عقوبة ترويجها تصل إلى الحبس 3 سنوات والغرامة نصف مليون درهم

الشائعات آفة الكلمة والمجتمع.. «فتبينوا»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«كالنار في الهشيم».. هذا هو الوصف القديم المتجدد لظاهرة الشائعات التي لا يكاد يخلو منها مجتمع، ولا تزال تُحدث من الاضطرابات ما يتعذر في كثير من الأحيان رأب صدعه أو تلافي تداعي أضراره، متكئاً في كثير من الأحيان على غفلة بعض أفراد المجتمع أو قلة وعيهم أو تساهلهم في بعض الأحيان مع تمرير الأخبار وترويجها دون أدنى درجات التحقق من مدى صدقها أو كذبها أو خطورتها.. ظاهرة ليست بسيطة كما يراها البعض، بل إنها قد تهدد استقرار المجتمع إن مسّت في مضمونها ثوابته العليا، وهذا الذي دفع الكثير من مؤسسات الدولة المعنية بالتحذير من خطورتها، فأعضاء المجلس الوطني الاتحادي يرون أن قصور التوعية الاجتماعية والجهل وعدم المصداقية بيئة خصبة لنمو هذه الآفة، في حين أكد القانونيون أن الشائعات ترتقي في سلم الجريمة حتى تصل في بعض الأحيان حد الجناية أو الجنحة، مدللين على ذلك بأن قانون العقوبات وصل في عقوبة ترويج الشائعات إلى السجن ثلاث سنوات والغرامة التي قد تصل إلى نصف مليون درهم، ومع ذلك طالب بعضهم بتغليظ العقوبة في بعض هذه الجرائم غير المسؤولة.

الدكتورة منى البحر عضو المجلس الوطني الاتحادي أكدت أن ثمة قصوراً من وسائل الإعلام المختلفة في الجانب التوعوي فيما يتعلق بانتشار الشائعات وكيفية التعامل معها، وهذا يتطلب وجود برامج متخصصة تركز على مخاطر الاخبار الكاذبة وآثارها السلبية على الاشخاص والمجتمع في مختلف الجوانب.

وأضافت أن الشائعات موجودة في جميع المجتمعات عبر التاريخ وما يحصل الآن من نشر اخبار غير صحيحة وتناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي هما شكلان من اشكال الشائعات، وقد تكون بقصد الإيذاء وأحيانا تنقل بقصد تحقيق السبق في نشرها وفي كلتا الحالتين يسبب انتشار هذه الاخبار آثارا سلبية، خاصة وإذا كانت تتعلق بأشخاص معروفين، منوهة بأن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في سرعة انتشار هذه الاخبار، حيث باتت خلال فترة زمنية قصيرة تنشر بشكل كبير وبالتالي فإن زيادة تداولها تشكل مخاطر امنية واجتماعية.

تحري المصداقية

من جانبها قالت عفراء البسطي عضو المجلس الوطني الاتحادي: إن الجهل وعدم تحري المصداقية يسهمان في تغذية انتشار الشائعات بشكل كبير والشخص الذي تصله أي معلومة لا بد من يتحرى الموضوعية والمصداقية والتفكير في مدى التأثير السلبي على الآخرين والمجتمع قبل نشرها، مشيرة إلى أن الانسان الذي يتضرر من الشائعات يترتب عليه أن يكون حليما ولا يتعامل بردة الفعل والتسرع في الرد على الشائعة.

وأشارت البسطي إلى أنه في الوقت الحالي عملية تتبع مصادر اطلاق الشائعات والاخبار الكاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أمرا سهلا بالنسبة للجهات المعنية، وهناك قوانين وضوابط رادعة للتعامل مع الذين يطلقون الشائعات، ولكن أهم شيء هنا يتعلق بوعي الناس والمجتمع.

رفع سقف الوعي

إلى ذلك دعت نخب قانونية الى رفع سقف الوعي« الأخلاقي والقانوني» عند افراد المجتمع فيما يتعلق بتداول الاخبار الكاذبة والشائعات.

