الهروب والسرقات والقضايا الأخلاقية وضرب الأطفال على رأس القائمة

جرائم الخدم.. ورم سرطاني ينمو في غيـــــــاب التشريعات الرادعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت أعاملها باعتبارها فرداً من الأسرة، لم أحرمها من شيء، فقد كانت تأكل من طعامنا، وترتدي ثياباً من نفس النوعيات التي نرتديها، وخصصت لها غرفة مجهزة بكل ما يكفل لها الحياة الكريمة، وعلى الرغم من هذا كله، وبعد أربعة أعوام من العشرة، هربت بعد أن سرقت مجوهراتي.

لا أدري لماذا اقترفت هذه الجريمة؟ وكيف ردت على حسن صنيعي معها بهذه الإساءة البشعة؟

لم أكن أتخيل ذات يوم أن أجد نفسي في هذا الموقف، وما حسبت أن جزاء الإحسان يكون النكران.

بهذه العبارات تحدثت «أم خالد» عن قصتها المريرة مع الخادمة، وهي ليست حالة فردية، فحالات هروب الخدم، واقترافهم أو اقترافهن جرائم ضد مخدوميهم، تعد ظاهرة من أكثر الظواهر تفاقماً في المجتمع، وبالإضافة إلى حالات الهروب، ثمة جرائم أخرى تتفاوت حدتها وخطورتها.

فهذه خادمة استغلت غياب مخدوميها خارج الدولة في إجازتهم السنوية، فأخذت تمارس جرائم غير أخلاقية، وجلبت صديقاتها ممن على شاكلتها ليشاركنها في الجرائم، مما أدى إلى مداهمة الشرطة للبيت، وإلقاء القبض على كل من كان فيه وتشميعه بالشمع الأحمر، الأمر الذي أصاب أفراد الأسرة بصدمة مدوية لدى عودتهم.

وتلك خادمة أخرى، دأبت على تعذيب رضيع في المهد، وتجويعه وضربه حتى يتوقف عن البكاء، حينما تكون أمه في الدوام، وهذه حاولت استغلال الخلاف الدائم بين الزوج والزوجة، فتعمدت إلقاء شباكها حول الزوج، حتى يتزوجها وتصبح هي «السيدة» وتنتقم من مخدومتها التي كانت تقرعها إن تقاعست وقصرت عن تأدية مهام عملها، فيما لجأت أخرى إلى التغرير بابن مخدومتها المراهق، والذي لا يزيد عمره عن ستة عشرة عاماً، ثم ادعت بأنها حامل من علاقتها المحرمة معه.

وهكذا... تتسع القائمة «السوداء»، وتشمل الكثير من الجرائم، التي تقض مضاجع الأسر المواطنة والوافدة، وتنعكس سلباً على مستويات الاستقرار الاجتماعي والأمني للمجتمع، ناهيك عن انعكاساتها على تنشئة أبنائنا.

فلماذا تنتشر هذه الجرائم في مجتمعنا، على الرغم من أننا نميل إلى الطيبة والتسامح، ويحرص القطاع الأكبر منا على الإحسان إلى الخادمات، باعتبارهن «مكسورات الجناح»؟

وهل يرجع الأمر إلى وجود فجوة تشريعية ما، تتسبب في أن الخدم لا يخشون عواقب جرائمهم، على اعتبار أن النهاية لن تكون أشد من «التسفير» والإبعاد خارج الدولة؟

وهل الرفاهية الاقتصادية التي ننعم بها، قد ساهمت في جعلنا أكثر اعتماداً على الخدم، وإلى تخلي الأسرة عموماً والأمهات بوجه خاص، عن دورهن في تربية النشء؟

هذه الأسئلة وغيرها... كانت محور «مجلس البيان» - الطاولة المستديرة - الذي تستضيفه الجريدة مرتين شهرياً، وعقد مؤخراً وأدارته فضيلة المعيني رئيس قسم الدراسات والملاحق التحريرية.

في بداية الندوة، تحدثت المعيني حول الإفراط في الاعتماد على الخدم، في المجتمع الإماراتي، إلى درجة أن بعض الأسر تستخدم أربع خادمات في الوقت ذاته، على الرغم من أن عدد أفرادها لا يزيد عن ستة أشخاص، وكذلك عما وصفته: بالخلل القانوني الذي يجعل الكفلاء في بعض الحالات الحلقة الأضعف، وأيضاً عن الدور السلبي لبعض مكاتب توريد العمالة التي تمارس الغش والتدليس، وتتعمد إخفاء المعلومات عن راغبي الحصول على خدم منازل.

