«تعليمي أبوظبي» وجه المدارس لتطبيقه

بحوث تؤكد دور «الاستقصاء الموجه» في تحفيز الطلبة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت بحوث تربوية حديثة عدة أهمية استخدام استراتيجية التعلم بالاستقصاء الموجه أو الاستكشاف والتي تلعب دوراً في تنمية مهارات الطالب وتحفيزه للتعليم واكتساب المعرفة، وان هذا النمط من التعليم غير التقليدي شجع وحفز الطلبة في المرحلة الثانوية على التفاعل مع موادهم وخاصة العلمية وتحسين معدلات الفهم والاستيعاب لدروسهم وتطوير معدلاتهم.

حيث أجرت مدارس ثانوية عدة في أبوظبي بحوثاً تربوية حول استخدام أسلوب الاستقصاء الموجه في التعليم وآراء الطلبة حول هذا الأسلوب ومدى تحفيزه لهم على التعلم في الصف، خاصة أن مجلس أبوظبي للتعليم يبذل جهوداً كبيرة في الانتقال من التعليم التقليدي القائم على الحفظ والتلقين إلى التعليم التفاعلي الحديث القائم على التفكير والبحث وحل المشكلات والعمل الجماعي والتواصل.

وقد وجه المجلس المدارس الثانوية خلال العام الدراسي المنصرم (2011/2012) لاستخدام أسلوب التعلم بالاستقصاء الموجه، والذي يعد من أكثر الطرق فاعلية في تنمية مهارات التفكير لدى الطالب وتحفيزه لممارسة عمليات التعلم، فهو يحدد المشكلة ويصوغ الفرضيات ويجمع المعلومات ذات العلاقة بالمشكلة ويختبر صحة الفرضيات حتى يصل للحل المناسب للمشكلة.

صعوبة الفيزياء

وفي دراسة بثانوية القادسية بأبوظبي نفذتها كل من المعلمات زكية محمد وطيبة الكتبي ومريم الجبري وكيت أوسولفان، تم بحث كيفية جعل دروس الفيزياء أكثر جاذبية للطلبة لرفع مستوى الحافز لديهم لتعلمها، فالفيزياء في المرحلة الثانوية تدرس في القسمين العلمي والأدبي ولكل منهما منهجين مختلفين، وينظر لها غالبية الطلبة على أنها مادة صعبة ومعقدة، لذا ناقش البحث إمكانية استخدام التعلم بالاستقصاء الموجه لتفعيل تعامل الطلبة مع هذه المادة ورفع مستواهم فيها.

واعتبرت الدراسة أن هناك عوامل عديدة تؤثر في قدرة المعلم على تقديم دروس ذات نسب مشاركة عالية من قبل الطلاب، ومنها محدودية الوقت مقارنة بمنهج متكدس بالإضافة للفارق بين إدراك كل من المعلم والطالب للنشاط التشاركي، لذا سعت الدراسة لبحث كيفية جعل درس الفيزياء يحتوي أنشطة مشاركة أكثر من شأنها رفع مستوى الحافز عند الطلاب.

وشمل البحث ثلاثة مجالات رئيسية وهي التحري حول مدى تحفز الطلبة نحو الفيزياء، ومدى تحسين مستوى مشاركة طالبات الحادي عشر في الصف، وعرض أساليب واستراتيجيات أنشطة التعلم بالاستقصاء الموجه لمعلمي الفيزياء.

ولتحقيق أهداف البحث كان لابد من الإجابة على ثلاثة أسئلة أساسية تمثلت في: هل استخدام أنشطة التعلم بالاستقصاء يحسن من مستوى مشاركة طالبات الحادي عشر بقسميه العلمي والأدبي؟ وهل ترى الطالبات التعلم بالاستقصاء أسلوباً فعالاً مقارنة بالطرق التقليدية؟ وهل يمكن لهذا الأسلوب في التعلم أن يصبح من الممارسات الراسخة في تدريس الفيزياء بالمدرسة؟

الطرق التوجيهية

وشاركت في البحث (57) طالبة من الصف (11) بقسميه العلمي والأدبي، وتم تجهيز المعلمات بتدريبهن على أسلوب التعلم بالاستقصاء حيث قمن بالتخطيط للدروس بشكل تعاوني وتبادلن الزيارات الصفية.

