ضمن مهرجان الشيخ زايد التراثي

البيئات الأربع تعكس التنوع على أرض الإمارات

مسجد البدية التاريخي تصوير مجدي اسكندر

ت + ت - الحجم الطبيعي

(جرافيك.. المهن التقليدية من وحي البيئة في مهرجان الشيخ زايد التراثي)

 

تعكس البيئات الأربع في مهرجان الشيخ زايد التراثي 2014، حياة الناس على أرض الإمارات، وتختزل بشكل مصغر التقاليد والممارسات اليومية، والصناعات التي عرفتها البيئة الجبلية والبحرية والبرية والزراعية، من خلال عدد من الأقسام التي شكلت أركان كل بيئة من هذه البيئات، التي تتوزع في المهرجان على محيط دائرة، وتجاور بعضها البعض، مستعيدة الحياة في الماضي القريب.

البيئة الزراعية

وتتكون البيئة الزراعية من عدة أقسام وهي: متحف الأفلاج في تاريخ الإمارات: وفيه استحضار لمدة أهمية الأفلاج، وكيف تعتبر لغاية الآن شاهدا على عبقرية الإماراتيين القدماء الذين استطاعوا ابتكار هذا النظام الهندسي الفريد في حفر القنوات المائية عبر العصور، الماضية لاستخراج المياه الجوفية، وتعد الأفلاج بالنسبة لأبناء الإمارات قديماً شرياناً إذ اعتمد عليها مزارعو المناطق الريفية والزراعية لري أراضيهم، والفلج هو القناة التي تشق في جوف الأرض لجلب المياه الكائنة على أعماق متفاوتة من أماكن بعيدة، ويستعرض المتحف تاريخ الأفلاج في الدولة وطريقة حفرها، ومختلف الأفلاج في الدولة بطريقة تفاعلية باستخدام أحدث التقنيات في هذا المجال.

أما الجزء الثاني من البيئة الزراعية فيضم القرية القديمة وتعكس اهتمام الراحل الكبير المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالزراعة، فهو القائل «أعطوني زراعة.. أعطكم حضارة» فالزراعة استقرار، والاستقرار أمان، والأمان أساس التفكير السليم، والانضباط النفسي السوي الذي يؤدي إلى قيام الحضارة، وللقرى الزراعية القديمة مدلولات عدة فهي تعني ارتباط المزارع بالأرض، ونشوء علاقة حب عظيمة بينه وبين مزروعاته والبيئة المحيطة بها، ومن هذا المنطلق مكنت القرية القديمة في المهرجان الزوار الإحساس بمختلف عناصر البيئة الزراعية ومكوناتها.

وفي معرض الطب الشعبي الذي يكون الجزء الثالث من البيئة الزراعية، يعرض مركز الشيخ زايد للطب الشعبي أعمال المركز وبحوثهم ودراساتهم فيما يتعلق بالأعشاب الشعبية الإماراتية والطب البديل.

وأخيراً في بيت المزارع يمكن للزوار التعرف على الأدوات الزراعية التي كانت تحفظ بطريقة معينة في بيوت المزارعين، كما تمكنهم من التعرف على مكونات بيت المزارع، ومختلف الأدوات التي استثمر من خلالها موارد بيئته لكسب عيشه وليعمر الأرض ويملؤها خيراً وبركة.

البيئة البرية

وفي المساحة المخصصة للبيئة البرية يمكن للزوار الاطلاع على متحف الشاعر الإماراتي الماجدي بن ظاهر، وفيه كل ما يتعلق بحياة هذا الشاعر.

أما معرض زايد والخيل والذي يجاور المتحف فيضم معرضاً مخصصاً لخيول آل نهيان الكرام، ويستخدم المعرض أحدث التقنيات التفاعلية لاستعراض تاريخ هذه الخيول العربية الأصيلة من «ربدان» فرس الشيخ زايد الأول التي اشتهرت بالقوة والسرعة والسبق حتى ضرب بها المثل وقيل فيها الكثير من القصائد إلى اهتمام المفغور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالخيول العربية الأصيلة وقصة فرسه الأسطورة «العنود» التي لم تهزم في 37 سباقاً، وانتهاء بخيول سمو الشيخ منصور بن زايد وإنجازاته في هذا المجال، واستخدامه أفضل التقنيات الحديثة للمحافظة على الخيول العربية الأصيلة وإعلاء شأنها.