ووصفت المعيني جرائم الخدم بالورم الخبيث الذي لا يجب السكوت عنه، أو علاجه بالمسكنات والحقن المخدرة، فلابد من تضافر جهود كافة الجهات ذات العلاقة، وعلى رأسها وزارتا الداخلية والعمل، لوضع آليات تضمن الحفاظ على أمن وسلامة المجتمع.

 

تحديات

وتحدث حميد راشد بن ديماس السويدي، مدير عام وزارة العمل، حول أعداد الخدم في دول مجلس التعاون الخليجي التي تقدر بنحو ثلاثة ملايين خادمة من مختلف الجنسيات ومعظمهم من آسيا، وهناك عشرات الآلاف من حالات الهروب التي تعد الجريمة الأكثر انتشارا بين خدم المنازل ومن في حكمهم، غير أن الدولة اتخذت الكثير من الإجراءات التي تكفل التقليل من الظاهرة، والعمل على استئصالها، وهناك جهود تبذلها وزارة الداخلية حالياً لإصدار قانون يعيد تنظيم العلاقة.

وقال السويدي: أتوقع أن يتزايد عدد الخدم بشكل واضح خلال السنوات القادمة، وهذا أمر طبيعي بسبب الرفاهية التي تتمتع بها الدولة، وارتفاع نسبة التعليم، وخروج نسبة كبيرة من المواطنات إلى سوق العمل، مما يستدعي أن تتشكل لجنة أو فريق عمل من الأجهزة المعنية والمؤسسات المختصة، بحيث تجتمع بشكل دوري لمناقشة ملف الخدم كونه يمس كل المجتمع، ولأن خدم المنازل باتوا يشكلون تحديا اجتماعيا وأمنياً واقتصاديا وسياسيا، ومن المتوقع بعد أقل من شهر تقريبا ومن خلال مشاركتنا في منظمة العمل الدولية في جنيف أن يتم اعتماد أول اتفاقية دولية للعمل المنزلي.

وقد نشطت في الفترة الأخيرة منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان في مجال العمالة المهاجرة، لأن العمل المنزلي له خصوصيته والعامل المنزلي ليس موظفا بقدر ما هو جزء من الأسرة نفسها، وانطلاقا من هذه النقطة المهمة نجد أن بعض الدول العربية تصر على استثناء هذا من لائحة قوانينها مع العلم أن أعداد الفئات المساعدة فيها كبيرة، بالرغم من أنه يجعلها دائما في موضع انتقاد ويلف حولها مئات علامات الاستفهام والتعجب، أما البعض الآخر فقد سن القوانين وحدد سياسة واضحة للتعامل مع هذه المشكلة.

وحول النتائج الإيجابية للاتفاقية المنتظرة، قال السويدي: تحظى الاتفاقيات عادة بقوة القانون وتلزم من يصادق عليها وعلى جميع أعضاء المنظمة الدولية احترام مبادئها الأساسية، وعدم إصدار تشريعات وتطبيقات وممارسات تتعارض معها، وتشتمل هذه الاتفاقية على مبادئ ثابتة للحقوق الأساسية للفئات المساعدة وهي: ساعات العمل والأجر والإجازات.

 

بين هروب وانقطاع

واستطرد السويدي قائلا: تستثني المادة الثابتة في قانون العمل الإماراتي خدم المنازل ومن في حكمهم، حيث لا توجد تشريعات تنظم أمورهم وتوضح حقوقهم وواجباتهم وآلية عملهم، ولكن وزارة الداخلية قامت منذ نحو أربع سنوات، بجهود حثيثة لإصدار العقد النموذجي بين الخادم والمخدوم، وهذا العقد ساهم في ضبط الإيقاع إلى حد كبير، لكن مازالت هناك طموحات وآمال أخرى نسعى إليها.

