في مجلس ضاحي خلفان عن الابتزاز الإلكتروني

دعوة إلى استحداث هيئة تتصدى لأفكار داعـــــــــش الظلامية في المواقع الإلكترونية

■ ضاحي خلفان وخميس المزينة وضرار بلهول وجمال السميطي ومحمد مراد وعلي إبراهيم والحضور خلال المجلس الرمضاني | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

دعا معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، إلى استحداث هيئة تعنى بمتابعة وتحليل كل ما يبثه تنظيم داعش الإرهابي من سموم فكرية، وتحليلها، وتوعية المجتمع بخطورتها، وآفاتها، تصدياً للأفكار الظلامية التي يحملها هذا التنظيم..

بالإضافة إلى دراسة العبارات والحوارات التي يستخدمها التنظيم الإرهابي لاستقطاب عناصر جديدة الى صفوفه، وإقناعهم بأفكاره المشبوهة والهدامة، في وقت أعرب فيه عن استنكاره لوقوف العديد من الدول مكتوفة الايدي امام تمدد وتوغل هذا التنظيم عبر ماكينته الاعلامية التي يبلغ قوامها نحو 90 ألف موقع إلكتروني بلغات عربية وأجنبية، لإسقاط المزيد من الشباب والفتيات حول العالم، دون متابعتها ودراستها.

وشدد معاليه في ندوة رمضانية استضافها مجلسه حول «الابتزاز الإلكتروني»، على أن يتحالف الشباب والمثقفون والاجهزة الامنية، في التصدي للأفكار الظلامية التي يبثها تنظيم داعش الإرهابي. وأضاف معاليه في الندوة التي حضرها اللواء خميس المزينة قائد عام شرطة دبي...

وضرار بلهول مدير عام مؤسسة وطني الإمارات، ومسؤولون محليون: متابعة أحاديث ورسائل التنظيم الارهابي «داعش» يجب ان تحتل حيزا كبيرا من اهتمام الجهات الامنية والمثقفين والشباب الناشطين على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، للتعرف الى اساليب هذا التنظيم في غسل أدمغة الشباب، وحقنها بأفكاره الهدامة الظلامية..

والوقوف عند الاسباب التي تدفع فتيات وشبابا اوروبيين لترك حياة الرفاهية والاستقرار، والامن، والاسرة، والانضمام الى صفوف هذا التنظيم الذي يعيث خرابا وفسادا في كل الاماكن التي يتواجد فيها.

واشار معاليه الى ان الشاب السعودي الذي فجر نفسه في مسجد الإمام الصادق في الكويت الشقيقة قبل أيام، هو احد ضحايا هذا التنظيم الذي افادت التقارير انه لم يعرف عنه أنه خرج من بلاده قبل سفره الى الكويت لتنفيذ عمليته الارهابية، مثلما لم يعرف له انتماء لجماعة أو تنظيم إرهابي.

غسل دماغ

وقال: عندما نفاجأ بشاب ينفذ عملية تفجيرية في صفوف الابرياء والعزَّل مثل هذا الشاب السعودي وغيره، فإن ذلك يدلنا بما لا يدع مجالا للشك، أنه تعرض لغسل دماغ، وموجة تغيير عنيفة لأفكاره وقناعاته ومعتقداته، من قبل تنظيم إرهابي مشبوه جند خبراء ومختصين في اعداد اسئلة ورسالات، لتوجيهها الى الضحايا عبر مواقع التواصل الاجتماعي..

وهذا ليس أمراً مخفياً، خصوصا بعد ان اصبح لتنظيم داعش الارهابي اكثر من 90 الف موقع الكتروني، ومواقع خاصة باسمه للتواصل الاجتماعي، والوصول الى شريحة ضعيفة من ضعفاء النفوس، غير المؤسسين على الدين الاسلامي الحقيقي الذي يلفظ هذه الافكار والتصرفات التي تروع وتشرد الآمنين، وتقتل الابرياء، وتعيث في الارض الفساد.