وأوضح مدير معهد الدراسات القضائية في الشارقة محمد الكمالي ان المشرع ادرك خطورة اقتراف مثل هذه الجرائم فوضع عقوبات في القانون الإماراتي مغلظة وتتناسب مع حجم الجرم المقترف، حتى لا تتحول مثل هذه الممارسات غير الصحيحة الى ظاهرة، مشيرا الى ان المادة 20 من قانون العقوبات تقضي بحبس وغرامة من يروج للشائعات من شهر كحد ادنى الى ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن ربع مليون درهم وبحد اعلى نصف مليون درهم، والمادة 21 من قانون العقوبات الذي يجرم أي شخص اعتدى على خصوصية الآخر وبث وافشى والتقط صور الغير صحيحة كانت او غير صحيحة بعقوبة ادناها الحبس 6 اشهر وتصل الى 3 سنوات وغرامة لا تقل عن 150 الف درهم.

تعديل القانون

فيما ترى المحامية بدرية الأيوبي ضرورة تعديل القانون وتغليظه ليصبح اكثر شدة على ان يحاسب مرتكب هذا النوع من الجرائم بحسب نوع الفعل، فالتشريع القانوني واحد ويجب ان تتمايز العقوبة بحسب نوع الشائعة وحجم الضرر.

ترويج الأكاذيب

بدورها قالت المحامية إيمان الرفاعي ان القانون حدد العقوبة الخاصة بترويج الأكاذيب والشائعات بعد ان جرم مثل هذه الأفعال خاصة اذا كانت تنطوي عليها خطورة تمس مثلا امن الدولة أحياناً تكون مزحة غير مقصودة من مروجها لكن القانون يحاسبه أيضاً.

واعتبر المحامي يوسف البحر ان العقوبات المدرجة في القانون الإماراتي رادعة وموجعة، لكنه يرى في المقابل ان هناك حاجة ملحة الى احكام الرقابة من قبل الجهات المعنية في الدولة على مواقع التواصل الاجتماعي والواتساب.

حملات مجتمعية

بدورهم طالب إعلاميون في صحف محلية وجهات حكومية في الدولة بإيجاد حملات مجتمعية للتصدي للأخبار الكاذبة.

وقالت ثناء عبد العظيم صحافية بمجلة زهرة الخليج، إن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت بمثابة إعلام جديد يسهّل على الناس وصول المعلومة والخبر في وقت قياسي، إلا ان بعض الناس استغلوا تلك المواقع لنشر أخبار كاذبة أو أخبار يتم تحويرها وهي تستند الى شيء من الحقيقة حتى يصدقها القارئ، وبخاصة تلك الاخبار الرسمية التي كثيرا ما تثير الفتنة بين الدول أو هدفها الوقيعة بين شعوب المنطقة أو اثارة البلبلة داخل المجتمع.

تثقيف الطلبة

وأكدت الإعلامية منى سعيد على أهمية تثقيف طلبة المدارس وخاصة الشريحة العمرية التي تتراوح ما بين 13 الى 18 سنة والتي تساعد بشكل كبير في انتشار الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كونهم يقضون وقتا طويلا في متابعة تلك المواقع، حيث اصبح انتشار مواقع التواصل الاجتماعي موضة العصر، وبدورها ساهمت في خفض مشاهده التلفزيون.

وفي السياق ذاته قال أيوب حبيب رئيس قسم الإعلام في وزارة التربية والتعليم: إن المجتمع معني بالتصدي لشائعات مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال إيقاف ما يتم تداوله وعدم إرساله مرة أخرى حتى لا تكبر شريحة المتلقين، في حال ثبت بأن ما يتم تداوله كذبة أو شائعة.

وقال علي مرجان كاتب صحافي، «يتم النظر لمواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها منصة لتبادل الأفكار والأنشطة الاجتماعية والسياسية على مختلف الأصعدة، وان الحكومات التفتت الى اهمية مواقع التواصل وبدأت توجد من خلالها منصة للتواصل مع متعامليها وحققت بعض النجاحات بتوصيل المعلومات والخطط والبرامج لجمهور مواقع التواصل الاجتماعي.

تحذير

في أحدث تحذير من خطورة الشائعات دعا المكتب الإعلامي لحكومة دبي الجميع إلى نقل المعلومات الرسمية من المصادر الحكومية المعتمدة رسمياً فقط.

