حصل على منحة دراسية من جامعة الشارقة

جهاد عبدالقادر.. فقد ذراعه فأمسك بطموحه

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا مستحيل أمام الإرادة، ولا صعب أمام الإصرار، وكل شيء يتلاشى أمام قوة الطموح، فمهما كانت الظروف النفسية والصحية التي يعيشها الإنسان فهي لا تبيح الرضوخ للإحباط أو الاستسلام للفشل، خير شاهد على ما سبق الشاب جهاد عبدالقادر الذي فقد ذراعه في حادثة صعبة، وتحديداً في مرحلة زمنية حساسة وحاسمة في حياته، وهي بعيد التخرج من الثانوية العامة.

آمال وأحلام

جهاد كغيره من الأشخاص بنى آمالاً وأحلاماً كثيرة، وانتظر ختام سنواته في المدرسة، لينطلق في أكبر وأهم رحلة نحو بناء مستقبله، مدركاً العديد من الخطوات والمتطلبات التي تنتظره، لعل أولها إكمال دراسته الجامعية ومواصلة التفوق الذي اختتمه في المدرسة، وقد التحق بإحدى الجامعات وانهمك في الدراسة على أمل أن ينهي سنواته الدراسية ويلتحق بسوق العمل، ويعيل أسرته ويكمل تنفيذ خطط كثيرة في حياته.

لم تكتمل الأحلام والخطط التي رسمها جهاد، وكأن كابوساً مزعجاً أيقظه على واقع أليم، حين وجد نفسه فجأة بلا يد يحركها ويقضي بها متطلبات حياته، لقد كان وقع هذه الحادثة كبيراً عليه، فمكث مدة من الزمن طريح الفراش ليشفى من أثر الحادثة المؤلمة، وظنَّ لوهلة من الزمن أن مستقبله سوف يتوقف عند أعتاب الجامعة التي لم يبدأ طموحه بها بعد، وانتابته مشاعر غريبة وأفكار كثيرة، لكنه سرعان ما بددها بفضل التشجيع الذي حصل عليه من أصدقائه وأقاربه.

جهاد ورغم الوساوس التي أحاطت به وكادت تلغي أحلامه، لم يرضخ ولم يتوقف عند حد فقدانه ذراعه، إذ أدرك أن فقدان عضو لا يعني توقف الحياة، لذلك بدأ في إعادة صياغة أحلامه وطموحاته، وأدرك أنها السبيل الوحيد للخروج من الوضع الذي وجد نفسه فيه في الفترة الأولى من الحادث، فعزم على إكمال دراسته الجامعية والحصول على مركز متقدم فيها، وعدم التوقف عند حد معين، وأدرك أن هذه الرغبة لا بد أن تُغذى بالإصرار وعدم التنازل عن الطموحات والآمال التي وضعها نصب عينيه.

رغبة بارزة

مضت فترة زمنية قصيرة على جهاد بعد أن حزم قراره في العودة إلى الدراسة الجامعية هناك في بلده الأم فلسطين، وكانت المفاجأة السارة أن حصل بدعم من قيادة الدولة وشيوخها، على منحة دراسية في الإمارات وتحديداً في جامعة الشارقة، فاختار إدارة الأعمال، وبدت رغبته قوية وبارزة في التفوق والتميز منذ الأشهر الأولى في الدراسة، إذ استطاع أن يختزل المقررات الدراسية في اللغة الإنجليزية في فصل دراسي واحد، بينما يقضي فيها معظم الطلبة الذين لا يجيدونها، فصلين دراسيين وربما أكثر، وعلى الرغم من أن علاقته باللغة الإنجليزية كانت ضعيفة شيئاً ما، إلا أنه استطاع إنجاز كل ذلك بإرادة صلبة.

ظلت رغبة جهاد صادقة، فتجدد حرصه على الدراسة، وحصد المزيد من الدرجات العالية في الاختبارات، وتمكن في الفصل الأول من الحصول على الامتياز في جميع المقررات الدراسية، واستمر في هذا المستوى في مختلف فصول الدراسة، ومن شدة إصراره؛ حصل على استثناء في دراسة ساعات معتمدة أكثر مما هو مقرر في الفصل الواحد بالنسبة للطلبة العاديين.

مسيرة استثنائية

جهاد عبدالقادر طالب استثنائي في جامعة الشارقة، تميز اجتماعياً وتربوياً وأكاديمياً فأنهى دراسته الجامعية في غضون ثلاث سنوات. وعلى الرغم من تزاحم المواد وصعوبتها أحياناً، لكن ذلك لم يدفعه أبداً تجاه التنازل عن الحلم الذي أراد أن يبني عليه مستقبله منذ أيام المدرسة وقبل أن يجد نفسه بلا ذراع. بعد أشهر قليلة سيحتفل جهاد بتخرجه من الجامعة بتفوق، مجدداً عند هذه النقطة عزيمته على مواصلة الدراسة للوصول إلى درجات علمية أعلى.

Email