أما معرض هجن الرئاسة والذي يشكل الجزء الأخير من البيئة البرية فيعكس الاهتمام بسباقات الهجن العربية الأصيلة، والتي تعتبر نهجاً أسسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، في إطار المحافظة على العادات العربية الأصيلة وتقاليد الآباء والأجداد، كما يستعرض المعرض علاقة زايد بن سلطان بالهجن العربية الأصيلة واهتمامه بها وكذلك يستعرض سيرة عشرة من أفضل مطايا هجن الرئاسة والفائزة في أشواط السيف.

البيئة الجبلية

وتبرز القلاع والمساجد التاريخية التي شيدت في الدولة البيئة الجبلية، وتحت عنوان ركن المحلوي وركن العسال تعرض طريقة تحضير الحلويات التي كانت تقدم في الماضي، بنفس الأدوات القديمة كما تتيح للزوار تذوقها.

وفي معرض الصقر يمكن ملاحظة مكانة هذا الطائر بالنسبة للإماراتيين، قديماً وحاضراً، إذ يعد الصيد بالصقور هواية قديمة مارسها الناس في مختلف مدن ومناطق الدولة، ويبين المعرض المقام مختلف أنشطة نادي الصقارين، والتعريف بأهم وآخر المستجدات ومقتنيات الصيد بالصقور ولمحة عن الصقر ومدلولاته في التراث المحلي.

وخصص الركن الأخير لمعرض السلوقي العربي، إذ يعتبر السلوقي العربي كلب الصيد عند البدو من أقدم الكلاب عالمياً، وهو عنصر أساسي من موروث الآباء والأجداد في الصيد والترحال والمرافقة والحراسة، واهتم البدو العرب بتربية كلاب الصيد السلوقية لآلاف السنوات، وذلك لقدرتها الاستثنائية وذكائها وولائها، وكانت تعد أساساً للصيد والحراسة، كما يعرض مختلف الأنشطة ولمحة عن السلوقي العربي ودوره في التراث المحلي.

البيئة البحرية

وتعتبر البيئة البحرية آخر مكونات البيئة البحرية، ويستعرض مسيرة رائد علم الملاحة العربية أحمد بن ماجد، وفيه ساحة صناعة السفن، وهي الحرفة التي أبدع فيها الآباء والأجداد فصنعوا سفنا تحملت قساوة الأمواج وشكلت أساسا لكسب العيش، ووسيلة استطلاع من خلالها مد أبناء الإمارات جسور التجارة والتواصل مع دول الجوار، ومن خلال هذه الساحة التي سيتواجد فيها حرفيون مهرة يصنعون السفن بالطرق نفسها التي كانت تصنع فيها في الماضي.

وفي ركن الشراع عرضت مختلف نشاطات رياضات القوارب التراثية والتجديف ودورها كجزء من تراث الإمارات وشرح لمختلف أنشطة نادي الشراع في هذا المجال. وأخيراً في معرض أسلحة الصيد قامت شركة توازن القابضة الاستثمارية الاستراتيجية باستعراض أحدث منتجاتها من أسلحة الصيد والدفاع والذخائر ونوادي الرماية وخدمات التدريب، وعرض أفضل الإبداعات وأحدث الابتكارات الوطنية في قطاع صيد أسلحة الصيد.

الإرث العظيم

يأتي إطلاع اسم المؤسس الشيخ زايد على المهرجان عرفانا بالدور المحوري الذي لعبه في الحفاظ على الموروث الإماراتي، ومن هنا يأتي المهرجان تكريماً لهذا الإرث العظيم، وعرض ثراء التقاليد الإماراتية.

