«حادث شبابي» أصابه بشلل نصفي

هاشل.. سقط عن الدراجة فاعتلى منصات التتويج

محمد هاشل يتوسط مجموعة من العاملين معه بروح مفعمة بالثقة والبطولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أراد محمد هاشل ذو العشرين ربيعاً، قضاء يوم ترفيهي، بصحبة أفراد أسرته، فاتجه إلى حديقة مطار العين مصطحباً دراجته لأنه من هواة ركوب الدرجات النارية، خصوصاً في ظل وجود الكثبان الرملية التي تستهوي راكبي الدراجات لممارسة هواياتهم على طريق المطار.

ركب محمد دراجته للاستمتاع بقيادتها فوق الكثبان الرملية، وفيما هو يسير على جانب الطريق، وإذا به ينزلق بدراجته ويسقط على الأرض على بعد أمتار منها؛ والسبب تسرُّب مياه الري التي كانت تسقي المسطحات الخضراء على جانبي الطريق، فوقع محمد مغشياً عليه بلا حراك، وعلى الفور نقل إلى مستشفى توام.

لحظة أليمة

في المستشفى حدث ما لم يكن في الحسبان، وكانت المفاجأة بانتظار أسرته المكونة من زوجته وولديه الصغيرين، فوقع الخبر كما الصاعقة، حين علموا أن حالة محمد حرجة، وقد تعرض لكسر في العمود الفقري، وانقطاع في الحبل الشوكي، ما يعني أنه أصيب بشلل نصفي، وسيصبح مقعداً على كرسي متحرك، بعد أن كان شاباً مفعماً بالحيوية والنشاط والطموح، لتحقيق مستقبل واعد.

تلك الأحداث كانت في بداية العام 2009، وقد مضى عليها 14 عاماً، لكنها تركت في الجسد والذاكرة حفرة عميقة مليئة بالحزن والألم.

محمد الذي يجلس على مقعده المتحرك، قال إنه وبعد أن أفاق من صدمة الحادث، حمد الله على كل شيء، وتقبل القضاء والقدر بصدر رحب، فتلك مشيئة الله، رغم أنه مقتنع أن لكل سبب مسبب، فما تعرض له كان بسبب هواية لا تخلو من الخطورة، وكان يجب عليه أن يتخذ كافة وسائل الحيطة والحذر، وإجراءات الوقاية والأمن والسلامة.

تحدي الألم

أمام تلك الحالة وكمّ المعاناة، لم يقف محمد مكتوف اليدين، عاجزاً عن تحقيق طموحاته ورغابته، مستسلماً لإعاقته ـ كما يراه البعض ـ بل قرر أن يستند إلى الإيمان بالله وبقدره، ويجدد العزيمة ويقهر المستحيل بالأمل، كي تستمر حياته، ويستكمل بناء أسرته وتربية أطفاله، كما كان يحلم ويخطط، فهو أب لطفلين ينتظرهما مستقل واعد، وكونه قد أحيل إلى التقاعد من عمله السابق بسبب الإصابة والإعاقة، راح يبحث كثيراً إلى أن وجد ضالته في مراكز وزارة الداخلية لذوي الاحتياجات الخاصة في العين.

هناك وجد الترحيب والدعم والتشجيع من قبل إدارة المركز، وعلى الفور تم إنهاء كافة الإجراءات والترتيبات لقبوله وتدريبه وتأهيله للدراسة في برنامج السكرتارية التنفيذية لمدة 6 أشهر، بعدها أتيحت له فرصة العمل في بنك المشرق، في قسم خدمة العملاء، حيث وجد ترحيباً وتعاوناً من قبل إدارة البنك والعاملين فيه، وبات محط اهتمام ورعاية الجميع، وموضع ثقتهم أيضاً.

على كرسيه المتحرك يصرّ على استقبالك بكل رحابة صدر وابتسامة ملؤها التفاؤل، ويرشدك إلى القسم المعني بإنهاء معاملتك. هكذا يواصل عمله بتحدٍ وإصرار.

منصات التتويج

لم يكتف محمد بذلك، وكونه رياضيا بالفطرة، فقد أراد أن يحقق ذاته ويشبع هوايته، ويمارس الرياضة كما كان يطمح، فتوجه إلى مركز نادي زاخر لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن هناك بدأ مسيرة جديدة مع الرياضة، ومع الحياة التي لا يقف أمامها شيء اسمه مستحيل، وبدأ يتدرب على أيدي مدربين أكفاء ومتخصصين في رياضة المبارزة ورياضات أخرى، وسريعاً أصبح عضواً في المنتخب الوطني لكرة السلة لذوي الاحتجاجات الخاصة، وكانت أولى مشاركاته في بطولة غرب آسيا، ثم في بطولة العالم في بودابست، وفي هونغ كونغ، تلاها المشاركة في بطولة العالم في ألمانيا العام 2013، وفيها تمكن من الوصول مع فريقه إلى الدور 16، وهي من النتائج المشجعة.

ويستعد الرياضي الطموح محمد هاشل، للمشاركة في بطولة العالم لذوي الاحتياجات في كوريا الجنوبية، وقد أنهى كافة التدريبات على أمل تحقيق نتيجة مشرفة للإمارات، التي وفرت لأبنائها كل مقومات التطور والازدهار في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة، إذ أولت الدولة لفئة ذوي الاحتياجات، اهتماماً خاصاً من حيث الرعاية والتدريب والتأهيل وتوفير فرص التوظيف، والعمل على دمجهم كأعضاء فاعلين في المجتمع.

أثر الإعاقة

أيقن محمد هاشل مبكراً أنه لا مستحيل في الحياة أمام تحدي الإعاقة والرغبة في الحياة، وعلى الإنسان أن يتقبل قضاء الله وقدره، وأن يعمل من أجل التأقلم مع ظروفه، فالحياة مليئة بالفرص والإمكانات، وفيها الكثير مما يستحق العيش والسعادة والتفاؤل دائماً، وفرص العمل والنجاح في دولتنا متاحة للجميع، وظروف التفوق والإبداع مهيأة بامتياز. المهم أن نمتلك العزيمة والإصرار، عندها لن يتبقى أثر للإعاقة الجسدية.

Email