ضرورية في الحالات العلاجية

عمليات التجميل.. مغالبة آثار الزمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

التجميل حاجة فطرية تكمن في كل انسان، وقد يكون ضرورة لدى بعض الاشخاص لعلاج ندبات الجروح أو آثار الحروق المختلفة أو ترميم الثدي بعد استئصاله..

ولكن في بعض الأحيان قد لا يجد الأشخاص مبررا لذلك سوى تحسين المظهر بحقن المواد الكيماوية أو عمل الجراحات لتصغير الأنف أو إخفاء ملامح تقدم العمر أو شفط الدهون للتمتع بقوام رشيق، وقد شهدت الأعوام الماضية إقبالاً كبيراً على العمليات التجميلية، وبلغت الرغبة ببعض الأشخاص بتحويل ملامحهم بصورة كاملة تشبها بأحد نجومهم المفضلين.

علاجات رخيصة

الإقبال الكبير على عمليات التجميل لم يكن بمنأى عن عمليات الاستغلال والاحتيال من قبل بعض الأشخاص الذين يروجون لمواد وعلاجات رخيصة لا تخلو مكوناتها ونتائجها من الخطورة والمضاعفات التي تبرز مباشرة بعد استخدامها أو مرور مدة من الزمن، وعلى الرغم من الرقابة المكثفة على المستشفيات والمستحضرات من قبل الجهات المعنية.

إلا أن هناك أيدي خفية تقدم خدماتها هذه، منها قلة في الدولة وكثيرة في الخارج وذلك ما يؤكده وجود حالات كثيرة تراجع المستشفيات للتخلص من آثار سلبية ناجمة عن استخدام مواد مغشوشة كالبوتكس والفيلر والسيليكون أو عمليات خاطئة وفاشلة أجراها بعض الأطباء غير المؤهلين.

حالات خطرة

ومن هذه العمليات التي ذكرها الدكتور قاسم أهلي رئيس وحدة جراحة التجميل في هيئة الصحة واستشاري جراحة التجميل والترميم وجراحة الحروق في مستشفى راشد، وهي تردد إحدى النساء إلى المستشفى تعاني من آلام في منقطة الصدر، واتضح بعد إجراء الفحوص أنها تعاني من تفاعل المواد التي حقنتها في الصدر في أحد المستشفيات الرخيصة خارج الدولة مما تسبب لها بحدوث التهابات خطيرة..

وتطلب علاجها استئصال جزء كبير من أنسجة الصدر، كما تطرق لحالة أخرى كانت تتردد على المستشفى لطلب عملية ربط للمعدة والتي يشترط القيام بها معايير معينة منها عدم تجاوز كتلة الجسم عن أرقام محددة، ونظراً لعدم استيفاء الحالة للمعايير رفض المستشفى القيام بهذه الجراحة، وطلب منها القيام بحمية غذائية لتخفيف الوزن ومن ثم إجراء العملية..

ولكن هذه المرأة أصرت على ذلك، وحينما لم تجد تجاوباً مع متطلباتها في مستشفيات الدولة لجأت إلى إحدى الدول التي تتوفر فيها عمليات رخيصة التكلفة، وأقدمت على القيام بهذه العملية، وفور عودتها عانت من آلام في منطقة البطن..

وبعد إجراء الفحوص الطبية اتضح أن خياطة الجرح وترميمه لم يستحمل الوزن الزائد مما تسبب في تفكك الجرح وتسرب السوائل والشحوم خارج المعدة، مما وضعها في وضع صحي محرج تطلب علاجه مراحل عديدة، فضلاً عن حالات عديدة.

وفي السياق ذاته أشار أهلي إلى أن الإقبال الكبير على عمليات التجميل يراه البعض هوساً بينما يراه البعض الآخر حاجة ضرورية خصوصاً وأن مفاهيم الجمال ومعاييره الحالية اختلفت عن الصورة التي كانت عليها قبل 20 أو 30 عاماً، ولكن في المقابل يمكن تدخل بعض عمليات التجميل في نطاق الهوس خصوصاً عندما تكون أهداف الشخص وتطلعاته كبيرة وتتجاوز نطاق المألوف..

