سعر بعضها يصل إلى 80 ألف درهم

حَمَام الزينة.. هواية وتجارة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يوماً بعد يوم؛ تتسع دائرة هواية تربية طيور الزينة «الحَمَام الغربي» بين الشباب المواطنين خاصة، وأبناء دول مجلس التعاون الخليجي على وجه العموم، ممن ينغمسون في أجواء ممتعة مع مئات بل آلاف الطيور مختلفة الأصناف والأشكال الغريبة والعجيبة، التي تستهوي شريحة كبيرة من الشباب الصغار خصوصاً، في حين يرتفع ثمنها بوتيرة متسارعة وكبيرة، لتصل قيمة الفرد منها في بعض الأحيان، إلى 80 ألف درهم وأكثر، وأقلها جذباً يُباع في حدود 500 درهم وأكثر.

هذه الهواية التي أمست لدى البعض ممارسة احترافية، وجدت لها جمهوراً عريضاً من الشباب الراغبين في اقتناص أفضل وأغرب الطيور شكلاً، بقصد زيادة انتاجها والمنافسة بها، وأحياناً المتاجرة والاستفادة المادية، إذ أمسى سوق طيور الزينة تجارة مربحة لدى الكثيرين من أبناء الإمارات ودول الخليج عموماً.

ومؤخراً اجتمع في دبي آلاف الشباب المربين الهاوين والمحترفين لهذا الصنف من الطيور في معرض وجد بإمكانيات شخصية بهدف التعريف بهوايتهم المستحدثة، والرائجة منذ العام 2000 وبوتيرة متزايدة، كما يقول القائمون على المعرض.

3 آلاف شاب

«البيان» جالت بين أقفاص الطيور مختلفة الأشكال والأصناف والألوان، وتحدثت إلى المربين الهواة والمحترفين، وتعرفت على الكثير حول هذه الهواية التي باتت تغزو حياة 3 آلاف شاب إماراتي، كما يؤكد أحمد الجناحي رئيس معرض الإمارات لطيور الزينة «الحَمَام».

وأضاف إن هذه المرة الأولى التي تستضيف إمارة دبي معرضاً بهذا الحجم والمسمى، الذي جمع أكثر من ألف مشارك من الإمارات ودول الخليج كافة، بتنظيم أصحاب الهواية من الإمارات، مشيراً إلى أن معارض كبيرة لطيور الزينة تقام في أميركا وأوروبا سنوياً، ومؤخراً انتقلت الفكرة إلى المنطقة العربية بعد أن بدا جمهور هذه الهواية في زيادة كبيرة جداً.

حكام أجانب

وأشار إلى أن المعرض استقدم حكاماً من أميركا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية إضافة إلى الإمارات، لاختيار أجمل الطيور في فئتي الذكور والإناث، وفي فئة بطل الأبطال، ويحصل المربون الفائزون على شهادات مشاركة وجوائز عينية رمزية، إذ إن الفكرة من المسابقة فقط التعريف بالهواية، وإيجاد أرضية صلبة لها على أرض دولة الإمارات، بما يضمن لآلاف المربين الشباب والمهتمين بطيور الزينة وبكميات كبيرة، متنفساً من الثقة والمعرفة للتواصل والاستفادة من الخبرات والتجارب المتوفرة في هذا المجال.

أحمد الجناحي هو أحد المحترفين في تربية طيور الزينة، ولديه في البيت ركن خاص بهذه الطيور فيه أكثر من ألف طير من مختلف أصناف الحَمَام الغريبة، التي يتنافس الشباب في تربيتها، وأبرزها: «شمسي أميركي» و«لونق فيس» و«جاكو بين» و«ستانيت» و«حب الرمان» و«النفاخ» وخلافها من الفئات، وأسعارها تبدأ من ألف درهم ولا تتوقف عند 80 ألفاً وأكثر، كما يقول.

مواصفات محددة

أما خليل إبراهيم أحد الشباب المشاركين في المعرض، والفائز بمرتبة متقدمة في أحد الطيور، فأكد أن هذه الهواية تتسع بشكل متسارع، وتستوعب كل يوم أشخاصاً آخرين يجدون متعتهم في تربية طيور الزينة «الحَمَام» تحديداً في بيوتهم، والانسجام معها على نحو مثالي، مشيراً إلى أن لكل فصيلة من الطيور مواصفات محددة، منها الذيل أو الرأس أو الرقبة أو الحوصلة أو الأجنحة، وهو ما يميز الأصناف عن بعضها شكلاً وقيمة، وكلما كان الشكل أجمل زادت قيمته حتماً.

وأوضح إبراهيم الظاهري الذي بدأ تربية حَمَام الزينة منذ نهاية التسعينات، أن أكثر الشباب المربين يتواجدون في دبي والشارقة وأبوظبي والعين، أما هو فيمتلك مزرعة تحتضن ألف طير، مشيراً إلى أن هذه الهواية تبدو دخيلة على مجتمع الإمارات لكون الأصناف الرائجة غير عربية، لكنها تتكامل مع هواية العناية بالطيور والحيوانات في الخليج عموماً، وذلك تراث قديم لا يزال في الصدارة.