وكشف البحث من خلال تطبيق أسلوب التعلم بالاستقصاء وعقد لقاءات مع الطالبات لتقييم الاستفادة وتنفيذ استبيان بداية المشروع ونهايته ومن خلال المشاهدات الصفية لتفاعل الطالبات مع التعلم بالاستقصاء، كشف عن تفضيل طالبات كلا المسارين العلمي والأدبي للدروس التي تقدم بطريقة التعلم بالاستقصاء الموجه.

ومما لفت الانتباه أن طالبات المسار العلمي قد عبرن عن تفضيلهن للطرق التوجيهية للتدريس على التفاعلية حيث عبرن عن تخوفهن من فقدان تفاصيل وأجزاء من المقرر قد ترد في الامتحانات من جراء عدم وقوف معلمة أمامهن لشرح الدرس، كما اعتدن بالشكل التقليدي، وعلى عكسهن تماماً كانت طالبات الأدبي اللواتي فضلن التعلم التفاعلي على الموجه.

كما نجحت معلمات الفيزياء في تطبيق استراتيجيات التعلم بالاستقصاء مما شجع على جعل ذلك جزءاً أساسياً من الممارسات الصفية شريطة أن يتم التخطيط للوحدات الدراسية بشكل كامل وأن يقوم منسق المادة بقيادة هذه العملية لضمان الفهم والإدراك الكامل لها، كما أظهر البحث أن منهجية التعلم بالاستقصاء لها الغلبة العظمى مقارنة بمنهجيات التعليم التفاعلي الأخرى، حيث تحسنت في ظل التجربة مستويات الطالبات وتفاعلهن مع الحصة.

مهارات القرن الـ 21

كما استطلع بحث آخر آراء طلاب في الثاني عشر العلمي حول تعلم مادة الأحياء باستخدام استراتيجيات التعلم بالاستقصاء الموجه، والذي نفذته المعلمة بلقيس محمد بدعم من فيونا فيكتوري بمدرسة فلسطين الثانوية للبنات بأبوظبي، حيث هدف البحث إلى سد الفجوة الكائنة بين مفاهيم الطلاب للمهارات والمعرفة حتى يدركوا أن اكتساب المهارات سيساعد في اكتساب المعارف.

لأن مجلس أبوظبي للتعليم يسعى من خلال تطبيق التقويم إلى قياس مهارات الطلبة التي تتناسب مع القرن الحادي والعشرين وتنميتها، وهذا التركيز على المهارات يجعل الطلبة في حالة من الارتياب لعدم فهمهم للكيفية التي تتعلق بمهارات التعلم وكيفية استخدامها لتكوين المعرفة والوصول للمعدلات المطلوبة نهاية العام.

وتعد عملية التعلم بالاستقصاء الموجه استراتيجية جديدة للتعليم والتعلم والتقييم لمواد العلوم قدمها مجلس التعليم ليتم تطبيقها على الحلقة الثالثة بداية العام (2011/2012) وتم إعداد هذا البحث لرصد توجهات طلاب الصف (12) العلمي نحو تعليم مادة الأحياء وفق هذه الاستراتيجية الجديدة وجمع الأدلة التي تؤكد أن هذه الاستراتيجية قادرة على إمداد الطلبة بحاجاتهم من المهارات لاكتساب المعارف ودعمها لمعدلاتهم، وما إذا كانت قادرة على دعم فهمهم للمقرر ورفع معدلاتهم، خاصة أن الطلبة عارضوا هذه الاستراتيجية عند بدء تقديمها لهم بداية العام.

ولتنفيذ البحث تم تقديم شرح وافٍ لطالبات المدرسة حول التعلم بالاستكشاف أو الاستقصاء الموجه وتقديم مجموعة من الدروس بأسلوب الاستقصاء الموجه، ودعوة الطالبات للمشاركة في استبيان قصير عقب كل درس من تلك الدروس، ومن ثم عقد اختبار تحريري للطالبات يتناول كلا المحتويين اللذين تم تدريسهما بالاستقصاء الموجه وبالطرق التقليدية وتحليل نتائج الاختبار، بالإضافة لملاحظة سلوكيات الطالبات في الدروس التي تعتمد استراتيجية الاستقصاء الموجهة.