مسجد «البدية» التاريخي يبرز في المهرجان

يبرز مسجد «البدية» في مهرجان الشيخ زايد التراثي 2014، في البيئة الجبلية، وبهذا يستحضر معلماً تاريخياً هاماً في الدولة، إذ يعد مسجد «البدية» أقدم مسجد في الإمارات، ويعود تاريخ بنائه بشكل تقريبي إلى العام 1446 ميلادي.

وشيد المسجد الأرشيف الوطني بناء على توجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، رئيس مجلس إدارة الأرشيف الوطني. وتتطابق مواصفاته مع مواصفات المسجد الأصلي، الموجود في إمارة الفجيرة.

عبق التاريخ

في مسجد «البدية» الذي يتوسط البيئة الجبلية يؤدي الزوار صلاتهم، في هذا المكان الذي لم يغفلوا فيه عن أية تفاصيل موجودة في المسجد الأصلي، إذ تبلغ مساحته الكلية 5314 متراً مربعاً تقريباً، بينما يبلغ ارتفاعه 5 أمتار، منها 3.50 أمتار للجدران، و1.50 متر لارتفاع القباب التي تعلوه. أما شكل المدخل الموجود في الأعلى فتأخذ الشكل النصف دائري، ويصل عرضه إلى 30.1 مترا، وارتفاعه 2.10 متر.

ويعود تاريخ بنائه إلى العام 1446 استنادا إلى نتائج دراسة حديثة قامت بها إدارة التراث والآثار في الفجيرة بالتعاون مع جامعة سيدني بأستراليا، خلال موسم التنقيب الأثري بين عامي 1997 و1998 وذلك بعد أن أخذت عينات من مواد عضوية من تحت أسس جدران المسجد، وأجريت عليها تحاليل كيماوية بواسطة كربون 14 للتاريخ الزمني.

ولهذا اختار الأرشيف الوطني للمسجد القديم موقعاً مميزاً وسط المهرجان، إذ يتوافد إليه جموع المصلين مع موعد كل صلاة، فتلتقي فيه نسائم الإيمان مع عبق التراث، وكأن المسجد يستعيد زماناً مضى. ومن جانب آخر يعكس الانتماء لكل مكان من دولة الإمارات، ويبرهن على الاعتزاز بالتراث الأصيل.

طراز قديم

مسجد «البدية» الصامد في وجه الزمن لمدة تصل إلى حوالي الخمسة قرون والنصف، يقع مواجهاً البحر، وظهره مستند على الجبال، على الطريق الممتد بين مدينة خورفكان ودبا الفجيرة، متخذاً اسمه من القرية التي يقع فيها، وهي أكبر قرى إمارة الفجيرة.

ويؤكد المؤرخون أن الهندسة المعمارية لمسجد «البدية» مستمدة من الطراز المعماري التركي في بناء المساجد، وأنه بني من الطين والحجر المأخوذ من البيئة المحلية، وقد طليت جدرانه بالخطوط والزخارف البسيطة، وفي جدرانه فتحات للتهوية.

وهو مربع الشكل، تعلوه أربع قباب ليست متساوية، ويرتفع منبره أربع درجات عن الأرض، ويتكون من أربعة صفوف للمصلين، ويقف مسجد «البدية» الذي يعد من أقدم المعالم التاريخية في الفجيرة شامخا يستقبل المصلين في الصلوات الخمس، إذ يستوعب 70 مصلياً، كما يستقبل وفود السياح على مدار العام.

وقامت دائرة الآثار والتراث بالفجيرة بعمليات الترميم التي قامت بها بالتعاون مع بلدية دبي، واستمرت لأكثر من سنة وشملت كافة أجزاء المسجد القديم والآثار المحيطة به.

من التراث

شيد الأرشيف الوطني مسجد البدية العريق وسط مهرجان الشيخ زايد التراثي 2014 إحياء لمفردة هامة في تراث الإمارات العريق ونقلها إلى مختلف شرائح المجتمع، ولا سيما الأجيال الشابة ليعزز لديهم المعرفة بماضي الآباء والأجداد، ويمتّن انتماءهم لكل مَعلَم في دولة الإمارات، ويثري ثقافتهم بتاريخ الإمارات وتراثها.

Email