لافتاً إلى أن الذين يطلبون إجراء عمليات التجميل لضرورة يكون الرضا النفسي لديهم أكبر من الأشخاص الذين يقدمون على هذه العمليات التجميلية من باب الهوس الذين غالباً لا يقتنعون بالنتائج التي حصلوا عليها وينعكس عدم رضاهم أحياناً على سمعة الطبيب الذي قد تتشوه سمعته أو يلاحق قانونيا، علاوة على أن اصحاب الهوس أكثر عرضة لعمليات الغش.

وأشار أهلي إلى أن التكلفة المرتفعة لعمليات التجميل فرضت على البعض البحث عمن يحقق لهم رغباتهم بأقل الأسعار دون اكتراث للنتائج الوخيمة التي تتربص بهم من جراء مستوى مهارة الأطباء أو المواد المستخدمة، مشيراً إلى أن هناك أكثر من ثلاث حالات فشل عمليات التجميل تراجع مستشفى راشد شهرياً.

إجراءات مشددة

وفي ما يخص الأخطاء والغش في مستحضرات التجميل تتخذ هيئة الصحة في دبي إجراءات مشددة في حال حدوث خطأ طبي من طبيب متخصص في عمليات التجميل..

حيث تتدرج العقوبات التأديبية التي تتخذها إدارة التنظيم الصحي في هذه الحالة حسب حجم الضرر الواقع على المريض، وتبدأ بإصدار خطاب لفت نظر للطبيب المتسبب بالخطأ، ثم إنذار كتابي، مرورا بإيقاف الترخيص المهني الخاص به من 3 إلى 6 أشهر، وتصل إلى سحب الترخيص المهني للطبيب وإعادة تقييمه في بعض الأحيان.

وأضافت الهيئة أنها تعلم المريض عن النتيجة النهائية للتحقيق بعد التظلم من خلال إخطاره برسالة رسمية عبر البريد الإلكتروني الخاص به، وبعدها يحق للمريض التقدم بطلب التعويض عن الضرر المباشر الناشئ عن الخطأ الطبي عبر القنوات القانونية المختصّة.

مواصفات عالمية

وفي السياق ذاته أكد المهندس مروان محمد مدير إدارة الصحة والسلامة العامة في بلدية دبي أن البلدية هي الجهة المخولة بتسجيل دخول المواد التجميلية التي تدخل إلى الإمارة عبر منافذ الدولة..

حيث يتم بداية تسجيلها عبر نظام خاص بهذه المواد ومن ثم تقييمها وفي بعض الأحيان يتم إرسالها إلى مختبر دبي المركزي للفحص إذا تطلب الأمر ذلك، للتأكد من احتوائها على النسب المسموح بها بحسب المواصفات العالمية إلى أن يتم إصدار تصريح بتداولها في أسواق الدولة.

وأشار إلى أن البلدية لديها مفتشون موزعون على كافة مناطق الإمارة للتدقيق على هذه المواد في أماكن بيعها، وفي حال ثبت مخالفتها للمواصفات أو عدم تسجيلها في النظام ما يعني دخولها بطرق غير مشروعة يتم مصادرتها فورا، أو سحبها من الأسواق.

ضبط مستحضرات مغشوشة

ضبطت شرطة دبي 495 الفا و554 من مستحضرات تجميلية مقلدة بقيمة تفوق 6 ملايين درهم، وأفادت القيادة العامة لشرطة دبي بأن إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية سجلت 521 قضية، بقيمة نحو مليار و152 مليون درهم خلال العام الماضي 2014، تورط فيها 581 متهماً.