ولفت معالي الفريق نائب رئيس الشرطة والأمن العام إلى أن الجرائم الإلكترونية أوسع انتشاراً وخطورة من الابتزاز بحد عينه، حيث تشمل الى جانب «الأخير» السرقات الإلكترونية واستقطاب الشباب للجماعات الإرهابية.

وقال: «بحاجة إلى إعادة نظر في الجرائم الإلكترونية، ووضع قائمة أولويات في هذا الصدد».

مفهوم الابتزاز

بدوره عرف ضرار بلهول مدير عام مؤسسة وطني الإمارات، مفهوم الابتزاز الإلكتروني بأنه «عمل غير قانوني، يستخدم فيه الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية، لاستدراج واصطياد الضحايا، وإلحاق أضرار اجتماعية ومالية ونفسية بالمجني عليهم سواء كانوا أفرادا او مؤسسات، وهو كذلك ممارسة سيئة وخاطئة لثورة تكنولوجيا المعلومات».

أما خصائص هذه الجريمة وفق بلهول، فهي عالمية، صعبة الإثبات، تندرج تحت الجرائم الناعمة، وتضر بالحكومات والاقتصاد والأفراد، مؤكدا على ضرورة رفع مستوى الوعي المجتمعي للتصدي لها، وحفظ أمن المجتمعات، من خلال حث الضحايا على التواصل مع الجهات الأمنية لحل القضية والتغلب على مخاوف ثقافة العيب والفضيحة.

وأشار إلى أن دولة الإمارات تعتبر من الدول منخفضة الاستهداف على صعيد الجرائم الإلكترونية، وقد تم تصنيفها كثاني دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد عمليات الاختراق الإلكتروني 2014، والذي بلغ 4.3 ملايين اختراق، وفقاً لتقرير أعلنته «كاسبريسكي» إحدى شركات الأمن الإلكتروني العالمية.

وقال: تراجع تصنيف الدولة من ناحية التعرض للتهديدات الأمنية من المركز 36 في العام 2010 إلى المركز 46 في العام 2011.

وتوقف مدير عام مؤسسة وطني الامارات عند ما تضمنه التقرير التحليلي لجيف باردين الخبير الأمني في قضايا الإرهاب الرقمي، والذي اكد ضرورة التحرك السريع للتصدي للجرائم الإلكترونية المتمثلة في التجنيد عبر مواقع التواصل الاجتماعي..

وجمع التبرعات المالية، وتنسيق التحركات العسكرية للتنظيم، والأنشطة التي تسعى لنشر فكر التنظيم بين زوار مواقع التواصل الاجتماعي، ويتم هذا التحرك السريع بإغلاق حسابات أصحابها، وتعطيل خوادم تلك المنتديات بشكل نهائي.

وأوضح أن التقرير اظهر عجز التشريعات «الشكلية والموضوعية» عن مواكبة تفاقم مشكلة الجرائم الإلكترونية والخسائر المالية الناجمة عنها.

هدر المال والوقت

وعن خطورة الجرائم الالكترونية التي تهدد منظومة الحياة المعاصرة، قال بلهول: عند تفوق الجرائم الإلكترونية على التدابير الأمنية فإنها تهدر الوقت والمال، اذ تحتاج الجريمة الواحدة إلى 32 يوماً من البحث والتحري والضبط، بنفقات تقدر بنحو مليار وربع المليار دولار أميركي.

سوء استخدام

من جانبه أكد القاضي الدكتور جمال السميطي مدير عام معهد دبي القضائي أن ثمة أشخاصاً أساءوا استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لمصالحهم الشخصية المبنية على حساب الآخرين، وربما أموالهم وأعراضهم.

تطوير أساليب المكافحة لتطويق تعدد وسائل الإجرام

 

قال المقدم سعيد الهاجري مدير إدارة الجريمة الإلكترونية بشرطة دبي، إن الجرائم الإلكترونية ليست بالأمر الجديد او الغريب على المجتمع المحلي، أوضح ان هذا النوع من الجرائم يتم بموجب عدة خطوات تتمثل »الاولى« بإضافة المجرم تطبيقاً جديداً إلى هاتفه أو جهاز حاسوبه، ثم يبدأ باستقطاب أصدقاء جدد الى قائمة أصدقائه، من بينهم الشخص المستهدف للعملية..

