أكاديميون ومسؤولون: درع واقية ضد الأفكار الهدامة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد أكاديميون ومسؤولون أن مبادرة التربية الأخلاقية تأتي في إطار حرص واهتمام قيادتنا الرشيدة على تكامل العملية التربوية، في ظل التحديات والتداعيات التي يواجهها أبناء الجيل، من أفكار وممارسات شوَّهت القيم الإنسانية والمجتمعية، مما بات يستدعي ضرورة التدخل السريع لإعادة النظر في منظومة القيم التربوية بشكل عام وتعزيزها، صوناً للقيم والمُثل والعادات والتقاليد التي باتت تتعرض للتشويه في زمن الانفتاح التقني والتواصل الاجتماعية والبث الفضائي، والتحولات الدولية والإقليمية التي يعيشها العام بشكل عام ومنطقتنا العربية والإسلامية بشكل خاص. 

وقال سيف راشد المزروعي مستشار معالي وزير الدولة لشؤون التعليم العالي إن المبادرة تأتي لتؤكد على أن الأخلاق هي الأساس في كل شيء، وهي جزء لا يتجزأ من تنشئة الطلبة في المدارس والجامعات، مؤكداً أن هذه المبادرة ستنعكس بما لا يدع مجالاً للشك على المنظومة التعليمية وستؤدي إلى تعزيزها وإثرائها.

وأوضح أن إطلاق هذه المبادرة يؤكد على رؤية الدولة منذ عقود من الزمن في بناء الإنسان، فالتربية الأخلاقية هي جزء لا يتجزأ من منظومة تعليمية فاعلة تبدأ من المراحل الدراسية الأولى وتستمر حتى نهاية المشوار التعليمي. 

أفكار غير حميدة   وأشار الدكتور جمال النعيمي، وكيل كلية التربية في جامعة الإمارات، إلى أن منظومة القيم الأخلاقية بشكل عام، باتت تتعرض إلى كثير من التهميش والتشويه، من خلال السيطرة على عقول الشباب بأفكار وممارسات حياتية يومية، لا تعبر عن المثل الإنسانية والمجتمعية والتي هي في الأصل موروث حضاري وثقافي لكل مجتمع من المجتمعات، والمعروف أن أمتنا العربية والإسلامية بشكل خاص، تتمتع بمُثل وعادات تختلف عما هو في بعض المجتمعات الغربية، وفي ظل تطور منظومة التقنيات الحديثة، باتت الكثير من الأفكار غير الحميدة تدخل إلى مجتمعاتنا العربية عبر أشكال متعددة، في مقدمتها استخدام تقنيات التواصل والشبكات العنكبوتية والمحطات الفضائية، التي تبث الأفكار والمسمومة التي تؤثر على جيل الشباب، والنيل من القيم والأخلاقية التي ينتمون إليها، وبالتالي لابد من التصدي لهذه الظواهر عبر تكثيف الجهود وتطوير المناهج والبرامج الدراسية، التي تعزز منظومة القيم الأخلاقية التي تنتمي إليها مجتمعاتنا. 

تلازم القيم  من جانبها أشارت الدكتورة، شيخة الطنيجي، أستاذة إدارة التخطيط التربوي ومهارات القيادة في كلية التربية، إلى أن منظومة القيم الأخلاقية التي تُعد من أهم معايير القيم والمثل التي تُبنى عليها تطور وازدهار المجتمعات، تعزِّز من اللُّحمة الوطنية، وتساهم في تمسك المجتمع عبر الأسرة والمدرسة، كونهما طرفي المعادلة التربوية، التي تأتي قبل المسألة التعليمية، فالتعليم يخضع إلى الكثير من التغييرات والتحولات بينما القيم الأخلاقية من الثوابت التي يجب أن نتمسك بها وفق تربيتنا التي ورثناها من آبائنا ونورثها لأبنائنا عبر أجيال متوالية. 

  وأضافت: لا شك أن ما تشهده المجتمعات بشكل عام من انفتاح غير منضبط، بات ينعكس سلباً على تدهور تلك القيم وتشويهها، في ظل مفاهيم باتت تأتينا تحت عناوين وأشكال مختلفة، مدسوسة في البرامج والمناشط والكتب ووسائل التواصل، ساهمت كلها في انعكاسات سلبية على جيل الشباب، الذي بات يتطلب إعادة نظر بطرق وسبل تعزيز القيم الأخلاقية وتعزيز روح التسامح والتعاون مع الآخر، في ظل الاحترام المتبادل، سيما وإننا نشهد الآن تحولات دولية وإقليمية أساسها النيل من القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية، فالتربية الأخلاقية والوطنية هما عمليتان متكاملتان ومتلازمتان، من أجيل بناء جيلٍ  واعٍ مؤهَّل لمواكبة عصر التطور المتسارع مع الحفاظ على الهوية والقيم الأخلاقية.  