وتنوعت القضايا المسجلة بين جرائم احتيال وتقليد علامات تجارية وتزوير محررات رسمية، وشرحت أن قسم مكافحة الغش التجاري والقرصنة سجل 260 قضية، تورط فيها 310 متهمين..

وبلغت قيمتها 99 مليون درهم. وأكدت أن مكافحة الجرائم الاقتصادية توفر الحماية لمئات من المنتجات التي تحمل علامات تجارية شهيرة، لافتةً إلى أن الشركات الكبرى تتضرر كثيراً بسبب تقليد منتجاتها، وأشارت إلى أن هناك تنسيقاً مستمراً مع هذه الشركات، ويتم التعامل بكل جدية مع أي شكاوى أو بلاغات تتعلق بتقليد العلامات الأصلية.

المريض النفسي غير مقتنع بمظهره

يُفضّل العديد من أطباء التجميل تحويل بعض المراجعين لمقابلة الطبيب النفسي، وذلك بسبب رغباتهم في تجميل بعض العيوب التي لا وجود لها، وإنما تكون نابعة من أوهام أو انفصام في شخصياتهم..

وذلك ما يؤكده الدكتور مهند عبدالواحد اختصاصي أمراض نفسية الذي قال إن الأمراض النفسية تؤثر بشكل كبير على ثقة الأشخاص في أنفسهم، إذ لا يشعرون بالقناعة الكافية في مظهرهم، ويكون جل تفكيرهم تحسين مظهرهم الخارجي على الرغم أنه لا يوجد به عيوب خلقية ملحوظة.

دوافع التجميل

وأضاف ان الطبيب النفسي من خلال خبرته يحدد المشكلة التي يعاني منها الشخص، وذلك من خلال البحث في أسباب الدوافع التي يستند عليها الأشخاص، لافتاً إلى أنه يمكن من خلال تحديد جلسات أو منح المريض بعض الأدوية المضادة للاكتئاب كي يعود عن هذه الفكرة.

محمد سبيعان إمام مسجد الشيخ راشد بن سعيد بمنطقة الرمس في رأس الخيمة: قال لا شك ان التجمل من الأمور المستحبة في ديننا الإسلامي، لذلك أمر المرأة بالتجمل لزوجها ..

كما أمر الزوج بالتجمل لزوجته، إذا فالتجمل مستحب في كثير من الأحيان كالاغتسال والطيب ولبس أحسن الثياب والحلي بالنسبة للمرأة وقص الشارب بالنسبة للرجل وقص الأظافر وغيرها من الأمور التي حث عليها ديننا الحنيف، ولكن قد يتساءل البعض عن عمليات التجميل وهل يدخُلُ في هذا الباب أم لا؟.

عيب ظاهر

وقد أجاب الفقهاء على أن هذه العمليات منها ما هو مباح ومنها ما هو محرّم ، فأما المباح إذا كانت ستداوي عضواً مشوهاً، أو تقويه، أو تزيل عاهة لا يستطيع أن يعيش الإنسان بها دون حرج، أو تسبب إعاقته عن العمل أو إجادته، أو إصلاح عيب سواء كان خِلقيا أو حادثاً ..

أو يكون الإنسان في أنفه اعوجاجا شديدا كل من رآه يستنكره، فهذا عيب ظاهر مخالف لأصل الخلقة، كما يجوز شرعاً اتخاذ السن والأنف أو الأصبع أو الأنملة أو الأذن أو الدعامة فوق السن أو الوصلات التعويضية من الذهب أو الفضة، وأشار إلى أن الجراحات التجميلية التي يقصد بها تغيير الخلق ابتغاء للحسن والجمال أو المزيد منهما، وذلك كعمليات شد الوجه والرقبة..

وتصغير الشفتين أو الأنف وتكبير الثديين أو تصغيرهما، وتفليج الأسنان، ونحو ذلك فإنه لا يجوز شرعاً باتفاق الفقهاء لما فيه من تغيير خلق الله سبحانه، وهذا النوع من الجراحة لا يشتمل على دوافع ضرورية، ولا حاجة بل غاية ما فيه تغيير خلق الله تعالى والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم.

