تطور أجهزة التشخيص أدى إلى اكتشاف أمراض لم تكن معروفة

1000 مصاب بـ «التصلب اللويحي» في الدولة والأسباب مجهولة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرة هي الامراض التي لم نكن نسمع عنها في السابق وكثيرة هي الامراض التي تفاقمت حدتها وأصبحت ارقامها ونسبة المصابين بها تشكل عبئا ثقيلا على الجهات الصحية، اسباب الزيادة يعزوها الاطباء الى تطور نسبة الوعي وظهور اجهزة التشخيص الجديدة التي ساهمت في سرعة الكشف عن تلك الامراض فيما كانت اسباب الوفيات في السابق غالبا ما تسجل بسكتة قلبية او دماغية، ومن الامراض التي بدأت مؤخرا تطفو على السطح في المجتمع الاماراتي "التصلب اللويحي" الذي يصيب الاناث أكثر من الذكور وبنسبة أربع إلى واحد من سن العشرين إلى الأربعين.

ودفع وجود نحو ألف مريض بالتصلب اللويحي المتعدّد في الامارات مجموعة من الأطباء المتخصّصين إلى تأسيس جمعية اصدقاء مرضى التصلب اللويحي وهي جمعية ذات نفع عام تتبع وزارة الشؤون الاجتماعية وتضم اطباء ومتطوعين من مختلف التخصصات، بهدف نشر الوعي وتوفير الدعم السريري والنفسي والمعنوي لمرضى التصلب اللويحي المتعدد وذويهم.

أمراض مزمنة

الدكتور نزار ابراهيم (اختصاصي الامراض العصبية في مستشفى توام في العين وعضو جمعية اصدقاء مرضى التصلب اللويحي) أكد ان المرض يصنف ضمن قائمة الامراض المزمنة التي تؤثر على النظام العصبي المركزي ويمكن أن يتسبّب بالعديد من الأعراض من ضمنها تغيّر في الإحساس ومشاكل بصرية وإعياء حاد وضعف إدراكي وبالتوازن وارتفاع درجة الحرارة وألم. موضحا بان تصلّب الأنسجة المتعدّد يؤثر على الخلايا العصبية وهي خلايا الدماغ والحبل الشوكي التي تحمل المعلومات وتخلق الفكر والإدراك وتسمح للدماغ بالسيطرة على الجسم، إذ يحيط ويحمي بعض هذه الخلايا العصبية طبقة سميكة تساعد الخلايا العصبية على حمل الإشارات الكهربائية، ويتسبّب تصلّب الأنسجة المتعدّد بدمار تدريجي لهذه الطبقة في كافة أنحاء الدماغ والحبل الشوكي.

الأعراض

اعراض المرض تبدأ بالظهور وفقا للدكتور نزار بين عمر 10 سنوات و59 سنة لكنه غالباً ما يصيب من تتراوح أعمارهم بين 29 و 33 سنة وتبدو اعراضه بارزة في الجهاز العصبي المركزي الذي يتكوّن من المخيخ والنخاع الشوكي والعصب البصري، وهو مرض مزمن يعتقد أنه يحدث نتيجة الاختلال في الجهاز المناعي بالجسم إذ تهاجم خلايا الجسم الطبيعية مع تدمير لما يسمّى "مايلين" وهو العازل الواقي المغلّف للألياف العصبية فيعوق التواصل بين الخلايا العصبية للجهاز العصبي المركزي مؤدّياً لظهور أعراض المرض.

وعن اسباب المرض قال الدكتور نزار ابراهيم لم يتوصل الطب حتى يومنا هذا إلى السبب المباشر لمرض التصلُّب اللُّويحي، إلا أن الأبحاث ترجّح وجود عوامل بيئية وأخرى وراثية مشتركة تؤدي للإصابة به، علماً أنه اكتشف سنة 1870، فيما لم يبدأ علاجه سوى في سنة 1990. وينتشر المرض في المناطق البعيدة عن خط الاستواء كأوروبا وأميركا الشمالية. وتتمثّل العوامل البيئية المسؤولة في بعض أنواع البكتيريا أو الفيروسات التي قد تؤدي إلى تدمير غشاء "المايلين" في الإنسان والحيوان إذ اتّهمت فيروسات عديدة بالتسبّب في هذا المرض ولكن تغيب الإثباتات القاطعة عن الأمر، وهناك ابحاث اخرى تشير الى نقص فيتامين "د" قد يكون من احد العوامل المسببة للمرض.