الشباب والشواب

وقال الظاهري إن هواية تربية الطيور هذه، تجد رواجاً كبيراً بين الشباب، لكنها تستهوي كبار السن كذلك، وهم الأسبق في اقتناص فكرة تربية الحمام القادمة من أميركا وأوروبا أواخر القرن الماضي، لكنهم لا يتصدرون المشهد في الترويج لمنتجاتهم من هذه الطيور الجميلة، بل يتركون المهمة لأبنائهم وأحفادهم الذين يسيرون حتماً على الطريق ذاته.

 

بدوره؛ تطرق أحمد اللحياني رئيس نادي «الجاكوبين» السعودي، وأحد حكام المعرض الإماراتي لطيور الزينة «الحَمَام»، إلى علاقة شباب منطقة الخليج العربي، وتحديداً دول الإمارات والسعودية وعُمان، بطيور الزينة والحمام على وجه الخصوص، باعتبارها علاقة فاقت حدود التوقعات إلى درجة الاحتراف والتجارة في هذا المجال الدخيل على ثقافتنا العربية، مشيراً إلى أن أثمن هذه الطيور هي أصناف: «جاكوبين» و«لونق فيس» و«بخارى»، التي يصل سعر الفرد منها إلى عشرات آلاف الدراهم.

أبطال المشهد

وأضاف إن الشباب الصغار اليوم هم أبطال المشهد في تربية الأصناف الجميلة من الطيور، وقد تمكن أهل الخليج بفعل العناية والإنتاج والمتابعة والاهتمام، من أخذ مكانة دول المصدر في أوروبا وأميركا في بعض الأصناف مثل «جاكوبين»، التي أمست هنا الأفضل عالمياً.

ولفت اللحياني إلى أن متوسط عمر الإنتاج لهذه الطيور بين 7 و8 أعوام، وسنوات عيشها 15 عاماً، وقليلاً ما تتجاوز هذه السنوات.

مدير مدرسة

احتضنت مدرسة الرازي في دبي، معرض الإمارات الأول لطيور الزينة، الذي أقيم لمدة يوم واحد في عطلة نهاية الأسبوع، وشهد مشاركة كبيرة من شباب الإمارات والسعودية وعمان وقطر والبحرين، من المهتمين بتربية «الحَمَام الأجنبي»، من سلالات نادرة وثمينة.

ولأن مدير المدرسة يوسف حسن، هو أحد أقدم مربي الطيور الجميلة في الإمارات، كانت له بصمة داعمة لجهود الشباب الخليجيين، في توفير المكان المناسب والمريح لعرض أكثر من 1200 طير من نخبة طيور الزينة في 13 صنفاً مميزاً، بقيمة قُدّرت بـعشرات ملايين الدراهم.

دخلت في السبعينيات وعرفها الناس منذ 10 سنوات

 

أجمع مربو طيور الزينة والحَمَام الغربي القادم من أميركا وكندا وأوروبا، على أن هذه الطيور دخلت منطقة الخليج العربي في فترة السبعينيات عن طريق البحرين ثم إلى السعودية والإمارات وعُمان وقطر والكويت، وبدأت تربيتها في فترة مبكرة، لكنها لم تلقَ رواجاً إلا في نهاية التسعينيات وبداية الألفية الثانية، ومنذ ذلك الحين وأعداد المنتسبين لهذه الهواية المنبثقة من صلب اهتمامات مجتمع الخليج عموماً، في زيادة كبيرة جداً.

وحسب شهادات أبناء الخليج المربين لحَمَام الزينة، فقد وصل عدد مربي أصناف الحَمَام، إلى أكثر من 100 ألف في المملكة العربية السعودية، وبضعة آلاف في الإمارات، ونحو 10 آلاف في سلطنة عمان التي تمتلك نادياً خاصاً بهذه الشريحة من الشباب المربين والمهتمين بطيور الزينة.

وعلى الرغم من أن موطن هذه الطيور هو الغرب، في أميركا وكندا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا على وجه الخصوص، إلا أن نصيب منطقة الخليج العربي من أفضلها أصبح يضاهي ما هو موجود في موطنها الأصلي، بحسب ما يؤكد أحمد اللحياني رئيس نادي «الجاكوبين» السعودي.

ويتواصل أبناء منطقة الخليج عموماً في مناسبات غير منتظمة، لعرض إنتاجهم وحصيلتهم الفنية والمعرفية من طيور الزينة والحَمَام تحديداً، بهدف تحسين ظروف العناية بها والترويج لها، وهو ما يتم عبر وسائل التقنية الحديثة في الغالب.

وبالعودة إلى معرض الإمارات لطيور الزينة، فهذه هي المرة الأولى التي يقام فيها معرض شامل ومتكامل لهواة ومحترفي تربية الحَمَام الجميل، وقد حرص منظمو الحدث على إنجاحه بالقدر الممكن، عن طريق استضافة حكام أجانب وعرب من المنغمسين في هذه الفكرة، واستقدام مئات المشاركين من دول الخليج، لعرض أغرب وأجمل وأثمن هذه الطيور في مكان واحد.

