«تسوية المنازعات» بديوان حاكم دبي تنجز قضية جزائية

يسرق من صديقه «المسافر» 580 ألف درهم إلكترونياً

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يقال إن الصديق الحقيقي لا يمكن شراؤه بأي مبلغ، وعلى الرغم من ذلك، فإن بعض الأصدقاء يرمون بهذه المعاني عرض الحائط، كونهم غير حقيقيين كما ظنناهم، وهو ما واجهه المدعي في هذه القضية، الذي سلّم زمام أموره لصديقه، الذي أسكنه بيته وأمّنه على حياته وماله، فسرق منه 580 ألف درهم خلال غيابه.

بداية القصة

وتفصيلاً قال هاشم سالم القيواني مدير إدارة الخبرة وتسوية المنازعات بديوان سمو الحاكم لـ«البيان» أن المدعى عليه «المتهم في القضية» بدلاً من أن يكون معيناً وسنداً لصديقه تحول إلى سبب في شقائه وتعاسته واستغل غيابه واستولى على جزء كبير من مدخراته.

 حيث أنجزت الإدارة مؤخراً إحدى القضايا، التي أقامها مقيم بالدولة، مختصماً فيها أحد أصدقائه، حيث أفاد المجني عليه بأنه نظراً لطبيعة عمله، فهو دائم السفر خارج الدولة لفترات غير منتظمة، وأنه بعد عودته من إحدى سفراته انتبه لتحويلات ومسحوبات تمت إلكترونياً من حساباته المفتوحة لدى عدد من البنوك العاملة داخل الدولة.

وعلم أن التحويلات تمت لجهات خارجية غير معلومة بالنسبة له، ولم يسبق لع التعامل معها، وأنه لم يستلم أية إشعارات، ولم يصدر تعليماته لأي من البنوك للقيام بذلك، متهماً صديقه، الذي يقيم معه في مقر سكنه.

احتيال إلكتروني

وأوضح أن الدعاوى المالية ذات الطابع الإلكتروني تحتاج إلى مهارات ومختصين كونها تختلف عن الدعاوى الأخرى، وتتطلب توفر خلفية إلكترونية للخبير المكلف، فضلاً عن خبرته في الأمور المالية والمحاسبية، وأن الدعوى الحالية تمثل واحدة من تلك النوعية.

حيث أقامها الشاكي/‏ المجني عليه أمام المحكمة الجزائية بدبي، مدعياً وجود تلاعبات تمت إلكترونياً على عدد من حساباته لدى البنوك أثناء تواجده خارج الدولة، وأنه تفاجأ بعد عودته من السفر من استمرار تلك التلاعبات، فتوجه إلى البنوك المفتوح فيها حساباته، وأصدر تعليمات بإيقاف البعض منها، كما اتهم صديقه، الذي يحمل جنسية أخرى بقيامه بتلك التعاملات، مستغلاً إقامته معه لفترة، واستخدامه الحاسب الشخصي له.

في حين أنكر المتهم استيلاءه على أية أموال عائدة للشاكي، إلا أنه بعد قيام الجهات المختصة، بإجراء التحقيقات مع أطراف القضية والشهود ومخاطبة الأطراف ذات العلاقة، تم إحالة النزاع لإدارة الخبرة وتسوية المنازعات، التي قامت بتكليف أحد خبرائها المختصين في تلك الأمور، للقيام ببحث القضية، وتقديم تقرير للمحكمة المختصة بشأنها.

إجراءات

وأضاف القيواني: «حللت الإدارة موضوع القضية ووقفت على الفترة، التي حدثت فيها بداية من تاريخ سفر الشاكي خارج الدولة حتى عودته، والتعاملات المالية والمسحوبات، التي تمت على حساباته البنكية، خلال فترة تواجده بالخارج، وأجرت دراسة تفصيلية على كشوف الحسابات البنكية، وتحديد دور المتهم في تلك التعاملات.

وعقدت العديد من الاجتماعات مع طرفي القضية ووكلائهم، لمناقشة ودراسة المستندات المقدمة، وخاطبت عدداً من الجهات ذات العلاقة، وتم الانتقال إلى البنوك المفتوح بها حسابات الشاكي والمتهم، ومناقشة الموظفين المختصين بادعاءات الشاكي بعمليات الاحتيال والغش والتلاعب، وناقش الخبير المكلف عدداً من الشهود ذوي العلاقة بالشاكي والمتهم».

وذكر أن القضية في بدايتها كانت معقدة نظراً للطريقة الاحترافية، التي تمت بها إلا أنه ونظراً لعدم وجود جريمة كاملة، فإنه بعد دراسة الإدارة للمستندات بدأت القضية تتضح معالمها، حيث تبين أن المتهم يعمل في مجال البرمجة الإلكترونية.

وأنه يملك كفاءة وخبرة عاليتين في أنظمة الحاسب الآلي، عوضاً عن أنه كان يقيم مع الشاكي بمقر سكنه، منذ فترة وكان يستخدم الحاسب الآلى الشخصي له، كما تبين أن المسحوبات التي تمت إلكترونياً من حسابات الشاكي تم تنفيذها خلال 14 يوماً فقط وهي فترة تواجده في مهمة عمل خارج الدولة، وتمت من حسابات الشاكي المفتوحة في ثلاثة بنوك، وبلغ مجموع المبالغ المسحوبة من حسابات الشاكي ما يقارب 580 ألف درهم.