وكمتابع في ملف الحقوق العمالي عبر السويدي عن افتخاره بحرص الدولة على احترام حقوق الفئات المساعدة، لافتا إلى أن الممارسات السلبية من بعض الأسر أو الكفلاء تجاههم لا تعبر إلا عن فئة قليلة جدا في المجتمع المحلي، وقال: أرفض بشدة ما ادعته بعض المنظمات مؤخرا حول أن الخدم يموتون جوعا في الإمارات، لأنه غير صحيح وفيه الكثير من الغبن والمغالطة والقفز على الواقع والتعميم، فنحن كمسلمين بالدرجة الأولى لدينا التزامات أخلاقية وعادات وتقاليد تركز على صيانة حقوق الغير.

وحين سألته المعيني عن أعداد الخدم الهاربين من المنازل، رفض السويدي مصطلح «الهروب» لأنه يدل على أن منازلنا بمثابة سجون للخدم وهذا غير صحيح واستبدله بـ»انقطاع عن العمل لسبب غير مشروع»، وقال: وجدنا من خلال تجربتنا في وزارة العمل أن عدد العمالة المنقطعة عن العمل لأسباب غير مشروعة في عام 2006 وصل إلى 60 ألف عامل، وهذا أدهشنا لأن الإمارات بلد الأمان والرفاهية التي تحمي حقوق الإنسان وكرامته وتحترم إنسانيته، ودفعنا لإصدار قرار في العام نفسه ينظم العلاقة بين العمال المنقطعين عن العمل لأسباب غير مشروعة والكفلاء ويفرض الغرامات المالية على المخالفين، وقد كان له الفضل في انخفاض نسب وأعداد العمال المنقطعين عن العمل لأسباب غير مشروعة في عام 2007 إلى أن وصل إلى 34 ألف عامل في عام 2008، ولكن هذا الرقم عاد ليرتفع في عام 2009 حيث وصل إلى 38 ألف عامل ثم انخفض في عام 2010 ليصل إلى 27 ألف عامل هارب.

 

تشديد العقوبات

ودعا السويدي إلى تشديد العقوبات على من يقومون بإيواء الخدم المنقطعين عن العمل، لأنهم سبب رئيسي في تنامي ظاهرة هروبهم، مطالباً بآلية مؤسسية تنظمها الدولة تتيح للعمال بشكل عام التعبير عما يواجهون من تحديات في بيئة العمل ذات الظروف الصعبة، وعما إذا كانوا يتعرضون إلى أي ظلم وانتهاك للحقوق.

وقال: من أمن العقوبة أساء الأدب، وما من شك في أن فرض العقوبات سيعيد حسابات من يضربون القوانين عرض الحائط، خوفا من تعرضهم للملاحقة القانونية الصارمة، وتجنباً للغرامات المالية الطائلة، وسيجعل الفئات المساعدة أمام خيارين فقط الأول الرضا بالواقع، والخيار الثاني هو تقديم الشكوى للجهات المعنية، وقد أتحنا الفرصة لهذه الفئات لتقديم شرح مفصل حول غيابها وانقطاعها عن العمل، ونحن نستقبل بمتوسط 2500 طلب سنويا.

وللاطلاع على القضية من الجانب القانوني، قال المحامي والمستشار القانوني زايد سعيد سيف الشامسي: إن الدولة الغربية تطبق الكثير من المعايير التي تحكم العلاقة بين الخدم الكثير باعتبارهم فئة لا غنى عنها من العمالة المساعدة، وبين مخدوميهم، وهي معايير تنظم وتحدد عدد ساعات العمل وتقر الحقوق في حصول الخادمة على الإجازة السنوية، وسواء وضعت هذه المعايير في الاتفاقية أم لم يتم إقرارها، إلا أن الحقيقة الواضحة هي أن مجتمعنا ليس في حاجة إلى اتفاقيات دولية لتعلمه الرحمة والعطف والبر، فنحن لا نعامل الخدم على أنهم غرباء بل نحتويهم ونكفلهم ونوفر لهم كل ما يحتاجونه، والغربيون لن يفهموا طبيعة حياتنا ووضعنا الاجتماعي، كما أن الدولة تعي تماما أن الأسر الإماراتية تعامل الفئات المساعدة في منازلها من منطلق الأصالة البدوية وتعاليم الرحمة الإسلامية، ولهذا السبب لم تضع تشريعا خاصا بهم.

