عشرات القوارب تغدو خماصاً وتعود بطاناً

ثمار البحر على رصيف عجمان ليلاً ونهاراً

تصوير: غلام كاركر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلملم شمس عجمان خيوط أشعتها وتتحضر للمغيب، وتشرق شمس أخرى معلنة نهاراً جديداً عامراً بالنشاط والحركة والمتعة والتسوق؛ تمد عجلة الحياة بالطاقة لمواصلة مشوارها، إنها ثمار أعماق البحر المنبسطة صفوفاً على ساحات قلب المدينة الخافق بالأصالة والتراث والأسرار والقصص، والتجارب الإنسانية التي لا تسكن في غير هذه الأماكن المعتقة، والرطبة بالذكريات والتجارب الإنسانية القديمة.

 

في سوق السمك الواقع على شاطئ مركز عجمان، حياة من نوع آخر لا تعرف السكون ولا ليلاً أو نهاراً، يروي تفاصيلها الآباء والأجداد، الذين شقوا عباب البحار، وغاصوا في أعماقه، ونهلوا من كنوزه وخيراته، وورَّثوا لمن بعدهم مهنة ما برحت في مقدمة المهن التي مارسها ويمارسها المواطن الإماراتي وهي الصيد كوسيلة عيش، وهواية لا بد من توريثها إلى الأجيال المتلاحقة، فهناك كل شيء يذكّرك بالجَلَد والصبر، والتحدي، والمغامرة، والإصرار على تذليل صعوبات وتحديات الحياة لتستمر.

 

عودة القوارب

في ساعات المساء الأولى يتحول السوق والمنطقة المحيطة به إلى كرنفال أو بازار تجاري وسياحي، يتزامن ذلك مع عودة القوارب التي تغدو خماصاً وتعود بطاناً مشبعة بفاكهة وخيرات البحر، وما إن يفرغ الصيادون حمولتهم، حتى تبدو أرضية شاطئ السوق وكأنها مفروشة بسجادة ملونة مرصعة بأشهى وألذ وأجمل أنواع السمك: هامور وكنعد وصافي وزبيدي وبياح وخباط، والقباب والتبان والسلطان إبراهيم، وغيرها من الأسماك التي يفضلها أبناء الدولة وساكنوها، تمهيداً لبيعها في المزاد الذي يقام يومياً، بإدارة جمعية الصيادين المسؤولة عن تنظيم عملية البيع والشراء والعرض في السوق، وعن جل شؤون الصيادين المنتسبين إليها، والذين يتجاوز عددهم 350 صياداً.

صدى الدلالين

على وقع أصوات الدلالين والصيادين والبحارة، والباعة الباحثين عن الزبائن، وهدير مولدات مراكب الصيد، وأمواج البحر ورائحة بطنه، يتوافد الناس إلى السوق لشراء السمك الطازج، والاستمتاع بمشاهدة حصاد الصيادين، والتقاط الصور في المكان الذي تستعرض فيه الأسماك الحية رقصة الانتفاض من سكرات الموت.

 

المئات بل الآلاف يحضرون المزاد الذي تباع فيه أسماك بمئات آلاف الدراهم كل يوم، قادمة من دول عدة إلى جانب الإمارات، من إيران وقطر والبحرين، على اعتبار أن سوق عجمان من الأسواق الواعدة، التي تشهد حركة بيع وشراء نشطة، وموطــن صيد للصفقات التي يتحينها التجار والموردون الباحثون عن الكميات المطلوبة، بجودة عالية وأسعار مناسبة.

خدمات أخرى

ليست وحدها الأسماك التي تباع في السوق التي تشعرك وكأنك تبحر في أعماق البحر للتعرف إلى ساكنيه، فهناك دكاكين لبيع الخــــضار والفاكهة والورقيات الطازجة، والتمور والبيض والدبس والزبدة والحليب، والمالح، وبعض المشغولات اليدوية من خوص النخل، وأخرى لتجارة أدوات الشواء، وبيع أسمـــاك الزينة وكل متعلقاتها واحتـــياجات اقتنائها وتربيتها، إلى جانب توفير محــلات تقدم خدمات القلي والشوي للراغبين في ذلك مقابل مبلغ قليل من المال، زيادة على تخصيص الجمعية ركناً لتنظيف وتقطيع وغسل السمك، لاصطحابه إلى البيت جاهزاً للإعداد والطبخ.

السوق الجديد

يضم السوق الجديد الذي نفذته دائرة البلدية والتخطيط في عجمان على أرض مساحتها 13 ألف متر مربع، 100 وحدة «دكة» لبيع السمك، و20 لبيع الخضار، ومنافذ خدمية وكافتيريا، ومكاناً لتنظيف السمك، وصالة للانتظار، علاوة على ما يوفره لقاصديه من خدمات، تشمل 250 موقفاً للسيارات، ومساحات للتحميل والتنزيل، كما رُوعيت في تصاميم مبنى السوق ومرافقه، المعايير العالمية المعمارية والتراثية اللائقة ببيئة الإمارات، وتم تخصيص »براجيل« من أجل توفير نظام تهوية صحية وذاتية، للاستفادة من حركة الرياح القادمة من كل الاتجاهات.

Email