كما تبين للإدارة أن تنفيذ عمليات الاستيلاء على تلك المبالغ بدأ بعد سفر الشاكي مباشرة، حيث تقدم شخص إلى إحدى شركات الاتصالات بطلب استخراج شريحة بدل فاقد لهاتف الشاكي عن طريق انتحال صفته، وتقديم صورة من جواز سفره، وبالفعل انقطعت الخدمة عن هاتف الشاكي، ولم يعد يستلم أية رسائل نصية خلال تواجده خارج الدولة.

في حين تم استخراج شريحة أخرى بذات الرقم استخدمه المتهم لتنفيذ عمليات السحب، حيث إنه لتنفيذ أية عملية تحويل عن طريق الإنترنت يتطلب أن يكون العميل مشتركاً ومسجلاً في الخدمات الإلكترونية لدى البنك عن طريق اسم مستخدم ورقم سري، وعند إجراء التحويل يقوم العميل بإدخال تلك البيانات، ليقوم البنك بإرسال الرمز الخاص للتحويل على الهاتف الشخصي للعميل.

ليقوم الأخير بتأكيده وإتمام عملية التحويل، وبدراسة كشوف لحسابات البنكية للشاكي، ونظراً لأن المتهم كان دائم استخدام الحاسب الشخصي للشاكي تمكن بخبرته من الدخول إلكترونياً على حساباته، وإجراء عدد من التحويلات الداخلية بين تلك الحسابات حتى يبدو الأمر طبيعياً، ثم قام لاحقاً بإجراء تحويلات لجهات وأشخاص بالولايات المتحدة وماليزيا.

حيثيات

وأشار الى أنه بعد عودة الشاكي من سفره تبين له انقطاع الخدمة عن هاتفه، فقام بالتقدم بطلب لإحدى شركات الاتصالات، واستخرج شريحه بدل فاقد، وخلال تلك الفترة استلم إشعاراً من أحد البنوك بوجود تحويل إلكتروني، يتم من حسابه.

فقام بإصدار تعليماته للبنك بإيقاف ذلك التحويل وبمراجعته لكشوف حساباته تبين له وجود تحويلات، تمت من حساباته أثناء سفره، وأنه بالرغم عدم وجود أية ملاحظات من قبل أقسام مكافحة الغش والاحتيال في البنوك التي يتعامل معها الشاكي على عمليات السحب الإلكتروني، نظراً للطريقة الاحترافية، التي تمت بها من خلال الإنترنت.

إلا أنه وبعد دراسة الخبرة للمستندات ومناقشة الأطراف ذات العلاقة تبين أن المتهم ارتكب أخطاء عدة أثناء تنفيذه لتلك التحويلات من حسابات الشاكي تمثلت في قيامه بالاتصال بأحد البنوك، لإجراء معاملة على حساب البطاقة الائتمانية للشاكي، لكنه لم يستطع الولوج إلى النظام الإلكتروني للبنك.

 نظراً لإدخاله رقم تعريفي خطأ، فقام المتهم بقطع الاتصال ووفقاً للنظام المعمول به فقد تم تسجيل تلك المكالمة من قبل البنك، وبعرض ما ورد بالمكالمة على الجهات المختصة أكدت أن المتهم هو من حاول انتحال صفة الشاكي.

توصيات

وأكد القيواني أنه بالرغم من أن الخدمات والتعاملات الإلكترونية المصرفية أصبحت من سمات وثقافة العصر الحديث، التي لا يمكن الاستغناء عنها، نظراً لما تقدمه البنوك من مزايا لعملائها من إمكانية الاطلاع على حساباتهم المصرفية.

إلا أنه يجب على العملاء والمتعاملين إلكترونياً أخذ الحذر عند تنفيذ تلك التعاملات، والحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بهم مثل اسم المستخدم والأرقام السرية وأية بيانات تعريفية والاحتفاظ بها في مكان آمن، وإجراء تغييرات على الأرقام السرية من وقت لآخر، ومتابعة التعاملات الإلكترونية، التي تتم على حساباتهم بصورة منتظمة.

ويتعين عليهم توخي الحذر من رسائل التصيد الوهمية التي تأتي للمستخدم بصيغة تبدو رسمية، تطلب منه إدخال رقم المعاملة البنكية، أو رقم التعريف الشخصي (PIN)، أو رقم بطاقة الائتمان أو كلمة المرور لأن هذه الرسائل دائماً ما يقف خلفها قراصنة إنترنت.

حيث إن البنوك ومقدمي خدمات الدفع والشركات المالية لا تطلب من عملائها إدخال مثل هذه المعلومات الحساسة عن طريق البريد الإلكتروني أو الهاتف الشخصي، كما ينصح بضرورة قيام المستخدم بإخطار البنك المعني في حالة وجود شك لديه في بعض الرسائل المستلمة تفادياً لأي نزاع مستقبلاً.

Email