والتقط السويدي طرف الحديث قائلاً: إن دستور الدولة يحمي حقوق العمالة الأجنبية ويصونها وفق أرقى التشريعات والقوانين، وأن وزراء العمل في كافة دول الخليج أصدروا لائحة استرشادية لخدم المنازل قبل أن يتم طرح الموضوع في جنيف، فما كان من الشامسي إلا أن أيده وقال: تطبيق القوانين يكون صعبا في بداية الأمر، وعلينا نشر ثقافة تسهم في تغيير الفكرة السائدة عند الكثير من الكفلاء وربات البيوت وهي أن خدم المنازل ملك لهم، وأنا لست ضد التشريع الوطني لأنه سيكون الحد الفاصل بين الخدم والكفلاء.

 

300 مكتب لجلب العمالة

ومن خلال تجربتها كصاحبة مكتب لجلب العمالة قالت عذيجة علي ناصر بو عصيبة، متقاعدة من وزارة الداخلية- خدمات طبية: ارتباط مكاتب العمالة والخدم بين إدارة الهجرة ووزارة العمل، وفتح الأبواب أمام غير المواطنين للعمل في هذا المجال من أبرز المشكلات التي تواجهنا، لأن معظم مكاتب العمالة والخدم التي وصل عددها إلى 300 مكتب في الإمارات مؤجرة للأسف.

واقترحت أن يتم دمج جميع مكاتب الخدم والعمالة في جميع أنحاء الدولة تحت مظلة مؤسسية واحدة، وقالت: ستزيد هذه الفكرة من مقدار الاستفادة المادية لأصحاب مكاتب العمالة والخدم، كما ستساعد في حل مشكلة البطالة لأنها ستوفر الوظائف لعدد كبير من أبنائنا بعد تدريبهم بشكل جيد، والأهم من ذلك كله أن تلك المؤسسة ستمكننا من محاصرة ظاهرة هروب الخدم والسيطرة عليها، وأنا هنا أشدد على كلمة الهروب لأن الانقطاع عن العمل يعني إمكانية إيجاد تلك الخادمة بعد وقت ما .

ورداً على سؤال حول الصعوبات التي تواجهها قالت: تدر مكاتب الخدم والعاملة مالا وفيرا على أصحابها، ولكن رفع وزارة العمل للأسعار ورسوم التأمين على المكاتب دفعت أصحاب المكاتب لرفع أسعار الخادمات وهذا على حساب جيوب المستخدمين ورب الأسرة، لأن الخادمة الفلبينية التي كان يجلبها لخدمة أسرته مقابل ثمانية آلاف درهم على سبيل المثال أصبحت اليوم بتسعة آلاف درهم، لذا لابد من توطين مكاتب العمالة ووضع سياسة واضحة وعامة، وأنا أتعهد بتدريب جميع الشباب والشابات في حال تم تطبيق الفكرة مجانا.

ورأى زايد الشامسي أن وجود آلية تحدد كيفية إنهاء العلاقة بين الخادم والأسرة في التشريع الجديد والمزمع اصداره قريبا سيحل المشكلة من جذورها، وقال: القوانين والعقود الواضحة تعالج ظاهرة هروب الخدم وفوضى سوق الخدم وتحدد حقوق الطرفين وواجباتهما، وأنا أؤيد فكرة بو عصيبة ولكنني لا أعتقد أنها خرجت عما وصلت إليه وزارة العمل.

وقالت قولمار الجلّاف التي تدير مكتبا لتوريد الأيدي العاملة: تقليل تكلفة الضمان على الكفلاء لا يشجعهم على تشغيل وإيواء الخادمات الهاربات، فالبعض يحتاج إلى خادمة ولكنه لا يستطيع دفع مبلغ سبعة آلاف درهم وأحيانا ثمانية آلاف درهم من أجل خادمة فلبينية إلى منزله.

