اعتبر مؤتمر القاهرة فرصة لتوحيد الرؤى

أحمد قذاف الدم لـ «البيان»: حل الأزمة الليبية في يد القبائل

■ أحمد قذاف الدم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد المنسق السابق للعلاقات الليبية المصرية أحمد قذاف الدم أن لا حل للأزمة في ليبيا إلا باجتماع الليبيين حول طاولة واحدة دون إقصاء وأن مؤتمر القبائل والمدن الليبية في القاهرة سيكون فرصة لأصحاب الحل والربط من القيادات الاجتماعية للتحاور والتشاور والخروج برؤية وطنية موحدة لإنقاذ البلاد من حالة التردي التي وصلت إليها نتيجة التدخل الخارجي والصراع على السلطة وانتشار الإرهاب واتساع نفوذ الجماعات المسلحة.

وفي حوار مع «البيان» توقع قذاف الدم إخراج الليبيين بلادهم من أزمتها وسيتجاوزون النفق المظلم إذا أدركوا أنها لهم جميعا وأن لا أحد يستطيع أن يحتكر السلطة والثروة والسلاح تحت أي شعار، مبرزا أن الغرب يتحين الفرصة للتدخل المباشر في ليبيا، وأن هناك قوى خارجية تدعم قوى داخلية بهدف الهيمنة المطلقة على البلاد مقابل تهميش أغلبية الشعب الليبي وخاصة القبائل التي تمثّل الأغلبية الساحقة من الشعب.

وفي ما يلي، تفاصيل الحوار الذي تركز على الأوضاع الراهنة في ليبيا إذ شدد قذاف الدم على ضرورة الخروج بليبيا إلى بر الأمان وعدم منح فرصة للقوى الخارجية التلاعب داخل ليبيا من أجل أطماع غير مشروعة، مؤكداً أن عملية الكرامة التي يقودها اللواء خليفة حفتر جاءت كرد طبيعي لرد الاعتبار للوطن وتطهيره من الإرهاب.

الحل بالحوار

كيف تنظرون إلى مؤتمر القبائل الليبية في القاهرة؟

في أكثر من مناسبة قلت إن لا حل سوى الحوار، ولكن أي حوار؟ أعتقد أن الحوار يجب أن يكون بين الليبيين دون أقصاء لأي طرف، ولأن القبائل تعتبر صدارة المجتمع وأغلبيته الساحقة والغطاء الاجتماعي للشعب فهي المعنية أولا بأي حوار حتى لا يكون تهميشها ضربا لطبيعة التركيبة المجتمعية والفاعلين السياسيين الأصليين من أجل خدمة أجندات حزبية وسياسية هدفها تغيير الواقع الليبي باستبعاد عماده الاجتماعي وهو القبائل التي عرفت إلى حد الآن كيف تحول دون تفتت المجتمع ودون دخول البلاد في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.

المطلوب من اجتماع القاهرة هو أن تثبت القبائل الليبية للعالم أنها قوة التأثير الفعلي على الأرض ولا يمكن لأي طرف أن يستهين بها، كما أنها أساس كل حل، وبالتالي فهي صاحبة المصلحة الأولى في حل القضايا وتجاوز الأزمة نظرا لأنها موجودة على الأرض وليست لها ارتباطات إلا ببعضها وبوطنها ولا تخدم إلا أجندة ليبيا وأيديولوجيتها هي مصلحة ليبيا.

بمعنى آخر، القبائل لها دور مهم في بلد عربي كليبيا فهي الأساس الاجتماعي وهي المظلة التي تجمعنا وفيها غالبية الشعب الليبي باستثناء بعض الأحياء في بعض المدن، وستشارك في توحيد الصف المجتمعي، قبل أسابيع كان لدينا مؤتمر القبائل في الغرب وفي الجنوب وفي الشرق، وحان الوقت لعقد مؤتمر تلتقي فيه كل قبائل ليبيا لأخذ قرارات تجمع الوطن وتلملم جراحه وتؤكد الثوابت وتختار قيادة اجتماعية، خصوصا وأن لها آليات اجتماعية موروثة لحل كل ما تراه الآن في الواقع الليبي عن طريق أعراف لا تختلف عليها في حل كافة المشاكل، وهذا يؤكد أن الذين تصدروا المشهد في المرحلة الأخيرة من دول وسفارات ومبعوثين كانوا يتعاملون مع الواقع الليبي كما يتعاملون مع دولة في اسكندنافيا.. فنحن نريد إعادة التشخيص وكذلك طرح ما يلائم بيئتنا وإعادة اللحمة للنسيج الاجتماعي والوجه الحقيقي لليبيين الأحرار.