التذكر والفهم

وجاءت نتائج الخطوات البحثية إلى أن الطالبات رغم أنهن أبدين موقفاً سلبياً ورافضاً في البداية تجاه تعلم الأحياء باستخدام الاستقصاء الموجه، الا أن موقفهن تغير بعد أن صاروا أكثر إلماماً بهذه الاستراتيجية بعد عدة دروس، كما كشفت النتائج البحثية أن هناك مردوداً إيجابياً على درجات الطالبات عند تدريسهن بالاستقصاء والاستكشاف، كما أن هناك دلالات أوضحت أن هذه الاستراتيجية في التعليم ساعدتهن على التذكر والفهم للمنهاج بشكل أفضل عن الطرق التقليدية.

وعي ولي الأمر

وإدراكاً من المدارس لدور ولي الأمر وأهمية وعيه بالتغييرات لتحقق تلك التغييرات الأهداف المرجوة منها، اهتمت دراسة تربوية ثالثة بالتركيز على عملية تغيير موقف أولياء أمور طلبة الصف الثاني عشر تجاه نمط التعلم بالاستقصاء الموجه باستخدام المحاضرات التعريفية.

حيث تمحور البحث على قضية تغيير مواقف طالبات الثاني عشر بثانوية أم عمار وأولياء أمورهن تجاه عملية التعليم باستخدام الاستقصاء الموجه، والإشكالية هنا أن العديد من مناهج العلوم للثاني عشر لا تزال كثيفة كما أن الطالبات يخضعن لامتحانات نهاية كل فصل تركز على قدرة الطالبة على تذكر التفاصيل الموجودة في الكتاب المدرسي بدلاً من التركيز على كيفية تطبيق المعارف والمهارات المكتسبة، ونتيجة لهذا تشعر المعلمات بضرورة تغطية كل كلمة في الكتاب باستخدام أساليب تقليدية كالمحاضرات وحصر دور الطالبة في الاستماع وتحديد المعلومات في النص وحفظها عن ظهر قلب، ولكن المعلمات في السنوات الأخيرة بدأن بدمج أسلوب التعليم المتحور حول الطالب وحقق ذلك نجاحات متفاوتة.

تغييرات في الفصول

 

وقد طلب مجلس التعليم من المعلمات من العام الدراسي المنصرم القيام بتغييرات بالغة الأهمية في الفصول الدراسية لكل المراحل، وشملت تلك التغييرات، التركيز على عمل المجموعات، والانتقال إلى أسلوب التعليم المتمحور حول الطالب من خلال اتباع أسلوب التعلم بالاستقصاء الموجه وتطوير المهارات التطبيقية بدلاً من اختبارات الحفظ الروتينية.

ولم تكن الطالبات وأولياء أمورهن ملمين بطرق التدريس المبنية على الاستقصاء، لهذا هدف البحث إلى فهم العوامل التي تساهم في اتخاذ الموقف السلبي المسبق من الطالبات وأولياء أمورهن تجاه التعلم بالاستقصاء الموجه، والعمل على تعميق فهمهم للاسقصاء من خلال تقديم معلومات إضافية وخوض تجربة مباشرة من هذا النمط، كذلك محاولة تغيير موقف كل من الطالبات وأسرهن نحو الإيجابية.

نتائج

استبيان.. التعلم بالاستقصاء لن يساعد الطالبات على فهم المحتوى

 

من خلال مجموعة من التدخلات التي أتاحت الفرصة للطالبات وأولياء أمورهن لمعرفة الاستقصاء وتجربته وتقديم كم أكبر من المعلومات لهم حوله، جاءت النتائج على مرحلتين، الأولى قبل تطبيق التدخلات والتي أظهرت الاستبيانات مواقف سلبية لدى كل من الطالبات وأولياء أمورهن تجاه هذا الأسلوب الجديد في التعلم، وإحساس أولياء الأمور بأن التعلم بالاستقصاء لن يساعد الطالبات على فهم المحتوى ولن يحرزن درجات جيدة ولن تتطور مهاراتهن.

ولكن عقب تنفيذ مجموعة من التدخلات التي وفرت المعلومات للمستهدفين وأعطت فرصة تجربة الاستقصاء، كشف الاستبيان الثاني تحولاً ملحوظاً في تلك المواقف السلبية إلى الإيجابية بالرغم من أن مواقف أولياء الأمور لم تتغير بقدر تغير مواقف الطالبات نفسه، ولكن تقديم المعلومات لهم أثر كثيراً على تفاعلهن الإيجابي مع فكرة التعلم بالاستقصاء وإزالة جزء كبير من الغموض والقلق لديهن.

Email