 

تجارب وأساليب

واتفقت نهى الكسواني، سكرتيرة أولى في مؤسسة محمد بن راشد للإسكان هربت خادمتها منذ فترة قصيرة، مع فكرة بو عصيبة، وقالت: من المفترض أن يتم توطين مكاتب العمالة والخدم وأن يقتصر العمل فيها على المواطنين بشكل خاص لأنهم أبناء الدولة والأحرص على حمايتها والمحافظة عليها، فالفوضى التي تتحدثون عنها في سوق الخدم والجرائم البشعة التي نقرأ تفاصيلها بشكل يومي في الجرائد والصحف نتجت عن فتح المجال أمام الوافدين لدخول مجال حساس للغاية يؤثر بشكل رئيسي على أمان الأسر والمنازل، وبالنسبة لي فقد هربت خادمتي بعد أسبوع واحد من إقامتها في منزلي وبعد التحقيق تبين أنها قد اتفقت مسبقا مع صاحب المكتب على الهروب بشكل مستمر بعد فترة من إقامتها في أي منزل، حيث يؤمن لها عملا عند عائلة أخرى تعطيه 500 درهم مقابل جلب الخادمة، ثم تهرب الخادمة بعد فترة وتتكرر عملية الاحتيال والنصب وهو الرابح الوحيد لأنه يحصل على 500 درهم من كل عائلة ولأن الخادمة لا تستطيع تقديم شكوى ضده لأنها مخالفة.

وتحدثت الكسواني عن تلاعب أصحاب المكاتب بسير الخادمات الذاتية، وقالت: يقوم أصحاب المكاتب بتزوير مؤهلات الخادمات ومهاراتهن، وذات مرة جلبت خادمة على أساس أنها تجيد الطهي كما هو مكتوب في السيرة الذاتية ولكنني فوجئت عندما أخبرتني أنها لا تتقن إعداد أي شيء، لذا أقترح أن تكون هناك جهة رقابية تركز على هذا الجانب المهم.

ولا يواجه خالد بن هويدي، نائب رئيس قسم المحتوى الصحفي في جريدة البيان، أي مشكلات مع الخدم لأنه لا يتعامل مع مكاتب العمالة والخدم التي لا تهدف إلا إلى إفراغ جيوب الكفلاء من المال، ويجلب الخادمات عن طريق خادمات أخريات يشهد لهن بالسيرة الحسنة والأخلاق الجيدة، وقال: إذا أخبرني أحد الجيران أو الأقارب أن خادمتهم تجيد تدبير شؤون المنزل بمهارة وذات سمعة جيدة فإنني أطلب منها ترشيح واحدة من معارفها للعمل في منزلي، وتضمن لي هذه الطريقة راحة البال وقلة التكاليف.

أما ريم شختور، أم عاملة، عانت كثيرا مع مكاتب الخدم والخادمات، فلم تعد تتقبل فكرة إقامة الخدم في المنزل بعد تجربة سيئة، وقالت: ذهبت إلى أحد مكاتب الخدم فأخبرني الموظف أن هناك خادمة إندونيسية قام مخدومها بإعادتها، وطلب مني وضعها تحت التجربة لمدة يومين، فوافقت وأخبرتها أن لدي طفلة وبيتي عبارة عن غرفتين وصالة وأخذتها معي إلى البيت، وعندما أوصلتها قمت بإقفال باب المنزل بالمفتاح ثم وضعته في حقيبتي وعدت مسرعة إلى المكتب، ولكن زوجي تفاجأ باتصال الخادمة به مطالبة إياه بإرجاعها إلى المكتب بحجة أنها غير مطمئنة للمنزل، وعندما عدنا سمعناها تتحدث إلى مدير المكتب واستنتجنا من خلال حديثها أن هناك علاقة بينها وبينه واتفاق مسبق على الهرب، ومن ذلك اليوم أصبحت لا أثق بالخادمات والمكاتب.

وحول الحلول البديلة التي لجأت إليها ريما للموازنة بين واجباتها في العمل والبيت، قالت: أتعامل حاليا مع أحد مكاتب الخدم في أبوظبي، ومن أهم مميزاته أنه يبقي إقامة الخادمة على كفالته مقابل 500 درهم للمكتب وراتب شهري للخادمة يصل إلى ألف درهم تقريبا، كما أنه يضمن الخادمة في حالة هروبها.

وطالبت ريم بإنشاء مراكز لتدريب الخادمات وتوعيتهن حول قوانين الدولة وحقوقهن والعقوبات التي قد تفرض عليهن إذا أسأن التصرف، وقالت: يجب أن يتم تطوير مهارات الخادمات ودمجهن في دورات تعلمهن كيفية الاعتناء بالمنزل ومنحهن شهادات معتمدة قبل أن يباشرن العمل في بيوت الكفلاء.