والذي يدخل في مرحلة من القياس والتقييم من قبل ذلك الجاني، وهي مرحلة تسبق مرحلة الاغراء والتغرير، ثم المواجهة المباشرة والاستغلال بعد الوقوع في الفخ، لتنحصر خيارات الضحية في الاستسلام لرغبة »الصياد"، والاذعان لطلباته، ما لم تتم الاستعانة بالجهات الامنية لتخليصه من هذا البلاء.

وأكد المقدم أن مرتكبي الجرائم الالكترونية طوروا وسائلهم وادواتهم، وحصنوا درايتهم بالخبرة والمهارة، حتى لا تتم محاسبتهم بالقانون، مشيرا الى ان الأجهزة الأمنية تدرك هذا التطور، وتماشيه، وتحسن اساليب المكافحة والضبط.

وفيما اذا ما كانت جرائم الابتزاز الالكترونية منظمة او غير ذلك قال الهاجري: هذه الجرائم غالبا ما تكون منظمة، وتدار من قبل خبراء ومختصين في ايقاع توريط الضحايا يمارسون نشاطهم من خارج الدولة، الامر الذي يزيد نسبة انتشار هذه الجرائم، بين مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

توعية وتثقيف

ولفت ان الحد من جرائم الابتزاز الالكتروني يتأتى عبر تثقيف وتوعية المجتمع بمخاطرها، وأهمية الحفاظ على الخصوصية الشخصية، والالتزام بالقيم الإسلامية ومبادئ الأخلاق والعادات والتقاليد، ورفع مستوى الوعي بدور وأهمية خدمة الأمين الشرطية في حماية المجتمع.

وحذر من خطورة تحميل أي تطبيق دون معرفة اشتراطاته وتفضيلاته، مع تشديد حماية الصور الشخصية للمستخدمين، وعدم قبول التعرف صداقات أشخاص غير معروفين، وتعزيز الوازع الديني، وجلوس الآباء مع الأبناء وإرشادهم لمخاطر الاستخدام السيئ للتطبيقات، بجانب معرفة الأفعال التي يجرمها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

وبشأن طريقة استدراج الضحايا لفت الى ان ذلك يتم عبر قيام أحد الأشخاص بانتحال صـــــفة فتاة، وتتواصل مع الضحية وهو ذكر، وبعد ذلك تطلب منه محادثتها بالفيديو، ثم يوهمه بانه فتاة جميلة وفي سن المراهقة، ويبدأ تسجيل ردود أفعاله حين مشاهدته صور فتاة ومحادثتها عبر كاميرا...

 موضحا ان صوت وصورة تلك الفتاة تكون مسجلة مسبقا، تمهيدا لابتزازه وتهديده بنشر صوره على الملأ ما لم يعطه أموالاً. اما عدد البلاغات التي تلقتها شرطة دبي بهذا الخصوص، فبلغت نحو 80 بلاغا في 2013، ارتفعت الى 212 في 2014، فيما تم تسجيل 59 قضية في 2013 مــقابل 73 في العام التالي.

استهداف

أوضح الدكتور مروان الزرعوني مدير مركز دبي لأمن المعلومات أن طريقة استقطاب وتغرير الرجال تختلف عن النساء، إذ يستهدف المجرمون الذكور المراهقين من 15 إلى 18 عاماً، عبر الهواتف النقالة، والحاسب الالي بواسطة المواقع الالكترونية، مشيراًَ الى ان طريقة التهديد بالفضيحة أقصر الطرق للحصول على مطالبهم من المراهقين الذي يخافون تنفيذ الوعيد.

والمبتزون ينتقون النساء المنحدرات من أسر راقية ومرموقة وغنية، للحصول على مال كبير مقابل عدم فضح أمره.

هدر المال والوقت

قال ضرار بلهول مدير عام مؤسسة وطني الإمارات خطورة الجريمة الإلكترونية لا تقاس بالخسائر الناجمة عنها فقط، بل بالجهد الذهني المبذول للجاني الذي يمكنه من اختراق تدابير وضعها مختصون كلفت مبالغ طائلة.

