أحمد بن طحنون خلال افتتاحه المؤتمر العلمي الدولي لأكاديمية شرطة دبي:

الخدمة الوطنية تحصّن الشباب ضد الأفكار الهدامة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استعرض اللواء الركن طيار الشيخ أحمد بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، ملامح تجربة الخدمة الوطنية التي كانت مؤخراً حديث الشارع الإماراتي وشغله الشاغل، مؤكداً أن القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2014 بشأن الخدمة الوطنية يعتبر بلا شك خطوة استراتيجية هامة تستند إلى اعتبارات وأولويات عليا من سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية ووطنية، وهذه الأولويات تشكل في مجملها الأجندة العامة للخدمة الوطنية والأهداف السامية التي تسعى الدولة إلى تحقيقها على المدى القريب والبعيد بما يضمن إعداد مواطن صالح ونافع وبناء مجتمع متلاحم ومتماسك ودولة قوية ومنيعة قادرة على المحافظة على مكانتها المرموقة وبناء مستقبل آمن ومستقر والسير قدماً نحو تحقيق المزيد من الإنجازات الحضارية.

جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي السابع لأكاديمية شرطة دبي تحت عنوان «الخدمة الوطنية ..حماية للحاضر وضمانة للمستقبل» في قاعة «محمد بن راشد» بحضور اللواء خميس مطر المزينة، القائد العام لشرطة دبي، ومساعدي القائد العام ومديري الإدارات العامة ومراكز الشرطة، وكريستيان كاترينا رئيس السياسة الأمنية السويسرية نائب الأمين العام للدائرة الاتحادية السويسرية للدفاع، والعقيد بيتر ماتس من القوات العسكرية في فنلندا، والمشاركين في المؤتمر وعدد من الضباط والإعلاميين.

وأكد اللواء الركن طيار الشيخ أحمد بن طحنون آل نهيان، في كلمة افتتاح المؤتمر، على أهمية موضوع المؤتمر المتعلق بالخدمة الوطنية، متوجهاً بالشكر الخاص لأكاديمية شرطة دبي على اهتمامها بمشروع الخدمة الوطنية وتخصيص هذا المؤتمر لبحث ومناقشة هذا المشروع من زاوية استراتيجية للوقوف على التحديات التي تواجهه والخروج بتوصيات من شأنها المساهمة في تحقيق الأهداف المنشودة.

تحديات كبيرة

وقال إن تحقيق هذه الأهداف يواجه تحديات كبيرة انتجتها التحولات السياسية والأمنية والاستثنائية والخطيرة التي تشهدها الساحة إقليمياً وعالمياً، وطالت بآثارها الكارثية أمن واستقرار الدول، وهددت مواطنيها وأضعفت النسيج الاجتماعي ودمرت الموروث الحضاري فيها.

مشيراً إلى أن حكومة الإمارات وانطلاقاً من تمسكها الثابت بمسؤولياتها تجاه حماية أرضها وشعبها ومقدراتها ومكتسباتها وإنجازاتها الوطنية، لم تقف مكتوفة الأيدي اتجاه هذه التحديات بل بدأت باتخاذ خطوات جادة وحاسمة للتصدي لها ومن أهمها تطبيق برنامج الخدمة الوطنية الذي سيضمن في المقام الأول تعزيز قدرات الدولة الأمنية وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية وتمكينها من المحافظة على سيادتها وأمنها واستقرارها.

جسر آمن

وأكد أن الخدمة الوطنية تعتبر الجسر الذي ستعبر خلاله الدولة إلى بر الأمان فالشباب الإماراتي جزء من شباب الوطن العربي الذي طالته رياح العولمة وعصفت به التحولات الفكرية والثقافية والمعرفية وأثرت بدورها في ثقافته وهويته الوطنية وعاداته وتقاليده، وغيرت بعضاً من سلوكه ولا ننكر جهود الحكومة المتواصلة للحفاظ على الهوية الوطنية من التأثيرات الخارجية التي من شأنها إضعاف ارتباط المواطن بأسرته ومجتمعه ووطنه وزعزعة ثقته بقيادته، ولقد تشرفت القوات المسلحة وبالتعاون مع الجهات الأمنية الأخرى بتنفيذ برنامج الخدمة الوطنية انطلاقاً من ولائها لله والوطن وصاحب السمو رئيس الدولة، وباعتبارها درع الوطن وحصنه المنيع واستناداً لخبرتها العريقة في تنمية الولاء والانتماء والتضحية للوطن وقياداته فالخدمة الوطنية منظومة متكاملة تسعى من خلال المناهج التدريبية والأكاديمية إلى حماية شباب الوطن وتحصينهم ضد التيارات الفكرية الهدامة والتطرف الديني الأعمى والذي بات يهدد بآثاره الخطيرة كل المجتمعات بلا استثناء لذا ركزت على الجانب الوجداني والمعرفي والبدني للمجندين بهدف إعداد أجيال تنطلق من مبدأ وتنتهي بغاية، أجيال قوية واعية ومثقفة تستنشق الوطنية وتعرف معنى المسؤولية أجيال لديها رؤية واضحة مستمدة ومتوافقة مع رؤية الدولة وتسير جنباً الى جنب مع قيادتها لرفع الوطن وتقدمه وازدهاره، أجيال تدرك حجم التحديات التي تواجه الوطن وتعي جيداً دورها في مواجهتها.

