مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث ينعى فرج المحيربي

الموت يُغيّب أحد عمالقة البحر في الإمارات

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أعرب عبد الله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، ورفيق دربه، عن حزنه العميق لرحيل المغفور له بإذن الله تعالى فرج بن بطي المحيربي، ووصف رحيله بالخسارة الكبيرة للدولة.

وعلى مدى 75 عاماً، هي عمره الذي قضى معظمه في صيد اللؤلؤ من مختلف الهيرات في الدولة وفي الخليج العربي، غيّب الموت رجلاً من خبراء التراث والغوص والبحر، مثّل الدولة في العديد من المحافل الدولية، وحصل على جوائز عالمية، لما قدمه في مجال الغوص والتراث البحري الإماراتي.

وبهذه المناسبة الحزينة، قال عبد الله بن دلموك إن الحاج فرج المحيربي يعتبر من أوائل الغواصين، وغاص في أعماق البحر بحثاً عن اللؤلؤ، مستخدماً الأدوات التقليدية القديمة والأدوات الاستكشافية الحديثة، ومزج بين الطريقتين، مشيراً إلى أن المغفور له كان من رواد الإنقاذ البحري الذي أنقذ من خلاله العديد من الغواصين الذين عايشوا ظروفاً صعبة.

خطط كثيرة

وأشار الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث إلى أنه منذ إنشاء المركز عام 2013، اختير المحيربي ليتولى منصب مستشار للشؤون البحرية والتراثية في المركز، ومن توليه هذا المنصب خطط لتنفيذ العديد من المبادرات والمشروعات، استطاع تنفيذ العديد منها، ولكن الموت كان أسرع من أن يستكمل بقية خططه لتطوير الحياة البحرية في دبي ودولة الإمارات.

وأوضح بن دلموك أن المغفور له كان معروفاً بالمبادرات الإنسانية والخيرية، إضافة إلى المبادرات التي كانت تصب في مصلحة الشباب الذي يهوى حياة البحر، وكان دائم اللقاء بهم، ليمنحهم من خبراته الطويلة، ليكتسبوا مزيداً من الخبرة.

عاصر زايد

وأضاف أن المحيربي أول من أسس جمعية الإمارات للغوص لتنظيم رياضة الغوص ومرافق الغوص في دولة الإمارات، وذلك لضمان تشغيلها وفقاً للمعاييـــر الدوليــة، وأيضاً احتضان كل الغواصين العاملين في الدولة، مشيراً إلى أن الراحل عاصر المغفور له باذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأن إنشاء جميعة الإمارات للغوص كان بفعل توجيهات مؤسس الدولة، وموضحاً أنه من خلال ترؤسه الجمعية قدم خدمات جليلة للتراث عامة والبحري خاصة.

ووصف الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث المغفور له بإذن الله تعالى فرج بن بطي المحيربي بأنه «أطلس معلومات»، وذلك لكمية المعلومات التي يختزنها، والتي ساعد من خلالها كثيراً في تطوير أعمال الجمعية، تشجيعاً للتراث البحري.

10 سنوات

بدأ حياته في الغوص وعمره 10 سنوات من الساحل «حيارى»، وعندما بلغ 12 عاماً ذهب في رحلات الغوص الرئيسة «مد» التي تبدأ في فصل القيظ في شهر أبريل مع عمه محمد بن سعيد المحيربي إلى هيارات جزيرة دلما وما حولها.

ونال المحيربي خبرة من عمه ومعرفة بمواقع المغاصات المعروفة منذ القدم، ومقدرته على تذكر أماكن المحار وتمييزها والوصول إليها في أي لحظة، وباستطاعته أن يحدد نوع القوع الذي يصلح للغوص من خلال موقعه وبعده على أعماق قد تمتد من 10 إلى 40 متراً.

وكان المحيربي يؤمن بأن الرزق من الله، وأنه قدّر له أن رزقه من البحر، فهو يمكث في قاع البحر لجلب المحار بحثاً عن اللؤلؤ، وربما يحالف الحظ الغواص، والغواص الماهر يستطيع المكوث والبقاء تحت الماء من دقيقة إلى دقيقتين بدون أكسجين. وفي حالة صفاء الجو يبدأ الغوص في الساعات الأولى من الفجر حتى الظهر، ثم يبدأ فلق محصول المحار حتى العصر لاستخراج اللؤلؤ.

وكان فرج بن بطي المحيربي لا يمر عليه عام دون القيام برحلتين على الأقل نحو الماضي: واحدة في الصيف والأخرى في الشتاء، لا يهمه كم تتكلف وكم تطول، المهم الاطمئنان إلى أحوال «الهيرات» وحياة الأسماك، وممارسة رياضته المفضلة، الغوص وصيد اللؤلؤ تواصلاً مع الماضي والتراث.

اللؤلؤ لن يموت

لدى فرج بن بطي المحيربي يقين وإيمان راسخ بأن صيد اللؤلؤ لن يموت، وأنه سينتعش مجدداً في المستقبل، وقد قال في مناسبات كثيرة: «إذا عادت الأمطار إلى القدر نفسه الذي كانت عليه قبل 40 سنة، فإن اللؤلؤ سيزداد في البحر، وسوف يعود الناس من جديد لصيده بأعداد أكثر من الماضي، بالاستفادة من المعدات الحديثة المتوافرة حالياً. وقال أيضاً: «أنا وأولادي نحب البحر والغوص».

Email