رفاق السوء يجرفون مدمن التفوق إلى هاوية المخدرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن ما قالته تلك الأم غريباً على مسامع وكيلة نيابة الأسرة، فوالدو كل الأحداث المتهمين الذين حققت في قضاياهم كانوا يقولون أيضاً إن أبناءهم لا يمكن أن يرتكبوا الجرائم وأنهم أحسنوا تربيتهم، ولكن كلمات تلك الأم كان لها وقع مختلف.

فحقاً لا يبدو هذا الشاب الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، كباقي الأحداث الذين حققت معهم، كانت طريقة حديثه واختياره لكلماته تشي بمستوى رفيع من الأدب والأخلاق، وهو ما أكدته التحريات، كما بينت أنه بين المتفوقين في صفه، سواء بالعلم أو بالأدب والأخلاق التي عرفت عنه، فكيف أصبح هذا الشاب مدمناً للمخدرات؟ فجسده حسب التقرير الطبي متشبع بالمؤثرات العقلية وبمخدر السبايسي المصنع.

كان جواب تلك الأسئلة في أقوال الشاب في التحقيق، حيث قال إن أهم أولوياته في الحياة كانت الحفاظ على تفوقه الدراسي، وكان هذا هو الباب الذي دخل منه أصدقاء السوء، ففي أحد الأيام خلال فترة الامتحانات، كان يحادثهم حول ضيق الوقت وخوفه أن لا ينتهي من استكمال دراسة المنهج، وهنا قدم له صديقه حبة دواء، وقال له إنها ستساعده على مواصلة السهر حتى الصباح.

لم يكن لدى الشاب معرفة بالمؤثرات العقلية وأثرها، ولم يجد من يخبره عنها أو يحذره من خطرها، لذلك لم يتردد وابتلع الحبة فوراً، وبالفعل قامت بمفعولها واستطاع السهر حتى الصباح وإنهاء المنهاج، ولم يهتم بما أصابه بعد ذلك من تأثيرات واعتقد أنها من تأثير السهر، وفي اليوم الثاني أعطاه أصدقاؤه حبة ثانية، فثالثة وهكذا حتى نهاية الامتحانات.

ولم يشعر الفتى في البداية أنه قد أصبح مدمناً إلا بعد انتهاء الامتحانات، فقد اعتقد أنه لم يعد بحاجة للمزيد، ولكن كان هناك شيء في جسده يصرخ بألم مطالباً بالحبة التي اعتاد عليها، عند ذلك فقط اكتشف ما حدث له وعرف أنه أصبح مدمناً.

حاول في البداية التغلب على توقه الشديد للحبة، ولكنه لم يستطع، واضطر للذهاب إلى أصدقائه طالباً إعطاءه حبة المؤثر العقلي، ولكنهم قالوا له إنهم لن يستطيعوا تزويده بها، فهي غالية الثمن وعليه أن يدفع لهم مقابل ما يحصل عليه من حبوب، فخضع لهم وأعطاهم الثمن.

لم يحب الفتى الطريقة التي أصبح يتعامل بها أصدقاؤه معه، والابتزاز الذي يمارسونه عليه، وقرر إيجاد مصدره الخاص، فلجأ إلى المواقع الإلكترونية للبحث عن مصدر لحبوب، وهناك تعرف إلى نوع جديد من المخدرات، وهو مخدر السباسي المصنع، وصار يطلبه عن طريق مواقع إلكترونية وتصله من خلال إحدى شركات الشحن.

لم يكن من السهل الحصول على المخدر بالنسبة إلى الشاب، فلم يكن مصروفه اليومي يكفي لسداد ثمنه، فاضطر إلى بيع هاتفه المتحرك وكافة الأجهزة والألعاب الإلكترونية التي يملكها، حتى يحصل على المال، كما أصبح يختلق الأعذار للحصول عليه من والديه وأشقائه.

كانت السلطات المختصة قد شكت في شحنة وصلت إلى الفتى لاحتوائها على مادة بنية اللون، فتم استئذان النيابة وعمل كمين له بعد استلامه للشحنة وبعد خروجه من مكتب الشحن، وبفحص الشحنة تبين أنها لمادة السبايسي المخدرة، وعند فحص الفتى تبين أنه مدمن على هذا المخدر، فتم القبض عليه.

وقدمت نيابة الأسرة تقريراً حول ملابسات إدمان الفتى، إضافة إلى تعاونه في الإبلاغ عن أصدقائه الذين استدرجوه إلى التعاطي، وقدرت المحكمة الظروف المحيطة بالقضية وحكمت بإيداعه في مصح علاجي.

Email