تطور علاجي

وأكد اختصاصي الجهاز العصبي الدكتور نزار ابراهيم أنّ المرض شهد تطوراً علاجيا في الآونة ألأخيرة بدءًا من الحقن إلى الحبوب مشدداً على أنّ الأهم يبقى أن يعرف المريض كيفية اختيار الطبيب المناسب والمتخصّص كي يتم تشخيص مرضه بدقة متناهية دون ان يقع في اسوأ العلاجات ، وقد أظهرت الأبحاث أن البدء المبكر في بعض انواع العلاجات قد يؤخّر في ظهور الإعاقة خصوصاً في خطورة حدوث إعاقة مؤكّدة بسبب التصلّب المتعدّد مع العلاج المبكر مقارنة بالعلاج المتأخّر.

وأشار الى ان هناك ثمة أدوية حديثة متاحة مثل الحقن تساعد في تغيير مسار المرض عن طريق التخفيف من عدد مرّات الانتكاسات وشدتها لتؤخّر ظهور العجز، وهذه الأدوية التي يطلق عليها اسم الأدوية المعوّلة للمرض، لذا ينصح بالاستخدام المبكر للدواء الذي يحدّ بكفاءة من ظهور الإصابات ومنع خمور المخ مع الأخذ بعين الاعتبار الوصفة العلاجية للطبيب وعوامل عديدة كالانتكاسة لمرّات عدّة إلى درجة العجز ونوع المرض طول فترة المرض ونتائج الرنين المغناطيسي.

تكيف مع المرض

وفي لقاءات مع بعض المرضى المصابين بالتصلب التلويحي قالت رندا ابراهيم في العقد الثالث من العمر بأنها اكتشفت اصابتها بالمرض بعد حدوث غشاوة شديدة على البصر لتكتشف عند مراجعتها للطبيب بأنها مصابة بمرض التصلب اللوحي. وقالت لا اخفيك وقع الصدمة كان قويا علي ولكني بدأت اتقبل الوضع وأتكيف مع المرض بمساندة ودعم جميع من حولي ولحسن الحظ ان تشخيص الطبيب كان دقيقا والأدوية والحقن التي وصفها لي اعطت نتائج جيدة حيث يستخدم غالبية المرضى حقنا تحت الجلد يتشابه استخدامها إلى حد ما مع مستخدمي الانسولين في مرض السكر. والآن اعيش وأمارس حياتي الطبيعية ولكن مع بذل أي مجهود اشعر بالإرهاق والتعب.

اما زميلها اسامة فقد اصيب بشلل نصفي من الجهة اليسرى، وساءت حالته كما يقول نتيجة التشخيص الخاطئ لأحد الاطباء بعد ان وصف له ادوية ادت الى تفاقم المرض وبعدها راجع احد المراكز المتخصصة بالأعصاب بدبي وتم تشخيص المرض وبدأ استخدام الحقن ثلاث مرات اسبوعيا بنجاح. ويضيف لم اسمع عن المرض من قبل ولا اعتقد ان لدينا أي احد في العائلة قد اصيب به من قبل ولكن اعتقد ان الضغط النفسي والقلق ومتاعب الحياة اليومية كانت وراء سبب اصابتي بالمرض. وتابع: بعدها ذهبت ثلاث مرات إلى تايلاند للعلاج ، ووصفوا لي ادوية متطورة اوقفت تفاقم المرض ولكنها لم تعالجه لأنه لا يوجد علاج ناجع لغاية الآن لاعتباره من الامراض المزمنة التي يتعين على المريض التعايش معها ونصحوني بعمل العلاج الطبيعي وما زلت مستمرا بذلك.

إحصاءات

 

تظهر الأرقام العالمية أن مرض التصلُّب اللُّويحي المتعدد يصيب ما بين 25 إلى 50 فرداً لكل 100,000 نسمة في المجتمعات العربية ونحو 100 فرد لكلّ 100,000 نسمة في شمال أوروبا ويزداد كلما ابتعدنا عن خط الاستواء.

ويتراوح عدد المصابين بالمرض عالميا بين 2.5 _ 5 ملايين مصاب ولا يعرف السبب الرئيسي لهذا المرض متعدد الأنواع منها الحميد ومنها الوخيم وهو ليس وراثيا، أعراض المرض عديدة منها الشعور بالخدر في شق معين في منطقة الوجه مع عدم الرؤية في إحدى العينين وصعوبة في الاتزان أثناء المشي والشعور بصعوبة في التبول لدى بعض الأشخاص.

Email