ولد كفيفاً وأبصر الحياة في إصراره على التعلّم

محمد الشميلي.. واحد من ذوي النجاحات الخاصة

محمد الشميلي نموذج للثقة والنجاح

ت + ت - الحجم الطبيعي

جهود الدولة في دمج ذوي الاحتياجات في مسارات التعليم والوظائف، تعترف صراحة بحقوقهم، وتنحاز بثقة إلى مطالبهم، باعتبارهم جزءاً أساسياً ومكملاً لنسيج المجتمع الإماراتي المترابط.

محمد عبيد الشميلي، أحد ذوي الاحتياجات الخاصة بإعاقة بصرية، ومن كثيرين متميزين، أفردت لهم منابر الإعلام مساحاتها، تقديراً وتشجيعاً لكل ما بذلوه، باعتبارهم نموذجاً يحتذى لمن أراد أن يعتبرهم قدوة.

بوصلة «برايل»

عمر هذا الشاب 25 عاماً، وقد تحّمل مصاعب كثيرة كادت تقعده عن استكمال حلمه الدراسي، لكنه ثابر وحاول، تاركاً خلفه ما يعيقه عن استكمال مسيرته. يرجع بذاكرته إلى الوراء قليلاً، ليحكي عن إعاقته البصرية التي لازمته منذ الولادة، دون استجابة للعلاج الذي بحث عنه والداه طويلاً. الرضا بالقدر كان سنده الذي اتخذه مجدافاً في رحلة الحياة، يدفعه للأمام، ليضع أقدامه على خطى الدراسة الذي بدأها في عمر 9 أعوام، وقت التحاقه بمركز رأس الخيمة للمعاقين، حيث بدأت أصابعه تعرف طريقها نحو «برايل»؛ بوصلته للإبحار أكثر وأكثر في سبيل التميز. حاول ووجد صعوبات شتى، لكنه استمر حتى أصبح فتى يافعاً وحصل على الثانوية بمجموع كبير.

سُرّ الشميلي بإنجاز مرحلة تعليمية مهمة، وبقي الأهم؛ الدراسة الجامعية، وذلك شأن آخر، حيث الأهداف مختلفة، والطموحات التحديات أكبر. تمهل محمد قليلاً ليستشرف طريقه باحثاً عن منحة لاستكمال دراسته الجامعية، فحصل عليها من مؤسسة رأس الخيمة للأعمال الخيرية، ليلتحق بجامعة الشارقة في تخصص العلاقات العامة.

صعوبات ونجاحات

دائماً ما تُمزج بداية أي مرحلة ببعض الصعوبات التي سرعان ما تطوى، خاصة أمام وجه الشميلي البشوش، ونشاطه المشهود، وثقته الكبيرة، وطموحه المعهود. تجلى ذلك بعد حصوله على جهاز «برايل سينس» الذي أهدته إياه هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ليساعده ذلك على الدراسة، كما يساعده زملاؤه، أو أساتذته، أو حتى أسرته، فيما يبقى رهانه النجاح وحسب. 4 أعوام مرت كلمح البصر، توّجها بتقديرات جيدة، كانت مثار إعجاب من حوله، حتى تخرج صيف هذا العام، بمشروع تخرج عن «استخدام التقنيات الحديثة في العلاقات العامة في شرطة رأس الخيمة»، ثم انتقل إلى مرحلة التخطيط للحصول على الماجستير في التربية الخاصة وذوي الإعاقة.

وكما يقول الشميلي، فللنجاحات أصحاب، فهو لم يكن وحيداً في مشوار نجاحه، ساعده وشجعه كثيرون، وفي مقدمتهم أسرته، التي لم تعتبره شخصاً يحتاج معاملة خاصة، بل عاملته كغيره من أشقائه الخمسة، بلا تمييز في أي شيء، من أجل منحه الاعتماد على النفس، وعدم انتظار مساعدة من أحد، وحتى يظل مبادراً دائماً، وذلك ما أثر على شخصيته فصقلها.

قادة ملهمون

وقفات أخرى لن ينساها محمد الشميلي، كانت علامة بارزة في حياته، منها لقاؤه بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، في حفل إفطار في رمضان، دُعي إليه مع وفد من جمعية الإمارات للمكفوفين، ولا ينسى الشميلي كلمات سموه لهم حين صافحهم قائلاً: «أنتم لستم من ذوي الاحتياجات الخاصة، أنتم من ذوي النجاحات الخاصة»، كلمات قليلة العدد، قوية التأثير، يتذكرها محمد دائماً، كما لا ينسى لحظات جميلة من حياته توجها حلمه بالسلام على صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عند تسلمه شهادة التخرج في حفل مهيب، ظل نقطة مضيئة في حياته.

شهادات ومراكز

حصل الشميلي على مراكز متقدمة، وشهادات تقدير كثيرة، منحته دافعاً أكبر للبحث عن التميز والتطور، منها: حصوله على المركز الأول في مسابقة القصة القصيرة المقروءة بطريقة «برايل» في دورتها الثالثة، وتنوعت الشهادات بين: شهادة تقدير التميز في الأداء التربوي والتعليمي، وثانية لمشاركته في ملتقى الكفيف الذي عقد في صلالة، ومشاركته المتميزة في فعالية «يد بيد نحو غد مشرق»، وشهادة تقدير من وزير التربية والتعليم للطلبة المتميزين، وأخرى عن مشاركته في الملتقى الدولي الأول لتقنيات المعاقين بصرياً، والكثير غيرها.

Email