 شرطة دبي تُحذّر من خطورة تداول الأخبار المغلوطة

أكد اللواء الخبير خليل إبراهيم المنصوري مساعد القائد العام لشؤون البحث الجنائي في شرطة دبي خطورة إطلاق أو نشر أو إعادة نشر أو تداول الشائعات والأخبار المغلوطة في المجتمع، لأن هذا الأمر قد يتطور ويؤدي إلى أضرار اقتصادية جسيمة في الدولة نتيجة الشائعات المغلوطة والتي قد تؤدي إلى عقاب الشخص بالغرامة والسجن حسب دوره في الجريمة.

ولفت اللواء المنصوري الى ضرورة الحذر عند التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بالمعلومات والأخبار التي تتداول وعدم نشرها خاصة إذا تعلقت بمصلحة الدولة أو أنها تمس إحدى الجهات أو الأشخاص العامة في المجتمع، حتى لا يقعون فريسة لمروجي الشائعات، مؤكداً أن الفرد يمكنه التأكد من الشائعات والأكاذيب عبر الرجوع الى المواقع الرسمية للمعلومة.

وأشار اللواء المنصوري الى ان الشائعات والأخبار الكاذبة التي تنتشر في المجتمعات والتي يمكن أن تنتقل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي مثل »فيسبوك« و»تويتر»، تؤثر بشكل سلبي على المجتمع، حيث إن الشائعة تؤدي لتوجيه فئة من المجتمع بشكل خاطئ، وقد تؤثر على الاقتصاد والأمن العام في بعض الأحيان.

ومن جانبه قال المقدم سعيد الهاجري مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي: انه تم رصد بعض المواقع والحسابات على بعض مواقع التواصل الاجتماعي تروج وتنشر أخباراً مغلوطة عن بعض الجهات في الدولة ومنها ما يضر بالسياحة أو بالأمن العام، لافتا الى انه ظهرت مؤخرا بعض الأخبار والشائعات عن منع دخول المنقبات الى دبي وهو امر غير صحيح اطلاقاً، لافتاً الى ان اغلب مروجي الشائعات من خارج الدولة.

أحمد العموش: مواقع التواصل يمكن أن تحدث فوضى اجتماعية

أكد الدكتور أحمد العموش عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة، أن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تحدث فوضى اجتماعية في حال تداولها أخباراً كاذبة وشائعات، كما أنها ستساهم في خلق عدم ثقة ببين الناس، فلابد التصدي لها بموضعية وتفعيل القوانين لعدم انتشارها والحد منها قبل ان تتفاقم، وخاصة اذا كانت هذه الشائعة تخص المشاعر الإنسانية وغيرها، فعلينا ان نتبع الجهات الرسمية في استسقاء الأخبار والمعلومات.

وقال انه يقع على وسائل الإعلام دور كبير في محاربة هذه الشائعات، إذ يستوجب عليها أن تزيد من بثها للأخبار التي تفيد المجتمع، وان تكون سريعة لمواكبة تلك المواقع التي باتت أسرع من البرق.

جمال السميطي: الأنباء الكاذبة تقاس بأثرها على استقرار المجتمع

قال الدكتور جمال السميطي مدير عام معهد دبي القضائي إن الأنباء الكاذبة التي يتم تداولها عبر أجهزة الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي، قد تلبس ثوب الجناية أو الجنحة حال أساءت إلى رموز الدولة، أو إلى نزاهة القضاء، أو تسببت بزعزعة امن واستقرار المجتمع، او خرجت على شكل سب وقذف بحق اي من الأشخاص، مؤكداً ان القانون تضمن نصوصاً عامة تراعي فيما اذا كانت الشائعات مقصودة، أو خلاف ذلك.

ولفت الى انه ليست كل شائعة جريمة، مبرراً ذلك ان ثمة انواعاً منها لا تحمل أهدافاً مغرضة، أو مسيئة لأي من الفئات السابقة، وإنما لأسباب غير مقصودة، كأن تكون من باب الفراغ، والمزاح، وقلة الثقافة والوعي الأمني، وجس نبض الشارع حول قضية ما، وعدم إدراك خطورة وتداعيات تلك الأكاذيب، لكنه لم يخف ان ثمة شريحة من الاشخاص ينتظرون فرصا للاصطياد في الماء العكر، كالأحداث السياسية مثلا، لبث الفرقة والخلاف بين الأصدقاء والأشقاء، وخلق حالة من التوتر الداخلي، وحتى الخارجي بين الدول.

Email