وصلت إلى 92 ألف درهم

رسوم المدارس الخاصة.. أرقام فلكية لا تلامس «الجودة»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«رسوم المدارس فى الإمارات الأعلى فى العالم بعد هونج كونج!! هل هذه الرسوم تعبر عن محتوى ومضمون أم عن إستغلال؟».. تغريدة للمحامي والكاتب الإماراتي حبيب الملا عبر «تويتر»، أثار بها عاصفة ردود «تويترية» وتربوية تحفّظت في مجملها على «الغلاء غير المنطقي» للرسوم الدراسية، في وقت كشفت فيه إحصاءات حصلت «البيان» على نسخة منها أن أغلى قسط مدرسي في الإمارات على مستوى التعليم الخاص، بلغ 92 ألف درهم للصف الثاني عشر، وهو ما يُشرعن فعلياً أحقية هذه التساؤلات التي «لا تعكس جودة التعليم عموماً» كما يرى البعض.

وأفاد عدد من التربويين بأن زيادة رسوم المدارس الخاصة بشكل مبالغ فيه جعلها مصدر إزعاج لعدد كبير من الأسر وخاصة أنها في زيادة سنوية، وعزوا زيادتها غير المبررة إلى رفاهية المباني الدراسية والأنشطة التي تستنزف جيوب أولياء الأمور.

وفي السياق ذاته قال ذوو طلبة إن الرسوم الدراسية لا تضاهي جودة التعليم المتوقعة؛ والدليل أنهم يلجأون إلى الدروس الخصوصية ليسدوا عجز وتقصير المدرسة أو المعلم في كثير من المدارس الخاصة وحتى الحكومية، ناهيك عن وجود رسوم إضافية تفرض عليهم غير الرسوم المدرسية تحت مسمى متطلبات وخدمات تتم تحت مسميات أنشطة، وضمان صحي ورسوم تسجيل وغيرها من كتب تُدفع أضعاف ثمنها.

معايير

ومن جهته أكد مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم أن زيادة الرسوم الدراسية تحكمها معايير لا يمكن تجاوزها وتحددها زيارات ميدانية للتأكد من اتباع تلك المدرسة للمعايير، مشيراً إلى أنه ليس من حق المدارس الخاصة زيادة رسومها الدراسية من دون الرجوع إلى الجهات التربوية المختصة، مثل وزارة التربية أو المناطق والمجالس والهيئات التعليمية التي يتعيّن على المدارس الحصول على موافقة رسمية منها بقيمة الزيادة المحددة، وفقاً لمستوى الخدمات التي تقدمها.

وذكر المصدر المسؤول أنه يجب تقديم الطلب قبل نهاية أكتوبر من كل عام كي تتاح للوزارة دراسة الطلب وإصدار القرار بشأنه على أن تقوم المدرسة بإخطار أولياء الأمور بالرسوم الجديدة فور تبليغها بالقرار، وعلى المدرسة الراغبة بزيادة رسومها أن تتقدم بطلب وتقدم الوثائق الداعمة والتأكد من استيفاء المدرسة للشروط والمستندات المطلوبة، ومن ثم سيتم تقييم طلب المدرسة بالتدقيق والزيارة الميدانية ويتم تطبيق نظام صيغة الآلية ومن ثم تحديد النسبة المئوية للزيادة، وتبليغ المدرسة بنسبة الزيادة الموافق عليها.

تعديلات

من جانبه، قال محمد أحمد درويش المدير التنفيذي في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي: إنه يتم تنظيم تعديلات الرسوم المدرسية في المدارس الخاصة تبعاً لإطار عمل ضبط الرسوم المدرسية بدبي، والذي يربط بين جودة التعليم وبين مؤشر تكلفة التعليم المعتمد من مركز دبي للإحصاء، حيث يعد المؤشر بمثابة المنهجية المتبعة في احتساب التعديلات السنوية بإطار عمل ضبط الرسوم المدرسية استناداً إلى مدخلات عدة؛ أهمها تكلفة أجور العاملين في المدارس والإيجارات والصيانة وتكلفة الكهرباء والماء، وفق معلومات دقيقة وشاملة حول المصروفات التشغيلية في قطاع التعليم بإمارة دبي.

وأضاف: بناءً على مؤشر تكلفة التعليم لهذا العام والبالغ 2.4%، فإنه يسمح للمدارس الخاصة في فئة «متميز» بتعديل رسومها بنسبة زيادة تُعادل ضعف مؤشر تكلفة التعليم، والمدارس في فئة «جيد جداً» بتعديل رسومها بما يعادل (مؤشر تكلفة التعليم X 1.75)، والمدارس«الجيدة» بما يعادل مؤشر تكلفة التعليمX 1.5 )، والمدارس في فئات «مقبول» و«ضعيف» و«ضعيف جداً» بما يعادل قيمة مؤشر تكلفة التعليم.