علاقات تاريخية

ولماذا اختيار القاهرة لعقد المؤتمر؟

العلاقات الليبية المصرية ضاربة في عمق التاريخ والجغرافيا والتحديات كذلك، ولا توجد قبيلة ليبية ليست لها امتدادات في مصر ولا قبيلة مصرية بغير امتدادات في ليبيا، كما أن ما يجرى في مصر يهم ليبيا وما يجري في ليبيا يهم مصر، والأشقاء المصريون كانوا دائما مع حل الأزمة الليبية سلميا، وهو يدركون دور القبائل في تحديد معالم الحاضر والمستقبل، ولذلك نجدهم يستقبلون المؤتمر بكل أريحية ودون أية ضغوط على أي طرف من الأطراف وهم ليسوا شركاء في الحوار وإن كانوا يدعمونه بكل قوة ليحقق أهدافه التي تخدم مصالح الشعب الليبي.

وأما لماذا القاهرة؟ كان الليبيون يتمنون لو أن المؤتمر انعقد داخل ليبيا ولكن يبدو أن أسبابا عدة تحول دون ذلك وخاصة منها الأسباب الأمنية وصعوبة التنقل بين جهات البلاد ذات المساحة الشاسعة.

هل تعتقدون أن الحوار يمكن أن يصلح ما أفسدته لغة السلاح؟

أعتقد أن الحوار هو الطريق الوحيدة لخروج ليبيا من هذه الكارثة التي حلت بها ودفعنا جميعاً ثمنها غاليا، لقد تعرضت ليبيا إلى حرب ظالمة نتيجة التجاوز الخارج عن القانون الدولي الذي كان يدعو لحماية المدنيين لا تدمير وطن.

والحوار هو كذلك معركة ولكن دون دماء ولا دمار، ونحن مستعدون لأن ننحني أمام الوطن ونقدم تنازلات من أجل إنقاذه ليعود عزيزاً موحداً آمناً لكل أبنائه وواحة للسلام، أما من يعتقد أنه سيركع شعبنا بالسلاح فهو واهم ونحن خبرنا بعضنا جيداً خلال المواجهات التي استمرت ثمانية أشهر مع حلف الأطلسي وأتباعه، فكل الليبيين شجعان، وتاريخهم مع الشجاعة ثابت، وهم لن يستسلموا أبدا لما يمكن أن يفرض عليهم من الداخل أو الخارج.

أما ما يسمى عن الحوار بين الفرقاء فهو للأسف محاولات لذر الرماد في العيون ولحفظ ماء وجه المبعوث الأممي برناردينو مع احترامي لمبدأ الحوار وللمتحاورين لأنهم من ناحية لا يملكون من أمرهم شيئاً وما يقومون به هو ترميم لجدار من غير قاعدة ومحاولة لشرعنة الباطل الذي ساق ليبيا إلى الجحيم خلال هذه السنوات العجاف.

طي الماضي

سبق وأن دعوتم إلى مؤتمر على غرار مؤتمر الطائف لحل الأزمة اللبنانية فكيف تفسرون ذلك؟

أنا دعوت إلى أن نطوي صفحة الماضي ونسقط هذا الواقع البائس ونوحد أنفسنا تحت راية بيضاء للسلام، ودعوت إلى أن نجلس جميعاً في مؤتمر على غرار مؤتمر الطائف يمثل فيه كل الليبيين في أي مكان أمن تحت رعاية دولية لنقرر فيه بحرية علم الدولة ونظامها السياسي ودستورها، إن كل مدن وقرى ليبيا وقواها شريكة في التأسيس للمستقبل، ومن هذا المنطلق يمكن اختيار حكومة من كفاءات مستقلة بحيث لا تكون مرتبطة بأي طرف سياسي من أطراف الصراع، تشرف على إعادة بناء مؤسسات الدولة

علاقات برلمانية

أكد المنسق السابق للعلاقات الليبية المصرية أحمد قذاف الدم وجود تواصل مع البرلمان الليبي المنتخب رغم أننا لم نشارك فيه ونرى أنه يضم رجالاً وطنيين ويعتبرون أنفسهم ممثلين لكل الليبيين دون تفرقة عكس المجلس السابق سيئ الذكر الذي أقر قوانين سيئة السمعة أدانها المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان تحت تهديد السلاح في طرابلس. واعتقد أن البرلمان الليبي حقق مكاسب مهمة تثبت توجهه الوطني ومنها إلغاء قانون العزل السياسي.

Email