي، وتحفيظ القرآن الكريم، والتثقيف الصحي، وبرامج تثقيفيّة حول تغذية الأطفال، وبرامج الحدّ من العنف، وتنظيم الأسرة).

ولا تقتصر الهيئة على ذلك، بل تقدّم لللاجئين خدمات مهنيّة، وفنيّة وترفيهيّة، فتُسهّل لهم التدريب المهني، كإقامة ورشات النجارة والحدادة، والخياطة، وفنّ الخط، وتدعم التعليم التقني والإلكتروني، وتوفّر لهم الصيانة الدورية لمساكنهم. وغير ذلك.

هذه الجهود عُرضتْ علينا وُفصّلت تفصيلاً مُعزّزاً بالصور الحيّة الشاهدة على حسن الرّعاية التي تقدّمُها هيئة الهلال الأحمر برعاية دولة الإمارات.

ثمّ تجوّلنا بين المساكن التي تمّ تنظيمُها في المنطقة المخصّصة للمخيّم؛ فرأينا الأطفال يمرحون في مكانٍ آمنٍ يحتضِنُهم ويعينُهم على تلبية حاجتهم إلى اللعب والحركة بأمانٍ. وقد أحسستُ بمشاعرهم الجميلة، وهم يُسلّمون علينا – رُغم أننا نسير في السيارة لا مشياً على الأقدام – فكُنّا كُلّما مررنا بمجموعةٍ من الأطفال نسمعُ منهم جملة (السّلامُ عليكم) وهم يرفعون الأيادي مُحيّين فرحين بمرورنا. ولا شكّ أنّ السلام من أولئك الأطفال يُعبّر عن أهميّة السلام في حياتنا... نطقتْ به شفاهُهُم، لأنهُم مفطورون عليه ومحبّون له، دون أن يعلموا أنّهُم سُلبوا السّلام، وهو من أعظم الحقوق البشرية، التي ينبغي أن ينعم بها الجميع؛ فلا يحقّ لأحد الاعتداء عليها أو سلبِها من البشر.

نعم هذا هو الأمن، وهذه هي الحياة الكريمة، التي ينعمُ بها الأطفالُ قبل الكبار، ولكن هل يعرُفها المتطرّفون!!! إنهم يعرفونها ويُنكرون!! ليجعلوا البشرية تتشرّد وتعيش المآسي!!

وقد أحببتُ أن أُرفق هذا المقال بصورتين لطفل واقف تحت لوحة كُتب عليها الهلال الأحمر، ورفعَ يده للتحيّة والسّلام.

 

*أستاذ بجامعة زايد – عضو مجلس حكماء المسلمين

Email