 

 

مصالح

ولفت درويش إلى أن إطار عمل ضبط الرسوم المدرسية وما يتضمنه من ربط بين «جودة التعليم» و بين «مؤشر تكلفة التعليم» يراعي مصالح الطلبة وأولياء أمورهم باعتبارهم مستفيدين من الخدمات التعليمية، علاوةً على توفير مناخٍ ملائم للمستثمرين في قطاع التعليم وتشجيعهم على الارتقاء بجودة التعليم في دبي عبر منظومة متكاملة لتطبيق الرسوم المدرسية، ودراسة الجانبين التعليمي والاقتصادي، بما يحمي مصالح جميع أطراف العملية التعليمية.

وبيّن المدير التنفيذي في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي أن 23 مدرسة خاصة بدبي تتجه إلى عدم تعديل رسومها العام الدراسي المقبل، فيما طلبت مدرستان تعديل رسومهما العام الدراسي المقبل بنسبة اقل من المعدل المستحق لها.

يأتي ذلك، في وقت وافقت الهيئة على 28 طلباً تقدمت بها مدارس خاصة تتضمن طرح خصومات ضمن حزم تحفيزية متنوعة بنسب متفاوتة.

تصنيف

وكشفت نتائج الدورة التاسعة من الرقابة المدرسية عن تصنيف 16 مدرسة خاصة ضمن فئة متميز، تستحق زيادة للرسوم الدراسية للمدارس المتميزة بنسبة 4.8%، فيما يحق لـ 14 مدرسة حصلت على تقييم جيد جدا تعديل رسومها بنسبة 4.2%، ويحق لـ 69 مدرسة ضمن تصنيف جيد تعديل رسومها بنسبة 3.6%، أما المدارس الحاصلة على فئة مقبول وعددها 50 ، فيحق لها تعديل رسومها بنسبة 2.4%، وينطلق الأمر ذاته على 10 مدارس خاصة في فئة ضعيف بشرط اعتماد الهيئة لخطة تطويرية للارتقاء بجودة التعليم زيادة في الرسوم المدرسية العام الدراسي المقبل.

جودة

من جانبهم اشتكى أولياء أمور من ارتفاع رسوم المدارس الخاصة، معتبرين أن معظم المدارس لا تستحق الزيادة كونها لا تقدم شيئاً جديداً في هذا الشأن.

وقالت رنا توفيق ولية أمر وأم لثلاثة أبناء يدرسون في مدارس خاصة بدبي: إنها تدفع رسوماً دراسية لأبنائها تقدر بـ 60 ألف درهم من دون رسوم الحافلات المدرسية والكتب والزي المدرسي وغيرها من متطلبات المدرسة.

ولفتت إلى أن أبناءها يدرسون في مدارس متوسطة الرسوم تدرس المنهاج البريطاني ويتطلب منها دفع رسوم إضافية لدروس خصوصية لعدم فهم أبنائها لما درسوه في الصفوف ما يضطرها إلى دفع مبالغ طائلة طوال العام خاصة ان حصة نظام «I G» تصل الى 250 درهماً في الساعة.

واعتبرت أن جودة التعليم المقدمة في المدارس لا تضاهي هذه الرسوم المُبالغ فيها والمستمرة في الزيادة في ظل وجود بعض المعلمين لا يراعون ضمائرهم في تقديم الدروس ويكتفون بشرح الدرس من دون مراعاة فهم الطلبة.

واقترحت ان تكون الزيادة كل ثلاث سنوات كما كان متعارفا عليه في السابق لتخفيف الأعباء على أولياء الأمور.

حمل ثقيل

وأبدت مها طويلة ولية أمر انزعاجها من زيادة الرسوم كونها تعول طفلين بمفردها بعد وفاة زوجها، حيث يدرسان في مدارس خاصة تدرس منهاج وزارة التربية والتعليم وتدفع فيها رسوما تصل إلى 15 ألف درهم للطفل الواحد ما يضعها في مأزق مالي سنوي.

وقالت: إن هناك مدارس لا تقدم تعليما بالمفهوم الصحيح ولا تؤدي أدنى الحدود المطلوبة في رسالتها التربوية وهي مدارس تخرج «أميين»، حيث ينجح التلميذ تلقائياً وينهي الصف الذي هو فيه وهو لا يجيد كتابة فقرة واحدة من دون أخطاء إملائية.

وفي السياق ذاته أوضح ولي الأمر عماد الشرابي أن أولياء الأمور يقومون بمجهود كبير مع أبنائهم في البيت من حيث مراجعة الدروس والمراجعة والشرح من أول وجديد اذا اضطروا لذلك، معتبراً المدارس الخاصة تأخذ حقها وزيادة من حيث إتمام العملية التعليمية على اكمل وجه.