 المحكمة تقدر التعويض المادي

 من يعوض الضرر الناتج عن فشل العملية التجميلية؟ وكيف يتم ذلك؟ المحامي عيسى بن حيدر أوضح بأنه في حال ثبوت ضرر طبي لحق بالشخص جراء عملية تجميلية قام بها أحد الأطباء في مراكز أو مشافي داخل الدولة..

فإن القضية تحال إلى المحكمة التي تقدر بدورها نسبة الضرر، لتقرر تعويضا ماليا بحسب الضرر الواقع على المريض، فيما تتراوح عقوبة الطبيب ما بين وقف ترخيصه الطبي، أو سحب رخصته، أو إغلاق عيادته ووقف ممارسته للنشاط الطبي.

وأوضح المحامي عيسى بن حيدر أن هناك ثلاث طرق لتقديم شكوى قانونية بحق المتسبب بخطأ أو إهمال طبي، لأن الإهمال عقوبته أشد من الخطأ، إذ تتمثل الحالة الأولى في تقديم بلاغ إلى وزارة الصحة أو هيئة الصحة بحسب تبعية ترخيص الطبيب أو الجهة المتسببة..

والثانية التقدم ببلاغ مباشر إلى أحد مراكز الشرطة، أما الثالثة فهي رفع دعوى مباشرة في المحاكم الابتدائية وفي جميع الحالات يحال الموضوع إلى اللجنة الطبية للوقوف على خطأ طبي أو إهمال من عدمه.

 من تجارب الضحايا

مشكلة عدم الرضا عن النفس هي مشكلة عالمية بامتياز لذا تحكي آسيا عزيز »باكستانية« لـ»البيان« قصتها مع التجميل قائلة إنها انجرفت وراء تيار الدعايات التي توضح مقاييس معينة للجمال غير مبالية بطبيعة كل فرد أو بيئته، دفعتها للشعور بعدم الرضا عن أنفها، وبالتالي قررت الخضوع لجراحة تجميلية تحسن من شكل أنفها.

ولأن الريح تأتي أحيانا بما لا تشتهي السفن، فقد لاحظت مع بدء ظهور النتائج النهائية للعملية اعوجاجا واضحا في أنفها أدى إلى تشوه مظهرها رغم أنها أنفقت مبلغا كبيرا يصل إلى 30 ألف درهم في أحد المستشفيات المعروفة، لتحصل على شكل جميل لأنفها.

واضطرت آسيا عزيز بعد معاناة استمرت عاما كاملا كانت تشعر خلاله بحرج شديد من مواجهة الناس حتى زوجها، لدرجة أجبرتها على تغطية وجهها أثناء خروجها من المنزل، نتيجة للاعوجاج الذي حدث في أنفها وتسبب به طبيب التجميل الأول، إلى الخضوع لعملية جراحية تجميلية أخرى لإصلاح هذا الاعوجاج الملحوظ.

أما سحر محمد فقررت الخضوع لعملية ليزر للوجه بعد أن أقنعها الطبيب بضرورة إجرائها لاستعادة نضارة الوجه والحصول على بشرة ناعمة وبراقة، بل إنه زاد على ذلك مدعيا أنها ستبدو أصغر من سنها بعشر سنوات على الأقل، الأمر الذي جعلها تتحمس كثيرا للعملية..

ودفعها ولعها بالحصول على المظهر الشبابي إلى جمع كل ما تملك من مال لإجرائها، إلا أن كل آمالها خابت حين احترق وجهها بالكامل وكادت تصاب بعاهة مستديمة وتقدمت ببلاغ ضد الطبيب لوزارة الصحة أثبتت فيه تعرضها لضرر بالغ إزاء هذه العملية.

Email