الدفعة الأولى

وقال اللواء الركن طيار الشيخ أحمد: لقد انطلقت مؤخراً الدفعة الأولى للخدمة الوطنية، وأقولها بكل فخر واعتزاز إن هذه التجربة أثبتت فعاليتها وسنبدأ قريباً بقطف ثمارها والشاهد على ذلك همة المجندين العالية والتطور الإيجابي الواضح في سلوكياتهم وطريقة تفكيرهم.

وأضاف: جلست أثناء زياراتي لأحد المعسكرات التدريبية مع أحد المجندين وسألته «ماذا غيرت الخدمة الوطنية فيك» ؟ فأجاب بكل ثقة «لم أكن أحافظ على الصلاة ومنذ التحاقي بالخدمة، التزمت بأداء الصلوات الخمس في وقتها أسوة بزملائي» وهذا ما أثلج صدري لأننا نسعى من خلال هذا المشروع الوطني إلى تحقيق التربية الإسلامية المعتدلة بعيداً عن الغلو والتشدد والطائفية والعقائدية، فمن يعرف حقيقة الإسلام ومبادئه يدرك أن الوطن أمانة وأن الولاء والانتماء له وطاعة ولي الأمر واجب ديني وأخلاقي، وأن خيانته ذنب عظيم.

وقال: سألت مجنداً آخر عن القيم التي أضافتها له التدريبات العسكرية، فأكد أنه أصبح أكثر قوة من الناحية البدنية واكثر نضجاً وانضباطاً وان ثقته بنفسه زادت وأصبح أكثر تقديراً لأسرته وهذا ما نصبو إليه بالفعل، شخصية متكاملة دينياً وأخلاقياً ووطنياً، شخصية ثابتة على الحق قادرة على مواجهة التحديات وعازمة على استكمال مسيرة البناء والتقدم التي بدأها مؤسس الدولة الشيخ زايد، رحمه الله.

 المزينة: دولتنا تسير في طريق الريادة والتميز

قال اللواء خميس مطر المزينة، القائد العام لشرطة دبي، إن دولتنا ومنذ أن تحقق اتحادنا المُظَفرْ تسير في طريق الريادة والتميز وتحقق كل يوم المزيد من التفوق في كافة المجالات الأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وتحتل دوماً أعلى المراتب في التصنيفات العالمية بما جعلها وبحق تتفوق على أكثر دول العالم تقدماً، وذلك يؤكد أهمية قانون الخدمة الوطنية، فحماية دولتنا والمحافظة على مكتسباتها واستمرار مسيرتها في طريق التقدم والريادة والتميز وتحقيق أعلى معدلات النمو يتطلب بأن تكون الخدمة الوطنية فرض عين على كل شاب إماراتي، بما يحفظ مكتسبات الوطن، ويصون أمنه الداخلي والخارجي.

جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر العلمي الدولي السابع لأكاديمية شرطة دبي، ورحب اللواء المزينة، رئيس المؤتمر، بالضيوف من القادة والمفكرين وبجميع الحاضرين الذين أتوا من دول صديقة، ومن دولتنا الغالية، لكي يشاركوا ويشهدوا معنا في هذا الصرح العلمي الشامخ فعاليات هذا المؤتمر العلمي الهام.

وأوضح أن القانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يكشف لنا في دلالة واضحة عمق النظرة الاستشرافية لسموه وقراءته الثاقبة للمستقبل، فهو يجسد روح شعب الإمارات، واتجاه إرادته القوية لتقديم كل ما هو غالٍ ونفيس في سبيل حماية مكتسباتنا والدفاع عن وطننا بأعز ما نملك وذلك حماية لحاضرنا الزاهر وضمانة لمستقبلنا المشرق.