بناء متكامل   من جانبه أشار الدكتور إبراهيم الجنيبي، مساعد عميد الكلية في كلية التربية، إلى أن المبادرة جاءت في وقت مهم جداً، وباتت مطلباً وطنياً بامتياز، وهي دليل على مدى حرص واهتمام قيادتنا الرشيدة في تكامل عملية بناء وإعداد أبنائنا؛ أبناء جيل المستقبل الواعد، الذي نبني عليه آمالاً كبيرة. 

وأضاف: لا شك أن هذه المبادرة تهدف بالدرجة الأولى إلى تنمية وتعزيز وتأصيل القيّم الأخلاقية لدى أبناء الجيل، في ظل منظومة تعليمية متكاملة، حيث سيكون لهذه المبادرة منعكساتها الإيجابية لما لها من آثار على تكوّن نواة المجتمع المتماسك والمتسامح، التمسك بقيمه ومثله وعاداته الاجتماعية المكتسبة والمورثة عبر تواصل الأجيال وباتت من أهم سمات مجتمعاتنا الأصيلة.

  تيارات دخيلة  وقالت الدكتورة كريمة المزروعي، الأستاذ المشارك في كلية التربية بجامعة الإمارات: نثني على قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لإطلاق مبادرة التربية الأخلاقية وأهمية هذه المبادرة، خصوصاً في هذا الوقت المتسارع، التي قد تُشوَّش على القيم والأخلاق بسبب وتيرة العالم المتسارع وكثرة التيارات الدخيلة والمتطرفة، فالأخلاق أساس قيام الحضارات واستمرارها، لا سيما مع الانفتاح الإلكتروني والإعلامي. 

أشارت إلى أن تدريس الأخلاق له بالغ الأثر في تحقيق الرضا النفسي للفرد، وتمنحه الإحساس بالأمان لأنها تصلح الإنسان من الداخل، مؤكدة: نحن في دولة الإمارات، دولة معروفة في تحقيقها لمؤشرات تنافسية على مستوى دول العام بالرغم من نسيجها الاجتماعي الخاص، وتنوع الثقافات والأديان ومبادرة التربية الأخلاقية التي من شأنها أن تعزز هذا الأمر لدولة الإمارات، ليسهم في تماسك وحدة المجتمع.  

انعكاسات إيجابية   واستعرضت الدكتورة سميرة النعيمي مدير إدارة شؤون الطلبة في كلية الإمارات للتطوير التربوي، انعكاسات هذه المبادرة على أداء المعلمين، وقالت: تطبيق هذه المادة على الطلبة من شأنه أن يوفِّر للمعلمين البيئة الثرية التي تشجعهم على طرح رسالة تعليمية متكاملة تسهم في تأهيل كوادر وطنية فاعلة يحتاجها الوطن لخدمة مسيرة نمائه وتطوره على مختلف الأصعدة. 

خطوة واسعة  قال العقيد الدكتور جاسم خليل ميرزا مدير إدارة التوعية الأمنية في الإدارة العامة لخدمة المجتمع في شرطة دبي: إن اعتماد مادة التربية الأخلاقية في المناهج الدراسية، خطوة واسعة أخرى، على طريق بناء الإنسان، وتعزيز القيم الإيجابية في سلوكياته، وتحصينه من الأفكار المنحرفة والمشبوهة، وحمايته من تأثير العولمة، والانفتاح الثقافي، بما في ذلك الخطر الذي تحمله بعض وسائل الإعلام غير المنضبطة أو الملتزمة بالقيم المجتمعية المتوافقة مع ديننا وعاداتنا المتأصلة فينا.

وأكد أن التربية الأخلاقية، مفهوم شامل ومتكامل مع المواد التدريسية الأخرى مثل التربية الأمنية، كونه يرتبط بأسمى قيمة مجتمعية وإنسانية من الدرجة الأولى وهي الأخلاق التي قال إنها «في مقدمة القيم والصفات التي يتحلى بها الإنسان»، مؤكدا أن تدريس هذه المادة للأجيال سيسهم في تنشئتهم على الانضباط والنظام والقانون، في وقت دعا فيه جميع أفراد المجتمع وتحديدا الأسرة الى دعم هذه المبادرة من خلال الاهتمام بتربية الأبناء ورعايتهم، والتحلي بروحها، وأهدافها، عملاً بعقيدة «أن الأسرة هي أساس صلاح المجتمع، وأمنه، واستقراره، وسعادته وتقدمه».

  الارتقاء بالإنسان  أكدت مريم الشحي رئيسة مفوضية مرشدات رأس الخيمة أن هذه المبادرة الرشيدة تعد واحدة من أهم المبادرات النوعية للارتقاء بالإنسان الإماراتي وتعزيز برامج التنمية الشاملة في مختلف جوانبها تحقيقاً لرؤية الإمارات 2021. 

وأوضحت الشحي أن المبادرة برنامج سلوكي يتناول أهمية التربية الأخلاقية وتطبيقها كمنهج أو مادة دراسية، تهدف إلى غرس السلوكيات والأخلاق الحميدة المتعارف عليها دينياً واجتماعياً، وتعزيز القيم الأخلاقية. 

Email