الخوف من الفضيحة يمنع الضحايا من الإبلاغ

لفت الدكتور محمد مراد عبدالله مدير مركز دعم اتخاذ القرار في شرطة دبي الأمين العام لجمعية توعية ورعاية الأحداث، الى أن بعض ضحايا الجرائم والابتزاز الالكترونية، يفضلون عدم ابلاغ الاجهزة الامنية، خوفا من الفضيحة، او الحرج، أو من المجرم الذي ورطهم في مثل هذه الجرائم. ودعا وزارة التربية والتعليم تحديدا ممثلة بالمدارس،..

والجهات والمؤسسات المجتمعية والرسمية ذات العلاقة والاختصاص الى تكثيف جهود التوعية والتثقيف بخطورة التعاطي المفتوح مع المواقع الالكترونية غير الامنة، لما في ذلك من زيادة فرصة الوقوع في فخ المتربصين والمبتزين، في وقت دعا فيه وسائل الاعلام المحلية المختلفة، الى لعب دور مماثل في توعية الجمهور بخطورة هذه المواقع من النواحي الامنية والشخصية والاقتصادية والنفسية.

وقال: المدارس تضطلع بدور كبير ومحوري في هذا الجانب لجهة توعية الطلبة بخطورة الولوج الى المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بدون حذر من الروابط والاشخاص الذين يتعاملون معهم، وتوعيتهم بعدم قبول صداقة أي شخص لا يعرفونه، أو لا يثقون به..

وتحذيرهم من خطورة الوقوع في شرك المبتزين والمستغلين عبر هذه المواقع المشبوهة، من اجل المال، او الحصول على أي مطلب تحت التهديد بالفضيحة، وتشويه السمعة.

شراكة نافعة

أكد المهندس ابراهيم الملوحي نائب رئيس العمليات الأمنية في شركة دو للاتصالات تــضافر جهود الشركة مع هيئة تنظــــيم الاتصالات، وخدمة الأمين التابعة لشرطة دبي، لتعزيز حماية أمن المعلومات الخاصة بأصحابها، وصولا الى مجتمع آمن ومدينة ذكية.

وقال عن «دو» رصدت اربعة انواع من الجرائم الالكترونية، هي تشفير بيانات الافراد والمؤسسات، وشن هجوم منظم على شركة أو مؤسسة بواسطة الانترنت، وكذا شن هجوم على مواقع التواصل، وأخيراً الجرائم التي تتم من خلال الألعاب الإلكترونية.

الابتزاز تهديد بكشف معلومات

عرف مدير عام معهد دبي القضائي الابتزاز بأنه القيام بالتهديد بكشف معلومات معينة عن شخص، أو فعل شيء لتدمير الشخص المهدد، إن لم يقم الشخص المهدد بالاستجابة إلى بعض الطلبات، «هذه المعلومات تكون عادة محرجة أو ذات طبيعة مدمرة اجتماعيا».

وقال إن قضية الابتزاز متشعبة بالفعل، وأسبابها ودوافعها تحتاج إلى تحليل دقيق من النواحي الشرعية والثقافية والقانونية وحتى النفسية والبيئية، فبيئة العمل غير بيئة العائلة، وبيئة الدراسة تختلف عن بيئة العبادة، والابتزاز يمكن أن يقع في المدرسة كما المسجد، والشركة كما المنزل.

ولفت القاضي السميطي الى ان القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، جرم الابتزاز (التهديد) الالكتروني، في صورتين، إحداهما غير مشددة والأخرى مشددة.

وعن «غير المشددة» قال: نصت الفقرة الأولى من المادة السادسة عشرة من المرسوم بقانون: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تقل عن مئتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ابتز أو هدد شخص آخر لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه..

وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات. وتكون العقوبة«. وفي صورتها المشددة نص الفقرة الثانية من المادة السادسة عشرة من المرسوم بقانون: »يعاقب بالحبس، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار«.

Email