شيّدت 6 مدارس لتعليم النازحين من جنوب السودان ومستضيفيهم

«دبي العطاء» تبعث الأمل في نفوس اللاجئين بأوغندا

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في شارع غير معبد ومحفوف بآمال اللاجئين، شققنا طريقنا، محملين بتساؤلات عدة دارت في وجداننا، وطرقت بقوة على قلوبنا وإنسانيتنا، بعد أن قضينا 8 ساعات في الحافلة التي هزت ضمائرنا قبل أجسادنا، وصلنا إلى وجهتنا، وهي مخيم اللاجئين النازحين من جنوب السودان في منطقة «أدجوماني» في شمالي أوغندا.

يقع المخيم في شمالي الدولة الأفريقية التي تعاني الفقر.. وجدنا مجموعة من الأكواخ القريبة والمتلاصقة، والتي يعلوها أكوام من القش، تعيش عائلات كاملة أو مجتزئة، بعد وفاة أو ضياع أحد أفرادها، كما يتقاسم سكان البلدة الأصليون، بعض الأكواخ مع اللاجئين في منطقة «أدجوماني».

طوق نجاة

في منطقة «أدجوماني»، كل ما تفكر به وأنت هناك، هو ما يمكن أن تقدمه لهؤلاء المعوزين، هناك تحديداً، تبرز قيم العطاء بوضوح، الأيدي البيضاء الممتدة هي طوق النجاة الوحيد، الذي تتعلق به حياة بشر يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، هناك كانت مؤسسة دبي العطاء حاضرة بقوة، حيث شيدت 6 مدارس لتعليم اللاجئين النازحين من جنوب السودان والمجتمعات المستضيفة في شمالي أوغندا.

تبعث المؤسسة، الأمل لأشخاص فقدوا كل مقومات الحياة، وكانوا ضحايا صراعات لم يكونوا سوى الطرف الأضعف فيها، ودفعوا وحدهم ثمنها، حيث تستضيف 25 مقاطعة في جمهورية أوغندا النازحين واللاجئين، فيما تحتضن «أدجوماني» و«يونمباي» العدد الأكبر من اللاجئين.

فسحة الأمل

«البيان» التقت مجموعة من الطالبات، جمعتهن الدموع ووحدهن الألم، وكان الحلم الذي راودهن واحداً، حيث إن معظمهن يرغبن أن يصبحن ممرضات أو طبيبات، أما سر هذا الحلم الذي طاف عليهن بشكل جماعي، هو انتشار الأوبئة والأمراض وانتشار المرضى الذين وافتهم المنية جراء هذه الأوبئة، لافتقارهم أبسط حقوقهم في الرعاية الصحية.

يدرك هؤلاء الصغيرات جيداً، أن أحلامهن شبه مستحيلة، فالعديد منهن يضطررن لترك المدرسة لمساعدة عائلاتهن بجلب الماء من الآبار البعيدة عن المخيم، شأنهن في ذلك شأن كل الطلبة، ذكوراً وإناثاً، والذين يضطرون لترك تعليمهم لمساعدة أسرهم، كما أن العديد من الفتيات يضطررن لترك التعليم للزواج المبكر الذي ينتشر بشكل كبير، أو لسواد المعتقدات التي طاف عليها الدهر بأن الفتيات محلهن البيت، ولا يتعدى دورهن سوى مساعدة أمهاتهن في الشؤون المنزلية، إن صح التعبير، كما أن أقرب مدرسة ثانوية تبعد مسافة 45 كيلومتراً عن مخيمهن، ناهيك عن عدم امتلاكهن للمال اللازم للالتحاق بها.

أيادٍ بيضاء

في أحد الأكواخ، لم تتمالك ميانالا ليليم، الطالبة في الصف الخامس الابتدائي، دموعها حين بدأت تسرد لنا قصة نزوحها مع زوجة أبيها، بعد أن فقدت والديها قتلاً على يد صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل، فهي تارة تحصل على ما يسد رمقها، وتارة أخرى تبيت دون أن يدخل جوفها لقمة واحدة.

مصير واحد

لم يكن حظ سكوفيا مانينا بأحسن حال من نظيرتها، إلا بأن عمها اصطحبها مع أسرته إلى المخيم بعد أن فقدت والديها بنفس الطريقة، سكوفيا هي الابنة الوحيدة لوالديها، فضمها عمها لأسرته وعاملها كواحدة من أبنائه، غير أنها تدرك تماماً أنها لن تتمكن من الالتحاق بالمدرسة الثانوية، كما كانت تتمنى، وأن مصيرها هو نفس مصير بنات جنسها في هذه البقعة التي احتضنتهم في هذه الدولة.