 

شعوذة وسحر

أما طاهر المرر، خبير في علوم الباراسيكولوجي والطاقة الذاتية، فسلط الضوء من خلال تجربته الخاصة على محاور أخرى شدت انتباه الحاضرين، وقال: تفكر النسبة الأكبر من الخادمات بالهرب في حالة تعرضهن لأي نوع من أنواع الإيذاء من الكفلاء أو كانت لديهن أي مخططات أخرى، ولكن هناك نسبة تصر على عدم الهرب والانتقام عن طريق السحر والشعوذة إن تم إيذاؤها أو حتى شعرت بالغيرة والحسد، والنفس البشرية أمارة بالسوء.

وحذر المرر من التعامل مع الخادمات الأثيوبيات والفلبينيات بشكل خاص وذلك لارتباطهن بحوادث السحر والشعوذة، وقال: أنصح ربات البيوت بالتعامل بحذر مع الخادمات وعدم التهاون في التعامل مع أي مسألة حتى لو كانت تافهة.

وتطرق زايد سعيد سيف الشامسي إلى هذا المحور، وقال: الخادمات بشكل عام معقدات النفسية، وهناك حوادث وقضايا كثيرة تثبت أن نسبة كبيرة من الخادمات يمارسن السحر.

 

اتفاق

نقاش موضوع على قاعدة إنسانية

اتفق ثلاثة أشخاص من الموجودين في الحلقة النقاشية على قضية مهمة، وهي أنه لا يجوز ولا يحق للكفيل أو لربة البيت أن تستخدم الخادمة لمدة 16 ساعة يومياً كما هو حاصل عند الكثيرين حالياً. وقد تناول المتحدثون الثلاثة هذا الموضوع من جانب إنساني، وطرحه حميد بن ديماس الذي اعتبر أن عمل الخادمة لمدة ست عشرة ساعة يومياً أمر غير مقبول، وفيه انتقاص من الخادمة كإنسانة، وأيده في ذلك كل من المحامي زايد الشامسي، وكذلك مديرة الجلسة فضيلة المعيني.

وهو طرح يحسب للمتحدثين الثلاثة، لأنهم مارسوا فيه موضوعية عالية باعتبارهم أرباب بيوت ولديهم خدم يعملون لديهم. وتطرق اثنان من الثلاثة إلى تجربتيهما الشخصية، فقال بن ديماس إن جميع الخادمات اللواتي استعان بهنّ لمساعدة أهل بيته جلسن ما يزيد على الست سنوات بسبب التعامل الصحيح معهنّ، في حين قالت المعيني إنها في بيتها تتعامل مع الخادمات كما لو كنّ أفراداً من البيت، لافتة إلى أنها وباقي أفراد أسرتها يحتفلون بأعياد ميلاد الخادمات ويقدمون لهن الهدايا في هذه المناسبات.

 

أفكار

تسكن في الوطن ويسكنها همّه

عذيجة علي ناصر بوعصيبة امرأة مواطنة مجدّة ومجتهدة، تعمل بلا كلل، ولم تقم أي صفقة مع التعب. طرحت خلال الحلقة النقاشية أفكاراً عميقة، تنمّ عن امتلاكها لفكر خلّاق، وكثيراً ما كانت تصوّب طروحات وأفكار المتحدثين، وتطرح المفيد والمهم. وقد وجدت فكرتها التي طرحتها خلال الجلسة رواجاً بين الحضور، وذلك عندما دعت إلى ضرورة توحيد جميع مكاتب توريد العمالة ضمن مؤسسة واحدة يكون لها فروع في سائر أنحاء الدولة، معتبرة أن هذه الخطوة من شأنها أن تنظم العمل، وأن توفر فرصاً كبيرة لشباب البلد. ولكي تعبر عن صدقها وجديتها في الطرح، أعربت عن استعدادها لأن تجري دورات تدريبية لجميع الشباب والشابات المستعدين للعمل، ومن دون أي مقابل.

ولوحظ على عذيجة في جميع مداخلاتها أنها تنطلق في أفكارها من فائدة عامة، تراعي مصلحة البلد، وتخدم المجموعة، وبدت غيرتها واضحة على أبناء الإمارات دون أن تشعر الحاضرين بأدنى رفض للمقيمين على أرض الإمارات السبع.

Email