وأوضح أحمد الجناحي رئيس المعرض، أن كلفة المعرض كاملة تم تغطيتها بجهود شخصية من المهتمين بهذه الهواية، مع قليل من الدعم من شركات خاصة، داعياً إلى مزيد من الدعم لتعزيز وتقنين وتأمين هواية الشباب الإماراتي في هذا المضمار، خاصة وأن الفكرة تلقى رواجاً منقطع النظير بين الشباب الصغار، وهو ما يبشر بمضاعفة أعداد المربين لهذه الطيور الجميلة إلى أرقام كبيرة جداً خلال سنوات قليلة. تربية طيور الزينة تتطلب مهارات وخبرات غير عادية

يرى قدامى مربي طيور الزينة من أبناء الإمارات، أن تربية هذه الأصناف من الطيور وإكثارها والمتاجرة أو المنافسة في أجملها شكلاً، لا تتم بمجرد القيام بالأمور الأساسية لمتطلبات عيش الطيور، وإنما تُبنى على أسس معرفية وعناية فائقة ونسق يومي متواصل من المتابعة والعناية بأدق التفاصيل الممكنة.

وأشار أصحاب الخبرة في هذا الشأن، إلى أن هذه الطيور لا تطير وتبقى حبيسة الأقفاص، والنظافة هي الأساس الصلب الذي يقف عليه إنتاج وتهيئة هذه السلالات الجميلة من أجل الظفر بواقع تجاري أو تنافسي مرموق. وأكدوا أن أقفاصها أيضاً غير تقليدية، ناهيك عن طعامها والعناية الصحية بها، والتهوية والتكييف والتعرض لأشعة الشمس، وما إلى ذلك من الأسس الواجب توفرها، حتى يضمن المربي إنتاجاً مرموقاً لأصناف من الحمام لا تشبه الحمام التقليدي إلا في اسمها.

وقال إبراهيم الظاهري وهو أحد أقدم مربي حمام الزينة، إن الشباب الجدد المقبلين على هذه الهواية لابد أن يزوروا المعارض التي تقام في مناسبات محددة، ويتعرفوا من أصحاب التجارب على الكيفية التي تضمن لهم المنافسة والنجاح في هذا المضمار، مشدداً على وجوب ألا يفكر الشخص في التجارة في هذا الحقل، وأن يقصر نظرته على الاحتراف والتميز في العناية بهذه الطيور الجميلة، القريبة من القلب والمعشوقة من العين.

أما يوسف حسن بو عمر، وهو مربٍ من الرعيل الأول بدأ الهواية في ثمانينات القرن الماضي، فأشار إلى وجوب توفر عناصر أساسية تضمن للهاوين ظروفاً أوفر للنجاح والتميز في هذا المضمار، في مقدمتها الرغبة والقناعة بالفكرة، ومن ثم التفرغ النسبي لمتابعة الطيور والوقوف على احتياجاتها ومتطلباتها، فالمربي هو طبيب طيوره، وهو الخبير في شؤونها، وعليه أن يوفر الأجواء المناسبة لها ليضمن إنتاجاً مقبولاً يؤهله للمنافسة والاستفادة في هذا الحقل، إذ إن مربي الطيور المعروفين على مستوى الإمارات والخليج، يبيعون شهرياً مئات الطيور لهواة كثيرين، وتلك سمة إيجابية حديثة، يمكن أن يستثمرها الشباب اليوم لتحقيق أرباح إضافية.

جاسم العبيدلي الشاب الذي نقل فكرة تربية طيور الزينة عن قريبه يوسف بو عمر، أضاف إن أكثر المتحمسين لفكرة تربية طيور الزينة والظفر بالمزيد منها هم الشباب الصغار، مشيراً إلى أنه يمتلك أكثر من 200 طير من حَمَام الزينة في مكان مخصص لها، لصيق بحجرات البيت، ويعتبرها أساساً راسخاً في حياته اليومية، وتلك حالة مشتركة بين مربي طيور الزينة في الإمارات الذين يوفرون كل ما يمكن لإنجاح مشروعهم الفريد والغريب، المتمثل في هواية تربية طيور الزينة والتي تتسع كل يوم بصورة كبيرة جداً.

110 آلاف

أكد جاسم العبيدلي أنه شهد قبل أيام قليلة بيع زوج من طيور الحمام الجميلة، بمبلغ 110 آلاف درهم، وذلك عن طريق مزاد أقيم لهذا الغرض، مشيراً إلى أن آلاف المربين في الإمارات يتواصلون عبر وسائل التقنية الحديثة، وينسقون مزادات متكررة ومعارض مصغرة، لتبادل الأفكار وتقديم العروض والمزادات في تجارة هذه الأصناف الرشيقة من الطيور، وبفعل هذه المزادات الدورية أصبح بإمكان المربين والمنتجين تكثيف اهتماماتهم بطيور الزينة وإيجاد مخارج لتجارة رابحة فيها، لاسيما وأن أعداد المقبلين على هذه الهواية في زيادة مستمرة، ومعظمهم من الشباب الصغار.

Email