أما كريستي منودوة، الطالبة في الصف الثالث الابتدائي، التي ألقى عليها مرض الكبد الوبائي بظلاله، وبدا واضحاً على هيئتها وعينيها، فأشارت إلى أنها وأخاها فقدا أبويهما، واحتضنتهما سيدة ضمتهما إلى أبنائها، وفرّت بهم جميعهم إلى شمالي أوغندا، هذه الطفلة لم تذكر أمنية، سوى رغبتها في الحصول على الرعاية الطبية التي باتت لها شبه مستحيلة، بسبب الفقر وعدم توفر الإمكانات، لتبقى رهينة مرضها.

جوليت موركو طالبة في الصف الثالث الابتدائي، لم تسعفها الكلمات التي غلفتها دموعها، فقد نزحت، بعد أن فقدت أسرتها بصحبة أختها الأكبر، التي آثرت التضحية من أجل أن تلتحق جوليت بالمدرسة، لتذهب هي لجلب المياه وتأمين الطعام.

لفتة إنسانية

صادفتنا في طريقنا الوعر إلى المخيم، امرأة من المجتمع المستضيف، جالسة على جانب الطريق، وتحمل عدداً من رؤوس ثمرة الملفوف، وتفاجأنا بأنها تؤشر للحافلة التي استقلتنا إلى هناك، وعندما توقفنا لنستفسر منها، اتضح أنها ترغب في الوصول إلى المخيم لتوزيع الملفوف على أهالي المخيم ليقتاتوا منه، في لفتة إنسانية من امرأة بسيطة .

برامج شاملة للتعليم في 45 دولة نامية

قال طارق القرق المدير التنفيذي لمؤسسة دبي العطاء، إن المؤسسة تقدم برامج شاملة للتعليم في 45 دولة نامية حول العالم، إذ تركز في أولوياتها، على ضمان ألا يفوت التعليم البنات والأولاد، سواء من النازحين من جنوب السودان أو من المجتمعات المضيفة في أوغندا، واكتساب التعليم والمهارات اللازمة لبناء حياة أفضل لأنفسهم وأسرهم.

وتابع: من أجل تحديد أهداف البرامج، تُقيّم دبي العطاء احتياجات المجتمعات المحلية، وعليه، تقوم بتصميم التدخلات الإنسانية المناسبة بأسلوب يُحدث أثراً فورياً وطويل الأجل في حياة الأطفال والمجتمعات، ولضمان استدامة البرامج، ارتبطت دبي العطاء بالعديد من الشراكات مع وكالات منظمة الأمم المتحدة، إضافة إلى إقامة شراكات جانبية مع منظمات محلية ودولية غير حكومية.

برامج متكاملة

وأضاف القرق أن مهمتنا تركز على تحسين فرص حصول الأطفال على التعليم الأساسي السليم، من خلال برامج متكاملة، تزيل العقبات التي تحول دون التحاق الأطفال بالمدارس، ونقوم بتحقيق ذلك من خلال تطوير وتجديد البنية التحتية للمدارس والصفوف الدراسية، وتوفير المياه النظيفة والمرافق الصحية والنظافة المدرسية، وتقديم الوجبات الغذائية في المدارس والتخلص من الديدان المعوية، إضافة إلى تدريب المعلمين والمعلمات، وتطوير المناهج التعليمية وتدريس القراءة والكتابة والحساب.

ولفت إلى أن جميع برامج ومبادرات دبي العطاء، تركز على المساواة بين الجنسين، من خلال نهجها الذي يهدف إلى ضمان حصول البنات والبنين بشكل متساوٍ على بيئة تعليمية آمنة، عن طريق توفير مرافق تعليمية متكاملة، ومواد تدريسية ملائمة، والدعم الأكاديمي من معلمين مؤهلين ومشاركة المجتمعات المحلية.

وذكر القرق أن مؤسسة دبي العطاء، تسعى من خلال تصميم ودعم البرامج المحفزة والمبتكرة، إلى اختبار نماذج ونظريات بديلة، من شأنها زيادة الأثر الذي تحدثه تدخلاتها الإنسانية، وتسهم في تعزيز أفضل الممارسات المستندة على الأدلة. وأكد أن المؤسسة تدرس، بالتعاون مع شركائها، إنشاء مدارس ثانوية في مناطق اللاجئين بشمالي أوغندا، ليتمكن خريجو المرحلة الأساسية من استكمال تعليمهم فيها.

Email