قوة دفاع وطني

من جانبه أكد اللواء أحمد محمد بن فهد، مساعد القائد العام لشؤون الأكاديمية والتدريب، على أهمية قانون الخدمة المدنية والتي تمثلت في جعل الخدمة الوطنية والاحتياطية إلزامية تفرض على كل مواطن إماراتي، وتكون اختيارية بالنسبة للإناث، وبذلك يكون لدى دولتنا قوة دفاع وطني إضافية من خيرة شباب الوطن لأجل الدفاع عنه وحماية استقلاله وصيانة مكتسباته وترسيخ قيم الولاء والانتماء لدى شباب الإمارات.

وأضاف اللواء بن فهد أن دلالات عنوان المؤتمر توكد أن هذا المشروع حماية لحاضرنا ومنجزات دولتنا الرائدة في كافة المجالات.

وتحدث العقيد الدكتور غيث غام السويدي، مدير الأكاديمية وأمين عام المؤتمر، قائلاً : إن اختيار الأكاديمية لموضوع الخدمة الوطنية كحماية للحاضر وضمانة للمستقبل، يكشف لنا الدلالة الواضحة التي يتمتع بها هذا الصرح الأكاديمي والعلمي التابع لشرطة دبي من نظرة ثاقبة وعمق بالحس الوطني، مشيراً إلى أن هذا المؤتمر يأتي ليناقش الخدمة الوطنية في جوانبها المختلفة من الجانب الاستراتيجي والأمني والتنموي والاجتماعي.

الجلسة الأولى

و بدأ المؤتمر جلسته الأولى التي ترأسها العقيد الدكتور غيث غام السويدي، وتناولت المحور القانوني، بحضور مقررها الرائد الدكتور منصور البلوشي، مدير كلية القانون وعلوم الشرطة بالوكالة.

واستهل الجلسة الدكتور عبيد آل علي، المدير التنفيذي لمكتب الشؤون القانونية بمجلس الوزراء، بورقة عمل حول رؤية قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية لدولة الإمارات، كما قدم العقيد الدكتور محمد بطي الشامسي ورقة عمل حول حقوق المجندين في القانون رقم »6« لسنة 2014 في شأن الخدمة الوطنية والاحتياطية، وختمت الجلسة الأولى أعمالها بورقة عمل قدمها الدكتور أسامة السواح أستاذ علم إدارة الأزمات بالأكاديمية، عرض خلالها نماذج قوانين الخدمة الوطنية والعسكرية في بعض دول العالم.

سلوكيات

قال اللواء الشيخ أحمد بن طحنون إن الأهداف الاستراتيجية للخدمة الوطنية بدأت تظهر وتجسدت بالتطور الإيجابي في سلوكيات المجندين وعلى المدى المتوسط سيبدأ هذا التطور والتغيير يلقي بظلاله على الأسرة الإماراتية لنكون وبعد عدة سنوات أمام مجتمع أكثر صلابة وتلاحم، وهذا يؤكد الجانب الوطني والاجتماعي لهذا البرنامج الذي يطغى على الجوانب العسكرية أو الأمنية الأخرى.

وختم الشيخ أحمد بن طحنون كلمته قائلاً إن برنامج الخدمة الوطني أكد على أن جميع أبناء الوطن امام القانون سواء، وانهم الجنود المسؤولون عن حمايته والذود عنه والدفاع عن مكتسباته بغض النظر عن مستواهم أو مكانتهم الاجتماعية، وأن الولاء كل لا يتجزأ وان الجميع مدينون لهذا الوطن بالوفاء والتضحية وأن الخدمة شرف عظيم لابد أن يتنافس الجميع لنيله.

البعد الاستراتيجي

ناقشت الجلسة الثانية برئاسة العقيد الدكتور محمد بطي الشامسي، نائب مدير أكاديمية شرطة دبي بالوكالة، المحور الاستراتيجي وقدم العميد الركن محمد النيادي، مدير التخطيط الاستراتيجي بهيئة الخدمة الوطنية، ورقة حول ضرورات الخدمة وعائدها الاستراتيجي، كما قدم الرائد الدكتور حمد الدرمكي نائب مدير إدارة الخدمة الوطنية ورقة «الخدمة الوطنية من منظور استراتيجي»، واختتم المؤتمر يومه الأول بورقة العقيد بيتر ماتس من القوات العسكرية الفنلندية، عرض فيها نظام الخدمة الوطنية بفنلندا.

Email