وأكدت مي حنين انه على الرغم من صدور إطار ضبط الرسوم إلا أن العديد من تلك المدارس لا تستحق الزيادة كونها لم تقدم أي خدمات جديدة مقابل الزيادة التي قررت لها، معتبرة أن الزيادة يجب أن تكون متوافقة مع وجود خدمات جديدة تقدمها المدرسة.

 

تربويون يطالبون بقانون ضابط

اعتبر الخبير التربوي أحمد عبد الله، أنه آن الأوان للكشف عن قانون التعليم الخاص، الذي ما زلنا سنوات نسمع عن إعداده وانتهاء مسودته الجديدة ولائحته التنفيذية، حتى يغير التعليم الخاص ويجعله مواكباً لمتغيرات العصر، ويضبط الرسوم الدراسية ويظهر الجودة التعليمية ويجب أن يكون شريكاً فاعلاً في دفع تنمية المجتمع واستثمار التعليم في رفع مستوى أبناء الوطن ولا تكون الربحية أولوية على حساب تلك الشراكة المجتمعية.

وأوضح أن تحديات التعليم الخاص متشابهة على مستوى الوطن العربي ومنها افتقار لجودة التعليم والخروج بالعملية التعليمية من قالبها التقليدي، ووجود معلم عصري مواكبٍ للمتغيرات، وتوظيف التكنولوجيا واستثمارها في العملية التعليمية، وتطوير المناهج وأنظمة الامتحانات، وتحقيق الشراكة المثلى مع مؤسسات المجتمع وأفراده، موضحاً أن ذلك يدعو إلى التكاتف وتضافر الجهود وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة والوقوف على واقع التعليم الخاص ورسم سياسات خاصة به ترتقي بتلك المدارس خاصة وأن عدداً كبيراً من أبنائنا المواطنين يتلقون تعليمهم فيها.

من جانبه قال الخبير التربوي يوسف شراب: إن المدارس لديها مهمة وطنية محددة وهي إعداد جيل قادر على مواكبة العصر وتوجهات الدولة وخططها، لذلك لابد أن تنظر المدارس لكل هذه التوجهات بعين الاعتبار ووضع هامش بسيط للربح لا تجور فيه على أولياء الأمور الذين يعانون سنويا من ارتفاعات غير مبررة.

ومن جانبها، قالت التربوية محاسن يوسف: إن الرسوم الدراسية تتفاوت بشكل كبير بين المدارس على مستوى الدولة، الأمر الذي يجعل خيارات أولياء الأمور محدودة بما يناسب ميزانياتهم مرغمين على التغاضي عن معيار جودة أداء المدرسة.

وأضافت، من المفترض أن رفع رسوم المدارس الخاصة مرهون بتقديم خدمة جديدة أو تطوير خدمات قائمة تساهم في تطوير العملية التعليمية ورفع أداء المدارس والطلبة بشكل عام.

ومن جهته قال مصطفى الموسى مدير مدرسة المعرفة الخاصة في الشارقة، إن رسوم بعض المدارس نجدها بالفعل مرتفعة بشكل غير مبرر ولا تساوي عمليات التعليم والتعلم تلك المبالغ.

وتحدث عن مدرسته «بأن الروضة الأولى تقدر رسومها بنحو 8 الاف درهم، بينما في مدارس أخرى تصل الى 20 ألفا، والصف الثاني عشر تقدر رسومه بنحو 20 ألفا مقارنة مع مدارس تحصل على 60 ألف درهم مقابل تعليم طالب في الثاني عشر». وأكد أن هناك مدارس ترفع رسومها بحسب مبناها أو مرافقها.

رفض الزيادة غير المنطقية

أشار مصدر مسؤول في «التربية» إلى أن الوزارة ترفض العديد من طلبات الزيادات للمدارس كونها ترى أنها لا تستحق الزيادة، ووضعت الوزارة آلية ضبط وتنظيم زيادة الرسوم تتألف من عنصرين رئيسيين يتصلان بالأداء وجودة العملية التربوية والعملية بالمدرسة واحتساب نسبة الزيادة ستتم بناء على التحسينات في الخدمة (الجودة) واجور المعلمين ومعدل التضخم.

وأضاف، أن العنصر الثاني وهو التحسينات في الخدمة (الجودة) يعتمد على تحسينات المدرسة في المحاور الخمسة التي تمَّ اعتمادها كأساس لقياس الجودة وهي الإدارة المدرسية والمبنى – مرافقة وتجهيزاته، والخدمات التعليمية والتربوية، والهيئة التعليمية والفنية والشراكة المجتمعية.

Email